الاهتمام بالمظاهر الخارجية قناع خادع
تاريخ النشر: 16/11/13 | 0:36في زماننا هذا أصبحت ظاهرة الاهتمام بالمظاهر الخارجية مشكلة تعاني منها معظم طبقات المجتمع لدرجة أنها أصبحت تسود المجتمع وتشكّل عبئاً كبيراً على الأسر والأفراد الذين يرتدون قناع البذخ والترف. هذا القناع الزائف الخادع والذي سيكشف عن حقيقة مرتديه، إما عاجلاً وإما آجلاً، وكثيراً ما نلاحظ هذه المظاهر في الأعراس وفي المناسبات الاجتماعية المختلفة، وفي ركوب السيارات الحديثة والفاخرة وبناء المنازل الكبيرة والرحبة، واقتناء الملابس الفاخرة وغالية الثمن واستعمال الهواتف الخلوية ذات الشهرة والجودة العالمية. وفي أكثر الحالات لم تعد السيارة الفارهة والحديثة وسيلة للنقل والتنقّل فقط، بل تعدته إلى أهمية الشكل الخارجي والقيمة المادية ومصدراً للتفاخر أمام الزملاء والأصدقاء، والغريب في الأمر أن الذين ينهجون هذا النهج ليسوا بمستواه أو (على قدّه) فاهتمامهم بالمظهر الخارجي الخادع يفوق كل اهتمام آخر لأن جل اهتمامهم ينصّب على الصورة والمظهر الخارجي أما ما يختفي وراء هذا المظهر الخارجي فالله أعلم وقد يكون العكس. ونموذجاً حيّاً لهذه الظاهرة أسجّل هنا ما سمعته على لسان متحدث عربي من إحدى الفضائيات العربية مبرراً سلوكه هذا قائلاً: (تغمرني سعادة كبيرة وأنا أقود سيارة فخمة، غالية الثمن وامتلاكي الموبايل الأحدث). وعلّق الأخصائي النفسي الأردني، د. خليل أبو زياد على هذه الظاهرة الخدّاعة قائلا: (السبب وراء الاهتمام بالمظهر الكاذب مرض نفسي سببه الإحساس بعقدة النقص وأن محبّي المظاهر يعيشون في قلق وتوتّر دائميْن… وتكمن المشكلة في التقليد الأعمى لبعض الأسر لمن هم فوق مستواهم المادي دون النظر إلى قدراتهم وإمكانياتهم المادية… ويضيف: التوازن والاعتدال هما المطلوبان في هذه الحالة وأن خير الأمور أوسطها والقناعة أهم ما في حياة الفرد فهي التي تمكّنه من العيش وفق إمكانياته الحقيقية).
أما الاختصاصية الأسرية والإرشاد التربوي الأردنية سناء أبو ليل فتقول معقبّةً: (يجب تربية الأطفال على القناعة وعلى ترسيخ منظومة القِيَم لديه حتى لا يشعر بالنقص ولا يحسّ بأن المجتمع أفضل منه وعلينا أن نوجّه الأبناء إلى الإيمان بأن العقل والشهادة الجامعية هما الكنز الحقيقي وهذا ما يبعث في نفوسهم الشعور بالرضا عن الذات أما الشعور بالنقص ومحاولة تقليد الآخرين ومع عدم توفّر الإمكانيات والقدرات فتلك حالة نابعة من الأسرة والبيئة ولا بد من التغلّب عليها).
وخلاصة القول: صحيح أن ظاهرة الخداع هذه ربّما توهم الآخرين بأن أصحابها سُعداء ولكن الحقيقة أنهم يخادعون أنفسهم وهنا تكمن المشكلة مع تداعياتها ونتائجها السلبية فالركض وراء هذا الوهم، هذا السراب الزائف قد يؤدي بصاحبه إلى الدمار والتهلكة وبالإمكان الحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة عن طريق غرس القِيم الأخلاقية الاجتماعية والتربوية الأسرية السليمة المبنيّة والمؤسسة على شعار (القناعة كنز لا يفنى) والمقامة على القواعد الدينية الأصيلة فجميع الديانات السماوية بما فيها الإسلامية تحّض على الاعتدال وعدم الإسراف والتبذير، ولتكن الآية القرآنية (إنّ المبذرّين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربّه كفوراً) نبراساً نهتدي به وإذا أضفنا إلى هذه الآية الكريمة الآيات القرآنية من سورة لقمان والتي يعظ فيها لقمان ابنه تكون بهذا ختمنا مقالنا هذا: (ولا تصّعر خدّك للناس ولا تمشِ في الأرض مرحاً إنّ الله لا يُحّبُ كل مختالٍ فخور واقصْد في مَشْيك وأغضُضْ من صوتكِ إنّ أنكرَ الأصوات لصوتُ الحمير)- صدق الله العظيم
والله من وراء القصد وكل عام وأنتم بألف خير وعافية وقناعة، والرضى بما قسمه الله لنا ولكم.
أشاطر عديلي أبا إياد في طرحه لهذه الظاهرة النبوذة، ودعوته
للابتعاد عن المظاهر البرّاقة وارتداء الأقنعة المزيّفة.
المهم هو الجوهر لا القشور والمظهر!
شكرااااا الله يعطيكم العافية☺️