جزئية العطاء في إبداعات الأديبة الفلسطينية خضرة الكيلاني
تاريخ النشر: 15/08/16 | 21:00رغم قلة وقت فراغها، فإن الأديبة الفلسطينية خضرة الكيلاني تقضي جل هذا الوقت اما قارئة، وإما باحثة في بطون الكتب والمراجع والدوريات من الصحف والمجلات، او كاتبة مقطوعة ادبية عز نظيرها، حيث تكتبها بمداد من دمها ومهجتها النضاخة.
تؤمن بأن لا بناء قوي بلا اساس قوي؛ فهي تغذي الفكر والعقل والجوارح بما تقع عليه الايدي من مواد معرفية. حيثما توجه المرء فبمقدوره معرفة الاماكن التي ترتادها خضرة الكيلاني. تترك بصمتها ورحيقها حيث تكون، فمن ينشدها- خارج نطاق عملها الخاص- يجد آثارها في محال بيع اكتب، او المكتبات العامة، او معارض الكتب، التي تحرص كل الحرص على حضورها في شتى الاماكن في البلاد.
الوقت لدى خضرة الكيلاني من الارقام الصعبة؛ لا تفرط في دقيقة واحدة دون تحقيق ثمرة او انجاز عمل يفيد الانسان ، بل الانسانية جمعاء. حين تجتمع الصديقات والجارات ذوات الرأي الثاقب في صالونها الادبي، تنبري خضرة في ادارة دفة الحديث في ما ينفع الحضور. فتلقي على مسامع اترابها آخر ما هدلته من خواطر، او مقالات هادفة، لتتلقى التعليق على انتاجها بصدر رحب، حتى لو كان لا يتوافق مع رايها الخاص. تحترم وتشجع الراي الاخر، وتتطلع وبشغف الى آخر منجزات صديقاتها الفاضلات.
ليست قارئة نهمة فحسب؛ بل تنظر بعين الصقر الى ما يقبع بين ثنايا المادة، وتقرأ ما بين السطور مع ابداء الراي بشكل أنيق وموضوعي ومحترم. قرأت الادب المحلي بشغف، لم تترك شاردة ولا واردة الا وافادت منها: قرأت اشعار محمود درويش، وابراهيم طوقان، وفدوى طوقان، وقرات لسميح القاسم، ومي زيادة، وغيرهم الكثير، وكذلك كم لا يستهان به من اعمال الدكتورة سعاد الصباح الكويتية. تأثرت باشعار نزار قباني كثيرا، وخاصة تلك التي تفسح المجال للمرأة لاخذ مكانها ومكانتها في المجتمع، واثبات كينونتها. لم تفتها الاداب العالمية من ملاحم وااشعار اغريقية ورومانية من انفس ما خطته وابدعته الاقلام.
تمتلك خضرة الكيلاني حسا رومانسيا قلما امتلكه اديب او اديبة؛ تذوب في الطبيعة وتأنس بها وتعطيها كل حواسها، تناجي الزهور وتعانق الغيمات، وتهمس في اذن القمر احلى الهمسات. ليس بافضل من ليلة مقمرة عند اديبتنا لتبث لواعج النفس للسماء بنجومها وكواكبها وبدرها المكتمل النضوج. كلما رأت زهرة خطر في بالها براءة الطفولة وشقاوتها. تغدق الحنان على زهور المستقبل، وتعقد عليهم الامال العراض.
تتذكر طفولتها البريئة حينما كانت تعدو على شاطيء البحر جيئة وذهابا. كانت تنزل البحر بكامل لباسها وتنغمس في مائه ورمله، وكم تمنت ان تعيش في اعماق الاعماق سمكة ذهبية فاتنة، تتسابق وبقية مخلوقاته الكثيرة والمختلفة. تعترف بانها مسكونة بالبحر، ولا تدري هل اضحى البحر منها، أم هي منه.
في خاطرة عن العطاء، يسكب يراع خضرة الكيلاني بضعة امثلة على ذلك. فهي- وبكل تواضع- تبدأ بنفسها كاول من يضحي ويمنح ويعطي، وآخر من يستفيد حيث تقول:
قمة العطاء
أنا العطاء، والعطاءُ أنا،
احبكم تترى،
وبعمق.
اعطي، وبلا حدود،
من يستحق.
البعض
في الفوضى غارقون،
تائهون،
هائمون،
ضائعون
بلا اهداف.
نميمة وغيبة.
لماذا لا يتعلمون من اخطائهم،
وهي كثيرة .
هل خلقوا لهذا الهدف؟
فالحياة مروج نضرة،
رائعة مخضوضرة،
أميطوا الغشاوة.
وذوقوا الطلاوة،
الى الفوز هيا،
فهل من رفيق،
وقبل الطريق؟
يونس عودة