ليسقط مخطط بيع خان العمدان
تاريخ النشر: 16/11/13 | 23:38عكا، تلك المدينة الفلسطينية التاريخية ذات الماضي العريق، والمكانة الهامة المميزة، التي لا تخاف هدير البحر، والتي هزمت جحافل وجيوش نابليون عند أسوارها، وردتهم خائبين يجرجرون أذيال الهزيمة، وتصدت للغزاة على مر العصور والازمان الغابرة. هذه المدينة تعيش حالة استنفار، وتواجه وتتصدى لمخطط عنصري تهويدي جديد، وهو بيع "خان العمدان" لتحويله الى فندق سياحي. ويندرج ذلك في اطار محاولات تشويه وطمس معالمها وتشويه طابعها وتغييرملامحها العربية الاسلامية.
وخان العمدان هو أحد معالم المدينة الأثرية التاريخية، ومن أكبر خاناتها وأجملها، ويقع بجانب الميناء، أقامه والي عكا أحمد باشا الجزار عام 1784. وهو عبارة عن فناء واسع مربع الشكل يحيطه رواق ذو اعمدة أحضرت من خرائب قيسارية، وحول الرواق توجد غرف معقودة من طابقين يبلغ عددها 44 غرفة، وفي وسط الفناء توجد بركة ماء من الرخام، وعلى مدخل الخان أقيم عام 1909 برج الساعة وذلك بمناسبة مرور 25 عاماً على اعتلاء السلطان عبد الحميد الثاني عرش الدولة العثمانية.
وتنبع أهمية الخان التاريخية من أهميته التجارية، ولكن بعد احتلال فلسطين العام 1948 لم يعد له سوى قيمته الاثرية التاريخية، وبات مهجوراً بفعل سياسة الاجحاف والاهمال السلطوية، وفي أحيان كثيرة تم استغلاله كساحة للنشاطات الاجتماعية والمهرجانات والفعاليات الادبية والثقافية والفنية والمسرحية، مثل مهرجان الصحافة الشيوعية الذي كان يقيمه الحزب الشيوعي احتفاءً بصحفه التقدمية اليسارية، التي كانت تشحن وتعبئ الناس وجماهير الشعب بالفكر الثوري والروح المقاتلة، ولم يتبقَ من هذه الصحافة سوى صحيفة "الاتحاد " العريقة.
ان المخططات السلطوية ضد عكا وسكانها العرب متواصلة، ولم تتوقف يوماً، وذلك بهدف تهويدها وافراغها من أهلها، أصحاب الارص والوطن والدار. وكما في كل مرة تحاول السلطة ودوائرها ومؤسساتها تنفيذ مخططها الا أنها تلقى معارضة شديدة من اهلها الصامدين، فيهبون هبة رجل واحد، وينتفضون ويتحركون بكل قوة لإطلاق صرخة غضب مدوية في وجه هذه السلطة ومؤسساتها.
وقبل أسابيع انطلق في قلب وعمق هذه المدينة الشامخة والصامدة امام كل عدوان عنصري، الحراك الشعبي المدني الوطني، الذي تجسد في المظاهرة الحاشدة تنديداً واستنكاراً ورفضاً لبيع "خان العمدان"، حيث علا صوت الجماهير معلناً ومؤكداً "لا للبيع"، ولا للصفقات والمشاريع المشبوهة على حساب موروثنا الوطني والتاريخي. ولعل هذه المظاهرة الشعبية الاحتجاجية تمثل الشرارة الأولى في المعركة النضالية والكفاحية لإسقاط هذا المشروع السلطوي.
أخيراً، هنالك ضرورة قصوى لمواجهة مخطط بيع "خان العمدان" جماهيرياً وسياسياً واعلامياً وقضائياً، وهذا يتطلب وقفة كفاحية وطنية وشعبية واسعة لأجل حماية اهلنا في عكا القديمة. فلتسقط صفقة البيع، ولتبقَ عكا حارسة للحلم وللروح وللوعي وللانسان الفلسطيني، وقلعة وطنية شامخة للصمود في أرض الوطن.