الانتخابات ومجتمعنا العربي وأحزابنا …. الى أين؟؟؟
تاريخ النشر: 06/11/13 | 6:56انتخابات السلطات المحلية العربية من ورائنا، الفائزون لا تزال احتفالاتهم مستمرة ويمكن ان تستمر اربعين يوما فالأموال كثيرة وموسم الحصاد سيأتي في القريب العاجل وكل قرش تستثمره في الانتخابات سيعود عليك أضعافه، في زمن اصبحت رئاسة السلطة المحلية مشروع اقتصادي يستثمر!! فيه المرشحين مبالغ طائلة وطبعا ينتظرون المقابل! بينما يضمد الخاسرون جراحهم ويحاولون النهوض والعودة الى حياتهم العادية، فهل نطوي هذه الصفحة ونستمر في حياتنا وكأن شيئا لم يكن؟؟
هذه الانتخابات كانت بمثابة ناقوس خطر دق ويدق لكل انسان وطني وعاقل يريد العيش بكرامة ويريد تربية اولاده على الكرامة وعزة النفس، على الأمانة والاخلاص، على العطاء والتضحية…لان هذه المصطلحات في طريقها للزوال اذا استمر الوضع في هذا الانحدار السريع الى الهاوية.
حايد عن ظهري … بسيطه
عندما تصل القنابل لباب بيتك وتقتحم عرينك وتخدش قدس أقداسك، تقرر انه لا يمكن التراجع عن مبادئك التي تربيت عليه تقف وتهتف مع الشاعر عبد الرحيم محمود:
سَـأَحمِلُ روحـي عَلى راحَتي وَأَلـقي بِـها في مَهاوي الرَّدى
فَـإِمّا حَـياةٌ تَـسُرُّ الصَديقَ وَإِمّـا مَـماتٌ يَـغيظُ العِدى
لكن أن تجد الناس من حولك تخاف أكثر وأكثر وتبحث عن الحجج والأعذار لتبرير خوفها وانبطاحها وزئبقيتها وانتهازيتها، يعلو صياح محبيك:" لمين بتتعب؟؟ مين بستاهل؟ دير بالك على حالك وعلى بيتك!!
في الحقيقة انا اعمل وأنشط في سبيل العدالة الاجتماعية أولا لنفسي وعائلتي وبناتي ومن ثم لمجتمعي كله، علينا أن نعرف جميعا أنه لا يمكنك العيش بأمان طالما جارك لا يشعر بالأمان، هنالك خطر كبير علينا أن نفقد مفهوم "التعاضد الاجتماعي"، نعم هذا هو الخطر الرئيسي الذي يهددنا كلنا، لن تتوقف هذه النار بعيدة عن بيتَكَ وبيتي وبيته، يمكن ايقافها اذا تصدينا لها جميعنا معا!
التحالف الراماوي
في الرامة قمنا بخطوة غريبة عن المنحى العام، بإقامة تحالف بين قائمتي الجبهة والتجمع في البلدة، هذا في الوقت الذي لا يكل التجمع عن مواجهة الجبهة في كافة المواقع وبكل الوسائل، فقط هنالك تجربة ناجحة في نتسيرت عيليت من التحالف.
في تقييمنا لوضع الرامة السيء جدا وخاصة من ناحية حوادث القتل والعنف المستمرة في البلدة منذ سنوات عديدة واصبح الخوف سيد الموقف، مما أفقد الناس اي امل في التغيير واصبح من الصعب ان تجد الاشخاص المناسبين المستعدين لدخول معترك السلطات المحلية، كان تقييمنا انه بالرغم من الخلافات السياسية الكبيرة على المستوى المحلي والسياسي في المنطقة، الا ان مساحة العمل المشترك والقضايا الممكن الاتفاق عليها هي كبيرة جدا، الى جانب حقيقة واضحة ان ممثلي القائمتين في المجلس في تنسيق وتوافق شبه تام خلال الدورتين الاخيرتين، وطرح بديل ومرشح للرئاسة من الصعب ان يكون من قوة واحدة لا تزيد عن 16% من المصوتين. منذ البداية أكدنا ان اقامة هذا التحالف وحمايته ليست سهلة بل تتطلب من الطرفين مستوى عال من ضبط النفس وعدم الانجرار الى المهاترات والخلافات الموجودة في باقي البلاد.
في الجبهة التزمنا بالكامل في المحافظة على عدم توتير الاجواء والعمل بشراكة كاملة، بشفافية والندية وهنالك من بادلنا نفس التوجه من اعضاء التجمع وقيادييها في البلدة عاملين على حماية هذا التحالف وتقويته، الا ان هذا لم يمنع البعض الاخر من قادة التجمع محليا وقطريا من مهاجمتنا في الرامة مباشرة والتهجم على قادتها!! ومهاجمة الجبهة بشكل عام، حتى في أحلك الظروف، حيث نشر مقال مهاجم للجبهة في اليوم التالي لرمي القنبلة على بيتي ومقالة اخرى تنشر بعد الانتخابات وعشية قيامنا بأمسية شكر للنشيطين في الانتخابات! واتهامنا بأسوأ العبارات:"أن تعود قيادة الجبهة الى رشدها"، " بلغت حد الهلوسة والغرور"، "الغطرسة"، "أساليب التخوين والاقصاء والتآمر"، "تعنتها الفئوي وجمودها الفكري والتنظيمي"، "العقلية العصبوية المتجمدة"….هذا بعض من الدرر التي كتبت! لو كان لدينا جمود فكري وتنظيمي وغرور لما قام "التحالف في الرامة، والأسوأ هو الاستشهاد في التحالف لمهاجمة الجبهة قطريا. نحن نعرف ان التحالف هو ليس انتهاء النقاش بيننا ولا يعني اننا اصبحنا واحد، لكن للتحالف أصول وأخلاق في التعامل واحترام لمن يرافقك في الزيارات من بيت لبيت، كيف من الممكن ان يجلس طاقم انتخابي مع بعض وتأكل من نفس الصحن بعدما تقرأ الاهانات تجاه تنظيمك وحزبك؟؟ وهذا ما استغله المنافسين ولوحوا به طوال الحملة الانتخابية وعولوا على افشال التحالف حتى قبل الوصول الى الصناديق، رفضنا ذلك وسكتنا في سبيل انجاح التحالف واعطاء صورة أخرى للمواطن واعطاء بديل تقدمي وطني للرامة كان بترشيح المصمم المعماري نقولا جبران لرئاسة المجلس المحلي، نحن نقبل بالحسم "الديمقراطي"! لأهالي الرامة، لكن رضانا كبير جدا من أدائنا في هذه الانتخابات حيث عملنا المستحيل لطرح البديل للجمهور، جربنا كل الطرق الممكنة والصعبة والغير عادية، لأننا قييمنا أن الوضع غير عادي أبدا. لكن يعز علينا اصطفاف اشخاص معتبرين على الصف الوطني في مستنقع الطائفية الآسن!!
انا على ثقة اننا اخترنا الطريق الصعب لكنه الصحيح، هنالك مساحة مشتركة واسعة للعمل المشترك بين التجمع والجبهة، لكن هذا يتطلب قبول الجبهة للتعامل بشراكة حقيقية من جهة، وانتهاء التجمع من الفكرة الاساسية التي نشأ عليها "ان الحزب الشيوعي والجبهة في طريقهم للزوال وانهم هم البديل الوطني لهذا الحزب"، هذا الأمر لم ولن يكون أبدا واذا نظرنا الى تجربة انتخابات الناصرة فهي تعطي الصورة الحقيقية عن الوضع، بالرغم من كل الهجوم الحاقد والمنفلت والردح من التجمع ومرشحته على الجبهة وقائدها رامز جرايسي، الا انهم لم يكونوا هم البديل.. بل جاء البديل مدعوم من الحركات الاسلامية والسلطة مباشرة، ومن المثير للاشمئزاز هو الفرح العارم لقادة التجمع على "سرقة" الانتخابات في الناصرة، هل هذا هو البديل الذي تناضلون لأجله؟؟ وا أسفاه على هذا الانزلاق الخطير.
انتهاء حقبة ؟؟
منذ انتصار الجبهة في الناصرة عام 1975 بدأت حقبة تاريخية مهمة في حياتنا كأفراد وفي حياة شعبنا العربي الفلسطيني في البلاد، ميزتها سياسة:"يمكن للكف أن تلاطم المخرز" واثبت انه بالإمكان الجمع بين "الكرامة والخدمات" نهض شعبنا من الخوف والخنوع امام بساطير الحكم العسكري وانتصبت هاماتنا الوطنية ومؤسساتنا التمثيلية، خرج المارد من القمقم وكان" يوم الأرض" وكان تأسيس"الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" وانتصار الجبهات في العديد من القرى والمدن العربية، مخيمات العمل التطوعي وانتشار أيام العمل التطوعي على طول البلاد، حتى ظهور الاحزاب والقوى السياسية المنافسة والمجابهة لنا كان بفضل تضحيات الشيوعيين، وقت كان للكلمة والموقف ثمن، ليس من المال!! بل من دفع الثمن والسجن والتعذيب وقطع الأرزاق.
نعم هذه الحقبة التاريخية نراها تتهاوى اليوم وحتى لا نهوي معها علينا رؤية المتغيرات في المجتمع:
· الابتعاد عن السياسية والقضايا الوطنية وعن مصلحتنا المجتمعية.
· ارتفاع قوة التيارات الدينية وسيطرتها على حياتنا.
· العودة الى العائلية والطائفية البغيضة، التي اذا لم نقف لها بالمرصاد ستحرقنا جميعا.
· تطبعنا وانغمسنا في المصالح الانانية والفردية الضيقة، العودة الى شراء الذمم، من "تنكة الزيت" في الستينات الى من يقول: "الانتخابات هوينة … اشتريت البلد بصطلين اسمنت وشوية زفته"!
· هنالك حالة انحلال وفقدان للقيم الانسانية التي تربينا عليها.
· هنالك خلل كبير في موازيننا ومقاييسنا وسقف توقعاتنا من السلطة المحلية وقيادتها وقادتنا بشكل عام.
· النظام الرأسمالي الحديث يعيدنا الى زمن "العبودية" بجريِّ مُستميت وراء القرش.
مع كل هذه المتغيرات سيبقى العامل الذاتي مقرر للإجابة على السؤال: هل هي نهاية حقبة؟ ام بداية تغيير ايجابي لحقبة أفضل؟
الحزب والجبهة
لا يمكن المرور مر الكرام على نتائج الانتخابات هذه، علينا الاعتراف اننا نمر في أزمة جدية جدا!! باعتقادي هذا الانتخابات هي مؤشر للمرض وليس المرض، هي نتيجة وانعكاس لضعف تنظيمي كبير حذرت منه منذ سنوات عديدة الى جانب ما أسميته "الشخصنة" في حياة الحزب وانحسار تأثير القيادة الجماعية في العمل وفي القرار السياسي، عدم الاستعداد لحسم الخلافات الموجودة في فروع عديدة، هي ضعف لقيادة لا تقود من الناحية التنظيمية وليس من مصلحتها حسم الخلافات، مع انه لدينا الرؤية السياسية الصائبة والواضحة والتي ما زالت تقود مجتمعنا العربي والتقدمي في البلاد.
علينا الوقوف بشكل جدي على هذه القضايا، بشكل غير عادي، والبحث عن اجابات لأسئلة عديدة، اذكر منها:
ما هي أخطائنا في كل بلدة وبلدة؟ هل طرحنا نفسنا بديل سياسي حقيقي؟ يعني هل قمنا بوضع الاجندة السياسية في هذه الانتخابات؟ أين نحن من العائلية؟ هل احترقنا بها أحيانا في سبيل أصوات هنا وهنالك؟ هل الاصطفافات المحلية ومكاننا فيها، صحيح؟ هل يجب علينا الترشح للرئاسة في كل بلد؟ أم كان بإمكاننا ان نرضى برئيس جيد؟ او جيد بالتقريب؟ ما هو الثمن الي ندفعه مقابل الترشيح للرئاسة؟ هل دعمنا لأشخاص ليس على اساس سياسي لا يخسرنا عائلات واشخاص وطنيين من الجهة الأخرى؟
هو السؤال الكبير: هل نحافظ على مبادئنا في معترك الصراع المحلي؟؟؟؟
هذا هو امتحان للكوادر قبل ان يكون للقيادة، على الكوادر أولا أن تنهض للدفاع عن هذا الحزب وجبهته ومبادئه، ان تدافع عن الخط الوطني الشريف الذي صان الجماهير العربية في احلك الظروف، عن هذا الخط الذي لا يباع ولا يشترى.
خلال فترة الانتخابات ومع تصاعد التهديدات كنت اردد اغنية للثوار من البحرين:
طريقنا أنت تدري شوك ووعر عسير
موت على جانبيه لكننا سنسير إلى الأمام إلى الأمام سنسير