قلتُ لها على وجهكِ أرى معاناة الوطن

بينما كنت أسير ذات صباح نديّ على رصيف شارعٍ بدا لي نظيفاً وسررتُ لنظافة الشارع والرصيف، فقلتُ لعلّ عامل النظافة كان نشيطاً في هذا الصباح أو أن زوجته أسرته يوم أمس، وفي الطّريق صادفتُ صديقةً قديمة، أعرفها منذ أيام الدراسة في الجامعة، هي امرأة متعلمة ومثقفة، لكنها بقيتْ عازبة، لكنني حينما أمعنتُ النظر في عينيها شاهدتُ معاناة الوطن، كان الحزن في عينيها بادِ، فقالت لا تنظر صوبي أيها الشقي فرغم هرمك أيضا إلا أن نظراتك فيها الشقاوة فأردت أن أواسيها خزنها وأسرّه في ذات الوقت، فقلتُ لها على الرغم من التجاعيد أكلت وجهك، إلا أنكِ ما زلت كما أنتِ مشرقة بطلتك فالابتسامة لا تفارق محياكِ، ولكنني حينما دققت النظر مرة أخرى فيها شاهدتُ على وجهها معاناة الوطن من خلال تجاعيدها، وقالت لماذا لا نذهب لنجلس في مكان ما فأنا تعبت من الوقوف فسرنا سوية نحو مقهى عادي لم يجذبني ديكوره حينما دخلت إلى داخله، وجلسنا هناك وتحدثنا عن هموم الوطن والمواطن، وبعدما شربنا القهوة تنهدت وقالتْ ما أجمل أيام زمان أيها الشقي، أتذكر أيها كانتْ المحبّة بين الناس أقوى، وعلاقات الناس كانت متينة، وكان التعاون جلي بين الناس أكثر، أما اليوم فالوضع تغيّر، والناس تغيروا حتى أن الواحد لم يعد يسأل على جاره، فالقيّم يا صديقي لم تعد مهمة، فلا أدري لماذا؟ فقلت لها ألا تدريين لماذا؟ لأن الناس زاد فيهم الحسد، مع أن الكل هنا لا يموت من الجوع، لكن هناك الفقر يزداد بين المواطنين المهمشين، والبطالة ترتفع كما أن حالة الجمود السيااسي عندنا تزيد من الإحباط واليأس، ولكن لا اعتقد بأن قيّمنا ستنهار ستظل عاداتنا وتقاليدنا راسخة، لأنها هي التي ما زالت تحافظ على نسيجنا الاجتماعي.. فابتسمتْ الصديقة وقالتْ سأذهبُ الآن لشراء رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، فقلتُ لها جيد أنك تقرئين روايات، أما أنا بالكاد أن أقرأ، لأنني لا أجد وقتا للقراءة، فقالت مسكين أنكَ تزوجت وتعذبت وضحكنا سوية، وودعتني وسارت في طريقها وقبل أن تبتعد قلت لها أرى على وجهك معاناة الوطن، فابتسمت، وقالت ستظل ترى المعاناة حتى بعد موتي..

عطا الله شاهين