جولة أدبية (4)
تاريخ النشر: 11/07/16 | 2:51كنت كتبت ما استوقفني في سيرة بديع الزمان الهمذاني، وذكرت أن رسالته لابن أخته راقتني، وهي:”أنت ولدي ما دمت والعلم شانك، والمدرسة مكانك، والدفتر أليفك وحليفك، فإن قصّرت ولا إخالك، فغيري خالك”.الثعالبي – يتيمة الدهر ج4، ص 275.علقت الصديقة منال سمارة معجبة بموقف بديع الزمان- الخال المثقف، فأجبتها باللهجة الدارجة:
“ذكَّرَتني هذه القصة بشخص مثقف خاطب ابن أخته المهمل، وقال له:مين قال ثلثين الولد لخاله؟ يا أنا خالك وبتمشي مثل ما بدي- نشاط ومطالعة،يا إما لا أنا خالك ولا بعرفك!”
في هذا السياق: أذكر معلمًا مثقفًا من الطيبة كان اسمه (ماهر)، وكان يعلّم طالبًا في باقة هو سـَـمِـيّ له ، وكان هذا ضعيفًا من أضعف الطلاب، فتضايق المعلم ماهر من طالبه ماهر، وكان يكرر على مسامعه، وهو يؤنّبه: “يا هذا، إما أن تغير فعلك أو تغيّر اسمك”!
ظننت أن المقولة من إبداع الأستاذ، وكثيرًا ما كنا نتندّر بها كلما التقينا صديقنا ماهر، فإذا بي أجدها من مقولات الإسكندر المقدوني- وهذا يدل على اطلاع الأستاذ القارئ.
رأى الإسكندر بين جنوده سميَـّا له كان يُهزم في كل معركة، فاستدعاه، وسأله: ما اسمك؟
قال: إسكندر!
قال له الإسكندر:-إما أن تغير فعلك وإما أن تغيّر اسمك. (أبو حيان التوحيدي- “البصائر والذخائر” ج1، ص 83، ووردت كذلك في “شرح نهج البلاغة” ج 19- لابن أبي الحديد، ص 167.)
قال الفرزدق في هذا المعنى: وقد تلتقي الأسماء في الناس والكُنى *** كثيرًا ولكن مُيّزوا في الخلائق
وفي رواية أخرى:ولكن لا في تلاقي الخلائقِ
ويقول الشاعر الصوفي البرعي (ت. 1400م):وكم من سميٍّ ليس مثل سميّه *** وإن كان يُدعى باسمه فيجيب فهيهات ما كل المنازل رامة *** ولا كل بيضاء الجبين عَروبُ
….
مما كتبتُ في هذا الموضوع:
..
ملاحظات ليست شعرية
…
يمكن
أن الاسم مثل مسُمّى
فجميل يبدو أجمل
وأنيس يؤنس
والفاضل أفضل
…
لكني أنظر..
أن ثمّة وجهًا آخر
-عكس مسمى-
فجميل ليس جميلاً
وأنيس ما مِن أنس فيه
(هل أذكر أمثلة أخرى؟)
-فتدبّر ما سماك به أهلك!
الأعمال الشعرية الكاملة- المجلد الثاني- إصدار كل شيء- 2005، ص 240.
مُـلْـحة:
لو كان الاسم يحمل معناه!
سأل أعرابيًا آخر: ما اسمك؟
– فياض.
ابن من؟
– ابن بحر.
ما كنيتك؟
– أبو الفرات.
قال: لا يمكن أن نلقاك إلا في زورق، وإلا نغرق.
ب. فاروق مواسي