عندما ينتقل التلميذ إلى مرحلة مدرسية جديدة
تاريخ النشر: 27/08/16 | 7:19من الحضانة إلى الابتدائي
تختلف مرحلة الحضانة عن المرحلة الابتدائية. إذ أنّ المطلوب من الطفل الجلوس على مقعده برصانة والتركيز لساعات طويلة، ولم يعد لديه الحق في أن يدور في الصف لينشط رجليه كما كان مسموحًا له في العام المنصرم.
فهو عندما يريد الذهاب إلى الحمّام مثلاً، عليه الانتظار الى ساعة الفسحة، ولن يرافقه أحد إلى الحمّام ليساعده في فك أزرار سرواله.
وفي المقابل، يجد التلميذ نفسه في المرحلة الابتدائية أمام تحدّيات جديدة غالبًا ما يغالي الأهل في أهميتها. ويظن بعضهم أنه إذا أخفق طفلهم في أمر بسيط، فإن أداءه المدرسي مهدّد بالفشل. ومن المؤكد أن الطفل يشعر بقلقهم هذا.
فالانتقال إلى المرحلة الابتدائية ليس مسألة سهلة، إذ من المعروف أنها بداية تغيّرات سوف يواجهها الطفل، فهي المرحلة التي عليه فيها تعلّم القراءة والكتابة.
يتعلم الطفل في المرحلة الابتدائية الاتكال على نفسه، في حين أن كل شيء يبدو له ضخمًا في المدرسة، فالمقاعد تفوق حجمه ولا يطال المشجب الذي تعلق عليه المعاطف… ورغم أن هذا الأمر يقلقه، فإنه يثيره في الوقت نفسه، لذا فلا داعي لأن تقلق الأم. فهو يشعر بالفرح والفخر لأنه سيستطيع قريبًا قراءة القصص وحده من دون مساعدة أحد، لأن التغيرات الأكثر أهمية هي أن الطفل سوف يتعلم القراءة.
ففي البداية، يتعلم الطفل الكلمات في شكل عام. لذا يجب تمرين ذاكرته البصرية أولاً ومن ثم تعليمه تهجئة الكلمات، وقد يجد صعوبة في تجاوز هذه الخطوة التي يرافقها تعلم الكتابة، وعدّ الأرقام حتى 99 ويبدأ اكتشاف متعة تعلم الجمع. كما يتعلم الرسم والمبادئ الأساسية لعلم الهندسة حيث يبدأ برسم المثلث والمربع والمستطيل والدائرة. ومن ثم يتعلم قراءة الروزنامة وحفظ أيام الأسبوع وأشهر السنة.
وغالباً ما يحار الأهل في طريقة تعليم طفلهم ويحاولون شتى الوسائل من أجل أن يبدأ هذه المرحلة بنجاح. وكي يساعدوه على تجاوز صعوبات هذه المرحلة، يمكنهم اتباع الإرشادات الآتية:
طمأنة الطفل وتشجيعه والتأكيد له أنه سوف ينجح. فالطفل يتعجل في تعلم القراءة والكتابة والعدّ، لذا من المهم جدًا أن يمنح الأهل الطفل الثقة بنفسه وعدم إظهار توترهم.
حضور اجتماعات الأهل التي تعقدها إدارة المدرسة مع بداية العام الدراسي. فهذا الأمر يظهر للطفل مدى جدية اهتمام الأهل بدخوله المدرسة.
مساعدته من أجل الاستقلال الذاتي والاتكال على نفسه. كأن يغتسل من دون مساعدة أحد ويرتب غرفته. فهكذا يتعلم أن يأخذ على عاتقه تحمل أعباء المدرسة.
الاهتمام بما ينجزه والاطلاع على دفاتره وتهنئته عندما يتلقى تقديرًا من المعلمة، وتوقيع الأوراق المدرسية التي يُطلب منه توقيعها. ففي هذه السن يعمل الطفل بجهد كي يسعد والديه، ويخجل من الشعور بأنه «خارج عن المألوف».
عدم تمديد فترة القراءة عند حلول المساء، فيوم الطفل كان طويلاً ومتعبًا. ويجب تفادي اعتماد أسلوب جديد في القراءة، كإرغامه مثلاً على التهجئة إذا لم يكن مستعدًا لذلك بعد. فهذا الأمر يربكه.
الانتباه إلى صحته من طريق وضع برنامج حياة يومي منظم. كأن ينام باكرًا، ويخضع لنظام غذائي متوازن وصحي، فهذا ضروري لجعله يستوعب دروسه في شكل جيد.
منحه وقتًا للاستجمام كالسماح له بممارسة الرياضة كي يطلق مكبوتاته، شرط عدم الإكثار من النشاطات خارج إطار المدرسة. فالطفل في حاجة إلى الراحة وإلى وقت الفراغ الذي يشعره بالحرية.
المرحلة المدرسية المتوسّطة
إن الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة لا يخلو من صعاب، نظرًا إلى ما يرافقها من تغيّرات أكاديمية وجسدية ونفسية.
فالتلميذ يجد نفسه فجأة وسط عالم غريب، تغيّر مظهر المبنى المدرسي، لم تعد جدران غرفة الصف مزدانة بالصور والرسوم الزاهية، اختلف ترتيب المقاعد، وغابت عنه المعلّمة التي تلقّنه العلم
بـ «الملعقة» إذا صحّ التعبير. اليوم أصبح لكل مادة أستاذ مختص وعليه استيعاب أسلوب كل واحد منهم وأخذ الملاحظات بنفسه، والتركيز المتواصل، وتحمل مسؤولية القيام بواجباته من دون مساعدة أهله الذين اعتادوا الإشراف عليه مباشرة. ترافق كل ذلك تغيرات جسدية ونفسية.
إنها بداية مرحلة المراهقة التي يتم فيها تشكيل هويّته الذاتية وتحمل المسؤولية والاستقلالية. يربكه حدوث كل هذه الأمور دفعة واحدة، وهي قد تتحوّل إلى مشكلات صعبة تنتج منها أزمة نفسية قد تنعكس سلبًا على أدائه المدرسي. كل شيء جديد بالنسبة إليه.
قلق الأهل يؤدي إلى توتر التلميذ
يبدي بعض الأهل قلقهم عندما يبدأ التلميذ المرحلة المتوسطة خوفًا من الصعاب التي قد يواجهها. فيستمر بعضهم في التعامل معه كما لو أنه لا يزال طفلاً صغيرًا غير قادر على الاهتمام بشؤونه الأكاديمية. مثلاً تسأل الأم ابنها كيف كان يومه وتطلب منه الاطلاع على برنامج الغد وتقرأ الملاحظات التي دوّنها في الصف، فيشعر بأنه يواجه مرحلة صعبة جدًا لن يتمكن من اجتيازها وحده، مما يفقده الثقة بقدراته وذكائه.
وحتى من الناحية الفيزيولوجية الصرف، يؤدي التوتّر المبالغ فيه إلى زيادة إفراز مادة الكورتيزول التي تؤثر سلبًا في الذاكرة. لذا ليس غريبًا أن يشعر التلميذ ببعض التوتر عند بداية المرحلة المتوسطة.
ففي هذه المرحلة توزّع المواد على أيام الأسبوع. فمثلاً يتلقى درسًا في قواعد الفيزياء عند مطلع الأسبوع وعليه تطبيقها يوم الخميس، وتتطلب منه الرياضيات تفكيرًا فرضيًا استدلاليًا. كل هذا يتطلب تركيزًا وقدرة عالية على الاستيعاب.
ولا ضير في مساعدة التلميذ، شرط أن تكون بناء على طلبه. هناك فرق بين المساعدة والتدخل في كل شاردة وواردة. فالتلميذ الذي اعتاد تحمّل المسؤولية، يجد سهولة في القيام بواجباته وتنظيم أوقات درسه.
أزمة المراهقة قد تؤدي إلى عدم اهتمام التلميذ بالنجاح المدرسي
من الملاحظ أن بعض التلامذة في المرحلة المتوسطة لا يبدون اهتمامًا كبيرًا بأدائهم المدرسي بقدر اهتمامهم بالمسائل الأخرى المتعلّقة بعلاقاتهم الاجتماعية، وتكوين المعارف والصداقات والاستقلال عن أهلهم وتحديد هويتهم.
لذا نجدهم يعملون على كسب رضى شلة الأصدقاء، كأن يتحوّل التلميذ إلى مهرّج الصف ليحوز محبّتهم أو الزعيم، أو الموالي، وأحيانًا يبدو منزويًا لا يكترث لما يدور حوله. كل هذه الأمور تشعره بالتوتر.
لذا من الضروري أن يتفهّم الأهل حدة التوتر والقلق اللذين يمر بهما المراهق نتيجة التغيرات الفيزيائية والفكرية ورغبته القوية في الاستقلال عنهم كأن يرفض الخروج معهم. ودور المدرسة أن تقدّم الإرشادات التربوية والتوجيهية التي تساعد التلميذ على فهم ما يحدث معه.
انتقادات الأهل السلبية لابنهم المراهق تفقده الثقة بنفسه
يظن بعض الأهل أن توجيه الانتقادات اللاذعة إلى ابنهم المراهق يحفّزه على تطوير أدائه المدرسي، وهذا غير صحيح، لأن الانتقاد السلبي يفقده الثقة بالنفس، ويقلل من نظرته إلى ذاته، مما ينعكس سلبًا على أدائه المدرسي والاجتماعي.
لذا يجدر بالأهل توجيه المديح قبل النقد وأن يعرفوا قدرات ابنهم ويساعدوه على تطويرها. إذا وجِّه إليه النقد، يجب أن يكون إيجابيًا وليس هدّامًا.
فالتلميذ المقبول في البيت كما هو، لن يكون عليه ضغط، لأنه واثق بنفسه ويستطيع تحليل الأمور في شكل جيد. وفي المقابل، على الأهل أن يكونوا فخورين بابنهم مهما كانت نسبة ذكائه. فمن الخطأ تقويم التلميذ تبعًا لعلاماته المدرسية، لأن ذلك يعني أن قيمته الإنسانية تتحدّد بها، وهذا خطأ.
تعيين أستاذ خصوصي بشرط
يلجأ بعض الأهل إلى تعيين أستاذ خصوصي عند بداية المرحلة المتوسطة، تحسبًا للصعاب التي قد يواجهها التلميذ، وهذا لا يجوز لأنه يفقده ثقته بنفسه وبقدراته.
وقد يعوّده على الكسل والاتكالية. فكل تلميذ في هذه المرحلة المدرسية قادر على القيام بواجباته وحده.أمّا إذا عانى صعوبة ما، فعندها يمكن تعيين أستاذ خصوصي ولفترة محدّدة.
النشاط الرياضي ضروري
يرفض بعض الأهل مشاركة ابنهم في نشاط رياضي بحجة أنه مقصّر في دروسه، وهذا خطأ. فمن المعلوم أن لدى التلميذ المراهق طاقة جسدية قوية يحتاج إلى تفريغها، لذا من الضروري تشجيعه على ممارسة نشاط رياضي خارج الصف.
المرحلة الثانوية
تمتد المرحلة الثانوية من الخامسة عشرة حتى الثامنة عشرة وهي مرحلة مراهقة متوسطة، ولها بعض السمات والخصائص التي تظهر على التلامذة في هذه المرحلة وتتصل بالقدرات الجسدية والذهنية والعاطفية. فهي مرحلة ما بين المرحلة المتوسطة التي تعتمد إلى حد ما على الأهل، والمرحلة الجامعية التي هي تحضيرية للحياة والعمل والاستقلالية.
إنها بداية مرحلة أخذ القرارات وتحمل النتائج. ولهذا على التلميذ الاختيار ما بين التوجه إلى الاختصاص العلمي أو الاختصاص الأدبي أو الإنسانيات. هي بداية الاختيار للتخصص الجامعي، أي التحضير لمجال العمل. إنها مرحلة مهمة من مراحل النضج والتوازن.
وهذه معالم التغيرات الرئيسة التي تحدث للتلميذ الثانوي
تغيرات على الصعيد النفسي
الدخول إلى المرحلة الثانوية يعني بلوغ مرحلة من مراحل تكوّن شخصية المراهق، تتخذ خلالها تنشئة المراهق الاجتماعية منحى جديدًا وحاسمًا، يتبلور في تحوّل الأدوار الاجتماعية لدى المراهق.
فهذه المرحلة هي الأكثر صعوبة بالنسبة إلى المراهق، لأن عليه خلالها التركيز على قدراته الفكرية، مما ينشئ تناقضًا بين التغيرات الجذرية في جسده وعلاقاته مع الآخرين، وبحثه عن هويته المقبلة، وبين ضرورة بذل جهد كبير للحفاظ على مستوى معين من العلم كي يتمكن من التوجّه إلى المهنة التي يريدها في المستقبل.
فالتغيرات البيولوجية التي تصاحبها تغيرات ذهنية، تجعل المراهق يشعر بالقلق والتوتر، وهذا طبيعي، فقد بدأت علامات النضج تظهر عليه، وبات ينظر إلى العالم من حوله بشكل مختلف، فهو لم يعد ذلك الطفل الصغير الذي عليه النوم باكرًا، أو يكتفي بعلاقاته مع والديه والعائلة أو الأقران الذين يكونون في غالب الأحيان مقبولين إلى حد كبير من الأهل أو هم الذين حدّدوا له صداقته بهم.
لقد بدأ هذا المراهق بالتعرّف إلى معنى الصداقة بعيدًا عن مقاييس الأهل، وبدأ يسأل عن معنى الوجود ويحاول تحديد هويته ويسعى الى الاستقلال، كما أصبح المظهر أمرًا خاصًا به يعكس شخصيته هو، فيحاول بشتى الوسائل الإعلان عن وجوده ككيان مستقل. يخرج من دون أن يطلب الإذن، وتتحوّل غرفته إلى مساحة خاصة به يفعل فيها ما يحلو له، فإما ان يغيّر ديكورها ويرتبها أو يترك الفوضى تعمّ فيها.
التغيرات على الصعيد العقلي
من ناحية القدرات العقلية، تزداد قدرة التلميذ على الاستفادة من الناحية التعليمية مع زيادة المقدرة على العمليات العقلية العليا مثال التخيّل والتفكير والتحليل وإعادة التركيب.
كما يتّصف بالفضول وحب الاستطلاع ويكوّن فلسفة خاصة به. ولكن تلامذة هذه المرحلة يتصفون بالطموح الكبير الذي يفوق في أغلب الأحيان طاقتهم ويظهر لديهم الولاء للمبادئ والمثل العليا.
كما تتعزّز لديهم الرغبة في الاختلاط بالآخرين، ولهذا نرى بعض المدارس وقد أدخلت في مناهجها العمل الاجتماعي. وتظهر لدى التلميذ المراهق في هذه المرحلة الرغبة في التأكد من صحة المعتقدات، كما يميل إلى الحرية الذهنية. لذلك تعد هذه المرحلة مرحلة يقظة عقلية. إنها مرحلة اكتساب مهارة التعلم الذاتي واكتساب مهارة الدقة في العمل.
التغيرات على الصعيد العاطفي والاجتماعي
أما بالنسبة الى القدرات العاطفية، فالحرية العاطفية يتم تكوينها في هذه المرحلة حيث يميل المراهق إلى نسج علاقات مع الجنس الآخر، وتأخذ الشخصية طريقها إلى النمو والتكامل، ويصبح التلميذ قادرًا على تكوين العلاقات واتخاذ القرارات، ويتعزز إحساسه بالترابط الوثيق بعدما تكوّنت لديه القدرة على الرقابة الذاتية القوية، وتتكوّن بالتالي لديه الآراء المهنية، التي قد لا تعجب الأهل الذين يخططون له لمهنة المستقبل، ويدفعونه إلى تحقيق النجاح ليكون على مستوى تطلعاتهم الشخصية وبالتالي ليدرس في الجامعة الاختصاص الذي يريدونه هم، وهنا ينشأ الصراع بين التلميذ وأهله، وهذا الصراع قد يدفعه إلى المجازفة بنجاحه المدرسي فقط ليبرهن لهم أن أحلامهم تختلف عن أحلامه.
لذا يلاحظ أن طالب هذه المرحلة يمر بمرحلة صراع بين هذه التغيرات الجديدة، فالتوق إلى الاستقلالية والحرية يجعله في صدام مع سلطة الأهل التي كانت سائدة طوال الفترات السابقة من عمره.