24 ألف عائلة محرومة من لَمّ الشمل
تاريخ النشر: 11/07/16 | 18:37عقدت اليوم، الاثنين، لجنة مكانة المرأة والمساواة الجندرية، جلسة حول النساء دون أي مكانة قانونية في دولة إسرائيل والمتضررات من قانون منع لم الشمل، واللاتي غالبيتهن من النساء الفلسطينيات المتزوجات من مواطنين في الدولة، ومنهم نساء إثيوبيات دون مواطنة متزوجات من مواطنين. ذا وقد شارك في الجلسة التي بُثت مباشرة على قناة الكنيست، كل من أعضاء الكنيست عن القائمة المشتركة، د. أحمد طيبي ود. باسل غطاس، النائب ناحمان شاي (المعسكر الصهيوني) والنائبة تمار زندبيرغ (ميرتس)، ناشطات من جمعيات نسوية وحقوقية مثل مركز “مساواة” وجمعية “نعم”، وممثلين عن وزارات الداخلية، الرفاه والقضاء والشرطة.
نساء غير مرئيات
”إننا اليوم نبحث في قضية النساء “غير المرئيات” – هن لسن نساء على الهامش، بل نساء غير قائمات بالنسبة للدولة ومؤسساتها”، هكذا افتتحت رئيسة اللجنة، النائبة عايدة توما-سليمان الجلسة، وأضافت “لقد فكرت طويلاً هل نعقد هذه الجلسة في الكنيست أم خارجها وذلك للسبب البسيط أن النساء اللاتي نجري الجلسة بشأنهن لا يستطعن دخول الكنيست. هناك قرابة الـ24،000 عائلة في إسرائيل، أي قرابة الـ70،000 إنسان، يعانون من القانون العنصري المدعو بقانون المواطنة وباسمه الحقيقي قانون منع لم الشمل للعائلات الفلسطينية، أي أن أحد الوالدين في العائلة يفتقد لأي مكانة قانونية، مما يؤثر عميقًا على حياة هذه العائلات وأطفالها – وهذا أحد أهداف هذه الجلسة بأن نوصل صوت النساء والعائلات إلى الكنيست، بأن يستمع أعضاء الكنيست الداعمين لمنع لم الشمل، والذي قامت الكنيست بتمديده للمرة الـ14 الأسبوع الماضي، للمعاناة الكبيرة التي يتسبب بها دعمهم وأن يفهموا أن بهذا القانون وبهذا القمع فهم ينتجون قنبلة موقوتة لا بد أن تنفجر بسبب الضائقة والقمع”.
شاركت في الجلسة عدة نساء فلسطينيات من جانبي الخط الأخضر، وكانت المفاجأة بسماع شهادتين من امرأتين إثيوبيتين يعانين من وضعية مشابهة. في شهادات النساء الفلسطينيات المتزوجات من فلسطينيين مواطنين في الدولة، سمع أعضاء اللجنة والحضور عن الخشية الدائمة من أن يتم اعتقالهن وترحيلهن، وعن سحب تأشيرات الإقامة المؤقتة، حيث قالت إحداهن أنها مع تأشيرة مؤقتة منذ 19 عامًا- وتقوم بتجديدها كل عام، حيث قالت أن ”النساء دون مكانة لا يستطعن التعلّم، لا يستطعن السفر لرؤية عائلاتهن، لا يستطعن استصدار رخصة سياقة ولا يستطعن العمل في أي مكان” وأشارت إلى أنها لا تستطيع هي وزوجها التقدّم للحصول على قرض إسكاني (مشكنتا) أو حتى استئجار أي بيت كان كون العقد يستلزم توقيع الزوجين – وبما أنها دون هوية – فهي غير قائمة!
شارك في الجلسة عدة ممثلين لمؤسسات حقوقية، منهم الناشطة سماح سلايمة، مديرة جمعية “نعم”-نساء في المركز، والتي تحدّثت باسم بعض النساء والفتيات دون مكانة قانونية واللاتي تعمل الجمعية على تدعيمهن ومساعدتهن، حيث وصفت سلايمة إحدى الحالات التي تتابعها الجمعية وهي لفتاة في الـ18 من عمرها، طالبة متفوقة تنهي الآن امتحانات البجروت، هي دون مكانة قانونية، إنما تسنى لها التقدّم للامتحانات من خلال تصريح خاص من وزارة المعارف – ومتى تخرّجت الآن فستكون عاجزة عن التقدّم للجامعة أو العمل أو أي مجال آخر لافتقادها المواطنة أو حتى الإقامة. بدورها، شكرت توما-سليمان الدور الجدّي الذي تلعبه سلايمة والجمعيات النسائية في جلب هذه القصص إلى لجنة مكانة المرأة وإلى الصحافة، بالرغم من الألم الذي يرافق كل قصة وقصة، وقالت توما-سليمان: “يجب أن يسمع أعضاء الكنيست الذين يصوتون مع تمديد أمر الساعة لمنع الدخول لإسرائيل هذه القصص وهذه المعاناة – وكيف يؤثر تصويتهم فعليًا على حياة هذه العائلات”.
كما وشارك السيد جعفر فرح، مدير عام مركز “مساواة”، الذي تحدّث عن مرافقة المركز لبعض العائلات في حيفا، والتي يفتقد الزوج فيها للمواطنة وللمكانة القانونية بالرغم من أن أبناءه حصلوا على المواطنة فقد تم اعتقاله لمدة 60 يوم ثم ترحيله. ووصف فرح معاناة الأطفال في هذه العائلات إثر عمليات مداهمة الشرطة لمنزلهم مرة تلو الأخرى وقلب المنزل ومحتوياته بحثًا عن الأب، وعن الضرر النفسي المتراكم. كما وتطرّق فرح إلى حالة باقة الغربية والشرقية، وكيف أن الوالدين لا يستطيعون التواصل مع أبنائهم وبناتهم. ثم أشار فرح إلى أن هذه جميعها حالات إنسانية، وبدل أن ترسل الدولة المعونات الطبية والإنسانية إلى اليابان بعد الهزّة الأرضية، وإلى اللاجئين السوريين فلترى المآسي والمعاناة التي تسببها بنفسها هنا ولمواطنيها!
كالمتّبع، حضر الجلسة مندوبات عن سلطة السكان والهجرة التابعة لوزارة الداخلية، اللاتي قلن أنهن لا يملكن أي معلومات، وهنا استوقفتهن رئيسة اللجنة توما-سليمان بقولها أن “هذه الإجابات التلقائية اللاتي تأتون بها كل مرة بأنكن لا تملكن أي إجابات حول ما أرسلناه لكم من قبل اللجنة – يُعتر استخفاف باللجنة وبمكانتها وهو أمر مرفوض، إنكم تقومون بنفس الحيلة مرة تلو الأخرى في اللجنة التي أرأسها وفي اللجان الأخرى”، هذا وطالبت رئيسة اللجنة بإجابات حول سياسة الوزارة في هذا الشأن – وكيف تقوم موظفة عادية في مكتب سلطة السكان بسحب الهوية المؤقتة من نساء إثيوبيات وفلسطينيات بينما لا يقع هذا الأمر من ضمن صلاحياتها. حاولت ممثلات الوزارة إنكار هذه الممارسات بالرغم من وجود نساء في القاعة واللاتي سحبت الهوية المؤقتة منهن بهذه الطريقة تمامًا. كما وطالبت رئيسة اللجنة الاطلاع على نسبة الطلبات اللاتي تلاقى بالقبول من بين الطلبات اللاتي تُحوّل لـ”اللجنة الإنسانية”.
الدولة تصادر حق الأطفال
كذلك، كشف في الجلسة أن التأمين الوطني لم يعد يحوّل مخصصات الأطفال للعائلات، بذريعة أنها تحوّل لحساب البنك الخاص بالأم، وبما أن الأم لا تملك رقم هوية فليس بإمكانها فتح وحيازة حساب بنك، وعند المطالبة بتحويلها للأب فيجيبون أن الأم دون مكانة قانونية، حيث عقّبت النائبة عايدة توما-سليمان هنا أن ”التأمين الوطني يتنصل من خلال إجراءات هو يختلقها من دفع مخصصات الأطفال التي هي من حقّ الأطفال وليس الوالدين، ولا يهم إن كانت تُحوّل لحساب الأم أم الأب، أريد أن أعرف أين تذهب جميع هذه الأموال غير المحوّلة لأصحابها؟”. هذا وتحدّثت النساء عن الصعوبات في الحصول على استقلاليتهن، فمثلاً هن متعلّقات تمامًا بأزواجهن في كل خطوة، حتى لو كن يعملن فالراتب يدخل إلى حساب الزوج، إضافة للعديد من القضايا التي تنبع من انعدام المكانة القانونية وبالتالي تفقدهن الاستقلالية. وتساءلت رئيسة اللجنة لم لا يتم الاعتراف تلقائيًا بهؤلاء النساء كأمهات أحاديات الوالدية، رغم أنهن يفين بالتعريف القانوني لهذه الحالة.
وقال النائب د. أحمد الطيبي: “شهدت الكنيست خلال السنوات الماضية سن قوانين عنصرية كثيرة، إنما قانون منع لم الشمل وهو ما يعرف “بقانون المواطنة” والذي نحاربه منذ سنوات عديدة، وهو أكثر هذه القوانين عنصرية. عندما تقرر سن القانون في العام 2003 لم تكن الأسباب الأمنية دافعًا لسن القانون، ولكن الجو العام السائد في دولة إسرائيل هو دعم كل اقتراح عنصري يميّز ضد الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر. منذ ذلك الحين يتم تمديد سريان هذا القانون كل عام، وسيتم تمديده طالما بقيت العنصرية متفشية في الشارع الإسرائيلي تجاه كل ما هو عربي، وفي حالتنا هذه، تجاه الخيارات الشخصية بالارتباط التي يحملها الفلسطينيون على جانبي الخط الأخضر”.
وتحدث النائب د. باسل غطاس عن عمل اللجنة التي تبحث في طلبات لم الشمل، والتي تعمل في الظل وكأنها لجنة أمنية سرية ولا يعرف أحد عن أبحاثها وكيفية اتخاذ قراراتها وقال أن “قانون المواطنة الذي يجدَّد في كل عام هو قانون عنصري بامتياز ويتم تطبيقه بطرق سافلة ولئيمة مناقضة لأبسط القيم الإنسانية” وعرض حالة عائلة فلسطينية من حيفا بعد ٢٥ سنة زواج لا تستطيع الزوجة والبنت الكبرى الحصول على بطاقة هوية. أيضًا شارك في النقاش أعضاء الكنيست تامي زندبيرج (ميرتس) التي أكّدت أن هذه المشاكل تخلقها الدولة ثم لا تعالج أي من إسقاطاتها، وقالت أنه الموظفين في هذه المكاتب الحكومية يستوحون طرق معالجة هذه القضايا مما يرونه من مدير المكتب وسياساته في التعامل مع قضايا النساء دون مكانة، وأنها ممارسات تقارب التنكيل المتعمد بالأشخاص في هذا الموقف. كما وتحدّث النائب ناحمان شاي (المعسكر الصهيوني) الذي قال أن برأيه هذه الحالات الإنسانية لا تُشكّل تهديد أمني بالرغم من تصويته الدائم مع تمديد أمر الساعة (!).
لخصت النائبة عايدة توما-سليمان الجلسة أن هناك “حق أساسي للبشر، تنصّ عليه جميع المواثيق الدولية، في أن يحبّوا من يريدون وان يتزوجوا من يريدون وأن يجلبوا أطفالاً إلى هذه الدنيا ولا يحق لأي أحد سلب هذا الحق. أطالب بتوضيحات من مؤسسة التأمين الوطني حول عدم تحويل مخصصات الأطفال للعائلات بذرائع إجراءات هم وضعوها للتصعيب على هذه العائلات، برأيي هذا نهب مباشر لهذه المخصصات. وأخيرًا، أدعو جميع النساء مع أو دون مكانة واللاتي تم ترحيل أزواجهن خارج الدولة إلى التقدّم بطلبات الاعترافات بهن كنساء أمهات أحاديات الوالدية والمطالبة بجميع المستحقات الاجتماعية على هذا الأساس. لا يعقل أن تخلق الدولة المشكلة وألا تعنى بإسقاطاتها”.