الصفر النفيس
تاريخ النشر: 25/11/13 | 12:22جملةٌ طالما ترددت على مسامعنا وتقلبتها أطراف أحاديثنا فلا أكاد اتذكّرُ ذكر رجلٍ تميّزَ وبرُزَ في أمرٍ ما الاَّ وطرحت أمامه تلك المقولة التي باتت مأثورةً على مرّ الزمان ولا تخلو مقابلة مع فنان أو عالم مشهور الاّ وسأله المذيع أهناك امرأةٌ في حياتك كانت وراء الكواليس تدعمك وتشدّ على أياديك حتّى وصلت هذا المكان المرموق والمنصب الرفيع، تتوارد تلك الأقوال والأحداث في خاطري لتجعلني أقف أمام معادلة صعبة بل تكاد تكون معقدّة جدا تحمل في طياتها الكثير من التحليلات التي باتت تصبّ في بوتقةٍ واحدة.
فالمعروف والشائع انّ في هذا مدحٌ في المرأة التي كان تقف دائما وراء الرجل حتى جعلته ناجحا ومتميزا في كل شيء فكما قال احدهم ان ذلك التعبير هو تعبير كناية لفضل المراة وانا اقول لماذا من الواجب على المرأة أن تكون خلف الرجل لتدعمه، اليس من الاجدر ان تكون الى جانبه تسنده وتشجعه ليتخطى المصاعب وبالتالي ترافقه الى برّ التميز والارتقاء…… اليس من الأجدر لو كانت المقولة مع كلّ رجلٍ عظيم هناك امرأة عظيمة دعمته وساعدته على تخطي الصعاب، أرى في تلك الأقوال وما شابهها نوع من التعدي "لا أعرف ان كان مقصودا ام لا" على حقّ المرأة في أن تكون ذات طابع خاص يميزها ويظهرها في كينونتها التي تميزها عن غيرها من ذكور واناث فكلمة "وراء" باتت ترافق كلّ انثى عندما ترافق قرينها، أخاها أو أباها في مجتعنا بعكس ما حثّ عليه ديننا الحنيف من ابراز دور المرأة في شتّى مجالات الحياة ليس في أن تكون في ذلك المكان الذي فرضه المجتمع الذكوري عليها وهو "وراء الرجل" فعالمنا الحاضر قد جعلني اتساءل عن دور المرأة الذي بات يهتزّ بين معتقدات الماضي وحداثة الحاضر فهذا يرفع شعار التحضّر والعولمة أمام التخلف والبدائية التي تصرعُ كلّ وقت مع كلّ تقدّم علمي أو اكتشاف جديد وتلك الأنثى تتأرجح مابين قابل ورافض.
انّ المرأة هي مخلوق عجيب حباه الله مميزات وقدرات تفوق أيّ رجل – وفق ظنّي- لما تتحمله من أعباء الحياة ومصاعبها فقد كانت المرأة في الماضي ترعى البيت والاطفال والرجل يخرج ليعمل ليكسب من عرق جبينه فيجد ما يطعم به أولاده الذين ينتظرونه في كنف الدار مع والدتهم فيرجع الى المنزل ليجد الراحة والاطمئنان في منزله ومن ثمّ يرتاح ويرقد وتبقى الزوجة تجول وتدور لتسدّ حاجات أولادها وزوجها أما اليوم مع كل الحداثة والتطوّر الذي طرأ في حياتنا فما زالت المرأة هي نفس المراة التي كانت في الماضي ولكن مع حمل أكبر وثقل يكاد ان يكسر ظهرها أحيانا ومع كل هذا هي نفس المرأة التي كانت في الماضي بل متاعب الحياة ومصابها جعلتها قادرة على تحملّ الكثير بالاضافة الى وقوفها الى جانب الرجل لتجعل منه انسانا عظيما…
فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم، إن لكم عليهن حقا، ولهن عليكم حقا".
ما أصعب الحياة لولا فسحة الأمل التي تنظر منها الانثى دائما لمستقبل عائلتها مهما كانت المصاعب ومهما كانت الظروف فهي المعطاءة الكريمة التي لا تنتظر جزاء من احد وهي المضحية التي ترى في مرآتها عائلتها التي تفرح لفرحها وتحزن لاي مكروه يصيبها فلم لا تكون هي العظيمة التي تقف في المقدمة دائما وليس في الخلف مهما قصد من وراء ذلك التعبير من كناية او اي أمر آخر.