احب الناس الى الله تعالى
تاريخ النشر: 13/11/13 | 9:00إن قضاء الحوائج واصطناع المعروف باب واسع يشمل كل الأمور المعنوية والحسية التي ندب الإسلام عليها وحثَّ المؤمنين على البذل والتضحية فيها لما فيه من تقويةٍ لروابط الأخوة وتنمية للعلاقات البشرية، فلنتأمل هذه الأحاديث والتي هي مرغبه في قضاء حوائج المسلمين واصطناع المعروف وإدخال السرور عليهم.
– قال صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد – مسجد المدينة – شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام .. صححه الألباني .
ولما أخبر النبي السائل بمن يحبهم الله من عباده، فقال: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس أشار إلى منزلة عظيمة جدا، ودرجة عالية رفيعة، ذلك أن محبة الله للعبد شيء عظيم، فإن الله إذا أحب عبدا أحبه أهل السماء والأرض، وإن الله إذا أحب عبدا لا يعذبه، كما في الحديث عن النبي : إن الله تعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل فقال: يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وقال: والله لا يلقى الله حبيبه في النار..
– وفي صحيح مسلم "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من نفَّس عن مؤمن كربة نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.. »
.ومن المعلوم أن كرب الدنيا كلها بالنسبة لكرب الآخرة لا شيء، فإن كرب الآخرة شيء عظيم، فعليك أيها المسلم القادر أن تسعى لإزالة ما يحل بالمسلمين من النائبات والمصائب والكرب، فمن ابتلي بمسغبة بذلت له من مالك، أو حثثت الأغنياء على التصدق عليه ومعونته، ومن حاق به ظلم ظالم رددت عنه الظلم ما وجدت إلى ذلك سبيلا، وبالجملة فأنت أيها المسلم مكلف شرعا أن تسعى جاهدا لإزالة النائبات أو تخفيفها عن إخوانك المسلمين، والله سبحانه يعدك علىذلك أن يدفع كرب يوم الدين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.
وقال صلى الله عليه وسلم: أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن كسوت عورته أو أشبعت جوعته أو قضيت له حاجه)صحيح الترغيب وقال صلى الله عليه وسلم: أحب الأعمال إلى الله عز وجل: سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تطرد عنه جزعاً أو تقضي عنه ديناً.. وقال صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن أحب الأعمال إلى الله: (أن تقضى عن مسلم دينا).
إن الله تبارك وتعالى جعل للغارمين نصيبا في الصدقات المفروضة، وجعل لهم حقا معلوما في مال الأغنياء، قال تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل(التوبة:60). والغارمون هم من ركبتهم الديون ولزمتم، ثم لم يجدوا لها وفاء، فأهل الأموال مطالبون شرعا بقضاء دين الغارمين.. ولذلك جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري قال: أصيب رجل في عهد رسول الله في ثمار ابتاعها، فكثرت ديونه، فقال النبي: تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه فلم يبلغ وفاء دينه، فقال لغرمائه: (خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك). ولقد نفى النبي الإيمان عمن بات شبعان وجاره جائعا، فقال : (ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه. وفي الحديث عنه أنه قال: (يقول الله تعالى يوم القيامة: يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني! فيقول: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟! فيقول عز وجل: استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟!). قال تعالى: (ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين. ولم نك نطعم المسكين ].. ومن فضائل قضاء الحاجات (مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا) قال صلى الله عليه وسلم: (اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب)… قال ابن عباس: "إن لله عباداً يستريح الناس إليهم في قضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم أولئك هم الآمنون من عذاب يوم القيامة". كثرت الأحاديث في الحث على السعي في قضاء حوائج المسلمين. ومنها قوله : (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه). وقوله: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته). إن الله تبارك وتعالى يعطيه خيرا مما بذل وأكثر. (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) فإن الجزاء من جنس العمل. أن تسعى في حاجة نفسك أنت، أم يسعى الله العليم القدير، الذي بيده ملكوت كل شيء، وعنده خزائن كل شيء، في قضاء حاجتك. قال الضحاك في قوله تعالى{ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } – في قصة يوسف عليه السلام -: "كان إحسانه إذا مرض رجل بالسجن قام عليه، وإذا ضاق عليه المكان وسع له إذا احتاج جمع سأل له". وقيل لابن المنكدر أي الأعمال أفضل؟ قال: "إدخال السرور على المؤمن". قيل أي الدنيا أحب إليك ؟ قال: "الإفضال على الإخوان". أي التفضل عليهم والقيام بخدمتهم. وقال وهب بن منبه: "إن أحسن الناس عيشاً من حسن عيش الناس في عيشه وإن من ألذ اللذة الإفضال على الإخوان". فوائد قضاء الحوائج: – يقول ابن عباس: لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره فإنه يشكرك عليه من لم تصنعه إليه، أيضاً يقال: لا يزهدنك في المعروف من يسديه إليك، ولا ينبو ببصرك عنه، فإن حاجَتَك في شكره ووفائه لا منظره، وإن لم يكن أهله فكن أهله. قال عمرو بن العاص: "في كل شيء سَرَفٌ إلا في ابتناء المكارم أو اصطناع المعروف، أو إظهار مروءة". – حفظ الله لعبده في الدنيا كما في الحديث القدسي: (يابن آدم أنفق ينفق عليك) وقد قيل (صنائع المعروف تقي مصارع السوء). قال ابن عباس: "صاحب المعروف لا يقع فإن وقع وجد متكئاً".. كان خالد القسري يقول على المنبر: "أيها الناس عليكم بالمعروف فإن فاعل المعروف لا يعدم جوازيه وما ضعف عن أدائه الناس قوي الله على جوازيه". قضاء الحوائج واصطناع المعروف. – الإخلاص في الأعمال وعدم المن بها قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: لا يتم العمل إلا بثلاث تعجيله وتصغيره وستره فإنه إذا عجله هنَّأه وإذا صغَّره عظمه وإذا ستره تممه. وكان يقال: ستر رجل ما أَولى، ونشر رجل ما أُولي. وقالوا المنة تهدم الصنيعة. قال رجل لابن شبرمه: فعلت بفلان كذا وكذا، وفعلت به كذا فقال: لا خير في المعروف إذا أحصي. وأعلم أن من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية الأعمال في الأعمال، واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة. – إتمام العمل: قال أحد السلف: رٌب المعروف أشد من ابتدائه. والمقصود به رُب العمل: تنميته تعهده. ويقال: الابتداء بالمعرف نافلة و ربه فريضة. أي إتمامه. – وطلب الحاجة من الكريم دون اللئيم: فعندما يطلب منك أي عمل فأعلم أن الحاجة لا تطلب إلا من كريم وقد أحسن الظن بك من طلب أداء العمل واستمع إلى قول ابن عباس: ثلاثة لا أكافئهم: رجل بدأني بالسلام، ورجل وسع لي في المجلس، ورجل اغبرت قدماه في المشي إرادة التسليم علي، فإما الرابع: فلا يكافئه عني إلا الله عز وجل، قيل فمن هو؟ قال: رجل بات ليلته يفكر بمن ينزله ثم رآني أهلاً لحاجته فأنزلها بي. أراد بذلك من طلب المعونة منه. كان يقال: لا تصرف حوائجك إلى من معيشته في رؤوس المكاييل والموازين. – و الشكر والثناء: وهذا أدب لصاحب الحاجة يفتقر إليه بعض الناس وكان من الواجب على صاحب الحاجة أن يبالغ في الشكر والثناء لمن قضى له حاجته ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، قال صلى الله عليه وسلم: من صُنِعَ إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء. قال بعض الحكماء: إذا قصرت يدك عن المكافأة فليطل لسانك بالشكر. – وهذه مجموعة آداب يرويها خالد بن صفوان: لا تطلبوا الحوائج في غير حينها، ولا تطلبوها لغير أهل، ولا تطلبوا ما لستم له بأهل فتكونوا للمنع خلقاء. نماذج وآثار لسلف هذه الأمة. – علموا عظم الأجر المترتب على اصطناع المعروف وقضاء الحوائج وما فيه من النفع وضربوا لنا أروع الأمثلة فمن ذلك: – ما أخرجه الإمام أحمد من حديث ابنة
لخباب بن الأرت قالت : خرج خباب في سريه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهدنا حتى يحلب عنزة لنا في جفنة لنا فتمتلئ حتى تفيض. وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم فلما استخلف قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها. فقال أبو بكر وإني لأرجو ألا يغرني ما دخلت فيه – يعني الخلافة – عن شيء كنت افعله أو كما قال. – وكان عمر يتعاهد الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة، فدخل إليها فإذا هي عجوز عمياء مقعدة فسألها ما يصنع هذا الرجل عندكِ. قالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدنا يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى.. فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة عثرات عمر تتبع. – كان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم كل يوم، فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن. – وقال مجاهد : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدمني. – وكان كثير من الصالحين يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم. -وكان رجل من الصالحين يقول اللهم بلغني عثرات الكرام، حتى يقيمها.عن أنس قال: كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا في يوم حارٍّ أكثرنا ظلاً صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوام وقام المفطرون، وضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذهب المفطرون بالأجر. وفي الحديث الذي معنا يقول النبي: ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام والمراد بالحاجة أي حاجة كانت: مالية أو علمية أو أدبية، دينية أو دنيوية. والمراد بقوله (ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام) أن الذي يمشي في حاجة أخيه المسلم حتىيثبتها له ثبت الله قدمه يوم القيامة على الصراط، الذي هو مدحضة مزلة، أرق من الشعر، وأحد من السيف، وعلى جنبتيه كلاليب وخطاطيف، تتخطف الناس. – قال عبد الله بن عثمان – شيخ البخاري – : "ما سألني أحدٌ حاجة إلا قمت له بنفسي فإن تم وإلا استعنت له بالسلطان". اقض الحوائج ما استطعت، واسعَ في حوائج المسلمين ما استطعت، وتذكر أن ما بك من نعمة فإنما أنعم الله بها عليك لتنفع المسلمين، وتمشي في حوائجهم، فإن أنت فعلت أتم عليك نعمته وزادك منها… ولذلك قال النبي : إن لله تعالى أقواما يختصهم بالنعم لمنافع العباد، ويثبتها عندهم ما نفعوهم، فإذا هم لم ينفعوهم حوّلها إلى غيرهم. هذه وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم تحث على قضاء حوائج المسلمين وإدخال السرور عليهم.. فلننظر إلى أنفسنا هل فعلنا هذا؟؟وهل قضينا حوائج المسلمين وأدخلنا السرور إليهم. وإذا أصلحنا ما بيننا وبين الله أصلح الله ما بيننا وبين الناس..
يا الله نسألك سؤال المحتاجين والفقيرين اليك ان تجعلنا ممن احببتهم في هذه الليله وناديت على جبريل وقلت له انك تحبني
يا رب اجعلني من اهل القبول وممن يفرج هم المكروبين ويسعد الناس. اتوسل اليك بحبيبك وخليلك محمد صلى الله علي وسلم
امين امين امين
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك
من لا يشكر الناس لا يشكر الله بارك الله فيكم وجزاكم عنا كل خير