صفحة من سيرتي الذاتية: مع الأستاذ الفقيد سلمان فلاح
تاريخ النشر: 16/08/16 | 12:42تعرفت إلى الأستاذ سلمان فلاح في الستينيات المنصرمة، لكن علاقتنا كانت رسمية، فهو في مراتب عالية في وزارة المعارف والثقافة، وأنا من المعلمين المبتدئين الذين لا يهمهم من رجالات المعارف إلا التقدم في الوظائف، ورضا ذوي السلطة.
عندما أصدرت كتابي “الجَنى في الشعر الحديث” أهديته كتابي، وسرعان ما وجدت عونًا ودعمًا خاصًا منه، حيث أرسل لي رسالة توصية لا أنسى تحفيزها ومباركتها، يقول فيها:
“نوصي باستعمال كتاب الجَنى في الشعر الحديث كمادة مساعدة مهمة لتدريس الأدب، وننوه بالفائدة التي يمكن اكتسابها من طريقة دراسته لتوظيف الألفاظ واللغة والوسائل الفنية وطريقة التعبير”.
أثبتّ النص على غلاف الكتاب الخلفي، كما أثبتّ كلمة للشاعرة فدوى طوقان، وكلمة أخرى للبروفيسور شموئيل موريه، فجمعت بذلك ثناء من الوزارة، ومن الأدب، وكذلك من الدراسة الأكاديمية.
وهكذا ظل هذا الكتاب وكتاب “الجَنى في النثر الحديث” متداولين بين أيدي الطلاب، بدءًا من سنة 1985 وأفاد منهما آلاف الخريجين والخريجات، الذين نراهم يتصدرون مجتمعنا في تحصيله.
ظل الكتابان في كل منزل إلى أن أُعِد المنهاج الجديد الذي غُيّرت بعض نصوصه دون علم اللجنة المكلفة بإعداده، فكثر الشرّاح بكثرة الكتب التعليمية، واختلط النابل بالحابل، والفاهم بالجاهل، ولله في خلقه شئون.
عندما كان المسئول عن التعليم الدرزي استدعاني الأستاذ سلمان إلى مكتبه، وأثنى على جهودي في التأليف والإبداع، وكان أن طلب شراء جميع مؤلفاتي، وأخبرني أن الأستاذ سلمان فراج اقترح إدخال قصيدتي “قبض الريح” في المنهاج الخاص للمدارس الدرزية، وهكذا كان.
ثم كان أن التقينا لقاء عائليًا في عرس صديق في قاعة الأفراح في دير الأسد، فكان أن ألح علينا أن نزور قريته كفر سميع، ووعدناه خيرًا.
لكني سألت عنه أخاه الصديق القاضي فارس فلاح فأجابني أن وضعه الصحي متردّ، ولم يبق له إلا الدعاء وحسن الثناء.
قضى الرجل نحبه، بعد أن كان ذلك الدءوب الذي لا يكلّ ولا يمل، وظلت لمعات دماثته ولطافته ورقة حديثه وما يتسم به من هدوء في صفحة ذكرياتي.
فاروق مواسي
الصورة في مطار القاهرة سنة 2005، وأنا بين الشيخ سميح ناطور والفقيد سلمان.