مختارات للشّاعر أحمد فوزي أبو بكر من ديوانه الجديد " تشرين"
تاريخ النشر: 17/11/13 | 6:26الوَرَقة الأولى
والخَصرُ مجدافٌ لصيّادٍ غريق
والصّدرُ درمقُ جَنّةٍ جُبِلَت بنار
والعَينُ بحرٌ من فنارٍ يستفيق
والحاجِبُ السّيفُ ارتوى لحظًا وغار
هَمَسَت على وَجَلٍ وألقَت في الطّريق
وَمضًا تَتَبَّعَ جُنّتي فيها وَغار
خالِفْ ضلوعيَ في عناقٍ مستميتْ
واُلْثُمْ مياه الجيدِ من شمسٍ تغار
حاصرْ شفاهَكَ في شفاهيَ كي أموتْ
عشقاً لوجهكَ في تضاريس النّهار
هذي عروقيَ في لهيبكَ تستشيطْ
فاركب خيول النّار في جسدٍ يُثار
وادفِن بسرّيَ في وريدك كي يبيتْ
ليليْ أسيراً بين أصدافِ المحار
واكتب على شطئان روحيَ ما رضيتْ
هذي الزنود السّمر في غَرَقيْ دثار
واعصر فؤاديَ في عيونِكَ إن أَبَيْتْ
وَشْوِشْ لصدريَ من قصائدكَ الصِّغار
ضَرَبَتْ رياح العشق أشرعتي ,أتيْتْ
ما غَيْرُ صدرِك ذادَ من لجج البحار
اقطف زهورَ الثَّغر ها تاهت إِ لَيكْ
توهَ النّوارس بين أفقٍ وانتظار
والْسَعْ بِنَحْلِكَ كلّ ظَلْماءٍ تَليــكْ
طَيِّرْ بوجهيَ من فَرَاشِكَ في الحوار
الكأسُ من رمقي تكسّرَ في يَدَيْكْ
والعطرُ ريقُكَ إذ تجفِّفهُ الجمار
شفتيَّ، أخرسَ بوحِيَ الخمرُ العتيقْ
سكرى أفيقُ على ترانيم الهزار
غابت سماءُ المفرداتُ فلن أفيق
واشتقتُ للنّجم المضيّعِ في المدار
الورقة الثّانيّة
نَزَقٌ على نَزَقٍ ومثلي يُزْهَقُ
إن لم يُجَنٍّحْ بالرّؤى تَتَحَقّقُ
إن كانَ فيها مَصرَعُ الحُرِّ الأبيِّ
لذا أموتُ إذَن وأيضًا أُخْلَقُ
ما سادَ طاغٍ أو تَشَمَّتَ حاقِدٌ
إلّا اضطَرَمْتُ ولي فؤادٌ يُحرَقُ
أمشي على جَمْرِ الكَرامَةِ صامِتًا
والحُلْمُ يسمو عَن سماءٍ يَنْسُق
ضاقَ الفَضاءُ فَلَم تَعُد بي رَغْبَةٌ
إلّا لِمَلْحَمَةٍ بِها أتَمَزَّقُ
حَتّى تُشارِكَني الوحوشُ غضاضَتي
ويَظَلُّ مِنّي شِعرِيَ المُتَفَرِّقُ
"" فالمَوتُ آتٍ والنّفوسُ نفائسٌ
والمُستَغَرُّ بما لَدَيْهِ الأحمَقُ ""
إنّي طَعِمْتُ من الشّبابِ ثِمارَهُ
ما ضُنَّ عَن ملِكٍ فلا يَتَذَوَّقُ
مَطَرٌ على مطري يَرُدُّ صبابَتي
فَأرُدّها مِن خَوبِها تَتَحرَّقُ
نَسرانِ في عينيَّ ما أَن يُؤمَرا
عَنَتِ الطّرائِدُ نَحْوَ قَلبٍ يُعْشَقُ
حَتّى إذا زَرَقَ المشيبُ بِلُبْدَتي
والعينُ مِن فَرطِ التّجارُبِ تَنطُقُ
واللّهِ ما كَذَبَ الفؤادُ ولا غَوى
وكذا لساني إن نَطَقتُ فَيَصدقُ
لا تَعْجَبي للأمرِ طارِقَةَ الفتى
هُوَ ذا العَنيدُ إذا أرادَ سَيَطْرُقُ
الورقة الثّالثة
إنّي ذَكَرْتُ النوى فَردًا ومُرتجِلا
لا عودَةً أرتجي قُربًا ولا أملا
قد عادَني ريحُها إذ شَفَّ عن أثَرٍ
يجري الهوى فيهِ مصقولًا ومنسَدِلا
يا ليلُ يا وارفًا عن جيدِها خُصلًا
أفصِح عن السَّيفِ ممشوقًا ومُشتَعلا
يا بائعَ العِطرِ بلِّغها تحيَّتنا
واسكُب على ثوبها من عِطرِنا بَلَلا
قد أكسَدَ الدَّمعُ منها عِطرَ بائعِهِ
لما همى مُعبقُ الآكامِ معتسِلا
كَم ظبيَةٍ راوَدَت مِن صخرِنا كلأً
ألّا وقد عادَ فيها الشَّوقُ منتَحِلا
عودي فقد جاسَتِ الآرامُ ساحتنا
لكنَّ صبًّا غوى لم يُخلف الطّللا
مَن ذا يَعيبُ بــِتَيـــمٍ قَلبُهُ حَزَنٌ
لا يفقَهُ العِشقَ من لم يحتسِ المُقلا
أمشي فيتبَعُني نايٌ يُشَتّتُني
بَينَ المقاماتِ لحنًا باكيًا ثَمِلا
يا جنَّةً أنضجتها نارها فَحَلَت
إن أمطَرَت فالرِّضابُ استَخْمَرَ العَسَلا
تشذو كمنديلٍ عَطارٍ على نَضَدٍ
قد خالطَت عرقًا مع أثْرِ ما جَبَلا
فُضّي اعتكافي غَريبَ الدّارِ فاتِنَتي
قدطالَ ليلي فلا شَمسًا ولا ظَلَلا
ما جََفَّت العينُ إذ نبضي ارتقى الورقا
من بُعدِ زاجلةٍ تُهدي الوَما سُبُلا
إن كانَ في بُعدها سقمي فما كَذَبَت
إنّ الوِصالَ بِها يا موتَ من وَصلا
أُسقِيتُ من شهدِها حَتّى ارتوى بدني
وانفكَّ من عقدِها ذكرى لِمَن بـُتِلا
ضَرَبَت على القَلبِ وشمًا ما رَأَتهُ الظِّبا
لَمّا بِمرعى الهَوى عَذّبنَ مَن قُتلا
الورقة الرّابعة
كُلُّ ما فِيَّ أبِيٌّ وَأَبي
أسودُ الرَّايةِ حُرٌّ عَربي
أبيضُ الرّاحةِ في عيني تَرى
شمسَ شرقٍ في السَّما لم تُغربِ
فأبي كان النَّبيلَ الْمُجتبى
وأبي كان نبيَّ الغَضَبِ
عربيُّ الرّوحِ كنعانُ الهوى
صهوةُ الشَّامِ وسيفُ المغربِ
قَمَريُّ الّليلِ يَضوي عتمَةً
لتهاليل سَمَت في القُبَبِ
وأبي السَّاكنُ أحزانَ الوَرى
وأبي في همِّ شعبٍ مُتعبِ
وأبي دَهْشُ البَساطةِ إنَّما
هُوَ ذا الحُرُّ سليلُ النُّجُبِ
وأبي الأرضُ إذا ما زُلزِلَت
وأبي دُهْمُ السَّماءِ الْمُرعِبِ
زوَّجَ الثَّورةَ للحَرفِ مدى
عاكفًا بين رفوفِ الكتبِ
ويمينِ الحرِّ لولا آيَةٌ
وحديثٌ من نبيٍّ يَعرُبي
لاستوى عندي يقينٌ قاطعٌ
أنني لابنُ رسولٍ ونَبي