هل لعطر النبي وشعره وقدمه أثرٌ بقبة الصخرة؟
تاريخ النشر: 26/07/16 | 8:26تعبق ساحات المسجد الأقصى ومصلياته برائحة البركة المعتّقة بالعراقة والتاريخ، وفي إحدى زوايا مصلى قبة الصخرة الذهبية وتحديدا في الجزء الجنوبي الغربي تنبعث رائحة زكية من أعمدة أثرية تعلوها قبة أيوبيّة، تسمى “الخابية”، حيث يُدخِل زائرو قبة الصخرة أكفهم فيها لتلّمس شيء من هذه الرائحة.
كيوبرس سألت العديد منهم عن مصدر هذه الرائحة، فكانت إجاباتهم أن هذه هي رائحة النبي صلى الله عليه وسلم التي بقيت في المكان منذ ليلة الإسراء والمعراج!
تنفي، رئيسة شعبة الحارسات في قبة الصخرة السيدة زينات أبو صبيح هذا المعتقد لدى الناس، وتؤكد أن سدنة القُبّة هم من يقومون بوضع الرائحة داخل فتحة” الخابية” يوميا لتطييب رائحة المكان.
وتحاول أبو صبيح برفقة السدنة توضيح هذه المعلومة للمصلين، وتضيف لكيوبرس: “لم نقرأ أن عمر بن الخطاب حين فتح القدس، تفقّد أثر قدم النبي وعطره أو بنى عليهما وقدّسهما، كما أنه لا يجوز للنساء التعطر من هذه الخابية لأن الطيب محرم على المرأة خارج منزلها”.
وحسب رئيس مركز المخطوطات في المسجد الأقصى رضوان عمرو فإن بناء “الخابية” كان في العهد الأيوبي بعد تحرير القدس من الصليبيين، وسميّ بذلك لاستخدامه في “التخبئة”. ويؤكد لكيوبرس أن بناءها حينها كان جزءا من حركة الإحياء لقبة الصخرة والمسجد الأقصى وإعمارهما وجذب الناس إليهما.
كما يتداول العامة أن هناك داخل “الخابية” أثرا لقدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلةَ عرج إلى السماء من المسجد، لكن عمرو يرد على هذا الأمر أنه “لا دليل علمي أو مادي على أن هذا الأثر لقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد انتشرت البدع والأحاديث المكذوبة حول قبة الصخرة حتى قال العالم ابن القيم في ذلك “كل حديث في الصخرة مكذوب مفترى””.
ويتوقع عمرو أن الأيوبيين لم يقصدوا تكريس بدعة في الإسلام، وإنما كان بناء “الخابية” بهدف تكريم المكان، وإضافة قطعة جمالية له.
شعرات النبي عليه الصلاة والسلام
حصلت الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان القانوني على بضع شعرات للنبي عليه السلام، وضعت إحداها في خزانة خشبية داخل خابية قبة الصخرة ووُسِمت بطغراء عثمانية.
ويبيّن الباحث رضوان عمرو أنه من الممكن أن تعود هذه الشعرات للنبي فعلا، لأنه عليه الصلاة والسلام حلق شعره في حِجّة الوداع وأعطى نصف شعره لأبي أيوب الأنصاري، ووزع بقيته على الناس، مضيفا أن بعض الصحابة احتفظوا بشعرات النبي على علم منه، ويبدو أنها انتقلت من جيل لآخر حتى وصل بعضها إلى قبة الصخرة.
وُكّلت مهمة تولي تلك الخزانة الخشبية داخل الخابية لعائلة الشهابي من القدس، وبقيت تُفتح أمام المصلين في ليلة السابع والعشرين من كل رمضان حتى عام 1989م، حيث تم إنهاء هذه العادة باعتبارها بدعة لا أساس لها، وانتقلت وصاية الخزانة الخشبية بعدها إلى دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس وفُتحت لأول مرة منذ 1989 في عام 2013.
يقول رضوان عمرو إنه بالإضافة إلى شخص من عائلة الشهابي كانا أول من يفتح تلك الخزانة. “رأيتها خزانة جميلة متقنة الصنع، يوجد بداخلها لفائف بيضاء من القماش الحريري مزين بشكل بارع، مغلقة بإحكام و تنام بداخلها تلك الشعرات. وكان ولاة القدس في العهد العثماني يهدون هذه الخزانة أرقى اللفائف القماشية”.
هذا ويتفق علماء المسلمين أن الآثار المادية للنبي صلى الله عليه وسلم، صحّ وجودها أم لم يصحّ، لا يجوز التبرك بها أو تقديسها، لأن الأصل التمسك بسنّة النبي وميراثه من العلم والهدى. وزيارته للمسجد الأقصى ليلة الأسراء والمعراج لم تكن لتتشبث أمته بموضع قدمه أو رائحته الشريفة، ولكن لتعي بركة وقداسة وأهمية المسجد الذي صلى بالأنبياء فيه، والذي يتمثل بكامل مساحته -144 دونما- وليس في قبة الصخرة فقط.
كيوبرس