الشاعر حسون يشارك بندوة "اليوم السابع" بالقدس

تاريخ النشر: 08/11/13 | 23:28

القدس: ضمن فعاليات التواصل الثقافي بين كتّاب ومثقفي القدس العربية، وأقرانهم في الدّاخل، استضافت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، الشاعر نزيه حسّون ابن مدينة شفاعمرو , حيث ناقشت ديوانه الشعري الجديد"لحظة عشق تشعلني" والذي صدر في الأسابيع القليلة الماضية عن مكتبة الجماهير في شفا عمرو، وذلك بحضور روّاد الندوة المقدسيين وكوكبة من كتاب ومثقفي الدّاخل.

ممّا يذكر أنّ نزيه حسّون شاعر معروف صدر له قبل هذا الدّيوان:

– ميلاد في رحم المأساة…عام 1983.

– أبحث عن جسد يلد النصر….عام 1985.

– سمفونية الحزن المسافر….عام 2005.

– مزامير من سورة العشق…عام 2006.

– تأخذ القصيدة ملامحك…عام 2007.

– أبحث عن وطني في وطني…عام 2008.

– عشق على سفر…..2009.

– ما تيسّر من عشق ووطن…عام 2011.

بدأ النقاش جميل السلحوت فقال: المتابع لقصائد شاعرنا نزيه حسّون لن يحتاج الى كثير من الذكاء ليرى مدى التزام الشاعر بقضايا وطنه وشعبه وأمّته العربية. بل إنّه ملتحم بهذه القضايا، وكأنّي به شاعر القبيلة في عصور جاهلية ما قبل الاسلام، لكن قبيلة شاعرنا المعاصر هي الشعب والأمّة، ووطنه يكبر من فلسطين ليمتدّ الى الوطن العربي الكبير من المحيط الذي كان هادرا، الى الخليج الذي ما عاد ثائرا. فهو ابن فلسطين الذبيحة يعيش معاناتها ومعاناة شعبها الذي هو شعبه، وهو ابن الوطن العربي الكبير أيضا، ويعيش معاناة هذا الوطن الذي أصبح نهبا للطامعين، ومعاناة أمّته التي مزقتها النزاعات الداخلية والاقليمية.

ولعلّ في هذه التوطئة إجابة على عنوان ديوانه الجديد" لحظة عشق تشعلني" فأيّ عشق يشعل الشاعر؟ والقارئ للديوان سيجد أن الشاعر مشتعل بعشقة لوطنه فلسطين، ولشعبه الفلسطينيّ، ولوطنه العربي الكبير ولأمّته العربية، وهو يعشق المرأة أيضا، وكأنّي به يقول من لا يعشق المرأة لا يعشق الوطن. لذا فهو يقول:

لحظة عشق في شرعي

أثمن من كلّ الأزمان

وامرأة تدخل محراب الرّوح وتُشعلني

أجعلها أجمل أنثى في الدّنيا"ص21

وهو انسان حزين لما يجري في العالم من قتل ودمار فيقول:

"لكنّ الحزن يدغدغني

يا ربّ كيف تحوّل هذا الكون الباهي

من كونٍ من صنع الله الى كونٍ

يحكمه البهتان؟"ص21

والشاعر حزين وقلق جرّاء الحرب القذرة الدائرة في سوريا منذ أكثر من عامين ونصف، وقد عبّر عن ذلك في قصيدته"قلبي على الشّام" ص63. وفيها يعبر عن حبّه اللامتناهي للشّام وأهلها فيقول:

"يبرعم قلبي لوزة عشق

لا تزهر إلّا في الشّام" ص63.

ويقول أيضا:"من لا يحبّ الشّام ما عرف الهوى

فالشّام وشّحها الله بسحره

فغدت تميس بحسنها

كصبيّة في عامها السادس عشر"ص69

وهو لا يرى في الدنيا جميعها مدينة أجمل من الشّام مع أنّه لم يطأ أرضها بقدميه، لكنه يعرف تاريخها وحضارتها ومكانتها فرآها بروحه فيقول:

"روحي طافت مدن الدّنيا

لم تفتن إلّا بالشّام وعينيها

فافترشت خُضر حدائقها وجدا وعناقا وهيام"ص64.

لذا فهو يتساءل مستنكرا عمّا يجري في الشّام من مذابح ودمار فيقول:

"فلماذا ينتحر النرجس يا بردى

ولماذا توأد في قمّة نشوتها خضر الأحلام"ص65.

وهو لا يستوعب بل لا يريد أن تُدمّر سوريا وأن يُقتل شعبها، فيتساءل مستنكرا مرّة أخرى وهو يرى نفسه جزءا من الشّام وأهلها:

"هل عبث سرياليّ بات يُفتّتنا أم حُلْمٌ يسري

والنّاس نيام"ص65

وشاعرنا عاجز عن استيعاب ما يجري في سوريا لأنه لا يريده فيقول:

"كلّ الكلمات

لا تسعفني

فالدّم القاني يخرسني"ص66.

وشاعرنا خائف أنّ الدّم المراق في سوريا، والدّمار اللاحق بها يوميّا قد يؤدي الى تقسيمها، وهو مستعد أن يحمي وحدة سوريا بدمه فيقول:

يا أهل الشّام هذا جسدي

فليتمزّق إربا إربا

هذا رأسي فليقطع رأسي

لكن إيّاكم أن يقطع رأس الشام."ص66.

ونزيه حسّون الشّاعر يرى الشّام أكبر من الشعر ومن الشعراء فيقول ساخطا:

"يا ناس أغيثوني

كيف يعيش الشّاعر

في زمن تموت فيه الشّام؟"ص67

وهو يرى الشام عذراء حسناء تستباح من القتلة فيصيح متسائلا:

"كيف يعانقها شوقا

والشّام تباح ظفائرها

تتساقط فيها القتلى تباعا

تابوت يتبع تابوتا"ص68.

وهو يتمنى على المتحاربين في سوريا – خصوصا أولئك الذين ضلّوا طريق الجهاد فأشعلوها حربا ضروسا في سوريا- وقف هذه الحرب الدموية فيقول:

"أقسم بالله ثلاثا

ما يحدث في الشام حرام"ص67.

ويعرّج شاعرنا من دمشق"الشّام"الى حلب الشهباء، ويستذكر حروب سيف الدولة الحمداني الذي اتخذ حلب عاصمة له ضدّ الرّوم، ويستذكر مدائح المتنبي له، ويصعب عليه أن يرى حلب مدمرة وأهلها يقتلون فيصيح من قحف الرأس:

"قلبي على شام العرب

قلبي عليك يا حلب

من بعد هذا الخَطْب

ما تجدي الخُطب"ص73.

والشاعر يبكي حزينا أشقاءنا السوريين الذين يموتون في هذه الحرب التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل فيخاطب حلب:

"زين الشباب

يموت يا شهباء جهرا

دون جرم أو سبب"ص73.

وشاعرنا غاضب على الدول العربية التي بدلا من ايقاف هذه الحرب، يقوم بعضها بتغذيتها، فيخاطب سيف الدولة الحمداني قائلا:

"يا سيف دولتنا

وأمّتنا…تمزقنا..تشتتنا…وتحرقنا

كأكوام الحطب"ص73.

وشاعرنا غاضب أيضا على القتلة من كلّ اطراف الصراع، ويراهم كفرة ظالمين فيخاطب حلب قائلا:

"هل عاد يحكم في ثراك أبو لهب

أم يا ترى عاد التّتار

ليحرقوا أرض العرب"ص74.

وهذا ردّ على من يستقوون بالعجم لتدمير سوريا وقتل شعبها.

وشاعرنا نزيه حسّون مسكون بوطنه فلسطين، ولا مكان يستهويه أكثرمن هذا الوطن الذي يراه جنّة السماوات والأرض فيقول مخاطبا فلسطين:

"يا جنّة الأرض يا فردوس كوكبنا

ما عاد غيرك في الأكوان يسبيني

ويقول:"من ليس يعشق في فلسطين تربتها

ما أدرك العشق مذ بدء التكاوين"ص10.

وهو يتغنى بقدسية فلسطين فهي مهد الاسلام والمسيحيّة فيقول:

"أرض القداسة والتاريخ شاهدنا

أنتِ المنارة للدنيا وللدين

صِغتِ الملاحم راياتٍ مشرّعةً

منذ المسيح الى أيّام حطين"ص10.

ويقول:"أين النّبيّ الى مسره يحملني

أين المسيح غداة الموت يحييني"ص14.

وهو يخص الجليل بنجواه فيقول:

"أرض الجليل الى عينيك يحملني

عشق يكاد بنار الشوق يصليني"ص11.

يبقى أن قصائد الديوان تعج بعشق الوطن والانسان، وقراءة سريعة لا تغني مطلقا عن قراءة كلّ قصيدة قراءة متمعنة وفاحصة لما تحمله من لوحات جمالية.

وكتب ابراهيم جوهر:

نزاريّ الحرف، فلسطينيّ الهوى

في مجموعته الشعرية الجديدة ذات العنوان المباشر (لحظة عشق تشعلني) ينبئ الشاعر (نزيه حسون) بمضمونه العام وأسلوبه الخاص؛ فمضمون قصائده يتمحور حول العشق؛ العشق للأرض التي تتوحد مع المعشوقة الأنثى الإنسانية فلا تكاد تنفصل عنها، فهي تأخذ تضاريسها الأرضية من التضاريس الأنثوية في معادلة مقصودة من الشاعر الذي يفهم العشق بمفهومه العام المندمج في الخاص والعكس صحيح هنا.

أما أسلوب الشاعر فجاء بما تمليه عليه حالة العشق هذه التي يرسمها ويعبر عنها؛ مباشرا لا يعتمد على الصورة الشعرية كثيرا. إنه يقصد إلى غايته مباشرة دون كثير زخرفة فكلام العشق في حرارته المتدفقة لدى الشاعر لا ينتظر التجميل الإبداعي، فالغاية إيصال الرسالة. لقد سيطرت الفكرة على الشاعر فراح يكررها مؤكدا عليها ليضمن وصولها، وفي الطريق إليها لم يلتفت كثيرا إلى ما عداها.

إنه يتناصّ مع الشعراء (العشاق) الذين يهيمون عشقا بمحبوباتهم، ابتداء من العذريين حتى شعراء المقاومة.

الأرض هنا هي المعشوقة (من ليس يعشق في فلسطين تربتها/

ما أدرك العشق مذ بدء التكاوين) وفلسطين تحديدا هي الوطن المعشوق بمدنه وناسه وتاريخه.

والشاعر هو المردد في أعماله الأخيرة مقولة:(لله كنوز تحت العرش مفاتيحها ألسنة الشعراء)، ماذا سيفتح لنا من كنوز العشق؟ إنها كنوز العشق الوطني العام الذي لا يستقيم بعيدا عن (أنا) الشاعر الإنسانية الملتحمة بالمعشوقة الأنثى لتستقيم معادلة الحياة.

هذا المحور الرئيس في قصائد (لحظة عشق تشعلني)، وهو عشق ليس جديدا في لغة التعبير الفلسطينية وإن غاب في الآونة الأخيرة مخليا ساحة التعبير لأساليب تعبيرية تجاوره في الرمز، والتجريب، ولغة التعبير. ولعله الأسلوب الذي هجره شعراء المقاومة الذين كانت بداياتهم تنطلق من المباشرة والتحدي الخطابي بسبب من قربهم وبقائهم في ساحة المواجهة وقربهم من جماهير الشعب قبل الانتقال إلى ساحات التعبير العالمية بلغتها المرمزة وفضاءاتها التي لم تكن دائما قادرة على التأثير المرغوب تربويا وفنيا.

الشاعر في هذه القصائد يذكّر بمرحلة فنية في المسيرة الشعرية الفلسطينية. إنه يعود إلى الأسلوب المباشر ذاته، وهو الأسلوب الذي نشأ نتيجة المجابهة الدائمة مع الاحتلال ومع شؤون القضية الفلسطينية التي كانت الأرض محور الصراع فيها والذاكرة والثقافة في صدامها المباشر بين ما كان وما يراد له أن يكون.

والمباشرة لا تعني العيب الفني دائما، فالموضوع المتناول يفرض أسلوبه الخاص. والشاعر لم يتوجه إلى مباشرته هنا عن عجز في أسلوب التعبير الفني، لذا رأيناه يحلق في فضاء التعبير حين يتغزل فترقّ ألفاظه وتسمو معانيه وهو يقترب من أسلوب (نزار قباني) في رسمه لوحات العشق. وحين يغضب يحاور (مظفر النواب) متأثرا بروحه الغاضبة المتمردة.

الشاعر (نزيه حسون) يعيد القطار إلى سكة العشق في هذه القصائد التي تجيء ردا على أسلوب التعبير الترميزي الذي يبتعد بالقارئ عن الفهم ويضعه في دوامة التحليل والتأويل، وقد بات أسلوبه هنا مما يتميز به وكأنه يأبى الغموض الشفيف وينحاز إلى المباشرة القادرة على التأثير.

لا يحتاج قارئ قصائد (لحظة عشق تشعلني) مزيدا من العناء ليقف على قراءات الشاعر التي كوّنت أسلوبه. فإنك واجد روح أسلوب (نزار) في غزله الرقيق،

وروح أسلوب (سميح القاسم) و(توفيق زياد) في اللغة الخطابية الجماهيرية المباشرة بغايتها التعبوية التحريضية المروّجة للفكرة. كما نجد في عدد من الجمل الشعرية

لغة (مظفر النواب) وغضبه الحاد. أما (بدر شاكر السياب) فيبدو التأثر به جليا وهو يردد معه (مطر مطر) في قصيدة (أنشودة المطر) الشهيرة.

نقف مع الشاعر هنا على العشق الخاص والعشق الوطني والتشخيص حين يصير الوطن امرأة، والمرأة وطنا.

فالمرأة الأنثى تأسر الشاعر كما يأسره عشق الوطن ويجمّل حياته التي لا يراها بعيدا عنهما.

ويعرّج الشاعر على غرض (الهجاء) الذي هو غرض شعري قديم فيحييه الشاعر هنا في قصيدة مخصصة لهجاء شاعر، وهي القصيدة التي تعيد قارئها إلى قصائد الهجاء القديمة في الأدب العربي.

لقد تميّز الشاعر (نزيه حسون) هنا بكتابة القصيدة العمودية الكلاسيكية، والقصيدة الحديثة، وبعلوّ النبرة الخطابية، وإعلاء لغة الغزل بالوطن بمكوّناته الجغرافية والإنسانية.

وفي حالة اندماجه العاطفي المتدفق وجدناه يكرر المعنى بكلمات أخرى، ويصرّ على الفكرة، وأحيانا يقف في جمله على تخوم النثر لأن الفكرة تأسره بعيدا عن لغة التعبير.

إن إصرار الشاعر على مواصلة(التعبير) وعلى تطوير أداته وتنويع أساليبه يستحق الإشارة والإشادة…

وكتبت رائدة أبو الصوي:

بداية لوحة الغلاف كانت في قمة الروعة والتشويق، شعرت حقاً بالنشوة وأنا اأنظر اليها. ومقدمة الديوان عندما قال الشاعر لله كنوز تحت العرش مفاتيحها ألسنة الشعراء.منذ زمن لم أشعر بهذه المتعة وانا أقرأ شعرا. الجمال في انتقاء الكلمات والدّقة… تخيّلت الشاعر في بستان من الزهور، ينتقي الأجمل ليضمه في خيط من الحرير، ليضعه على عنق القارئ لهذه الكلمات المعطرة بأرقى المشاعر. أنا أحبّ الشمال كثيرا، واستوقفتني هذه الأبيات:

ارض الجليل الى عينيك يحملني عشق يكاد بنار الشوق يصليني.

هذي زهورك والأفنان باسقةٌ تنمو بروحي على هباتِ نسرين

هذي ربوعك بالزيتون قد غرست على السفوح كروم اللوز والتين

أرض الجليل واين الدرب يلقيني

ماعاد اغراء النساء يثيرني. انت النساء جميعهن. اميرتي.لكني في الحب فارسك الوحيد.

وعندما كتب الى الثوار في سوريا واليمن

يا شام الحرية هذا وجهك احرقني

هذا النهر الدموي يعود.لطفل يقتل يسفك يلقى في الشارع كحذاء

هذي الارض امتلأت جثثاً فلأي نبي سنصلي

ولأي اله سنصلي.ولأيّ سلام؟؟؟هل وطن هذا أم نهر دماء

ينزفُ من درعا حتى سرت وحتى صنعاء ؟

وحين انشد للمطر في الليل حين الليل يتلو ما تيسر من تراتيل المطر

تاتي النوارس كي تقتل راحتي.تلقي البنفسج والخزام على يدي.وتحيلني لحناً على وتر مطر مطر.

وفي ختام الديوان كانت أبيات العشق التي تعبر عن عاشق يبعث أشواقه وآماله عبر كلماته. جراح العمر قد تشفى بلا ألم وجرح العشق قطعاً ليس يندملُ.

وقدّم كل من الدكتور بطرس دلّة ورفعت زيتون قراءة عميقة للديوان سننشرهما حال استلامنا لهما. كما قدّمت رشا السرميطي قراءة لكتاب"لآلئ الكلام" للشاعر حسّون وهو مجموعة من الحكم الفلسفية المنثورة. وشارك في النقاش نسب أديب حسين، سامي الجندي، كوثر العجلوني وآمال أبو عون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة