إذا لم تجد الفرصة اصنعها
تاريخ النشر: 03/11/13 | 1:11يعاني كثير من الخريجين والمتعلمين من عدم توفر الفرصة التي تمكنهم من العمل في المجال الذي يحبونه، أو قضوا في دراسته السنين الطوال، ويضطرون للتعطل والتبطل، أو أن يخوضوا مجالات ويمارسوا أعمالا لا تمت إلى حقل تخصصهم بصلة. وأيا كان السبب في حدوث مثل هذه المشكلة، هل هو في التعليم الذي تلقيناه، أم في طبيعة سوق العمل، أم أن هؤلاء الأشخاص لم يتلقوا التوجيه السليم الذي يراعي ميولهم، ويأخذ بالحسبان ما عندهم من قدرات وطاقات، أو غير ذلك من الأسباب، إلا أنه يجب على كل شخص، بالذات المتعلمين منهم والمتعلمات، أن لا ينتظروا حتى تُتاح لهم فرصة استيعابهم في سوق العمل، أو ينتظروا أن يتوظفوا عند الآخرين، فإن وجدوا عملا في مجال تخصصهم فيها ونعمت، وإلا عملوا وزاولوا ما تيسر لهم من المهن والأعمال، إنما على كل شخص أن يحرص أن يعمل في مجال تعليمه وفي حقل تخصصه، وهذا يتطلب أن يكون قد تعلم مجالا يتلاءم مع ميوله ورغباته وقدراته، فإن لم تتوفر له الفرصة، أن يخلق ويوجد هذه الفرصة، وأن يبادر لإقامة مشروع يوفر من خلاله لنفسه عملا في مجال يحبه ويحرص عليه، وكذلك أن يفتح فرص عمل لآخرين يعانون من التعطل والتبطل.
إن مشكلة عدم التلاؤم بين مخرجات التعليم وبين سوق العمل، لا يحلها إلا إيجاد توجيه دراسي ومهني ليكشف عن ميول وقدرات الطالب في سن مبكرة ويكشف كذلك عن احتياجات سوق العمل، ليقوم- بعد ذلك- بتوجيهه نحو التخصص والمجال الذي يتميز فيه، ويسهم في تنمية مجتمعه من خلاله. ولكن لا بد وأن ننبه أن التوجيه الدراسي والمهني لا يقتصر فقط على إعداد القوى العاملة والمهنيين بمختلف تخصصاتهم، ليتمكنوا بعد ذلك من الانخراط في سوق العمل، إنما يشمل إعداد المبادرين ورواد الأعمال ممن يبادرون لإقامة المشروعات وإنشاء الشركات، وبالتالي يوفرون فرص عمل لهم ولغيرهم، ويقومون باستيعاب أعداد من المتخصصين والمؤهلين ممن لا يجدون في سوق العمل الحالي العمل المناسب، فيتعطلون، أو يضطرون لخوض مجالات لا تتناسب وتأهيلهم العلمي والأكاديمي.
ونرى أن هذا أمر أكثر أهمية وأشد إلحاحا من المجالات الأخرى، وأكثر نفعا من أن نعمل في البداية على إنشاء الطالب وتوجيهه ليتم استيعابه في سوق العمل موظفا أو عاملا، إنما الأهم أن أعده ليصنع ويخلق الفرصة بنفسه، ويوظف نفسه ويوظف الآخرين.
المشكلات التي تعاني منها المدارس والجامعات أنها لا تعد أشخاصا مبادرين ولا تزودهم بالمهارات اللازمة لذلك، وكذلك الأمر بالنسبة للجامعات فهي تعد –في أحسن أحوالها – موظفين لا مبادرين ورواد أعمال.
ومن أصدق العبارات التي قيلت في التعليم السائد والنظم التدريسية القائمة هي: "التعليم التقليدي يساعدك لتأمين لقمة عيشك، لكن التعليم الذاتي يساعدك في صنع ثروة." جيم رون.
ويقصد بالتعليم الذاتي التي تتعلمه من خلال التجربة لتصبح رائد أعمال..
إن النهضة الاقتصادية في أمس الحاجة إلى شريحة من رواد الأعمال والمبادرين والمبدعين، وهؤلاء هم الذين يقودون الاقتصاد والتنمية في العالم اليوم، وبالتالي هم الذين يخلقون فرص عمل جديدة في سوق العمل.