أم البنات… تهمة بريئة أنا منها!!
تاريخ النشر: 03/07/11 | 11:10بقلم سلام نجم الدين الشرابي-
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يقترف رحمي هكذا ذنب، سكت الناس على مضض في المرة الأولى، وكانت المباركات تلحق بالتمني بأن يطرح هذا الرحم في المرة المقبلة نوعاً آخر.
وكانت المرة الثانية وأعيدت الكرة، خفتت أصوات التبريكات، مقابل أصوات الأمنيات بأن لا أفعلها مرة ثالثة، فالأمر لم يعد قابلا للسكوت عنه.
أما المرة الثالثة، وكما يقول المثل “الثالثة ثابتة”، فقد حققت بامتياز هذا المثل، وجئت بالبنت الثالثة.. هنا تعالت الصيحات والتعازي واللوم على ما اقترفته بإصرار وللمرة الثالثة، حتى استحققت بجدارة لقب “أم البنات” فوصمت بها، وما زلت حتى أثبت حسن نيتي وأجلب الذكر الذي سيرفع من قدري ويكفّر شيئاً من ذنبي!
هكذا يتعامل المجتمع مع من تلد الإناث، من دون الذكور لنعود إلى ما كان عليه عصر الجاهلية قبل مبعث رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان من يبشر بالأنثى يسود وجهه وهو كظيم كما ورد في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى:” وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُون”سورة النحل.
مجتمع المعلوماتية لم يختلف كثيراً عن مجتمع الجاهلية في هذه الجزئية؛ فالوجوه لا زالت تسودُّ، ويزيد سوادها تعليقات المتصلين المعزيين في صورة مهنئين، والدس في التراب غدا دساً في الأرحام، بعد أن سمحت الموجات الصوتية بمعرفة جنس المولود قبل الولادة. فساهمت هذه التكنولوجيا في الإنهاء المتعمّد لإناث الجنين من خلال حالات الإجهاض الانتقائي للأجنة الأنثوية، وأحسنهم حالاً للنطف الأنثوية في عمليات تحديد نوع الجنين!
هذا لم يحدث فقط في المجتمعات العربية، وإنما في مناطق أخرى كثيرة في آسيا (الصين، الهند، تايوان، كوريا الجنوبية)
ففي الصين التي أُجبرت على تحديد النسل بطفل واحد، اختارت الذكر على الأنثى، مما أدى إلى تحذير من العواقب المجتمعية للارتفاع المتوقع في نسبة الذكور وفق دراسة حديثة، تنبأت بارتفاع عدد الذكور عن الإناث في أجزاء عريضة من الصين خلال العشرين عاما المقبلة، بنسبة تتراوح بين 10 إلى 20%، وهذه النسبة شملت الهند أيضاً التي لا يُرحب كثير من عوائلها بالإناث، ويفضلون الذكر على الأنثى للتقاليد الهندوسية الموجودة عندهم والتكاليف المرتبطة بالمهر، مما أدى إلى انحراف معدل الذكور للإناث في الهند عن القواعد البيولوجية، حيث أظهرت دراسة نشرتها مجلة “ذا لانسيت” أن عدد الأطفال الذكور في الهند حتى سنّ ست سنوات يفوق عدد الإناث من الفئة العمرية نفسها بنحو 7.1 مليون، وذلك بسبب تفضيل الأهل المواليد الذكور على الإناث، فقد تم إجهاض ما بين 4 و12 مليون فتاة، بين العامين 1980 و2010، بسبب جنسهن.
هذا الرقم الهائل والمخيف كان وراءه إعلانات غريبة تروج لخدمات الإجهاض إذا ما كان الجنين أنثى، وهذه واحدة منها كما جاءت بالنص: “استثمر 500 روبية لـ ” اختبار الجنس” الآن، لتوفر 50،000 روبية (للمهر) في وقت لاحق”.
انتشار هذه الممارسات دعت السلطات هناك إلى منع استخدام فحص ما قبل الولادة لتحديد جنس الجنين، بل ومقاضاة المختبرات الطبية التي تقدم هذه الخدمة.
أما في المجتمعات العربية فكان وراء هذا التفضيل للذكر على الأنثى الأفكار والمعتقدات المتوارثة والمتناقلة من جيل لآخر، التي تتمحور في النظرة إلى الفتاة على أنها مصدر هم وقلق مستمر، ومسؤولية لا تنتهي، وفي بعض الأحيان عار محتمل، مما يجعلها تشكل عبئا كبيرا على كاهل والديها من مبدأ “عين على الولد، وعشرون على البنت”.
ومن يرجع إلى الأمثال الشعبية يجد فيها إرثا اجتماعياً وثقافياً، يكشف مدى تفشي هذه الأفكار وتناقلها بين الأجيال، ومن هذه الأمثال:
“البنت تظل بنتاً حتى لو حصلت على أعلى الشهادات والمراتب”،
“خلفة البنات هم للممات”،
الولد شايل عيبه أما البنت فمحسوب عليها كل تصرف،
“لما جاني الولد فرح قلبي وانشرح”،
“ولما جاتني البنيه طاحت الطوفه علي”.
“صوت حيه ولا صوت بنيه”،
أم البنت مسنودة بخيط وأم الولد مسنودة بحيط ،
هم البنات للممات لوعرايس أو متجوزات..
يا مخلفه البنات يا شايله الهم للممات..
إن مات أخوك أنكسر ظهرك، وان ماتت أختك أنستر عرضك،
جوزت بنتي لأرتاح من بلاها ،رجعتلي وأربعه وراها.
دلع بنتك تعرك ودلع ابنك يعزك.
الأمر الثاني الذي يجعل المجتمع العربي يفضل الذكر على الأنثى: موضوع النسب وحمل اسم العائلة الذي يعد جزءاً مهماً من علوم العرب وثقافتهم، متناسين أن الإنسان تخلده أفعاله ومحاسنه لا أولاده وأننا كلٌ إلى زوال، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثل، وكثير من أسماء الصحابة والعلماء والمبدعين في مختلف المجالات الإنسانية والعلمية وصلتنا أسماءهم وسيرهم ليس نقلاً عن أولادهم أو سلالتهم وإنما من خلال الأعمال التي تركوها.
إن هذه الاعتقادات المريضة المتوارثة من الجاهلية، والتي تتربى عليها أجيال بعد أجيال على اختلاف التطورات العلمية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية وصولاً إلى الانفتاح العالمي والتواصل التكنولوجي، تتعدى العلاقات الاجتماعية إلى التأثير على تركيبة المجتمع وتماسكه.
ولا ننسى دور الإعلام العربي الذي ساهم في ترسيخ النظرة الدونية للمرأة! والتخويف من الحمل الثقيل الذي يقع على كاهل والديها من خلال ما يقدمه من مسلسلات وبرامج وإعلانات.
هذه المخاوف وصلت حد الابتعاد عن الزواج من البنات اللواتي ليس لهن أخ ذكر، خوفاً أن يكن كأمهاتهنّ لا ينجبن إلا إناثاً، رغم أن الدراسات الطبية برأت ساحة المرأة من هذه التهمة، وأثبتت أن الرجل يتحمل المسؤولية في تحديد نوع الجنين- علمياً- وليس اختيارياً، الأمر الذي يذكره التراث العربي قبل هذه الاكتشافات الطبية في قصة الإعرابي أبي حمزة الذي تزوج امرأة لم تنجب له إلا البنات فقط، وحين أنجبت البنت العاشرة غضب منها وهجر منزلها وتزوج عليها. وذات يوم رأته ذاهباً إلى زوجته الجديدة فأخذت تهدهد وليدتها الرضيعة وهي تقول:
ما بال أبي حمزة لا يأتينا
ويأتي البيت الذي يلينا
أغضبان أننا لا نلد البنين
والله إن هذا ما بأيدينا
فنحن كالأرض لزارعينا
ننبت ما قد زرع فينا
ولكن كل هذا لم يعف المرأة من تحمل تبعات هذا الموضوع، إذ سجلت دراسة حديثة صدرت عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وجود 10 آلاف حالة طلاق سنويا في مصر، بسبب إنجاب البنات”. وسجلت القاهرة 1780 حالة طلاق، والإسكندرية 1017 حالة، وتضاعفت النسبة في محافظات الوجه القبلي حيث يعتبرون إنجاب البنات أمرا شائنا يجلب العار، والغضب والحزن.
وأياً كان من يتحمل المسؤولية علمياً عن تحديد نوع الجنين، فإن التأمل والتفكر في قول الله تعالى: “لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ” سورة الشورى، وفهم معنى الآية يكم أفواه المتطاولين ممن لا تنفتئ ألسنتهم تستنكر قدوم الأنثى، وتحمّل والديها المسؤولية وتصفهم بالمساكين }أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{، يشترك في هذه المعاناة من لم يرزق بالأطفال.. وكثيراً ما نسمع عن زوجين ارتضيا حكم الله عليهما، وإنما يشكوان أذى الناس ولسعات كلماتهم وتساؤلاتهم المستمرة عن الأطفال والولد الذكر وكأنه قرار يتخذ؟
إن الشريعة الإسلامية بينت أن كراهية البنات والتشاؤم منهن والحزن لولادتهن جاهلية بغيضة إلى الله سبحانه وتعالى، والإسلام حثنا على حسن معاملة البنات، وبيّن فضلهن وفضل تربيتهن، فعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من كان له ثلاث بنات، فصبر عليهن،وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته، كن له حجاباً من النار يوم القيامة” رواه ابن ماجه، وصححه الألباني. وعن أبي سعد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من رجل تدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما،إلا أدخلتاه الجنة” رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
ولمن اعتقد فوزه وسعادته بجنس معين أو فرد بعينه فليتفكر بقول الله في كتابه الكريم:” آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا”سورة النساء.
إن العالم بأسره وبمختلف ثقافاته وانتماءاته بحاجة إلى تأهيله نفسياً ودينياً وفكرياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وتعليمياً لتقبل قدوم الأنثى أياً كان ترتيبها في العائلة، أو محددات الإنجاب الصحية أو السياسية أو الاجتماعية، والنظر إليها كما هي في الواقع ككائن بشري ومشروع إنسان ناجح والتعامل معها على هذا الأساس، وليس كخطيئة أو عار أو مصدر هم أو غم!!
فأين هي النماذج النسائية الناجحة في مناهجنا التعليمية في الأدب والتاريخ والعلوم، وأين هي النماذج النسائية المعاصرة والناجحة في إعلامنا العربي؟..
وحتى نحدث ذلك التغيير في نظرة الإعلام للمرأة، وشمولية مناهج التعليم للنماذج الإيجابية النسائية سنبقى ندور في ذات الدائرة التي لم يستطع أن يخرج منها من سبقونا وقد لا يتخطاها من سيخلفوننا..
ومع كل ما سبق فإنني أم البنات أعلن براءتي من هذه التهمة ليس لأني أنجبت ذكراً يبرئني، وإنما لأني عرفت موقع المرأة في القرآن الكريم، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأت تاريخ المرأة وعاصرت حاضرها، واستشرفت مستقبلها وعرفت كوني امرأة أنني ابنة حواء من جنس الإنسان التي باختيارها – بعد توفيق الله- أن تكون صالحة فاعلة إيجابية ومبدعة، مساهمة في بناء مجتمعها، أو تكون سلبية عبئاً على نفسها ومن حولها تماماً كالنماذج الإيجابية والسلبية الموجودة في شقيقها الرجل، والتي من المفترض أن يقيّم على أساسها، وليس على كونه ذكراً..
بوركتِ اختي على هذا المقال القيم , فعلا فان ديننا الحنيف استنكر فعل الجاهلية وهو الخجل والخزي من خلفة البنات ولكن وللاسف ما زالت مجتمعاتنا غارقة في بحر الجاهلية ويؤيدون افعال الشاب مهما بلغت من الانحلال (بهمش مهو زلمة) واما الفتاه يلاحقونها بالسنتهم واعينهم ليل نهار مع ان ديننا حرم على كلا الجنسين نفس المحرمات وانا لا زلت لا افهم كيف حلل هذا المجتمع الامور واعطى للشاب او الرجل شرعية التصرف كما يحلو له , وبالنهاية يتهمون المراة بخلفة البنات ( يا حرام عندها 3 بنات) بئس المجتمع وبئس التخلف والله اليوم اصبحت اشفق على الامهات من خلفة الاولاد الذكور بسبب كل المصائب التي تاتي من ورائهم , علينا ببناء انفسنا من جديد ..
لا أعرف لماذا أكره جنس حوا !!!
الى شاب25.. تحية وبعد.. حقيقة عجبت لتعليقك وارتسمت على وجهي ابتسامة…
لا أدري من أين تنبع هذه الكراهية ولا أدري ما سببها.. لكن تعميمك للكره جعلني أستنكره.. في حياتك يا عزيزي عدد من حواء يحتجن منك لمحبة وإكرام لما خلفنه في حياتك من رحمات لتكون شاب 25, أمك التي مهما كانت قد تعبت لتكبر ,أختك, جدتك, خالتك ,عمتك.. كل أولاء مهما فعلن ومهما كان نصيب الحب الذي نلنه منك بحاجة لنظرة اعتزاز بهم وبما فعلن لنكبر.. فإياك والتعميم عزيزي.. فحواء أشكال وألوان كما الرجال أشكال وألوان.. وكما أن رجالا أو بعض رجال صنعوا تاريخا.. فهناك بعض نساء صنعن مجدا, صنعن بيوتا وأسرا بلأخلاق عالية… وفقك الله لكل خير..
_________اليك يا شاب 25:::: اريد ان انير لذهنك انك لست فقط من كره في هذه الدنيا فالعجيب ان جنس حواء لا عجب انهن يكرهن جنس ادم:::فيا للمصادفة القلوب تتجمع عند بعضها يا اخي…لماذا ذا التعبير الذي عبرته امام ملايين من شاهدو لك ذا التعقيب فما سيكون رد فعلهم حسب رايك؟؟؟ اركنا منهم ارجو ان تكمل قراءة ما ساكتبه لك:::
يا اخي منذ زمن حقد على النساء وعوملن معاملة العبد ولا ننسى وأد البنات ..منذ زمن وهن مظلومات في اكلهن في طلوعهن في النظرة اليهن …الكراهية بانجاب البنات وتفضيل الولاد على البنات…كل تلك الظواهر كانت لصالح الرجال ..وبقيت النساء في بحر من جانبي يتجنب الاقتراب منه..يا حبذا لو كان لا يقترب منه بل كانو يتسببو لجنس حواء بالاساءة والمعاملة السيئة….الى ان جاء النبي وأوقف تلك الاساءة لجنس حواء…فأمر بالرحمة لهن ومعاملتهن معاملة حسنة…كما انه مان يحمد زوجته خديجة …
اخي ما اريد ان اوصله اليك::: ان السبب الذي جعلك تكره جنس حواء هو نفس السبب الذي جعل بنات حواء يكرهن بني ادم…لانكم مخادعون” “وظالمون””وحقودون”…حسبي الله عليكم ..والله انكم ظالمين وما وجد في قلبكم جنس من الرحمة:::والله لاعتبرنا من كون الرسول رسولا لما حمل في قلبه طيبة ورحمة ولم يكن يحمل ذرة حقد وكراهية اتجاه جنس من البشر::ولكنكم انتم دائما هكذا من قلبه طيب مثل النساء”تحطو حطاطو”يا ويلكم من الله:::