الهروب من الموت حافيا
تاريخ النشر: 29/07/16 | 0:03لم أتمكن من انتعال حذائي، حينما بدأ القصفُ يهزّ حارتنا ذات ليلة، فهربت في العتمة حافيا، ومن الهلع الذي أصابني حينها لم أشعر بوخز الأشواك، التي كانت توخزني، وأنا في الطريق كنتُ أركض بكل خوف من القذائف المجنونة التي كانت تهز القرية، كنت أسمع صراخ الأطفال، الذين كانوا يركضون أسرع مني رغم الطريق الوعرة، ورغم العتمة كانت العتمة تضاء من لهب القذائف، التي كانت تتساقط على سهول القمح، لكنني بقيتُ أهرب من الموتِ، رغم أنني كنت أسيرُ على أشواك النباتات الجافّة، إلا أنني لم أحسّ في الألم، لكنني كنت أشعرُ بألمِ الناس الذين لم يتمكنوا من الهرب، وبقوا تحت جنون القذائف المتساقطة عليهم، كنت أبكي وأحزن وأنا أسير على النساء الحوامل، اللواتي لم يتمكن من الهرب، كنت اتألم على الشيوخ الذين سقطوا من شظايا القذائف ونزفتْ دمائهم على سنابل القمح .. فهروبي كان محيفا، لأنني عرفتُ حينها معنى خوف الناس المساكين.
عطا الله شاهين