عاتبتني لأنني تركتها ترحل
تاريخ النشر: 09/08/16 | 8:46على رصيف الميناء أتيتُ لكي أودّعها ذات مساء، ورأتني أقفُ متضايقا، لأنني سأظلّ وحيدا بلا حُبٍّ، وقالتْ لماذا أنتَ منزعج؟ فقلتُ لها لأنكِ ستتركينني للعذاب، فقالتْ: لم أعدْ أحتمل رؤيتي لقتلِ الأطفال، فقررتُ أنْ أرحل، فأدرتُ وجهي ورأيتُ طفلاً يضحكُ وقالَ سأسافر لكي أبتعدَ عن الموت ، فابتسمتُ له وقلت له: أنتَ على حقّ أيها الصّغير، فلماذا تموتُ هنا، فأمامكَ حياة جديدة، فخطتْ نحوي وقالتْ: رغم أنكَ حزينٌ على فراقي، إلا أنكَ لا تمنعني من الرحيل، وبدأتْ تعاتبني، لأنني تركتها ترحل، وقبل أن تنطلق السّفينة قلتُ لها: لا أستطيع منعكِ، فهنا موت، ولا أريدكِ أن تموتي، فأنت قررتِ الرحيل، أما أنا سأظلّ رغم القصف، لأنني أحبُّ وطني، فقطبتْ حاجبيها، وقالت: أنا أحبّ الوطن، ولكنني أريد أن أعيش، فطيلة عقود مضتْ لم أذق طعم الحياة رغم الحُبّ الذي غمرتني به، وظلّتْ تعاتبني حتى اختفتْ بين الجموع، التي دخلتْ إلى بطنِ السّفينة.
عطا الله شاهين