قراءة في ديوان أدموزك وتتعشترين
تاريخ النشر: 29/06/16 | 14:04قرأتُ ديوان “أدموزك وتتعشتَرين” للشاعرة آمال عواد رضوان من عبلين الصادر عن دار الوسط اليوم للإعلام والنشر وهو يحوي في طيّاتِه خمسين قصيدة في 150 صفحةً، ولوحةُ الغلافِ من رسمِ الفنانِ الفلسطيني محمد شريف.
آمال شاعرة وكاتبة، ولها إصدارات عديدة، منها دواوين شعريّة: بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّج، سلامي لك مطرًا، رحلةٌ إلى عنوانٍ مفقود وغيرها ومنها دراسات توثيقيّة للحركة الثقافيّة في الداخل الفلسطيني: كتاب رؤى/مقالاتٌ اجتماعية ثقافية، نوارس مِن البحر البعيد القريب/المشهد الشّعريّ الجديد في فلسطين المحتلة 1948 وغيرها. وجهتي في القراءة الأدبية هي ليست وجهةٌ علميةٌ مدروسةٌ، بل بموجب المدرسة الانطباعية – بمنظار القارئ العادي وانطباعاتِه حول ما يقرأ وهو بنظري جمهور الهدف للكاتب والمتلقّي لتلك الكتابة ومن حقّه، إن لم يكن من واجبه، إبداء رأيه ووجهته حال قراءة ديوان شعري أو أي نص أدبي.
أعجبت بالديوان من أول قراءةٍ، وليس من أول نظرةٍ، لموضوعه وأسلوبه رغمًا عن ديباجته وشكله.
آمال نِعم المُثقّفة، حيث أخذتني معها بسلاسة ولباقة ودون تكلّف إلى عالمها في ملحمة شعريّة عشقيّة – عالمها العشقي، الصوفي والأسطوري عبر جلجامش والسومريين والبابليين وزوربا والأسطورة الاغريقية.
آمال شاعرة متمرّدة على العادات والتقاليد ونصيرة المرأة، جريئة تطرقت لإغواء الجسد ومعرفة الانسان به وبالآخر لتُدَوّن ملحمةً عشقيّةً ذكوريّة وذكّرتني بأبي النوّاس وفُحشِه في بداياتِه، فله حضور مُمَيّز عبر صفحات الديوان. تتناول الجنس الصارخ عبر ذكوريّة بطلها العاشق الولهان والأنوثة المشتهاة، غامضةً تارةً وبوضوح فاضح تارة أخرى، متدثّرة بملاءته، ناهيك عن لوحة الغلاف الجنسيّة العشقيّة التي تنضح أنوثة متماهية مع الديوان الذي وصفته آمال (عِشقِيّات).
روّضت آمال الاسلوبَ النثريَّ في القصيدةِ والموسيقى الداخليةِ وبذلت قُصارى جهدِها لتتقمصَ شخصيّةَ الرجلِ الذكر وخطابِه لتصفَ المرأةَ كإنسانةٍ حبيبةٍ وعاشقةٍ والرجلُ يُبجّلُ محاسنَ عشتار ومفاتنَها، يعاتبُ، يترجّى، يتمنّى، يشتاق شوقًا عارمًا وكلُّه رغبةً في الاتحاد الروحاني والجسدي معًا مستعملةً لغةً روحيةً معنويةً مبتعدةً عن الوصفِ الحسيِّ للمرأةِ وعن الحبِ الجسدي مركّزةً على العلاقةِ الروحيةِ لتبنيَ علاقةً متكاملةَ تصلُ قدسيةَ العلاقة التشاركيةِ حدَّ العبادةِ متأثرةً بالأساطيرِ والخُرافاتِ والاديانِ السماويّةِ تطغى عليها محلقّةً صوفيتَها لتزيدَها رونقًا وجمالًا.
الديوان ينضح بذكوريّة مستفحلة وأنوثة خصبة ومشتهاة، ويصوّر خطوات العاشق ليصل قلب حبيبته ومراحل ترقّبه وتخبّطاته في طريقه الوعرة ليصل مُبتغاه، بدءًا بقصيدة”*** يابسةٌ.. سماواتي***”– فاتحة الديوان – مارًّا بقصيدة”***غاباتي تعجُّ بالنُّمُورِ*** فيأخذ بترقُّب خطاها”*** بِالترقُّب… تُلوّنين حكاياتي*** فيشتهيها وأنوثتها أكثر وأكثر لتمنّعِها عبر قصائدها ***غمار أنوثَتِك الْ أشتهي***،”***مُشتَهاتي*** ويصل مُبتغاه في قصيدة”*** أيا صُعداءَ عِشقي***ُ”وقصيدة *** مُهرَةُ بَوْحِي***”وقصيدة”*** أنا.. قامةُ بّوحِكِ***”وقصيدة *** على أجنحةِ هذَياني***”. قمّة الروحانيات العشقيّة !! وينتشي من عشيقته في قصيدة”*** تَصَيَّديني***”وقصيدة *** أكداسُ وَقتي*** ليصلا الوصال القُرْمُزِيّ في قصيدة *** زئبق المسافاتِ*** وقمة النشوة في قصيدة *** حرائقُ حواسِّي*** لتعود بنا إلى روحانياتها الشبقية لتختتم ديوانها بصرخة: “أستدرِجُني.. إلى غِيِّكِ الخصبِ لِأتنسَّكَ بِكِ.. وأتأجّجُ بِبَسْمَتِكِ” في قصيدتها”*** مواسمُ حنيني كفيفةُ***.
كما ذكرت بالبدايةِ – أعجبني الديوان من أول قراءةٍ وليس من أول نظرةٍ لأن النظرَ إليه غير مريحٍ للعين بسبب التصميم الغرافيك “الحاضر – غائب” فقد تم تجاهلُ كل القيمِ النصيةِ (الخطوط) وباتت بنفس الوزن، لا فرق بين العنوان والنص كذلك تم تجاهل أوزان النص، قرّبها وأبعدها عن العنوان وعن بعضها البعض، ناهيك عن الفراغ بين الأسطر الذي تم تجاهله، بل تم اعتماد (إنتر) عالطالع والنازل” بعد كل سطر.
أما صفحة الحقوق – فتم في هذه الصفحة تجاهلُ جميع المعاييرِ للخطوط ونقلُ المعلومةِ حتى بات مثلَ النصِّ الداخلي تمامًا.
الغلاف – ليس سوى لوحة جميلة، لكن ليس هناك أي اعتبار للنص وقيَمه وهو ايضًا يماثل النص الداخلي ليكون منَفّرًا لا يجوز التطرق له ضمن القيم الجمالية للتصميم التي غابت عن كل صفحات الديوان.
المحامي حسن عبادي