لقاء مع الشاعر والاديب الكبير المناضل حنا إبراهيم
تاريخ النشر: 03/07/16 | 8:59مقدمة وتعريف: الأديبُ والشاعر الوطني الكبير المناضل “حنا إبراهيم ” من سكان قرية “البعنة ” الجليليَّة. يعتبرُ من أوائل الشعراء والكتاب الفلسطينيِّين المحليِّين المبدعين ويقفُ في طليعة شعراء المقاومة الذين كتبوا الشعر الوطني السياسي والحماسي الملتهب بعد عام 1948 مُندِّدين بسياسة السلطة وجبروتها وظلمها للأقلية العربيَّة داخل الوطن المحتلّ.. ناضلَ بالقول والفعل من أجل قضايا شعبه الفلسطيني وعانى كثيرا وواجهته الصعوبات والعراقيل والملاحقات من قبل السلطة بسبب مواقفه الوطنيَّة الشريفة في سنوات الخمسينيّات والستّينيَّات. سدُّوا أمامَه أبواب الرزق والعمل وفرضت عليه الإقامة الجبريَّة فترة طويلة حتى بعد انتهاء الحكم العسكري البغيض في أواسط الستينيَّات من القرن الماضي، وقد صمدَ وظلَّ منتصبَ القامةِ مرفوعَ الرأس شامخا كالطود لا يأبهُ بالرياح والعواصف.
يعتبرُ الشاعرُ حنا ابراهيم مدرسة مُثلى في الكفاح والنضال والوطنيَّة منها تتعلّمُ الأجيال الواعدة على مدى الأيام الدهور. وهو من روَّاد القصَّة والرواية على الصعيد المحلي،ورواياته وقصصة مستواها يضاهي مستوى الروايات والقصص العالميَّة للكتاب الكبار العالميِّين، وفيها نلمسُ الجانب الإنساني والأممي أولا وبعدها الجانب الوطني والبعد السياسي..وهو عكس الكثيرين من الكتاب والشعراء الفلسطينيِّين المُتسلقين والوصوليِّين الذين استغلوا الظروف والاوضاع والقضية الفلسطينيَّة ليصلوا للشهرة والإنتشار الواسع محليَّا وخارج البلاد، والبعض منهم بعيد كليا عن الوطنية والنضال،وكان ذلك بفضل وسائل الإعلام الصفراء – الحزبيّة والسلطويَّة وغيرها.. إنَّ شاعرنا وأديبنا الكبير المناضل حنا إبراهيم ظلمَ بكلِّ معنى الكلمة ولم يأخذ حقهُ من الشهرة والإنتشار الواسع (عربيًّا وعالميًّا)-: نضاليًّا ووطنيًّا وأدبيًّا – وكشاعر شعب وقضيَّة وشاعر أممي من الدرجة الأولى أسوة بالشعراء العالميّين المناضلين، مثل: ناظم حكمت ولوركا وبابلو نيرودا وغيرهم.
لقد زرته في بيته في قرية البعنة وأجريتُ معه هذا اللقاء المطول وفيه يُطلعنا على أهم المحطات والجوانب من حياته السياسيّة والأدبيَّة التي ما زالت مجهولة للكثيرين خارج الوطن – في البلدان العربيَّة – ولشريحة كبيرة من المجتمع ولجيل الشباب من عرب الداخل.
* سؤال 1) الإسم والمنشأ -؟؟
– جواب 1 – في أيام الدراسةِ كنتُ أكتبُ اسمي هكذا: حنا إبراهيم حنا ولم يكن لزاما كتابة اسم العائلة إلا لدى العائلات المشهورة. ولدتُ في قرية البعنة في الجليل الغربي في 1 / 11 / 1927 لأب فقير تيتَّمَ وهو في العاشرة من العمر ليصبحَ مسؤولا عن عائلة مكونة من أمٍّ وأخوين وأخت. إلتحق بثورة الستة وثلاثين ( سنة 1936) ضد حكم الإنتداب البريطاني التي توقفت مع بداية الحرب العالميَّة الثانية. تعلّمتُ في مدرسة البعنة الإبتذائيَّة وأنهيت الصف الرابع، ثمَّ انتقلتُ إلى مدرسة الرامة حيث انهيتُ الصف السابع، والتحقتُ بمدرسة عكا الثانويّة لأنَّ أبي وجدَ عملا وسكنَ في عكا، وكنتُ الأول في كلِّ الصفوف والمواضيع. ولم تكن حالة أبي الماديَّة تسمح بإتمام دراستي الثانويَّة في القدس، فأخذت أبحثُ عن أيِّ عمل. وساعدني طولُ قامتي على قبولي في مدرسة البوليس الفلسطيني دون التحقق من عمري الحقيقي.
* سؤال 2) كيف تقدِّمُ نفسَكَ إلى القراء؟ – جواب 2 – لستُ بحاجةٍ إلى تقديم نفسي. المهمّ ليست شخصيّتي بل ما أكتتب.. فأنا أكتبُ لشعبي وعن قضاياه لا عن شخصي.
* سؤال 3) حدّثنا عن بداياتكَ الأدبيَّة؟
– جواب – كنتُ منذ الصغر مولعا بالقراءةِ لدرجةٍ لا تصدَّق.عشقتُ كتبَ عنترة وحفظتُ أشعارَهُ. وإذا لم يكن في مقدوري شراء الكتب كنتُ ألجأ إلى اقتراضها وخاصة من مختار الحارة الذي كنَّا نمتّ لهُ بصلة قربى. قلتُ ذات يوم لصديق أبي ساصبحُ شاعرًا فسخرَ منِّي. ولكن همِّي الأول بعدَ التخرُّج من ثانويَّة عكا كان إيجاد عمل أعتاش منه. ولم يكن بالأمر الهيِّن والحرب توشكُ على الإنتهاء. وبعد نحو عام من البطالة تقدَّمتُ بطلب إلى مدرسة البوليس الفلسطيني وساعدني احدهم مقابل رشوة فقبلت. تخرَّجتُ من مدرسة البوليس بجائزة المفتش العام وبشهرة واسعة،عملتُ في مركز بوليس بيت لحم نحو أربعة أشهر أستدعيتُ بعدها لأعملَ في المدرسة كمعلم للقانون مع رتبة وزيادة راتب.عملتُ في التعليم بمدرسة البوليس حتى صدور قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين: إسرائيليَّة وعربيَّة من مجلس الأمن.أما اليهود فاستقبلوا القرار بالسرور والفرح والإحتفالات بينما أعلنَ العربُ رفضَهم القاطع وأنهم لن يسمحوا بقيام دولة إسرائيل. أذكر انني فرحتُ لقرار للتقسيم على اعتبار أنه ستصبح لنا دولة مستقلة ونتخلص من عجرفة الإنجليز. أعلنت بريطانيا انها ستنهي انتدابها على فلسطين قريبا لتنفيذ قرار الأمم المتحدة بتقسيمها إلى دولتين. وأقفلت مدرسة البوليس أبوابها نهائيًّا في أواخر شهر كانون الثاني من عام1948. أعلنَ اليهود قيام دولة إسرائيل في الرابع عشر من أيار العام نفسه. أما العرب فأعلنوا الحربَ، وألفوا ما يسمَّى بجيش الإنقاذ برئاسة فوزي القاوقجي، على أن يبدأ عملهُ بعد إنتهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين، في منتصف أيار. ولكن المناوشات ابتدأت في وقت مبكر، وحدثت اصطدامات ومجازر من نوع دير ياسين. ودخلت بعضُ الجيوش العريبيَّة فلسطين بشكل تظاهري وقامت الإذاعات العربيَّة بدور مخز وخاصة المصريَّة وطبَّلت وزمَّرت لمعارك وبطولات لم تحدث. واشتهرَ البعض بخطاباتهم الناريّة الفارغة. توقفَ الجيش المصري بعد معركة صغيرة فاشلة،وتذرع الجيش العراقي بأنه: “ماكو أوامر” بالهجوم. ولم يكن ما يسمَّى بجيش الإنقاذ أوفر حظا. أما اليهود فلم يتوقفوا. إستولوا على صفد وحيفا وعكا وطبرية واللد والرملة ويافا، وأخذ الفلسطسنيون يرحلون قبل أن ترحّلهم القوَّات الإسرائيليَّة بالقوَّة.
وفي هذه الأثناء أصدرت الأحزاب الشيوعيَّة في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين منشورا سريَّا يطالب بقبول قرار الأمم المتحدة بالتقسيم وكان لي شرف المشاركة مع كمال غطاس ونديم موسى بنقل آلاف النسخ من هذا المنشور ليلا من كفر ياسيف لتوزيعها في الجليل.أوصلنا المنشور إلى الرفيقين جبرائيل بشارة وأخيه أنطون أبي عزمي بشارة حيث وزّعاهُ في شمال الجليل. ووزعَ المنشور في عيلبون الرفيق حبيب زريق وأقاربه وفي الرامة قام بالمهمَّة الرفيق كمال غطاس وأخوه جميل. وكان ذلك ليلا وسرًّا.
تطوَّع خائنٌ من حارتنا كان يسكنُ في حيِّنا ويعرف الشيوعيِّين حيث كان الحزبُ علنا منذ العام 1943 وأرسلَ وشاية إلى قيادة جيش الانقاذ في مركز بوليس مجد الكروم محدِّدا أنَّ من وزَّعَ المنشور في الشاغور هم رمزي خوري وجمال موسى وحنا إبراهيم. وكان الضابط الذي تلقى الوشاية أردنيًّا يُدعى ضيف الله الروسان. رفضَ اتخاذ أي إجراء على اعتبار أنَّ المنشور يقولُ الحقيقة، وقامَ ضابط أصلهُ من الناصرة بإعلامِنا بطريقة ذكيَّة بالأمر فأخذنا الإحتياط، إذ انتقلَ الرفاق رمزي وجمال ونديم إلى أبو سنان وطلب منّي إذ كنتُ في سلك الشرطة وغيابي يثبت التهمة على الجميع أن أنكر كلَّ شيىء إذا حدثَ واعتقلتُ. وكنَّا نعرف أنَّ الواشي لا يستطيعُ الظهور ليشهدَ ضدَّنا لأنَّ ذلك معناه الموت ولما لم يتم اعتقالنا قامَ الواشي بإرسال الوشاية من دون التوقيع إلى قيادة الجيش في فراده. فجاءَ أمر بنقل الروسان وجيىءَ بضابط عراقي ليحلَّ مكانه. وكانَ أول ما فعلهُ أن أرسلَ قوَّة لتعتقلني.وهكذا اعتقلتُ وحدي.وبالطبع أنكرتُ التهمة، ولم يجرؤ الواشي على الظهور. وسجلت في ذاكرتي ” ليس كلّ العرب شرفاء “. وكنتُ قرأتُ عن قيام الجيش السوفيتي بإبطال مفعول قنبلة مدفعيَّة ألمانيَّة من العيار الثقيل، ليجد فيها بدلا من البارود، قصاصة ورق مكتوب عليها ما معناه “ليس كل الألمان نازيين “.
وكما توقعنا وصلت الوشايةُ إلى القيادة في فراده وصدرَ أمر فوري باعتقالنا. ولما كان الرفاق قد غادروا قرية البعنة إلى أبو سنان فاعتقلوني فقط.وبالطبع أنكرتُ محتجًّا. ولم يكن أمامهم إلا إطلاق سراحي في اليوم التالي.
في مساءالثلاثين من أكتوبر من العام 1948 سمعنا الناطور يعلن من على سطح أعلى بناء في القرية: يا فلاحين يا أهل البلد.. الليلة ممنوع التجوُّل وممنوع الضوء. الليلة هجوم. هذي أوامر الجيش.
إعتكرَ الجوُّ. وجاءتني عمَّتي فقد كان ابنها في خطّ الجبهة، لا كجندي بل كحارس يذهب يوميًّا تقريبا بالنيابة عن مواطن آخر مقابل ربع جنيه، حيث كانت الحراسة على خط الجبهة الزاما على الأهالي وبالتناوب. طمأنتُ العمَّة، إذ لم يكن يركب على عقلي أن يعلن أهمّ سرّ عسكري من على سطوح القرى. وبالفعل لم يحدث الهجوم، بل الإنسحاب الأشبه بالهزيمة. إذ بدأ الجيش العربي ينسحب نحو الشمال في حدود الساعة التاسعة ليلا.
إجتمعت الخليَّةُ الحزبيَّة فورًا. كنَّا أربعة: رمزي وجمال ونديم وأنا. قرَّرنا أن نحاولَ منع الناس من الرحيل بقدر ما نستطيع. وكانت الخطة البدء فورًا بكتابة منشور يحذر الأهلين من مغبة ترك البلاد والطلب إليهم بالبقاء. وطلبوا إليَّ كتابة المنشور. قرأوهُ ووافقوا عليه وطبعنا منه نحو ألف نسخة حيث كنا نملك آلة ستانسل وخرجنا إلى شوارع القرى الأربع نوزِّعُ المنشور ونشرح لمن لا يقرأ ويفهم فحواه. وكان أكبر مساعد لنا عدم وجود أكثر من سيَّارة أو اثنتين في كلِّ قرية.
وفي اليوم التالي دخلت القرية سيَّارة عسكريَّة إسرائيليَّة. تجمَّعنا حولها لنعلنَ أننا مسالمون. طلبَ الضابط أن يجتمع أهالي القريتين ( البعنة ودير الأسد) في مكان متوسط بين الببعنة ودير الأسد. وهنالك جعلوا الناس يقعدون على الأرض بشكل تكون النساء في ناحية والشبَّان في ناحية أخرى وكبار السنّ في ناحية ثالثة. أطلقوا النارَ على أربعة شبَّان فأردوهم قتلى، واستاقوا الرجال في طابور كأسرى وأمروا من بقي بمغادرة البلاد فورًا. والجديرُ بالذكر أنهم جعلوا طابور الأسرى يمرُّ بجانب جثث القتلى ليلقوا الرعبَ في القلوب.
أعطى القائد الإسرائيلي وبعد توسُّل رجال الدين من القريتين السكان نصف ساعة ليأخذوا ما يستطيعون حملهُ من البيوت وهدَّدَ من يبقى بعد نصف ساعة بالقتل. وهكذا وجدنا أنفسنا نسير على غيرهدى نحو الشرق. وهنا يجبُ توجيه الشكر إلى أهالي قرية ساجور الدرزيَّة الذين استضافوا وأكرموا المئات من أهالي الشاغور المُرَحَّلين.
وفي اليوم التالي عاد الضابط الإسرائيلي إلى القرية والتقى بالمختار وعددًا من شيوخ القرية ووبَّخهم لأنهم لم ينفذوا أمرَ الجلاء. وطلبَ أن يدفعوا لهُ مبلغا من المال لقاء تأجيل الرحيل، أبلغهُ المختار بأنَّ هذا المبلغ غير متوفر وليس مع الناس بالكاد ما يقيتهم.فهدَّدَ بأنهُ سيعودُ في اليوم التالي ليرغمَ الناس على الرحيل إذا لم يقبض المبلغ المطلوب.
وفي آخر النهار جمعَ المختارُعددا من شيوخ العائلات للتباحثِ في المأزق الطارىء. إقتراحُ البعض طلب النجدة من مشايخ الدروز الذين كان معروفا أمر علاقتهم الحسنة باليهود. وهكذا كتبَ المختار رسالة إلى الشيخ مرزوق معدّي من يركا. ولما كان معظم شبَّان القرية تطوَّعت بنقل الرسالة. ويذكر أنني لم أعتقل لأنَّ الضابط الإسرائيلي قالَ بعدما جمعَ الناس إنَّ من يسلّم سلاحَه لا يُؤخذ إلى المعتقل، وهكذا سلمتُ بندقيَّتي البوليسيَّة.
أخذتُ رسالة المختار وتوجَّهتُ فورا إلى يركا رافضا النصيحة بتأجيل ذلك إلى الصباح. سألتُ عن دار الشيخ مرزوق معدي أحدَ أبناء يركا فدلَّني، وهنالك وجدتُ عددا كبيرا من المشايخ يسهرون. ولمَّا لم أكن أعرف الشيخ تقدَّمتُ من شيخ مهيب الطلعة وسألتهُ إن كان هو الشيخ مرزوق. إبتسمَ وطلبَ إليّ الجلوس والإنتظار.
وجاءَ الشيخ وإذا به يبدو كمعلم جامعي وبدون لحية. أعطيته الرسالة فقرأها. وقالَ لي: قول للمختار لا يهتم. غدا نحلّ القضيَّة. تكرموا. وبالفعل توقفت المطاردة وشعرنا بالأمان مؤقتا.
قامت السلطةُ الجديدة بفتح المدارس وتعيين معلمين حرصت على ألا يكون بينهم شيوعيُّون. وبعد خروج السجناء من المعتقلات في 24/ 3 / 1949 أقمنا فرعا للحزب الشيوعي وافتتحناه باجتماع شعبي رائع ألقيتُ فيه قصيدة. ومن ذلك اليوم عُرفتُ كشاعر.
لم أجد وظيفة فعملتُ حجَّارًا ثمَّ كعامل بناء وفي المهن ذات العلاقة بالبناء ثلاثين عاما تعرَّضتُ خلالها لفترات من البطالة. لكنَّ البطالة أفادت عملي الحزبي. بنينا فرعا كان لهُ شأن كبير في حياة قرى المنطقة.
أجرت السلطةُ الإسرائيليَّة إحصاءً للسكان تبيَّن منه أنَّ عدد السكان العرب الجدد من منطقة الجليل نحو 155 ألفا.ولم يكن في حساب الحكومة الجديدة استيعاب هذا العدد الكبير، حتى بعد طرد الألوف. واستصعبَ المسؤولون إعطاء الجنسيَّة الإسرائيليَّة لهذا العدد الكبيرمن العرب.ولم يكن في الإمكان التعامل معنا بالطريقة النازيَّة. ولكن بن غوريون وجدَ الحلَّ المناسب، وذلك بإعطاء 80 بالمئة من السكان العرب تصاريح بالإقامة المؤقتة لمدة ستة أشهر بدلا من الإعتراف بهم كمواطنين أصليين.ولما كان لون بطاقات تلك التصاريح أحمر سميت بالهويَّة الحمراء. ونجحت الخظة في قرى المكر والجديدة ومجد الكروم.
إنتبهنا للخطر، وحاولنا إقناع أصحاب الهويَّات الحمراء برفع شكوى إلى محكمة العدل العليا، تعهد المحامي حنا نقارة بها وبدون أتعا. وافق الأخوة من مجد الكروم في البدايةِ، ولكنهم رفضوا التوقيع على الوكالات للمحامي. يبدو أنهم عرَّضوا للتخويف. وكان من نصيب أهل البعنة أن يخوضوا المعركة بقيادة فرع الحزب ووقفوا وقفة رجل واحد وأعلنوا أن أحدا منهم لن يتسلم هوية إلا إذا كانت الهويَّات المدنيَّة من نصيب الجميع على الإطلاق. ونجحت القضيَّة في محكمة العدل العليل، وفشلت المؤامرة على الجليل. وأطلق على البعنة لقب “البعنة الحمراء “.
صحيح اننا كسبنا معركة واحدة، لكن بدا أنَّ معارك كثيرة غير متكافئة لا تزال أمامنا. كانت قيود الحكم العسكري صارمة جدًّا، ولم يكن يسمح لأحد بالسفر إلا بتصريح من الحاكم العسكري، وكان مقرَّه في مركز بوليس مجد الكروم.وكان صف المنتظرين للتصاريح يبلغ أحيانا مئة متر وأكثر. وبينما كان يعطى معظم الناس شهرا شهرا في التصريح كنتُ أعطى خمسة أيام.إحتججت فأنزلها الحاكم العسكري إلى “الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه “.
لم أهتم للأمر كثيرا. فقد كنتُ أعملُ ومعظم عمال القريتين في المحاجر أيّ فيما يسمَّى اليوم مدينة كرمئيل. وفي العام 1952 سمعنا عمَّا سمي بمشروع تهويد الجليل الذي أمر بن غوريون بالإسراع به لأنه مرَّ في الطريق من عكا إلى صفد فحسب نفسه في سوريا حسب قوله.
عقدنا اجتماعات وأقمنا لجانا للدفاع عن الاراضي فلجأت الحكومةُ إلى ما يتيحهُ لها الحاكم العسكري من بطش وإرهاب… إعتبرونا خطرا على أمن الدولة وحكم على خمسة من أعضاء اللجنة بالإقامات الجبريَّة وإثبات الوجود. وكان أربعة قد اعلنوا انسحابَهم ثمَّ انسحبَ آخران. وأخيرا لم يبق إلا عضوان شيوعيَّان: حسن بكري وأنا. حكمَ علينا بإثبات الوجود في مركز بوليس مجد الكروم ثلاث مرَّات يوميًّا، وهكذا كان عليَّ، بالإضافةِ إلى عملي الشاق في المحجر، أن أسير نحو 24 كيلومتر كل يوم.
ومن جهة ثانية أعلنت المنطقة المنوي الإستيلاء عليها منطقة عسكريَّة يحظر دخولها إلا في أوقات معيَّنة، وهكذا أخذ الحجَّارون يبحثون عن أعمال في المدن.وتعرَّضت لنوع من البطالة بسبب صعوبة نيل التصريح.
وفي العاشرمن تشرين الثاني من العام 1961 أعلنَ رئيس حكومة إسرائيل مصادرة 20 ألف دونم من أراضي الشاغور أي المنطقة المنوي بناء مدينة كرميئيل عليها. قمنا بمظاهرات واحتجاجات ولكنها لم تجدنا نفعا.
وعرضت الحكومة ثمنا هزيلا لمن يريد التنازل عن ملكيَّة أرضه وبسرعة فائقة قامت مدينة كرمئيل اليهوديَّة في قلب الشاغور.
سؤال 4) كان في فلسطين العديد من الأحزاب والتنظيمات قبل قيام دولة إسرائيل. لماذا اختفت بعد قيام الدولة ولم يبق إلا الحزب الشيوعي!!؟؟
– جواب 4 – كان مجالُ عمل هذه الأحزاب التي أشرتَ إليها في المدن،ولم يكن لها وجود أو تأثير يذكر في الرّيف.كان عددُ الشيوعيِّين في الجليل قبل سقوطهِ تحت السيطرة الإسرائيليَّة إثني عشر ضوا: 4 في البعنة، 4 في الرامة، و 2 في ترشيحا و 2 في عيلبون. وهؤلاء قاوموا الرحيل والترحيل، ولم يكونوا بحاجة إلى ترخيص للبقاء في الوطن، وكان معروفا أنَّ الحزبَ الشيوعي وافقَ على قرارالتقسيم بمعنى أنهُ اعترفَ بحق اليهود بدولة لهم على أكثر من نصف مساحة فلسطين.
سؤال 5) معروفٌ انَّكَ عانيتَ الكثير بعد قيام الدولة وحُرمتَ من التجوُّل بسبب الحكم العسكري ولم تضفر بأيَّة وظيفة وحتى الحزب الشيوعي لم يعرض عليكَ أيَّةَ وظيفة..كيفَ تدبَّرتَ أمرَكَ!!؟؟
جواب 5 – صحيح أني عانيتُ الكثير. عرضت عليّ السلطة أن أعطى ما أطلب بشرط انسحابي من الحزب الشيوعي فرفضتُ رفضا باتا. أما الحزبُ الشيوعي فكان يدَّعي أنهُ لا يستطيعُ البقاء والتقدُّم بدون دعم مالي من أعضائهِ، وهكذا أصبحَ الحزبُ كأنهُ من أفراد العائلة يستحقُّ حصَّة من الدَّخل الضئيل. وكبرت العائلةُ وذقتُ الأمرَّين. وبقينا قيد الحياة بفضل أبي الذي كان مزارعا يوفرُ لنا الخبز والزيت. لم أجد عملا إلا في المحاجر في الأرض التي تقومُ عليها اليوم مدينة كرمئيل.
ولكن سرعان ما أعلنها الحاكم العسكري منطقة عسكريَّة مغلقة وصادرها تماما عام 1961.
سؤال 6) لماذا عُوملتَ أنتَ بالذات بهذه القسوة مع أنكَ كنت من أوائل من اعترفوا بدولة إسرائيل؟؟
– جواب – كان لي دور أمامي في الكفاح ضد الحكم العسكري وسياسة الإضطهاد القومي. ولا أحبُّ أن اتكلّم عن نفسي مفتخرا بما فعلت، بل كان قادة الحزب الشيوعي في المنطقة يشعرونني بأني مقصر في مجالات عديدة. لم أشعر ولو مرَّة واحدة وأنا في الحزب أني في بيت دافىء. وحبَّذا لو عاملونا كعبيد، حيث كان ملاكو العبيد يطعمون عبيدَهم وليس العكس.
وزادَ الطين بلّة أني قرأتُ مئات الكتب الحزبيَّة والماركسيَّة والسياسيَّة، واكتشفتُ أخطاء كثيرة في العمل اليومي. ولم أتردَّد في الإشارة إلى تلك الأخطاء بحسن نيَّة قصد معالجتها فاعتُبرتُ من المتمرِّدين والخارجين عن الطاعة الحزبيَّة العمياء. وكانت الطامةُ الكبرى حين أعلنتُ في اجتماع شعبيٍّ حاشد في عرابة انَّ الأنظمة الإشتراكيَّة في طريقها للزوال إلا إذا اجتمعَ زعماؤُها في تلك الليلة من العام 1984 ووضعوا خطة لإتقاء السقوط وإلا فإنَّ الأنظمة الإشتراكيَّة ستصبحُ عمَّا قريب في خبر كان. والله لا يحطك مطرحي.اتخذ الزعماءُ قرارا بفصلي على أن ينفذ بعد مرور الإنتخابات البرلمانيَّة والبلديَّة. وهكذا كان. ولستُ آسفا على فراقهم.
أمَّا أهل البعنة فعرفوا قيمتي وانتخبوني رئيسا للمجلس المحلي في العام 1978. وفي الفترة نفسها كانت هناك في البلاد 18 سلطة محليّة بيد الشيوعيِّين. أما اليوم فليس لهم مكان في إدارة أيَّة سلطة حتى الناصرة، وفي البعنة الحمراء، ليس لهم حتى عضو واحد.
سؤال7) أليس غريبا أن يلقى أمثالك مثل هذه المعاملة من القادة!!؟؟
– جواب 7 – كان قادة حزبنا بالذات في تلك الأيام يتمتعون بسلطة مطلقة. وكان المعارض كمن يرتكب الخيانة العظمى. وفي الإجتماعات الحزبيَّة كان الزعيمُ يلقي خطابا مطولا يمتدُّ على نحو ساعة ونصف، سبق أن نُشرَ كمقال في الصحف الحزبيَّة. وكان طالب النقاش يعطى خمس دقائق فقط.
أمَّا بيان اللجنة المركزيَّة أو الأصح رئيسها فكان يقرأ في اجتماعات الفروع ويناقش وينشر في الصحف وتعاد قراءتهُ في المؤتمر وبذلك لا يتبفى وقت للنقاش إلا بما يسمحون.
وبالتالي كان الزعيمُ يقدمُ لائحة بأسماء الذين سينتخبون للهيئات الحزبيَّة،فإذا لم تكن من المرضي عنهم فلن ترتفع إلى درجة عضو بسيط. وهكذا بقيت نفرا بعد 41 سنة في الخدمة الحزبيَّة.. وحتى بعد انتخابي رئيسا لمجلس البعنة المحلي. رفض الزعماء مجرَّد ترشيحي كعضو في سكرتاريَّة لجنة منطقة عكا، مع أنه عمل تطوعي لا يكلفهم حتى أجرة الطريق.
هنالك في الأحزاب الشيوعيَّة مبدأ “الإنتقاد والإنتقاد الذاتي” والمقصود به هو أنَّ الأمورَ في حركة دائمة مما يقضي تغيير ما لم يعد ملائما واكتشاف الأخطاء وتصحيحها قبل أن تستفحل. ولكن النتيجة كانت هي ان الإنمتقاد هو واجب الزعيم لمن هم دونه وأن يقومَ الرفاق العاديُّون، لا الزعماء، بالإعتراف بالأخطاء.
كنَّا شهودا على انهيار الانظمة الإشتراكيَّة وفشل الأحزاب الشيوعيَّة. أليس في هذا دليل كاف على انهم لم يكونوا على الطريق الصحيح. كان خروتشوف الزعيم الوحيد الذي اكتشفَ الأخطاءَ وحاول ادخال إصلاحات جذريَّة فأنزلوهُ بالقوَّة. وجاءَ بعده برجينيف الذي حكم حتى مماتهِ على كرسيّ الزعامة المطلقة،مع أنهُ أصيبَ بالخرف في آخر أيامه ولم يعد قادرا على كتابة حطاباته، فجاؤوا بمن يكتبها له ويتجنب ادخال الكلمات الطويلة مما يصعب النطق بها.
سؤال 8) كان في الحزب الشيوعي الكثيرون من الوطنيِّين والمناضلين الشرفاء والمبدعين، ولكنهم لم يعطوا المجالَ وأهملوا، لماذا؟؟..هل – كما قلتَ سابقا – كان زعماء الحزب يضعون العراقيل أمامهم؟؟
– جواب 8- في البداية كنا نضعُ اللومَ كله على الحكومة ونرى في قادة الحزب مثالا للتضحية والنضال لدرجة التقديس وأنشأتُ أنا بعض الأغاني تمجيدا لهم في المناسبات. كانت حياتنا صعبة جدا. فأنا مثلا حرمت من حرية السفر والتنقل ثلاثين عاما انتهت بانتخابي رئيسا لمجلس البعنة المحلي. وفقط في وقت متاخر اكتشفنا أننا نعاملُ كما عاملت بنو عبس عبدها عنترة فقال:
( ينادونني في السّلم يا ابن زبيبةٍ وعندَ اصطدام الخيل يا ابن الأطايبِ)
كان همُّنا الأكبر مقاومة سياسة الحكومة. ولم يخطر ببال أحد منّا توجيه أيّ انتقاد، بل ذات مرَّة طلبتُ وبشكل رسمي أن يقدم الحزب تقريرا ماليًّا بقصد أن نجد طريقة لزيادة رواتب المحترفين. وبدا لنا أنَّ همَّ الزعماء هو البقاء على مقاعد الزعامة وكانت لهم أساليب في تحقيق ذلك. فكان الزعيم يبقى زعيما إلى آخر حياته، ولكننا لم نجعل منها مشكلة، إذ كانت سياسة الحكومة عدوّنا الأساسي.
سؤال 9) لماذا انسحبتَ من الحزب الشيوعي!!؟؟
– جواب 9 – أنا لم أنسحب من الحزب الشيوعي بل فصلتُ بإعلان من لجنة الفرع في البعنة في 18 / 4 / 1989) كما بدا. ولكن القرار اتخذ في منتصف الثمانينات إثر خطاب لي في مهرجان حزبي في عرابة، قلتُ فيه إن الأنظمة الإشتراكيَّة مهددة بالسقوط إن لم تتدارك الأحزاب الشيوعيَّة الحاكمة الأمر بسرعة. لم يناقشني أحدٌ ولم يحاكموني بل سارعوا بفصلي من الحزب كما يُحاكم جندي ميدانيًّا ويطلق عليه النار.
وفي الواقع كنتُ توصلتُ في الحكم على الأنظمةِ الإشتراكيّة بعد دراسة طويلة ومعمَّقة وقضاء سبعة اشهر على دفعتين في موسكو وليننغراد.
ولكن فصلي من الحزب لم ينقذ العالمَ الإشتراكي من الإنهيار.
سؤال 10) بعد هذا انتسبت إلى الحزب الديمقراطي العربي ولكنك تركته بعد أربع سنوات مع أنك كنت في مركز مرموق..لماذا!!؟؟
– جواب 10 – لم يكن انسحابي من الحزب الشيوعي سرًّا، وفي ذات مساء زارني رئيس الحزب الديمقراطي العربي السيد عبد الوهاب دراوشه ومعه ثلاثة من قادة الحزب، طلبَ إليّ الإنضمام إلى الحزب بشكل لطيف، قلتُ سأفكّرُ في الأمر. وهكذا وجدتني عضوا في الحزب.عملتُ كسكرتير تحرير صحيفة ” الديار “. وعرضوا عليّ مركز سكرتير الحزب العام. رفضت بأدب، لأنّي لم اكن أملك رخصة قيادة سيارة ولا ثمن سيارة. على كلِّ حال أعطيت مركزا مرموقا. وبعد عام كان بلغ عدد أعضاء الحزب 14 ألفا. وأعطتنا الإستطلاعات 3 أعضاء في الكنيست. ولكن طلب الصانع أصدر منشورا في النقب باسم الحزب جاء فيه جملة:”لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء “. وسارعت الحركة التقدميَّة بعد أن رفضت النزول معنا في قائمة واحدة للكنيست بتصوير أكثر من 20 ألف نسخة من هذا المنشور وزعتها على الناخبين المسيجيِّين. وفي الأسبوع نفسه أعطتنا الإستطلاعات عضوين في الكنيست وهكذا كان. ولكن مشكلتنا كانت مع رئيس الحزب الذي أخذ يتصرَّف بشكل دكتاتوري، مما جعلَ تسعة من قادتهِ، ومنهم أنا، ينسحبون من الحزب ويفارقون بإحسان. وكانت حجَّتي هي أنه لا يصحُّ أن يستغلَّ الحزبُ مثل هذه المواقف لمصالح حزبيَّة لا تهمُّ الجمهور.
سؤال 11) ما رأيُكَ في الأحزاب العربيَّة بشكل عام.. هنالك من يمتدحها وهنالك من ينتقدُها ويحسب قادتها من من عملاء السلطة..ما هو تعقيبُكَ؟؟
– جواب 11 – بعد قيام دولة إسرائيل كانت هنالك تشكيلات سياسيَّة عربيَّة أوصلت للكنيست خمسة نوَّاب مرتبطين كليًّا بالحزب الحاكم، ولكن الحال تغيَّر اليوم ويمكن القول انه ليس هنالك حزب عربي عميل للحكومة الإسرائيليَّة، ومشكلة هذه الأحزاب أنها لم تجدّ حتى الآن للتوحد. في عام 1989 كانت هنالك انتحابات للهستدروت، إستطعنا في الحزب في الحزب الديمقراطي إقناع حزب ميعاري ( الحركة التقدُّميَّة) بأن ننزل في قائمة مشتركة.إقترحتُ أن نعرض على الحزب الشيوعي أن ننزل معا.. وعرضنا عليه أن يكون رئيس القائمة شيوعيًّا وأن يأخذوا التمويل الذي تدفعهُ الهستدروت من نصيب الحزب وحده. وافقوا. وكتبتُ يومها مقالا بعنوان: ” إتفق العربُ على أن لا يتفقوا “. واقتربت إنتخابات الكنيست فاقترحنا أن نستمرَّ في المشاركة بحيث يكون الحزبُ الشيوعي 60 بالمئة ولكل من حزبينا 20 بالمئة..أي ستة أعضاء كنيست للحزب الشيوعي وإثنان لكلٍّ من الحزب العربي الديمقراطي والحركة التقدميَّة، هذا إذا حصلنا معا على عشرة أعضاء وهو أمر ممكن بدون صعوبة، ولكن الحزب الشيوعي لم يقبل مجرّد نقاش الفكرة. وأما محمد ميعاري فتركَ الشراكة مع الحزب الديمقراطي ونزل في قائمة مشتركة مع رئيس مجلس فسوطة المحلي وكانت النتيجة 3 أعضاء للحزب الشيوعي واثنان للحزب الديمقراطي العربي ولم تجتز القائمة الثالثة ( الحركة التقدميَّة) نسبة الحسم. وتبيَّن أنَّ المثلَ القائل ” إتفق العربُ على أن لا يتفقوا ” لا يزال ساري المفعول.
ومشكلتنا في رأيي ليست الخيانة بل الأنانيَّة وانعدام روح الوفاق والوحدة. وبعد أن كان المثل يقول ” صار العرب عربين” صار العرب ألف عرب.
سؤال 12) ألم تفكّر مرَّة في تأسيس حزب جديد تكون أنتَ قائدَه والمشرف على جميع نشاطاتهِ؟؟
– جواب 12 – لا يستطيعُ فردٌ كائنا من كان أن يقيمَ حزبا من العدم. ولا يستطيع أي أن يعيش إن لم يكن له أعضاء في الكنيست وتمويل من الدولة.
سؤال 13) حين كنتَ في الحزب الشيوعي ترشَّحتَ لرئاسة مجلس البعنة المحلِّي وفزتَ بالرئاسة.. أكان ذلك بجهدكَ الخاص وثقة الجمهور بك وتقديرا لمواقفكَ الوطنيَّة؟ أم ساعدكَ الحزُب في ذلك؟؟
– جواب 13 – في ذلك الوقت لم يكن ممكنا التفريق بيني وين الحزب وبالطبع ساعدني كلّ الرفاق وعملنا كأسرة واحدة، ورفضتُ أن أسمّيها معركة انتخابات ولم نهاجم منافسينا ولو بكلمة واحدة. ومع أنَّ عائلتي قاطعتني ولم يصوِّت لي منها إلاّ الخوري وأهل بيته، وذلك لأني كنتُ زوَّجتُ إحدى بناتي لرفيق مُسلم.. وحتى أبي وأمّي غادرا القرية وسكنا عند أخي في كفر ياسيف. ونقصني صوتان فقط لأحصلَ على المقعد الخامس في المجلس أي الاكثريَّة المطلقة. وفي اليوم التالي بالضبط كان عندي ائتلاف من سبعة أعضاء وأصبح نائبي الزميل المنافس نمر بدران وهو إنسان مستقيم عديم المثال. وفي العام التالي صار يستحق راتبا من وزارة الداخليَّة، أعلمتهُ بذلك وقلتُ الراتب مرتبط بعمل يومي دائم ستة ايام في الأسبوع..قالَ إنَّ لديه شركة لا يستطيع تركها. وهكذا كنا نحصل على راتبه في الميزانيَّة وأخذتُ أنا أتخلى عن 20 بالمئة من راتبي لمصلحة البيلد. إشتريتنا بما توفر أربعة دونمات من الارض بنينا عليها مدرسة.
سؤال 14) حبَّذا لو تحدِّثنا عن الفترة التي كنتَ فيها رئيسا لمجلس البعنة…ما هي إنجازاتكَ، وكيف كانت علاقاتكَ مع الحزب الشيوعي في تلك الفترة؟؟
– جواب 14 – تسلمتُ المجلس في كانون الأول من العام 1978 كانت القرية أشبه بالقرى العربيَّة أيام الإنتداب البريطاني. كان موسم الشتاء في أولهِ والشوارع غير معبَّدة. وكنا في سباق مع الزفتة. اتصلتُ بمقاول مختص من كفر ياسيف هوعديل أخي.تعهّدَ بتزفيت شوارع شوارع القرية بدون مقابل. كان هو أيضا عضوا في الحزب الشيوعي. وكان عليّ فقط إحضار الزفتة.ذهبتُ إلى السوليل بونيه في حيفا لأتدبَّر أمر الحصول على الزفتة، فوجدتُ أنَّ المهندس المسؤول أعرفهُ ويعرفني، فقد سبق وعملتُ كعامل بناء في الشركة. وافقَ على إعطائي الكميَّة المطلوبة مقابل شيكات بعد أن تعهَّدَ لهُ مدير البنك أنَّ كلَّ شك يُعطى من مجلس البعنة يصرف بالتاكيد. وخلال أيام معدودة كانت شوارع البلدة على أحسن ما يكون.
قمنا بحملة تسديد ديون الضرائب على أبنية القرية. ولم تمض سنة حتى كانت نسبة الجباية مئة بالمئة. ومع أنَّ حاكم اللواء لم يكن محبًّا للشيوعيّة والشيوعيِّين، إلا انني اجتزتُ المرحلة بسلام، وكان أن جهة ما حرَّضت سكرتير المجليس على القيام بأعمال تخريبيَّة فأخذ يزيِّفُ توقيعي ويسرق بشيكات المجلس. والغريب انهُ وبعد اعترافهِ وتقديم شكوى للبوليس واستصدار أمر حكم من محكمة صلح عكا يحكم عليه بدفع المبالغ المسروقة وقيمتها نحو مئة ألف ليرة، إلا أنهُ لم يسجن ولم يدفع ليرة واحدة حتى اليوم.
سؤال 15) سمعتُ انَّكَ زرتَ الإتحاد السوفياتي في العام 1983 وحظيت بمقابلة ريس بلديّة ليننغراد، وأنكَ انتقدتَ عمل الدولة السوفيتيَّة بشكل جعلَ رئيس البلدية يقف محتجًّا ويشيرُ إليكَ أن تخرج.. هل هذا صحيح؟؟
– جواب 15 – هذا صحيح وقد استنتجتُ أنهُ اتصلَ بقيادة حزبنا الشيوعي منتقدا إياي بشدَّة وأن قيادة الحزب قرَّرت طردي من الحزب على أن يتم ذلك بعد الإنتخابات التالية. سمعتُ عن هذا من أحد الرفاق. واخذوا يعاملونني كعدو. وأوصوا فروع الحزب بألا يدعوني لإلقاء قصائد. وَعيَّرني أحدهُم بقولهِ: علمنا لكَ أولادَكَ في الدول الإشتراكيَّة وعملناك رئيس مجلس قلتُ لهُ إنَّ من عملني رئيس مجلس هم أهل بلدي لا أنتَ وأما بالنسبة لتعليم أولادي فأنا مديون للإتحاد السوفياتي لا لكم. أنتم قبضتم عشرة آلاف دولار، إبني الكبير تخرَّجَ طبيبا. أما الثاني فهو يتعلم للسنة الثالثة، يوم الجمعة يعود إلى البلد ولا جميلتكم. تلفنت لإبني هشام فقطع دراسته وعاد.
سؤال 16) هناك جملة كنت تردّدها تقول: إنَّ جهاز المخابرات الإسرائيلي لم يسىء إليكَ كما أساءَ إليكَ بعض المسؤولين في الحزب الشيوعي، هل هذا صحيح؟؟
– جواب16 – لا أذكر اني قلت بالضبط هذا، ولكني لا أخفي أني كنتُ أتوقعُ إساءة جهاز المخابرات فهذه وظيفته، أما أن يعاملني قادة حزبي الذين كنتُ أخدمهم وأرفع من شأنهم فهذا أمر غير معقول. على كلِّ حال سامحهم الله. فحتى بعد فصلي من الحزب وقبل كلِّ انتخابات محليَّة حتى الأخيرة كان أهل القرية بما فيهم رئيس المجلي ونائبه يعرضون عليّ الترشيح فأشكرهم وأرفض بأدب. والواقع ان جميع الرؤساء الذين عرفهم مجلس البعنه المحلي قاموا بواجبهم خير قيام باستثناء الرئيس الشيوعي وهو دكتور..
سؤال 17) كيف تقضي أوقاتكَ في هذا السنِّ المتقدّم؟؟
– جواب 17 – بعد تركي للعمل في المجلس المحلي أتقاضى تقاعدا مقبولا، قلتُ: انا صرتُ رئيسا بفضل الحزب، إذا فلأخدم الحزب. توجَّهتُ مباشرة إلى رئيس تحرير الإتحاد إميل حبيب قلتُ لهُ إنّي آخذ راتبا تقاعديًّا بفضل الحزب، إذن أريد أن أعمل أسبوعيًّا يومين في الإتحاد ويومين في الجديد ويومين في الفرع في العمل الحزبي واستريح في اليوم السابع. قال: كنتَ تعمل في الإتحاد. نرجِّب بعودتك. لكن نريدك موظفا ولو بنصف وظيفة فنحنُ بحاجة إليك. قلتُ ولكن وزارة الداخليَّة ستدفع لي راتبا تفاعديًّا مدى الحياة. أعطاني غرفة وطاولة واتفقنا. وهكذا كان مع إميل توما رئيس تحرير مجلة الجديد.
وفي ذات اليوم اخبرني الرفيق صليبا خميس أنه قامت طوشة في اللجنة المركزيَّة بسببي بين رمزي خوري وجمال موسى من ناحية وإميل حبيبي الذي اتهماه بأنه يوظف محررين في الإتحاد بدون قرار اللجنة المركزيَّة. تصوَّر مدى اللؤم إذا استطعتَ إلى ذلك سبيلا. وهكذا عدتُ إلى البيت وفي نيَّتي أن أتفرَّغ للعمل الأدبي.
سؤال 18) كيف سارت أمور المجلس المحلي بعد امتناعِكَ عن ترشيح نفسك؟؟
– جواب 18 – رشَّحت د. محمد بكري لرئاسة المجلس فووفق على ذلك بالإجماع.كنتُ اعتبرهُ بمقام ابن أخ ووعدتُ بأن أتطوَّع للعمل معه خمسة أيام في الأسبوع، وكنتُ قد اكتسبتُ خبرة في إدارة الأمور، عززتها بالإلتحاق بدورة تعليم في جامعة حيفا لمدة عام على حساب وزارة الداخليَّة. ولكنهم رفضوا خطة العمل الانتخابي التي اقترحتها وأداروا ظهورَهم لكثير من الأصدقاء فخسرنا الإنتخابات. ولكنا استعدنا الرئاسة بعد خمس سنوات، وفي اليوم الذي تسلَّم الرفيق المنتخب الرئاسة سمعتُ أنّي مفصول من الحزب، لم أصدِّق في البداية، لأنَّ أحدا لم يوجه لي أي انتقاد ولم أحاكم. لكن بدا لي أنَّ الآلهة لا تجري محاكمات بل تحكم فقط.
أما الرئيس الشيوعي في البعنة الحمراء، فتركَ المجلس بعد دورتين مسجِّلا عجزا مقداره 59 مليون شيكل فقط.
سؤال 19) سمعنا انَّكَ اختلفت مرَّة مع الشَّاعر المرحوم سميح القاسم رغم الصداقة المتينة التي كانت بينكما.. ما هي القصَّة؟؟
– جواب 19 – المسألة أشبه بنكتة منها بخلاف.؟ وأعتقدُ أنَّ الأخ سميح القاسم استفاد منها. ذلك أني كنتُ أعملُ كمدير لمطبعة الإتحاد في مطلع السبعيننيَّات من القرن الماضي، في ذات يوم كنتُ عائدا من المكتب إلى المطبعة، سمعتُ صراخا ينبعثُ من داخل المطبعة، وقبل أن أدخل التقيتُ بسميح القاسم خارجا غاضبا. وفي المدخل التقيتُ بنصوحي درويش أخ الشاعر محمود درويش وكان أحد عمَّال المطبعة، كان يبتسم. سألتُ عن سبب الصراخ.. هكذا كانت الحكاية:
كانت مهمَّة سميح القاسم تصحيح الأخطاء اللغويَّة وغيرها في صحيفة الإتحاد، وبعد ذلك تبدأ عملية الطبع. ولكنه طلبَ منِّي في ذلك اليوم أن أقوم بالعمل نيابة عنه إذ كان مضطرًّا للتغيُّب. وكان في الجريدة خبرعن أمسية شعريّة أحياها سميح القاسم في البعنة قبل أسبوع، وشاركتهُ بناء على طلب منه. كتبَ سكرتير الشبيبة خبرا للإتحاد ووضع اسمي قبل اسم سميح، وحين عاد سميح من مهمَّتهِ جاءَ إلى المطبعة وكانت الجريدة قيد الطبع. تناول نسخة ونظر إلى الخبر الذي يتوقع صدوره عن الندوة الشعريَّة فوجدَ أن اسمي وردَ قبلَ اسمهِ فأصرَّ على إيقاف العمل ووضع اسمهُ أوَّلا. وكان هذا سيستغرقُ وقتا طويلا مما يؤخّر نهاية يوم العمل.وهكذا رفض العمّال وكان الصراخ.
سؤال 20) أعرفكَ كشاعر كبير وأديب ومناضل معروف ولكنكَ لم تظفر بالشهرة التي تستحقها،بينما أشتهرَ كثيرون لم يصلواإلى مستوى خاصرتِكَ ما السَّبب!!؟؟
– جواب 20 – انا لم أكتب الشعر والادب من أجل أن يقال عنّ ِ شاعر أو أديب بل لأساهم في النضال ضدّ الظلم الذي تعرّضَ لهُ شعبي. وكدتُ أشنق في زمن ما سمّيَ بجيش الأنقاذ.. كان همِّي الأكبر هو ماذا أنجزنا في تلك المعركة. إعتبرتُ نفسي جنديًّا في جيش في معركة غير متكافئة، وكنتُ حريصا على ألا يرتكب أحد القادة خطأ يعود على كفاحنا بالضرر. لذلك لم أتردَّد في توجيه النصح أو الإنتقاد الذي أراه مناسبا وبدون غايات شخصيَّة. ولكن عهد تقديس شخصيَّة الزعيم رأى في تصرُّفي خروجا عن الطاعة العمياء. ومن هنا كان مصدر التعتيم عليّ وعلى انتاجي. مثلا في حفل أول أيارالعام 1978، وقبل انتخابات المجلس المحلي الأول في البعنة قدّمني العريف بعد 21 خطيبا وكان معظم الجمهور قد غادرَ المكان. فاعتذرت ووعدتُ بإلقاء القصيدة في العام القادم. ومعروف أني قرأتُ مئات الكتب ودرستُ الإقتصاد السياسي والماركسيَّة في معهد روسي في موسكو. ومعروف أيضا أني كنتُ الأول في جميع الصفوف والمواضيع الدراسيَّة وحظيتُ بلقب طالب فلسطين الأول. وحين قال لي أحد الزعماء إنَّ ابراهيم النمر رئيس لجنة رؤساء السلطات المحليَّة العربيَّة يفعل ما يطلبه منه بينما لا يستجيب حنا ابراهيم رئيس مجلس أصغر قرية في الشاغور لتعليماته، قلتُ لهُ: أنا اتعلّم ممَّن هو أشطر مني وأعلم وأشكره. لكني لا أقبل بأن يكون أمثالك طلابا في صف أعلّمهُ لأنك لم تصل بعد مستوى التلميذ عندي. وقامت القيامة.
سؤال 21) ما رأيكَ في الحركة الأدبيَّة المحليَّة اليوم وسابقا كيف تقيِّمُهَا؟
– جواب 21 – قالَ أحدُ المشاهير: الأدبُ هو مهندس النفس البشريَّة. وأنا أقول أنَّ الأدبَ نوعان. فالأدبُ الصهيون الذي يعتبرُ الإحتلال إنجازا وطنيًّا هو نقيض أدب المقاومة.عندنا أدباء نعتز ونفتخرُ بهم. لكن القصيدة لا تعيدُ الأندلس ولا تنهي الإحتلال. لكن على الأدباء أن يعرفوا أنَّ مهمَّتهم لا تنحصر في الكتابة فقط بل في توحيد صفوف المقاومة والتغلب على الخلافات الداخليَّة أيضا. والمؤسف انَّ الإهتمام بالشهرةِ الذاتيَّة تأتي في المقدّمة، وصرنا نقرأ شعرا لا يحملُ اسم الشعر. لا نجدُ الوزنَ ولا القافية ولا حتى المعنى في أكثر الأحيان. نعرفُ أنَّ كلّ صاحب مهنة يعتاش عادة منها إلا مهنة الكتابة إلا إذا وجدَ الكاتبُ مكانا في الصَّحافة.
عندنا اتحاد كتَّاب أكنُّ لرئيسهِ كلَّ الإحترام ولكن “ماذا تستطيعُ الماشطة أن تفعل مع الشّعر العفش “. كم سمعنا هذه الجملة البائسة: شعب اقرأ لا يقرأ. لم يعد عندنا أيَّةُ دار نشر ولولا الحاجة للكتب المدرسيَّة لما كان عندنا مكتبات. لكن ليس هناك داع لليأس ما دام يوجد الإهتمام. وبدلا من التركيز على الأمور السلبيَّة دعونا نركّزُ اهتمامَنا على الأمور الإيجابيَّة عارفين أننا شركاء في مصير واحد متذكرين قول أبي العلاء المعرّي: ” كذبَ الظنُّ لا إمامَ سوى العقل مُشيرا في صبحِهِ والمساء “.
والذي لا يعجبُه مقالٌ في صحيفة يستطيعُ أن يناقشهُ أو أن يمتنع عن قراءته.
سؤال 22) ما رأيُكَ في ظاهرة التكريم من قبل بعض الجمعيَّات الثقافيَّة حث يكرمون كلَّ من هبَّ ودبّ بينما يتمُّ تجاهل الكتاب والشعراء الكبار وخاصَّة الوطنيين منهم؟؟
– جواب 22 – أعتقدُ أن الشعراء والكتاب ليسوا بحاجةٍ إلى حفلات التكريم. وإذا جرى تكريم كاتب أو شاعر مبتدىء فهذا من قبيل التشجيع ولا عيب في ذلك. وبالتالي فإنَّ المدعوّين لا يفرض عليهم الحضور والتصفيق. والمثل قال: إعط المركب السائر دفشة.
سؤال 23) هل كُرِّمتَ أنتَ من قبل مؤسَّسات ومنتديات ثقافيَّة وأدبيَّة محليَّة أو خارج البلاد؟؟
– جواب23 – أجل ولدرجة لا أستطيعُ تذكُّر كلّ الهيئات التي شرَّفتني بذلك. وأعتزُّ بوسام القدس للثقافة والفنون الذي قلَّدني إيَّاه الشاعر أحمد دحبور باسم الرئيس عرفات وتمَّ الإحتفال في مؤسَّسة الأسوار بشكل سألتُ نفسي: ترى أستحقُّ كلَّ هذا؟!. وآخرُ تكريم لي كان من قبل اتحاد الكتاب العرب في اسرائيل ورئيسة الأستاذ المحامي سامي مهنا، وكان شريكي المرحوم سلمان ناطور الذي توفي بعد الإختفال بثلاثة أسابيع. والجديرُ بالذكر انَّ الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قلَّدني وسام القدس للثقافة والفنون بعد عودتهِ إلى فلسطين وذلك في ( 1 / 12 1995).
سؤال 24) كنتَ عضوا فعَّالا في مؤسَّسة الأسوار التي قامت بدور هام على السَّاحة الأدبيَّة المحليَّة وأصدرت الكثير من الكتب، ماذا كان دوركَ فيها؟؟
– جواب 24 – تعرَّف على السيّد يعقوب حجازي قبل انشائهِ موسَّسة الأسوار، حيث كانت له دكان صغيرة في سوق عكا العتيقة لبيع الكتب، وكنتُ أتردَّدُ كثيرا على دكانهِ لشراء الكتب. وتوثقت بيننا صداقة متينة. وما لبث أن أقامَ مؤسَّسة الأسوار التي قامت بدور هام على السَّاحة الأدبيَّة ونشرت أكثر من 200 كتاب لمختلف الكتاب من الداخل والخارج.
في البداية عملَ الرفيق صليبا خميس كمدير للمؤسَّسة ولكنه اختلف مع زعماء الحزب الشيوعي. ومن بعض أسباب النزاع أنهُ أشعلَ سيجارة للنائب محمد ميعاري على منصَّة اجتماع شعبي…وتمَّ فصلهُ من الحزب وانتقلَ من حيفا، وبسب بعد المسافة تركَ العملَ في الأسوار. وما لبثتُ أن أخذتُ مكانهُ حيث عملتُ كمتطوِّع. وكما ذكرتُ بلغَ مجموع ما أصدرتهُ مؤسَّسة الأسوار من كتب 204. وبالطبع كان الدور الأساسي من العمل للأخ يعقوب حجازي وزوجته حنان.
واخيرا ولأسباب صحيَّة تركتُ العملَ في الاسوار ولكني أعترف بما كان لهذه المؤسَّسة من فضل على الحركة الأدبيَّة والثقافيَّة في البلاد وربَّما في الخارج أيضا.
سؤال 25) سمعتُ عن حادثةٍ أشبه بنكتة فحواها أنَّكَ كنتَ مديرا لمطبعة صحيفة الإتحاد الشيوعيَّة وكان الشاعر سميح القاسم يعملُ كمصلح لغوي في الصحيفة وكان يتغيَّبُ أحيانا ويطلبُ منكَ نظرة أخيرة نظرة أخيرة على دقة التصحيحات إلقاء نظرة أخيرة على دقة التصليحات، وذات مرَّة صدرَ خبر ورد فيه اسمك قبل اسم سميح القاسم فجاء غاضبا يطلبُ إيقاف الطباعة وتصحيح الخبر بحيث يرد اسمهُ أوَّلا، لم يوافق عمَّال المطبعة لانَّ ذلك يكلفهُم وقتا طويلا كما لم يقتنعوا أنَّ الدنيا ستخرب إذا وردَ اسمُ سميح القاسم ثانيا، وعندها جئتَ أنتَ.. ما هي القصَّة!!؟؟
– جواب 25 – لا ادري إن كانت كانت الحكاية تستحقُّ النبش. فأنا أحترم الشاعر سميح القاسم والقصَّة كما قلتَ أنتَ أشبه بنكتة. ذلك انَّ سميح كان ضيفا على فرع الشبيبة الشيوعيَّة في البعنة وألقى عدَّة قصائد وكنتُ حاضرا فطلب منِّي أن أريحهُ بإلقاء قصيدة أو اثنتين ففعلت. وأرسلَ سكرتير الشبيبة خبرا إلى صحيفة الإتحاد عن الندوة. وحيث كنتُ أكبر الزميل سميح سنّا بأكثر من 12 عاما جاء اسمي قبل اسمه في الخبر. وفي ذلك العدد طلبَ إليّ أن أصحِّحَ الأخطاء اللغويَّة الواردة ففعلت. ولكنه عاد والجريدة تحت الطبع، تناولَ نسخة واكتشف الخطأ الفاضح بورود اسمي قبل اسمه،غضبَ وطلبَ ايقاف الطباعة ريثما يتم التصحيح حسب رغبته. رفض عمَّال المطبعة لأنهم لم يقتنعوا أنَّ الأمر يستحق التعب. وعلا الصراخ. وفي هذا الوقت عُدتُ إلى المطبعة فانسحبَ غاضب. سمعتُ الصراخ ولكني لم أعرف السبب. حكى لي احد العمال ما جرى، وكيف قال لهم إنَّ الترتيب الصحيح القول: ماركس أنجلس لينين وليس العكس. ولم أعر القضية كبير اهتمام، على اعتبار أنَّ الشهرة تصيب بعض الشبَّان بالغرور.
سؤال 26) كم كتاب أصدرت وما هي المواضيع التي تناولتها؟؟
– جواب 26 – أصدرتُ 12 كتابا.. أربعةٌ منها قصص قصيرة تصوّر واقعنا بشكل الحكايات، هي:
1 – أزهار بريَّة
2 – الغربة في الوطن
3 – ريحة الوطن
4 – هواجس يوميَّة
– السيرة الذاتيَّة في كتابين:
1 – ذكريات شاب لم يتغرَّب
2 – شجرة المعرفة
– وثلاث روايات طويلة هي:
موسى الفلسطيني
أوجاع البلاد المقدَّسة
عصفورة من المغرب.
– وثلاثة دواوين شعريَّة هي:
نشيد الناس
صوت من الشاغور
صرخة في واد
وهنالك كتابان في الدرج ربَّما يصدران بعد موتي.
إهتمَّت منظمة التحرير الفلسطينيَّة بكتبي واقترحت أن تعيدَ طباعتهم فأرسلت لهم نسختين من كلِّ كتاب ولكن لم يفعلوا شيئا.
أظنُّ انَّ السّبب هو أنني سواء في ذكرياتي أو رواياتي كتبتُ بوضوح عن دور جامعة الجول العربيَّة المخزي في نكبة فلسطين وعن انسحاب ما سمي بجيش الانقاذ المهين من الجليل وتسليمه لقمة سائغة لاسرائيل. وكان فضح هذا من شانه أن يسيىء العلاقة مع الدول العربيَّة وخاصة الأردن ومصر.
أما أشعاري فقد ألقيت كلها وبدون استثناء في اجتماعات شعبيَّة ومهرجانات كفاحيَّة ضدّ الحكم العسكري والإضطهاد العنصري.
سؤال27) النقاد والأدباء الذين كتبوا عنكَ؟؟
– جواب 27 –
1 – إبراهيم خليل في كتابه القصة والرواية الفلسطينيَّة.
2 – أحمد دحبور: البرق المبارك
3 – أحمد عمر شاهين: موسوعة كتاب فلسطين في القرن العشرين.
4 – د. جمال أسدي: القاص حنا إبراهيم ( قصص مترجمة للإنجليزيَّة – نيويورك بيترلاند 2009).
5 – د. جمال قعوار – مجلة المواكب العدد 3/ 4.
6 – د. حبيب بولس: حنا إبراهيم والهاجس الفلسطيني.
7 – د. حبيب بولس: مجلة الجديد عدد 9،، عام 1987.
8 – د. حبيب بولس: هواجس يوميَّة لحنا ابراهيم.
9 – د. حبيب بولس: ذاكرو حنا ابراهيم ذاكرة شعب بأكمله.
10 – د. حبيب بولس: أنطولوجيا القصة العربيّة في اسرائيل.
11- د. حسين حمزة: توتر اللغة العربيَّة في أدب حنا ابراهيم.
12 – حنا ابراهيم: من ذكرياتي مع صديقي محمود درويش.
13 – خميس فرح: شخصيّة الآخر في الأدب اليهودي والعربي.
14 – فيصل قرقطي: حنا ابراهيم وذكريات شاب لم يتغرب.
15 – رفيق بكري: لقاء مع الأديب حنا ابراهيم – صحيفة الحقيقة – كفر ياسيف.
16 – سهيل عيساوي: حنا ابراهيم شاعر ومناضل.
17 – د. سيف الدين ابو صالح (ملحق الإتحاد الثقافي) مجمع اللغة العربيَّة.
18 – د. شموئيل موريه و د. محمود عباسي، إصدار معهد هاري ترومان في الجامعة العبرية.
19 – عامر جنداوي: القصَّة القصيرة عند حنا ابراهيم ( رسالة ماجستير.
20 – عرفان أبو حمد: أعلام من أرض السلام.
21 – عيريت جسروير: المبنى والمضمون في قصص حنا ابراهيم.
22 – غسان كنفاني: الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الإحتلال.
23 – كمال قاسم فرهود: أعلام الأدب العربي في العصر الحديث.
24 – متى سمعان و د. يوسف أحمد شبل:/ عكا تراث وذكريات.
25 – محمد علي سعيد: قراءة سيميائيَّة في قصص حنا ابراهيم.
26 – محمد لي طه: حنا ابراهيم بين القصة والتاريخ.
27 – د. محمد جبارين: لقاء مع الشاعر حنا إبراهيم.
28 – محمد علوش: مع حنا ابراهيم في أزهار برية.
29 – د. محمود عباسي: العلاقات العربيّة اليهوديّة في القصة العربية.
30 – د. محمود عباسي: تطور الرواية والقصَّة القصيرة في الأدب العربي في اسرائيل.
31 – د. محمود غنايم: المدار الصعب. رحلة القصة الفلسطينية في اسرائيل.
32 – د. محمود غنايم: ماذا بعد التعليمية والترفيه. مجلة الشرق.
33 – مجلة الشرق: لقاء مع الكاتب حنا ابراهيم.
34 – د. نبيه القاسم: حنا ابراهيم الجوال الذي لا يهدأ.
35- د. نبيه القاسم: في الرواية الفلسطينيَّة – دار الهدى.
36 – أحمد حسن محمود أبو بكر: حنا ابراهيم أديبا ( أطروحة دكتوراة).
37 – شمعون بلاس:الأدب العربي في ظل الحرب – دار الشرق شفاعمرو.
38 – فيصل قرقطي: حنا ابراهيم: ذكريات شاب لم يتغرب – مجلة الأسوار.
سؤال 28) أنتَ انسانٌ مناضل وشاعر وأديب وكاتب كبير بل وعملاق، ولكنك لم تنل الشهرة المناسبة والكافية بينما أشتهر أدباء أقل منكَ شأنا ولم يصلوا لخاصرتِكَ ثقافة وإبداعا ونضالا.. ما هو السَّبب!!؟؟
– جواب 28 – هناك سببان: الأول هو انني كنتُ أعرف المثل القائل: “مادح نفسه كذاب لا يُصدَّق ولا يُعتمد عليهِ”. بينما كان همَّي الأول خدمة قضايا شعبي ومقاومة سياسة الإضطهاد القومي وسلب الأراضي. وأذكر أنَّ قصائدي كلها وبدون استثناء لم تكتب للنشر بل لتلقى في اجتماعات شعبيَّة. ومن الناحية الثانية كنتُ من المغضوب عليهم لدى زعماء الحزب الشيوعي لأني كنتُ أنتقدُ الكثير من الاحكام التي عفا عليها الزمن. ولعلّي كنتُ الأولَ وربَّما الوحيد من الرفاق حين أعلنتُ أمام حشد شعبي كبير انَّ الأنظمة الإشتراكيَّة آيلة لليقوط إذا لم تنتبه لعيوبها.. فغضبت عليَّ بنو تميم. ولكن غضبهم لم يحد دون سقوط الأنظمة الإشتراكيَّة كما حذرت.
سؤال 29) إسمح لي هنا بالسؤال: كيف توصَّلتَ إلى هذه النتيجة في حين كان هناك عالم اشتراكي وعلى رأسهِ الإتحاد السوفياتي الجبار!!؟؟
– جواب 29 – كنتُ أكن للإتحاد السوفياتي احترام الوالد ومحبَّة الأبناء والاحفاد، وأعتبرُ أنَّ مصيرَ البشريَّة ومها العالم العربي منوط بنجاح الإشتراكيَّة. لذلك كنتُ اتابع مسيرته باهتمام كبير. وجدير بالذكر اني درستُ الماركسيَّة في معهد سوفياتي وقرأتُ كتب ماركس وأنجلس ولينين.. هذا إلى جانب مكوثي سبعة اشهر في موسكو وليننغراد، وقراءة مئات الكتب والمجلات التي تهتمُّ بالإشتراكيَّة، وكما شاهدتُ بأمّ عينيّ أنَّ الواقع ليس كما يدعون. ومعروف اني كنتُ تلمياذ نجيبا، حصلتُ في ثانويّة عكا على لقب طالب فلسطين الأول. وهل إذا حذرَ طبيب مريضا وطلبَ إليه الذهاب إلى المستشفى للعلاج ولم يمتثل ومات يكون هو الذي قتله.؟؟. وبدلا من أن يناقشوني أصدروا قرارا بفصلي من الحزب بدون محاكمة. ومع ذلك سقطت النظم الإشتراكيَّة.
والجدير بالذكر اني انتقدتُ الكثير من أنظمة الحزب الداخليّة ومنها تقديس الشخصيَّة والطاعة العمياء.
سؤال 30) ما رأيُكَ في الحركة الأدبيَّة والثقافيَّة المحليَّة سابقا والآن؟؟
– جواب 30 – إذا كان لي أن أقيِّمها فإني أعطيها علامة جيد جدا. فقد أنجبت شعراء وأدباء على مستوى عالمي على الرّغم من سوء الظروف التي جعلت تقدمها من الصعوبة بمكان.
لكن يجب أن نعلم أنَّ الحركة الأدبيَّة أشبه بالخارطة وأنَّ الذي يقوم بالبناء هو العمل التنفيذي. واعترفَ غوَّار بأنَّ القصيدة لا تعيدُ الأندلس، كما أنَّ قصائد محمود درويش على عظهما لم تعد شبرا من أراضي البروة. على كلِّ حال أنا أفتخر بعدد كبير من أدبائنا المبدعين.
سؤال 31) ما رايُكَ في مستوى الصَّحافة المحليَّة ومصداقيَّتها؟؟
– جواب 31 – الصَّحافة نوعان..هناك الصحف الحزبيَّة ومنها المُمَالئة للحكومات المتعاقبة وهنالك الصحف صحف المعارضة..وهنالك الصحف التي تهتمُّ بجني الأرباح.ومعروف أنَّ لا مستقبل لصحيفة لا تراعي مصالح الشعب.
ليس لديّ ما أقولهُ لأصحاب الصحف العربيَّة سوى:الله يعطيكو العافية.
سؤال 32) كنتَ أنتَ مرَّة في لجنة التحكيم لجائزة التفرُّغ للأدباء العرب المقدمة من وزارة المعارف ومقدارها نحو 17 ألف دولار تدفع على 12 قسطا. سمعتُ أنّكَ رشَّحتَ أدباء مبدعين ولم يأخذوا الجائزة.. كيف هذا مع أنكَ كنتَ رئيس لجنة التحكيم!!؟؟
– جواب 32 – ليس لهذا نصيب من الصحَّة،رشَّحت لجنة التحكيم بالإجماع ستة أدباء ونالوا الجائزة في حفل أقامهُ وزيرالثقافة والمعارف غالب مجادلة في الناصرة في الناصرة وكان عدد المرشَّحين نحو 85 أديبا.ولم تكن هنالك أية مشكلة.
سؤال 33) ربَّما كنتَ أوَّل من انتقدَ الاوضاع في الإتحاد السوفياتي، ولكن مئات الطلاب درسوا وتخرَّجوا من المعاهد العلميَّة كانت لهم آراء أخرى؟
– جواب 33 – لم اسمع من أولئك الطلاب ولكني أصرُّ على موقفي. وما جرى أكبر إثبات على صحَّة رأيي.
سؤال 34) لماذا فصلتَ من الحزب؟؟
– جواب 34 – في العام 1983 قضيتُ شهرا في موسكو وليننغراد كضيف من الحزب الشيوعي الإسرائيلي. وهنالك رتّبوا لي لقاء مع رئيس بلدية ليننغراد حيث كنت رئيس مجلي البعنة المحلي.ألقى محاضرة عن إنجازات لم أرها في الواقع. في ردِّي قلتُ إنني خلال الأسابيع الثلاثة التي قضيتها في موسكو وليننغراد لم أرَ إنجازا يسرُّ الصديق بالنسبة للعام 1968 حيث كنت قبل 15 سنة. وتساءلتُ عن وعد خروتشوف الذي قال إنَّ الإشتراكية السعيدة سيتمُّ بناءَها في العام 1984. وقلتُ: أعطيتم مصر مليارات وبنيتم السدَّ العالي ولم تأخذوا إلا شتائم من السادات فقط. قاطعني وأشارَ لي بيدهِ أخرج علامة الطرد.
ويبدو أنه اتصلَ بقيادة حزبي الذين رأو في ذلك سببا آخر لإتمام الطرد. وهكذا كان.
سؤال 35) حين كنتَ في الحزب الديمقراطي العربي سمعنا عن رحلتكم إلى تونس واجتماعكم مع عرفات وصحبه، هلاّ حكيتَ لنا بالتفصيل؟؟
جواب 35 – ترجع الحكايةُ الى انتخابات الكنيست في العام 1992 حيث فاز رابين وحلفاؤُهُ ب 56 مقعدا في الكنيست وكان بحاجة إلى خمسة مقاعد فقط لضمان الأكثريَّة، وهذه المقاعد لدى الحزب الشيوعي ( 3) و ( 2) لدى الحزب الديمقراطي. وهنا اسمح لي لأن أعود بالذاكرة إلى ماقبل تلك الإنتخابات. ذلك أنه تمَّ الإتفاق بين الحزب الديمقراطي والحركة التقدميّة برئاسة محمد ميعاري على النزول بقائمة موحَّدة بمبادرة منّي، وقبل توقيع الاتفاقيَّة عرضت على النائب ميعاري أن نحاولَ ضمّ الجبهة الديمقراطيَّة وننزل معا. وافق بدون تردّد. طلبنا عقد جلسة مع قيادة الجبهة فوافقوا أيضا،وكان ذلك في مكتب الحزب الشيوعي في حيفا.عرضنا عليهم أن ننزل معا وان تكون لهم رئاسة القائمة وستة مقاعد من العشرة الأوائل، رفضَ توفيق زياد بشكل لا يقبل الجدل. ثمَّ نقض ميعاري الاتفاق معنا وفاجأنا بضمِّ رئيس مجلس فسوطة المحلي كرقم اثنين متخليًّا عن الشراكة معنا. وفي الانتخابات لم يتجاوزوا نسبة الحسم وحرقوا نحو 37 ألف صوت. وبدلا من عشرة مقاعد كنا سنحصل عليها لو نزلنا معا، نلنا خمسة وانتهى أمر الحركة التقدميَّة. قلتُ لاحمد سعد رئيس تحرير صحيفة الاتحاد: خسرتم ثلاثة مقاعد برفضكم الشراكة. قال يكفينا مقعد واحد على أن تختفوا أنتم والتقدميَّة من الكنيست ولكن المقاعد ظلت كافية للمناورة. ألفنا لجنة من سبعة اعضاء من مركز الحزب الديمقراطي للتفاوض مع رابين وجماعته برئاسة عبد الوهاب دراوشة، لكن لاحظنا أنَّ عبد الوهاب دراوشة أخذ يسعى للحصول على وزارة بدلا من الحصول على شروط أفضل للأقليَّة العربيَّة. طلبنا عقد اجتماع مع رابين فكان لنا ذلك. أفهمنا بصريح العبارة أنَّ سياسته هي عقد صلح وسلام مع الدول العربيَّة وتحقيق المساواة للعرب في اسرائيل، ولكن هذا لن يتم بين عشيَّة وضحاها، إنما هذه هي خطته وأن احدا لا يستطيع من العرب ابتزازه، لأنَّ اسقاطه يعني عودة شمير الليكودي إلى الحكم. قال: تريدون شمير؟ تفضلوا.
قلنا أين المساواة وهناك قانون يقضي بسجن كلّ من يقابل أحدا من منظمة التحرير. قال هذا القانون سيتمُّ الغاؤُهُ قريبا.
سأل عبد الوهاب دراوشه هل تعني أننا نستطيعُ الإتصالَ بياسرعرفات؟.قال:من الغد. وهكذا قرَّرنا ارسال وفد إلى تونس يضمُّ عضوي الكنيست دراوشه والصانع ومحاميا من دبورية وأنا. مكثنا في تونس خمسة أيام قابلنا خلالها معظم قادة المنظمة إن لم يكن كلهم. وأجرينا محادثات مطولة. ويبدو أنهم اقتنعوا بأنَّ البندقيَّة ليست السبيل الصحيح والوحيد لحلِّ القضيَّة الفلسطينيَّة. ومن هنا كان الأساس لمفاوضات أسلو. وأعتقدُ أنّ الخطأ الذي حال دون الوصول إلى الحلّ المرضي هو التسرّع بقبول مبدأ غزة أولا أو أريحا أولا بدلا من وضع حل مقبول ونهائي. وما جرى بعد ذلك معروف للجميع.
سؤال 36) سمعنا أنكَ ساعدتَ الكثيرين من الشعراء والأدباء المبتدئين وخاصة الشاعرالكبير محمود درويش هلا حدثتنا عن هذا المجال؟؟
– جواب 36 – محمود درويش هو أصلا من قرية البروة التي زالت من الوجود. لجأت أسرتهُ إلى قرية ( دير الأسد) وتعلم في مدرسة البعنة الإبتدائيَّة. تعرَّفتُ إلى جدِّه المحروم يوسف درويش الذي كنتُ أوصلُ له صحيفة الإتحاد الشيوعيَّة صبيبحة كل يوم أحد. وكان أحيانا يستبقيني لشرب القهوة والحديث في السياسة.. وعرف اني شاعر. وفي ذات يوم قال لي:عندنا ولد يكتب الشعر..رفعَ صوته ونادى: يا محمود هات أشعارك فرجيهن لعمك حنا. جاءَ فتى صغير يحملُ دفترا أنيقا أعطاني إيَّاه. قرأتُ فدُهشت. سألتهُ في أيِّ صف أنت قال:في الصف السادس. قلتُ للجد: لا أجاملكَ حين أقول لك إنَّ هذا الولد سيصبحُ شاعرا كبيرا. فأنا لا أعرفُ شاعرا كتب وهو في مثل هذا السنّ شعرا بهذا المستوى. وحالا خطرت لي فكرة استمالته ليصبحَ يوما ما شاعر الحزب الشيوعي. ودعوتهُ لزيارتي كلما سنحت له فرصة. وكبرَ محمود واشتهر ورحّبت به صحفُ الحزب الشيوعي. ولأن أشعارَه لم تعجب السلطة لم يجد الوظيفة. وفي ذات مساء زارني برفقة أستاذ صديق من دير الأسد. قال لي إنه عاد قبل قليل من تل أبيب حيث زار حزب مبام بدعوة منه، وانهم عرضوا عليه أن يكتب في صحيفتهم بالعربيَّة ( المرصاد) مقالا أو قصيدة كلَّ أسبوع لقاء راتب يوازي راتب معلم. وعدَ بدراسة الأمر والردّ فيما بعد. وطلبَ نصيحتي. قلتُ لهُ: ذكّرتني بالشاعر راشد حسين الذي استشار إميل توما في قضيَّة مشابهة تماما. والمثل الشعبي يقول: ( إشتغل بال” كذا ” ولا تحتاج ال” كذا “). أنا أعرفكَ وأعرف انكَ لا تقف إلا مع شعبك. إقبل العرض ما دام انهم لم يضعوا شروطا مهينة. أنا كنتُ سأقبل العمل في أيِّ مكان لولا أنهم اشترطوا انسحابي من الحزب.
وهكذا اصبحَ صاحبنا محرِّرا في المرصاد.وبهذه الصِّفة حضرَ مؤتمرا عقدتهُ الأحزاب والمنظمات العربيَّة في عكا تحت عنوان “من أجل السكن ” احتجاجا على سياسة الحكومة الإسرائيليَّة التي أصبح في ظلها حصول العربي على مسكن معجزة. كتبَ محمود مقالا جريئا وصادقا لم يعجب أصحاب العمل لأنهم كانوا شركاء في الحكومة، فمنعوا نشرَهُ ونشروا ملخصا لما كتبتهُ صحيفة “اليوم” الحكوميَّة ونسبتهُ إلى “مراسلنا ” وفي هذا إشارة أنَّ كاتب الخبر هو محمود درويش. غضبَ محمود وتركَ العملَ فورا. عرفَ إميل حبيبي بالأمر فاستدعاهُ ليعملَ في صحيفةِ الإتحاد.
وفي اجتماع حزبي بعد ذلك انتقدَ توفيق زياد بشدَّة إميل حبيبي حيث خالفَ دستورَ الحزب ووظف في صحيفتهِ المركزيَّة محرِّرا ليس عضوا في الحزب بينما كان عضوا في الحزب ( أي انا) ينتظرُ وظيفة لعدة سنوات.
تضايقَ إميل حبيبي وطلبَ منِّي أن أنجدَهُ. قلتُ: يا رفاق صحيح ان إميل حبيبي خالف الدستور ولكنه خدمَ الحزب خدمة لا تنسى باكتساب شاعر من وزن محمود درويش. صحيح أنني كنتُ انتظرُ وظيفة، ولكني مستعدٌّ أن أباركَ بها لمحمود. أما قضية العضويَّة في الحزب فليست مشكلة.
وهكذا أصبحَ محمود درويش محرَّرا في صحيقة الإتحاد وانتسبَ إلى الحزب. وكنتُ أنا من زكَّى طلبَهُ للإنتساب حسب النظام المتبع.
وعملَ محمود في صحافة الحزب أكثر من عشر سنوات. أرسلوهُ ليتعلَّمَ الماركسيَّة في موسكو في المعهد الذي تعلَّمتُ فيهِ، ولم يعد… ولا يجهل بقيَّة الحكاية. وأرجو أن يسمح لي هنا بذكر حقيقة هي أنَّ قصيدة محمود درويش “سجِّل أنا عربي” كتبَها عنِّي وكنتُ أنا المقصود بذلك العربي الذي قادَ كفاحا مريرا ضدَّ سياسة حكومة اسرائيل آنذاك بحرمان ثلاثة أرباع عرب الجليل من الهويَّات المدنيَّة وإعطائهم تصاريح مؤقتة بالإقامة تمهيدا لحرمانهم من الجنسيَّة وطردهم حين تشاء الحكومة الجديدة. فأنا ذلك العربي الحجَّار أبو الأبناء الثمانية الذي ” يقدُّ لهم رغيف الخبز والأثواب والدفتر من الصَّخر “، ابن القرية التي شوارعها بلا أسماء، وكل رجالها في الحقل والمحجر يحبُّون الشيوعيَّة “. ولكن الذين لا يحبُّون الشيوعيَّة قد استبدلوا الجملة الاخيرة بجملة ” يحبُّون العبوديَّة ” ثمّ ألفوها بالمرة.
سؤال 37) كنتَ أنتَ عضوا في اتحاد الكتاب العرب الذي كان يرأسه الشاعر المرحوم سميح القاسم. ثمَّ انسحبتَ والتحقتَ برابطة الكتاب الفلسطينيِّين برئاسة الدكتور جمال قعوار. وما لبث هذان الإتحادان أن اصبحا في خبر كان.. هل لك ما يقال في هذا؟؟
– جواب 37 – اكتشفتُ بعد طول معاناة أنَّ تلك الإتحادات مجرَّد عناوين لا تضرُّ ولا تنفع. يستغلّها البعضُ للشهرة ليس إلا. ولا أعتقدُ أنَّ أيَّ أديب بحاجة إلى نقابة شأن عمَّال الصناعة، يستطيعُ الأديبُ أن يبدع سواء كان منطما أو غير منظم. مشكلة الأدباء تكمن في بيع انتاجهم. أنظر ترَ أنَّ كلَّ صاحب مهنة يعتاش من عملهِ إلا الأدباء ما عدا من يعمل منهم في الصَّحافة.
مرَّت فترة أن كان عندنا أكثر من اتحاد كتاب. يميلُ كلُّ واحد منها إلى تنظيم سياسي معيَّن. وبدل أن يتحدوا كانوا يتفرَّقون ويختلفون. لذلك انسحبتُ وبقيت على علاقىة طيّبة مع الجميع.
سؤال 38) لدينا الآن إتحاد الكتاب العرب الذي يرأسهُ الشاعر المحامي سامي مهنا… وهنالك أيضا عدّة منتديات أدبيَّة، لماذا أنتَ لم تنتسب إلى إحداها!!؟؟
– جواب 38 – لم أقتنع أنَّ هذه التنظيمات تفيد الحركة الأدبيَّة مع أني احترمها جميعا. يكفي انها تخلق جوًّا يختلفُ عن ذلك الذي كان الكتاب فيه كالأحزاب في خصام. وأنا أكنُّ احتراما للشاعر سامي مهنا..ولو كنتُ أستطيع أن أقدّمَ خدمة بانتسابي لهذا الإتحاد لفعلتُ.
سؤال 39) بعد خروجكَ من الحزب الديمقراطي كنتُ تردِّدُ بيت شعر لامرىء القيس مع بعض التحريف فتقول:
( لقد طوفتُ في الأحزابِ حتى رضيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ)
وهذا يدلُّ على خيبة أمل من الأحزاب العربيَّة.. ما قولكَ؟؟
– جواب 39 – الحزبُ هو تنظيم سياسي يقصدُ منه الوصول إلى الحكم
أو منع الحزب الحاكم من التمادي في الظلم. ومعروف أنَّ مشاكل الأقليَّة العربيِّة في اسرائيل متشابهة إلى حدٍّ بعيد، لذلك فهي بحاجة إلى تنظيم أشبه بالوكالة اليهوديَّة قبل قيام دولة اسرائيل. ولكنها كانت من بداياتها مختلفة، يتمُّ فيها الإهتمام بالمصالح الضيِّقة سواء الشخصييَّة أو الحزبيَّة على المصلحة العامَّة. ولنتذكر، أنَّ عرب اسرائيل مجتمعين هم أقليَّة فما تراهم فاعلين وهم متفرقون أيدي سبأ؟. وحتى في داخل كلِّ حزب على حدة كانت المصلحة الشخصيَّة أو التكتليَّة والفئويَّة هي السائدة. فبالك ما معنى أن يقضي توفيق طوبي زعيما للحزب الشيوعي 43 عاما؟؟ وأن يموت بريجنيف في مكتبه وهو في أرذل العمر؟؟.
ولكني آملُ أن يصدق عليهم المثل الشعبي القائل: ” إبنك إن ما علمتهُ الدَّهر يعلمهُ. وأتمنّى لهم أن يظلوا كالأخوة الذين يعيشون كل واحد منهم في بيته.
سؤال 40) بعد انسحابك من الحزب الديمقراطي العربي لماذا لم تنتسب إلى حزب عربي آخر. ألم يطلب منكَ أحدٌ منهم الإنضمام؟؟
جواب 40 – ربَّما كان شعوري كشعور المرأة التي تزوَّجت مرَّتين وكان زواجُها فاشلا، فالأجدر بها أن تمكث في البيت. سيما وأن انضمامي لأي حزب لن يحلَّ قضية فلسطين.
سؤال 41) ما رأيُكَ في حزب التجمُّع وحزب أحمد الطيبي وما رأيُكَ في شخصيَّة عزمي بشارة بشكل خاص؟؟
– جواب 41 – لا أحبُّ أن أبدو كالأستاذ الذي يوزِّعُ العلامات. لي أصدقاء أحترمُهُم في كلِّ الأحزاب بما فيها الحركة الإسلاميَّة.وإذا كان لي أن أخاطبهم كصديق أقول: تصرَّفوا كأخوة متكاتفين لا كأخوة يتنازعون على الميراث. والحقيقة أنني بنيتُ آمالا عريضة على عزمي بشارة واجتمعتُ به مرَّة في مكتبه وقلتُ لهُ إنهُ يملكُ قوَّة كبيرة على الإقناع وحتى لا يقنع الآخرين بشيىء خطأ يجبُ عليه أن يفكرَ كثيرا وألا يتعجَّل في اتخاذ أيِّ قرار هام. لم يطلب إلي الإنضمام إلى حزبهِ ويبدو أنهُ تصرَّفَ كأصحاب دريد بن الصمَّة الذي قال فيهم: ( أمرتهُمُ أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصحَ إلا ضحى الغدِ)
واعتقدُ انَّ رجالا ذوي شخصيَّات متميِّزة كعزمي بشارة نالوا شهرة واسعة معرَّضون للإصابة بالغرور، والشعور بالعظمة ومن ثمَّ الوقوع بالخطأ، لعلَّ هذا ما أصابَ صاحبنا. وأنا أفضّلُ أن يقومَ رفاقُ عزمي بتحليل مسيرتهِ للتوصُّل إلى العبر. ربَّما يكون الإنتقاد من الخارج غير مفيد إن لم يكن ضارًّا. وقديما قيل: أهل مكة أدرى بشعابها. وثقتي برفاق عزمي كبيرة جدا.
وعلى كلِّ حال فإنَ ما فات قد مات. والمثل قال: إدفنوا امواتكم وانهضوا.
سؤال 42) نلاحظُ انَّ معظم وسائل الإعلام المحليَّة على أنواعها المستقلة شكليًّا أو التابعة للسلطة لا توظف الوطنيِّين الشرفاء مهما كانت شهاداتهم وكفاءاتهم ومستواهم الثقافي والإبداعي وتهتمُّ بمن هم أقرب إلى خط السلطة حتى لو كانوا أقلَّ كفاءة.. لماذا!!؟؟
– جواب 42 – وسائل الإعلام هذه توزِّعُ صحفها بالمجَّان، لذلك ليس لنا الحقّ في التدخُّل بمن توظف. ومعروف انَّ معظم وسائل الإعلام إن لم تكن جميعها، لها خطوطها السياسيَّة. نستطيع ان ننتقدَ أو نوجِّهَ النصيحة، لكن لا حكم لنا عليها.
سؤال 43) سمعنا أنَّكَ ربَّما أول من خرجَ على عادات التعصُّب الطائفي فزوَّجتَ ابنتكَ لشاب مسلم وهذا أدَّى إلى خسارتكَ أصوات معظم اقاربكَ في الإنتخابات التي رُشِّحتَ فيها لرئاسة مجلس بلدك المحلي… ما هو تعقيبُكَ؟
– جواب 43 – أنا أقسِّمُ الناس لاحسب طوائفهم ودياناتهم بل حسب مواقفهم السياسيَّة. أنا مسيحي وجوج بوش مسيحي وهتلر كان أيضا مسيحيًّا. ما الذي يجمعني بهم. وحتى العروبة لا تجمعني مع كلِّ عربي. داعش عرب وبيني وبينهم ما صنع الحداد. يحقُّ لي مصاهرة أيّ كان لاسباب موضوعيّة، أما أن أرفض لأنه مسلم فتلك إهانة لا تغتفر لأكثر من مليار مسلم. ثمَّ من قال أني أقسمتُ يمين الولاء للطائفيَّة؟.
سؤال 44) لم ترشِّح نفسَك مرَّة ثانية لرئاسة المجلس المحلي مع أَّنك كنتَ تحظى بدعم الأكثريَّة.. لماذا؟.. وهل من خلفوك كانوا أكفاء وأهلا للمهمَّة!!؟؟
– جواب 44 – بعد أن تسلّمتُ رئاسة مجلس بلدي المحلي أخذ زعماء المنطقة الحزبيَّة يصدرون إلي شتى الأوامر. ومنها غير المعقولة كمضاعفة عدد موظفي المجلس ثلاث مرَّات. وبالطبع لم يكن في امكاني تلبية كلّ تلك الأوامر فطلبتُ منهم تركي وشأني.قالَ احدُهم: إبراهيم النمر رئيس لجنة رؤساء السلطات المحليَّة يفعلُ دائما ما نطلبُ منهُ، أما الرفيق حنا ابراهيم فلا يردُّ علينا. قلتُ لهُ أنا أطيع من هو أشطر منِّي وأشكرهُ وأتعلَّم منه، أما أنتَ فلا تصلحُ لتكون تلميذا عندي. وغضبت عليَّ بنو تميم. وقالوا لي عملناك رئيس وعلَّمنا أولادك في البلاد الإشتراكيَّة، قلتُ إنَّ أهل البعنة هم من انتخبوني لا أنتم، وأنا مدين لمن علَّموا ابني وأصبحَ طبيبا أما أنتم فأخذتم مني لقاء ذلك عشرة آلاف دولار عدًّا ونقدا. أمَّا ابني الثاني فهو في سنته الثالثة في تشيكوسلوفاكيا وسأعيدُه في نهاية الأسبوع. وهكذا كان.
وفي الإنتخابات التالية لم أرشّح نفسي ورفضوا أن يكون لي دور قيادي، رفضوا بعض الحلفاء وخسروا الإنتخابات. ولحسن حظ القرية فاز ممثل الحزب الحاكم (الليكود) واغدقت الحكومة عليه المساعدات وزارهُ شارون وشمير في بيته بشكل تظاهري وعمل للقرية أشياء تذكر.
سؤال 45) حبَّذا لو تحدِّثنا عن بعض الطرائف التي مرَّت بك أو مررتَ بها؟؟
– جواب 45 – زارني قبل أكثر من أربعين عاما شابٌّ قال إنهُ سيستشيرني بموضوع سرِّي وهام. قال: إنَّهُ فلسطيني يسكنُ في الأردن وينتسبُ إلى منظمة المقاومة. وأنهم قرَّروا الردَّ على الإعتداءات الإسرائيليَّة بأعمال انتقاميَّة يقوم بها انتحاريُّون، وطلبَ إليه ان يبدأ. ولكن أحد المسؤولين قال لهُ: قبل أن نقوم بأيِّ عمل إذهب إلى قرية البعنة في الجليل واستشر شخصا اسمه حنا ابراهيم وافعل ما يشير عليك به. وأنا أريدُ أن أقتل من أستطيع قتله من اليهود.
أذكرُ اني صرختُ به قائلا الله يخرّب بيتك، تريد أن تموت وتورطني. هل تظنُّ أنكَ بذلك تحلّ قضية فلسطين؟ بل على العكس. هذه الأمور تستغلّها اسرائيل لتظهركم كإرهابيِّين بينما هي دولة معتدى عليها. إرجع حيًّا إلى أهلك وقل لجماعتكَ ليست هذه هي الطريق لحلِّ مشكلة فلسطين.
وفي ذات يوم كنتُ عائدا من الأردن في حافلة ركاب. صعدَ إليها رجل واختارَ أن يجلس إلى جانبي. خاطبني بكنيتي كأنه يعرفني، وعرَّفني بنفسهِ. قال إنَّهُ ذلك الشاب الذي قلتُ لهُ ” الله يخرّب بيتك” بعدما استشارك بأمر لعلك تتذكرهُ. وتذكرت. قال أنا اليوم عضو في البرلمان الأردني واسمي حماد الفراعنة.
سؤال 46) ما رأيُكَ بمصطلح أدب ذكوري وأدب نسائي؟؟
– جواب 46 – لا فرق سوى انَّ المرأة في عالمنا العربي لم تبلغ بعد المساواة، وطبيعة عملها لا تتيح لها الوقت المتاح للرجل لتنتج كما ينتج الرجل إن لم أفضل.
والأدبُ لا يُعرَّفُ بذكوري أو نسائي بل بالصفة الطبقيَّة، فهنالك أدب برجوازي أو استعماري وهنالك أدب مقاومة أو بروليتاريي. هناك شاعر بلاط وهناك شاعر شعب.هناك أدب يمجِّدُ الملوك وهناك أدب يرى الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها.
سؤال 47) أسئلة شخصيَّة:
* البرج؟؟. * اليوم المفضل؟؟. * الطعام المفضل؟؟. * الشراب المفضل؟؟
– جواب 48 – هذه أسئلة لا تهمُّ أجوبتها الجمهور. أعذرني. يمكن أن توجِّهُها للمثلات وليس للجنود، لذلك لن أجيب عليها
سؤال 48) كامة أخيرة تحبُّ ان تقولها في نهاية اللقاء؟؟
– جواب 48 – أشكركَ جزيل الشكر يا أستاذ حاتم على هذا اللقاء المطول وعلى أسئلتكَ الجريئة والهامَّة، وأتمنى لك المزيدَ من التقدم والنجاح في جميع المجالات: الثقافيَّة والأدبيَّة والحياتيَّة.
أجرى اللقاء: حاتم جوعيه