عودة المنطقة الحرة
تاريخ النشر: 28/07/16 | 18:04طورت فكرة إنشاء المناطق الحرة سواء من حيث الأهداف أو من حيث أماكن إقامتها ومساحتها ، فمن حيث أهدافها تطورت الفكرة من مجرد أماكن للتخزين وإعادة التصدير إلى مناطق تقدم العديد من الخدمات في مجال الصادرات أو الصناعة ، أما من حيث أماكن إقامتها ومساحتها فبعد أن كانت تقام في مراكز خطوط التجارة الدولية وبمساحات صغيرة، أصبحت تقام في أي مكان وحتى في أماكن نائية من الدولة بغرض أعمار هذه الأماكن وتسكين الأفراد بها لتنميتها ، كما أصبحت تقام على مساحات واسعة، ويتم منح امتيازات متنوعة للمشروعات المقامة بهذه المناطق لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية تتضمن إعفاءات ضريبية وجمركية و أراضى بأسعار مخفضة 00 الخ 0
وتختلف الأسواق الحرة ومناطق التجارة الحرة عن المناطق الحرة وذلك على النحو التالي :- – الأسواق الحرة هي الأماكن التي تباع فيها السلع الاستهلاكية تامة الصنع للأفراد العابرين للمطارات والموانئ في الدول المختلفة سواء كانت سلعا محلية أو أجنبية دون إجراء أي عمليات صناعية على هذه السلع في تلك الأسواق الحرة، ويتم البيع فيها في حدود الاستهلاك الشخصي للأفراد المسافرين وذلك بهدف الحصول على العملات الأجنبية والترويج للسلع الوطنية 0
– مناطق التجارة الحرة هي نمط دولي مختلف عن المناطق الحرة حيث تنشأ منطقة التجارة الحرة بين دولتين أو أكثر لتحرير تجارة السلع بينها ، وذلك بهدف تنشيط التجارة البينية للدول الأعضاء في هذه المنطقة ، وتحدد الاتفاقية الموقعة بين الدول الأعضاء ومنطقة التجارة الحرة نوعية السلع التي يتم تحريرها وحجم التخفيضات الجمركية 0
– المنطقة الحرة هي جزء من أراضى الدولة تدخل ضمن حدودها سياسيا وتحدد مساحتها الجغرافية صراحة ، وتعزل عن باقي أقاليم الدولة من خلال إقامة الأسوار العازلة حولها ، وقد تقام في منطقة تكون بطبيعتها الجغرافية معزولة عن بقية الدولة عن طريق المياه أو الجبال ، وهى تخضع لسيادة الدولة وسلطتها ويطبق عليها قوانين الدولة نفسها ، وينظم العمل بها قانون خاص ، ويحدد في المنطقة الحرة الأنشطة المسموح بممارستها داخلها فقد يكون النشاط هو التخزين أو إعادة التصدير أو التصنيع من اجل التصدير فقط أو أن يكون النشاط قاصرا على الأنشطة الإنتاجية و الخدمية
ويحدد قانون إنشاء المناطق الحرة الجوانب الجمركية والاستيرادية والنقدية والضريبية وغيرها من المعاملات التجارية التي تتعلق بحركة البضائع دخولا وخروجا للمشروعات القائمة بها ، ويتم معاملة البضائع التي تدخل للمنطقة الحرة على إنها صادرات ، والعكس ولذلك تخضع هذه السلع لكافة الإجراءات الجمركية والنقدية للتعامل مع البضائع الأجنبية وهذا بهدف السماح بقدر اكبر من المعاملات والمبادلات التي من شانها جذب الاستثمارات إليها 0وتختلف أشكال ومسميات المناطق الحرة من دولة لأخرى فهناك مناطق حرة مخصصة للتصدير ومناطق اقتصادية ذات طبيعة خاصة ، كما توجد مناطق حرة مخصصة للخدمات وأخرى للتكنولوجيا الحديثة ورغم اختلاف المسميات والأشكال إلا أن كلها تشترك في نفس القواعد التي تحكم عمل المناطق الحرة 0
مزايا المناطق الحرة
تحقق اللدولة:لحرة العديد من الأهداف والفوائد لكل من الدولة والمستثمرين والمشروعات الوطنية والأجنبية ويمكن حصر هذه الفوائد في الاتى :-
مزايا للدولة :-
• تخفيف القيود الجمركية على حركة التجارة ، و جذب رؤوس أموال أجنبية 0
• إنشاء بعض الصناعات التي تقوم بالتصدير إلى الخارج وتتكامل مع المشروعات الصناعية داخل الدولة 0
• توفير فرص عمل للعمالة المحلية وتخفيف حدة البطالة 0
• زيادة حصيلة الدولة من النقد الأجنبي من الرسوم والإيجارات التي تدفعها المشروعات داخل المنطقة0
• زيادة صادرات الدولة للخارج وتخفيف الخلل في ميزان المدفوعات 0
• استقدام تكنولوجيا متطورة وتدريب العمالة الوطنية عليها والاستفادة منها في تطوير الصناعة المحلية 0
• العمل على تنميةوالمشروعات:ائية أو الأقل تقدما والتي لا يقبل رجال الأعمال على الاستثمار فيها0
مزايا للمستثمرين والمشروعات :-
• يحصل المستثمرون والمشروعات العاملة على إعفاءات ضريبية وجمركية ومزايا أخرى تتمثل في أراضى بأسعار مخفضة أو توصيل مرافق 00 الخ وهى مزايا قد لا تتوافر للمشروعات التي تعمل بداخل البلاد0
• تسويق إنتاج المشروعات في أسواق الدول المجاورة 0
• الاستفادة من الأيدي العاملة أو مستلزمات الإنتاج الرخيصة في بعض الدول، بما يحقق خفضا لتكاليف و أسعار المنتجات ويرفع القدرة التنافسية لهذه المشروعات0
• الاستفادة من البنية الأساسية التي تقوم الدولة بتوفيرها لهذه المشروعات في المناطق الحرة بما يساعد على تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة الارباح0
• يمنح المستثمرين الأجانب تسهيلات للإقامة داخل البلاد جاء لخدمة بورسعيد وشعبها حيث تضمن قانون عودة المنطقة الحرة لرفع الظلم عن مدينة بورسعيد الباسلة ويعمل على دفع عجلة الاقتصاد المصري .
سلبيات إنشاء المناطق الحرة
صاحب إنشاء المناطق الحرة مجموعة من السلبيات والتي تتفاوت حدتها من دولة لأخرى وذلك حسب نظم مراقبة العمل ودقة الإجراءات التي تحكم عزل هذه المناطق والسلع المنتجة عن الاقتصاد القومي ومن أهم هذه السلبيات الآتي:-
– احتمال تحول بعض المناطق من التصدير إلى خارج الدولة إلى تهريب السلع إلى داخل الدولة مما يضر بالإنتاج المحلى المماثل ويضيع بعض الموارد على الدولة كالضرائب والجمارك 0
– حرمان الصناعات الوطنية من الكوادر الفنية المدربة من خلال جذب هذه الكوادر للعمل داخل المناطق الحرة 0
– تركيز الاستثمارات الأجنبية داخل هذه المناطق بسبب المزايا التي تمنحها مما يحرم الاقتصاد القومي من تدفق هذه الاستثمارات إلى الداخل 0
المناطق الحرة في مصر :-
يرجع إنشاء المناطق الحرة في مصر إلى عام 1902عندما أبرمت الحكومة المصرية اتفاقا مع شركة قناة السويس تم بمقتضاه إنشاء منطقة حرة ملحقة ببور سعيد لخدمة أغراض الشركة وتوسيع وصيانة الميناء وبمقتضى الاتفاق منحت الشركة إعفاءات جمركية لكافة البضائع الواردة إلى المنطقة وفى عام 1952 صدر القانون رقم 306 والذي نظم إقامة المناطق الحرة في مصر ثم صدر في عام 1963 قانون الجمارك رقم 66 مشتملا على جزء خاص بتنظيم المناطق الحرة ثم صدر القانون رقم 51 لسنة 1966 لتنظيم المنطقة الحرة في بور سعيد إلا أن تطبيقه توقف بسبب حرب 1967
ومنذ بداية السبعينات سعت الحكومة المصرية لاجتذاب رأس المال الأجنبي والعربي وتشجيعه على الاستثمار داخل مصر حيث أصدرت قانون الاستثمار رقم 65 لسنة 1971 والمسمى بقانون استثمار رأس المال العربي والمناطق الحرة وقامت بإنشاء هيئة للاستثمار تتولى شئون الاستثمار في مصر وقد سمح هذا القانون بإقامة نوعين من المناطق الحرة وهما المناطق الحرة العامة والمناطق الحرة الخاصة
وفى عام 1974 تم إصدار قانون جديد للاستثمار رقم 43 في شأن رأس المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة ، ثم تلته مجموعة من التعديلات والقوانين وكان الهدف الأساسي هو جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية حتى صدر قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 0 وقد كان الهدف من إنشاء المناطق الحرة في مصر هو زيادة الصادرات من خلال إنشاء صناعات قادرة على التصدير للخارج وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية لمصر والعمل على جذب فنون إنتاجية وتكنولوجية حديثة ، بالإضافة إلى استيعاب المزيد من العمالة
تقييم أداء المناطق الحرة في مصر
استهدفت الدولة من إقامة المناطق الحرة زيادة الصادرات وإحداث اثر إيجابي على ميزان المدفوعات وجذب رؤوس الأموال واستقدام تكنولوجيا متطورة وتوفير فرص عمل ونوضح ذلك فيما يلي :-
– شهد صادولار،لات المناطق الحرة مع العالم الخارجي عجزا مستمرا إلا انه حدث تحسن خلال عامي 2000/2001 و 2002/2003 ، حيث بلغت الصادرات خلال هذين العامين على التوالي 1114.9 مليون دولار و 1374 مليون دولار بينما كانت الواردات خلال ذات الفترة 1621.1 مليون دولار و 1652.1 مليون دولار، وانخفض العجز من 506.2 مليون دولار إلى 278.1 مليون دولار0
– استهدفت المناطق الحرة جذب رؤوس الأموال الأجنبية ولكنها لم تستطع جذب قدر كاف من رؤوس الأموال العربية والأجنبية ويرجع ذلك إلى انخفاض جاذبية هذه المناطق للاستثمارات الأجنبية والعربية بسبب تزايد أعداد المناطق الحرة على مستوى العالم (فعلى سبيل المثال بلغت أعداد المناطق الحرة المخصصة للتصدير على مستوى العالم في عام 2002 نحو 3000 منطقة) وتزايد حدة المنافسة بينها لاجتذاب الاستثمارات العالمية ، وقد انخفض نصيب رؤوس الأموال العربية من إجمالي رؤوس أموال المشروعات المقامة في المناطق الحرة من 39% حتى 30/6/1985 إلى 12% حتى 30/6/2003 وانخفض نصيب رؤوس الأموال الأجنبية خلال نفس الفترة من 24% إلى 14% وبالتالي ارتفع نصيب رؤوس الأموال المصرية من 37% الى74%
– اجتذاب تكنولوجيا حديثة ومتقدمة ويتحقق ذلك بتزايد عدد المشروعات الصناعية التي تعمل على استقدام تكنولوجيا متقدمة وتقدم منتجات عالية التخصص ، لكن نلاحظ أن 34% فقط من المشروعات الصناعية تعمل في مجال الصناعات الهندسية وهى التي تتمتع بقدر كبير من التكنولوجيا المتقدمة ، أما باقي المشروعات تعمل في مجال الغزل والنسيج والأغذية والكيماويات وهى مجالات لا تحتاج إلى فنون إنتاجية متقدمة أو إلى مهارات خاصة وبالتالي فرص استخدام المشروعات الصناعية المقامة داخل هذه المناطق للتكنولوجيا المتقدمة تبدو ضعيفة 0
– استهدفت المناطق الحرة استيعاب مزيد من العمالة وتوفير فرص عمل دائمة، ولكن تراجعت فرص العمل التي وفرتها المناطق الحرة من 102.7 ألف فرصة عمل في 30/6/2000 إلى 93.5 ألف فرصة عمل في 30/6/2003 ويرجع هذا إلى انخفاض أعداد المشروعات المقامة داخل المناطق الحرة من 855 مشروعا في 30/6/2000 إلى 747 مشروع في 30/6/2003
ويلاحظ أن العمالة بهذه المناطق لا تخضع لقوانين العمل المصرية ومن ثم فإنها لا تتمتع بالضمانات والمزايا التي تتيحها هذه القوانين 0وفى النهاية نوضح انه حتى تحقق المناطق الحرة أهدافها فلابد من :- • التفرقة في منح الحوافز والمزايا للمشروعات التي تقوم باستخدام تكنولوجيا متقدمة والتي تقوم بتصدير أكثر من 50% من إنتاجها للأسواق الخارجية مقارنة بالمشروعات الأخرى خاصة التخزينية 0
• عدم منح موافقة لأي مشروعات جديدة بنظام المناطق الحرة إلا للمشروعات التي لديها مقدرة على التصدير للخارج 0
• مراعاة أن تكون المناطق الحرة التي سيتم إنشاؤها متخصصة في الأنشطة الصناعية
• دراسة التجارب الناجحة لبعض الدول مثل التجربة الكورية والتجربة الصينية في مجال المناطق الحرة وذلك للاستفادة منها 0
إن اتجاه الشركات إلى توسعة تسهيلاتها وخدماتها لتصل إلى مستوى الصناعة في نمو مطرد وأننا نشجع هذه الشركات على المضي قدما حيث نعمل على تقديم أفضل الخدمات والتسهيلات على حد سواء.
إن المنطقة الحرة في نمو مستمر وتحديدا في تطوير البنية التحتية والتسهيلات، وانسيابية خدمات القيمة المضافة والحملات التسويقية إضافة إلى الدعم اللامحدود لسلطة المنطقة الحرة بجبل علي للوفاء بالتزاماتها أمام عملائها، حيث توفر المنطقة الحرة بجبل علي على تمثل البيئة الاستثمارية المميزة للشركات الراغبة في تأسيس إعمالها في المنطقة والتي تعتبر نقطة توزيع عالمية مهمة
الدكتور عادل عامر