ما حكم بنوك لبن الأمهات
تاريخ النشر: 27/07/16 | 0:00من الموضوعات التي أخذت تطرح على بساط البحث في الآونة الأخيرة موضوع ( بنك لبن الأمهات ) وأساس هذه الفكرة يقوم على جمع اللبن من عدد من الأمهات ثم يتم تجفيفه وبيعه للناس في معلبات كتلك التي تباع في الأسواق حالياً مأخوذة من لبن البقر والغنم.
وعلى الرغم من الأهداف النبيلة الخيّرة التي من وراء هذا المشروع إلا أنّ هنالك محاذير يخشى منها من وراء هذا العمل وهو أنّ هذا الطفل الرضيع سيكبر ويصبح شاباً في هذا المجتمع ويريد أن يتزوج إحدى الفتيات وهنا يخشى أن تكون هذه الفتاة أخته من الرضاع وهو لا يدري لأنّه لا يعلم من رضع معه من هذا اللبن المجموع، وأكثر من ذلك أنّه لا يعلم مَن مِن النساء شاركت بلبنها في ذلك مما يترتب عليه أن تكون أمه من الرضاع وتحرم هي عليه ويحرم عليه بناتها من النسب ومن الرضاع، كما يحرم عليه أخواتها لأنهن خالاته، ويحرم عليه بنات زوجها من غيرها على رأي جمهور الفقهاء لأنهن أخواته من جهة الأب إلى غير ذلك من فروع وأحكام الرضاع.
ولقد ذهب جمهور الفقهاء ومنهم المذاهب الأربعة ( الحنفية، المالكية، الشافعية والحنابلة في المعتمد عندهم ) إلى أنّ علة الرضاع التي رتب عليها الشارع التحريم هي: وصول اللبن ( الحليب ) إلى الجوف سواء كان طريق وصوله هو صبّه في الحلق من إناء أو غيره كالوجور أو صبة في الأنف من غير ثدي كالسعوط، أو بالحقنة في الدبر وغيره. انظر: [ الاختيار 3/120، مجمع الأنهر 1/188، الشرح الصغير للدردير 2/720، روضة الطالبين 9/6، مغني المحتاج 3/415، المغني 7/538 ].
واستدل الجمهور على قولهم بما يلي:
أ- قوله سبحانه وتعالى: { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة }. [ سورة النساء: 23 ]. ووجه الاستدلال من الآية: أنها قد جعلت المرأة التي أمدت الطفل الرضيع باللبن أماً، ولم تفرق في عمومها بين أم وأخرى وبين كيفية وأخرى في تعاطي الحليب.
ب- قوله صلى الله عليه وسلم: ( يحرم من الرضاع ما يحرم بالنسب ). [ رواه الجماعة عن عائشة رضي الله عنها، وهذا لفظ ابن ماجة ]. وجه الاستدلال من الحديث: يقال في توجيهه ما قيل في الآية.
ت- قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم ). وجه الاستدلال من الحديث: أن وصول اللبن إلى الجوف بهذه الوسائل يتحقق به إنبات اللحم وإنشاز العظم كالارتضاع فيجب أن يكون مماثلاً له في التحريم.
ث- قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما الرضاعة من المجاعة ). وجه الاستدلال من الحديث: أن كل ما سد جوع الجائع كان إرضاعاً محرماً للمرضع على الراضع بأي وسيلة تم الرضاع.
وبناء على ذلك يحرم القيام بمثل هذا المشروع المطروح، وهو رأي مجمع الفقه الدولي حيث قال في قرار رقم: 6(6/2): ” إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمر الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الآخر 1406هـ الموافق 22 – 28 كانون الأول ( ديسمبر ) 1985م، بعد أن عرض على المجمع دراسة فقهية، ودراسة طبية حول بنوك الحليب، وبعد التأمل فيما جاء في الدراستين ومناقشة كل منهما مناقشة مستفيضة شملت مختلف جوانب الموضوع وتبين منها:
أولاً: أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية، ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية والعلمية فيها فانكمشت وقل الاهتمام بها.
ثانياً: أن الإسلام يعتبر الرضاع لحمة كلحمة النسب يحرم به ما يحرم من النسب بإجماع المسلمين. ومن مقاصد الشريعة الكلية المحافظة على النسب، وبنوك الحليب مؤدية إلى الاختلاط أو الريبة.
ثالثاً: أن العلاقات الاجتماعية في العالم الإسلامي توفر للمولود الخداج أو ناقص الوزن أو المحتاج إلى اللبن البشري في الحالات الخاصة ما يحتاج إليه من الاسترضاع الطبيعي، الأمر الذي يغني عن بنوك الحليب.
قرر ما يلي:
أولاً: منع إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي.
ثانياً: حرمة الرضاع منها.
والله تعالى أعلم