رب همّة أحيت أمّة: نحو جامعة للعرب في إسرائيل
تاريخ النشر: 04/11/13 | 22:34أتابع بعين الرضا ما يكتبه الصحافي بشارات في صحيفة هآرتس، إذ يعرّف القارئء العبري
الذي لا بد في أعقاب القراءة إلا أن يتساءل بعضهم عن مدى العنصرية التي تنتهجها السلطة إزاء مواطنيها العرب.
كانت مقالته بالأمس تحت عنوان " آباء يتبنَّون من تكساس"، حيث تحدث عن تنكر السلطات الإسرائيلية لقيام جامعة في مدينة عربية، وكيف برروا ذلك بشتى الدعاوى والادعاءات، ويبدي الكاتب سعادته لأن جامعة تكساس تبنّت مؤخرًا جامعة الناصرة، ومع ذلك يخشى أن تضع السلطات عراقيل أخرى أمام هذا التوجه.
…………………………………………………
من هنا أتذكر أنني عالجت هذا الموضوع قبل سنين، فكتبت مقالة "رب همّــة أحيت أمــة" نشرتها في الاتحاد (15 حزيران 1997)، وأعدت نشرها في كتابي "تمرة وجمرة". باقة الغربية- 2005، ص127-130، ولأهميته وبسبب راهنيته سأثبت المقال هنا بقليل من التصرف.
………………………………………………………………..
رب همّة أحيت أمّة
تنادى المرحوم د. سامي مرعي ونفر من الغيورين لطرح فكرة جامعة عربية منذ الثمانينيات – تكون موئلاً ومنهلاً ورمزًا ثقافيًا لشعبنا. وكان المطمح أن تستوعب هذه الجامعة طلابنا وأكديميينا كما يجب، وكما يحق، وأن تعنى بلغتنا العربية ودراستها، والنطق بها فصيحة مأنوسة، وعذبة على ألسنة المحاضرين في قاعات التدريس، أن تدرس تاريخنا بصورة نزيهة موضوعية، أن تنتدب محاضريها ليشاركوا في ندوات ومؤتمرات علمية (وقد حرم منها أولو العلم منا)، بل تقيم هي مؤتمرات وندوات تكون في مجال اهتماماتها.
والمطمح كذلك أن تحافظ هذه الجامعة المرموقة على أصالتنا وانتمائنا، وتعزز ثقتنا بأنفسنا إنسانيًا- جامعة تحافظ على المستوى الرفيع في الجامعات الإسرائيلية، فلا تكون الواسطة بابًا للولوج إليها، ولا يحق فيها إلا الحق، جامعة تبني اقتصادنا واجتماعنا وكياننا أقلية قومية في هذا الوطن، بحيث لا تغلق حرمها أمام الآخر، بل ستكون حريصة على أن تفيد من كل خبرة – هي خبرة حقًا.
أذكر أن الاستاذ نمر نمر أعد استطلاعًا حول هذا الموضوع نشره في مجلة صدى التربية (كانون الثاني1994 )، ولما استجوبني قلت له:
أنا من أشد المتحمسين لجامعة عربية، وقد تحدثت شخصيًا مع السيدة أورا نمير، حين كانت رئيسة لجنة المعارف والثقافة، فكان رد فعلها: وهل نحن، بحاجة إلى مظاهرات أخرى كما هو الحال في بير زيت والنجاح؟
قلت: إن الجامعة ستضم طلابًا ومحاضرين عرب ويهود- يدرسون المواضيع العربية والفلسطينية والشرق أوسطية … ثم إننا نشعر بالغبن، فالجامعات الإسرائيلية لم تستوعب ما يزيد عن أصابع اليد من بين أكاديميينا الذين يعدون بالآلآف.
وقد ذكر صديقي د. قيس فرو في نفس الاستطلاع أن الجامعة المرتقبة تتطلب كوادر علمية وبنايات وميزانيات.
ومرت الأيام…
إذا بالوزير السابق أمنون روبنشتاين يحل ضيفًا على فضيلة القاضي أحمد ناطور (أضحى 1995)، وقد دعيت لاستقباله ضمن من دعوا، فكان أن طرحت الفكرة ثانية على مسمع الوزير، فأخذ يتحفظ – كما هو الشأن في تناول جل قضايانا-، قلت له:
يا محترمي! ستقوم الجامعة بالتدريج في كلية القاسمي في باقة الغربية… هذه الكلية التي بدأت عصامية منذ ثمان سنوات، فلم تعترفوا بها إلا قبل بضع سنين، وها هي تحصل منكم على بعض الاستحقاقات، كلية فيها الكوادر العلمية، البنايات، الميزانيات، الأراضي، المكتبة الفخمة، وكل ما يسمى "البنية التحتية"، و فيها أجهزة الحاسوب والوسائل المعينة، وفيها قبل كل شيء الهمة والعمل.
ثم إن باقة الغربية في موقع جغرافي له مواصلات ممتازة.
إنهم في القاسمي لم ينتظروا قطارة وزارة المعارف … لقد بدأوا…. وأصبح الحلم حقيقة.
واني لأسأل اليوم- على إثر هذا النقاش:
أولاً- نوابنا: لماذا لا يطرح هذا الموضوع في كل دورة برلمانية، حتى تكون هذه القضية قاضّة لمضاجع المغرضين؟
لقد اعتدنا أن نكون عصاميين (ونفس عصام سودت عصاما) حتى نحقق مبتغانا.
…وبإيجاز ستقام جامعة آجلاً أم عاجلاً، وأنا على يقين من ذلك.
أو ليست الجامعة هي مجموعة كليات جادة وعلمية؟ وها هي كلية باقة تستقبل الطلاب لدراسة بعض المواضيع باعتراف مجلس التعليم العالي للحصول على الشهادة الأولى (B.A) – (هذا السطر الأخير ليس في الأصل).
وأسأل ثانيًا أو أتساءل: لماذا لا نقف كالبنيان المرصوص لدعم كل كلية عربية معترف بها رسميًا حتى تكون جامعة. فهل ثمة كلمة جامعة حتى تكون لنا جامعة؟
أرجو أن لا نكون من أولئك الذين قالت فيهم الآية الكريمة:
(تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى)- الحشر، 14.
وما أصدق عليًـا-كرم الله وجهه- إذ قال: رب هِـمّة – أحيتْ أمّة.