وصية عاشق الزقاق
تاريخ النشر: 16/08/16 | 16:46بينما كان القصف مستمرا على الزقاق قرر ذاك الرجل أن يظل هناك رغم القصف وكان ينظر إلى الزقاق ورأى الناس يفرون من شدة القصف والخوف على وجوههم كان جليا الذي تدمر فرّ وبقي متسمرا في مكانه، ونظر إلى ذاك الزقاق في نظرة حزن على ما حلّ به من خراب، فهو عاش فيه طفولته وعشقَ جدرانه العابقة برائحة التاريخ، تذكر لعبه مع صديقته الطفلة، حينما كان طفلا جاهلا وتذكر معاكسته لها، ورغم القصف القوي الذي اشتد على الزقاق، إلا أنه لم يرد أن يبتعد عنه وظل يقف هناك وتذكر رسوماته على جدران الزقاق حينما كان يرسم قلوب حبّ لابنة صفّه في المدرسة، وبعد توقف القصف سار إلى ذاك الطابون، ووقف هناك وتذكر أمه والجارات اللواتي كن يأتين في ساعات المساء لخبز عجينهم وتذكر حكياتهن المحزنة عن أيام النكبة وكيف هربوا الناس، لكنه سمع دوي القصف مرة أخرى وبدأ يدكّ الزقاق، لكنه ظل واقفا بالقرب من الطابون، وقال لن أذهب من زقاق هو كل ذكرياتي واستعد للموت فيه وقبل أن يموت في ذاك الزقاق، تذكر صديقته زميلته في المدرسة وخطا صوب بيتها، ونظر إلى تلك النافذة وتذكّر كيف كانت ترمي له رسائلها بخفية، وبعدما وقف قليلا وهو ينظر إلى الدمار الذي كان يعمّ الزقاق سقطت قذيفة بالقرب منه، واستشهد على الفور، وظلّ تحت الركام حتى الصباح، وحينما أتى سكان قرية مجاورة لمعاينة المكان وجدوا في جيب ذاك الرجل ورقة مكتوب فيها يصعب عليّ مغادرة مكان هو بالنسبة عشق كعشق الوطن، وإذا متّ هنا أوصيكم بدفني في فناء بيتي المدمر القريب من الزقاق، وأشكركم على تلبية طلبي، وأتمنى لكم حياة أكثر أمنا ..
عطا الله شاهين