شهادات مجانا
تاريخ النشر: 25/11/13 | 5:55عجبي من الذين يدعون بأنهم يحملون الشهادات الجامعية، وهم لا يحملونها، يكذبون على أنفسهم ويخادعونها.
فهذا الذي تنزه في الجامعة ومطاعمها، وانبطح على عشبها الأخضر عاد ليقول لنا:
معي شهادة B.A.، ومنهم من يحمل الشهادة الأولى حقاً، فلا يكتفي بها، فيدعي ليل نهار أنه يحمل شهادة الماجستير، ومن لا يعجبه فليضرب رأسه بالحائط!
والأدهى والأمر أن يكون بعضهم قد حصل على الماجستير حقاً، ولكنه يتوج اسمه بدون حياء ولا ذمة بأنه دكتور، والقاصي يعرف والداني أنه لم يواصل تعليمه، والدكتوراة منه براء.
وما أسهل أن نتعرف على الزيف، فأطروحة الدكتوراة يجب أن تكون في مكتبة الجامعة، وهي عادة تطبع في كتاب، وشهادة الدكتوراة توزع في حفل عام.
والصحف المحلية تخطىء في تقديم بعض هذه النماذج على أنهم (دكاترة) فهم لا يتحرون الحقيقة، بل يكتفون بما يلقب الشخص نفسه، وكأن لسان حال الصحافة يقول: (ما لنا ومالهم؟!)، وقد نسوا أن هذا واجب أدنى حتى لا نقع في تضليل، وتضيع (الطاسة).
كنت أضحك في سري إذا علمت أن أحدهم يقول إنه أنهى في جامعة تل أبيب، ثم إذا التقى خريجين من تلك الجامعة انتقل بسرعة البرق إلى القدس، إنه لا يحدد تماماً موضوع أطروحته، ولا المشرف عليها، ولا في أي سنة أنجزها.
وكنت أضحك في سري من بعضهم (أكرر من بعضهم)، وقد حصلوا على "الشهادة" من جامعات في الخارج، ويعلم الله مدى الدفع فيها ومدى الصدق ومدى الأمانة!
مثقفون يكذبون، بعضهم يفعل ذلك (خبط لزق، وعلى عينك يا تاجر!)، وبعضهم يدعي أنه سافر إلى الخارج، وعاد بعد بضعة أشهر، فإذا هو دكتور بقدرة قادر. وأنت وإن جرؤت وتساءلت فـ(علقتك سخنة)، ومن أنت حتى تسأل؟ والعواقب وخيمة.
سأسوق قصة من تجربتي:
كانت أوراقي تقدم للأستاذية (بروفيسور) أكثر من مرة، وكان الأمر يؤجل أو يرفض، فإذا بأحدهم يقترح علي أن أدفع مبلغًا معينًا، وأحصل على اللقب من جامعة روسية كما حصل هو وكما استحصل لغيره.
لم أوافق، لأن مثل هذه الشهادة ليست شرفًا لي!
* * *
قد لا يهمنا الموضوع كثيراً من حيث الادعاء، فكل الشهادات لا تعطي شيئاً لمن لا يعرف الموضوع المدروس ولا يتناوله بجدَية ومعرفة دراسية، ولكن الذي يضايق أنهم أخذوا يتكاثرون، بل أصبحوا ظاهرة، وقد فوجئت أن في مصر وفي الأردن من استحصلوا مثل هذه الشهادات. ومن نافلة القول إنني لا أمسّ بمن يستحق، وبمن بذل جهدًا، فثمة جامعات في الخارج مسؤولة وراقية، فلا يذهبن أحد إلى القول إنني أعمّم.
أفلا يخاف هؤلاء الذين علقوا شهادات الزيف من قصة (آرنس) الذي خلعوا عليه لقب (بروفيسور) طيلة سنوات، فإذا كل هذا هباء.
ولكن (آرنس) -على الأقل- احتج وقال: (أنا لم أطلب منهم أن يشيروا إلي باللقب، ولكني سكتَّ).
ولكن، ما قولكم لمن يكتب فلان بكل قِحة (الدكتور فلان)، و(البـروفيسور فلان) حتى صدق نفسه؟؟!
ما قولكم في من يدعي أنه حصل على (بروفيسور) لأنه قُبل محاضرًا في هذه الجامعة أو تلك؟
ربما ظن صاحبنا أنه في فرنسا، فكل محاضر هناك يلقبونه (بروفيسور).
لتكن الشهادة أولاً شهادة لنفسك أنك اجتهدت وجددت، وأنك خبير في موضوعك تتدارسه بمثابرة، ومصابرة.
تذكرت في ختام القول ما قاله حافظ إبراهيم، وهو يصف أمتنا التي يئس منها:
تعشق الألقاب في غير العلا وتفدّي في النفوس الرتــبـا
– بتصرف من كتابي: "حديث ذو شجون". الناصرة: مطبعة النهضة- 1994، ص 82-84.
يعني ليش هالقد الاشي هامك الكل اليوم بشتري الشهايد مشترى وصارو مدراء مدارس وبحكولك عن الضمير اي ما هو اليوم كله بالواسطات .اليوم الواسطات بتعملك وزير بدون شهايد ويا عمي مثل ما قال المثل الي عند السدر بتناول
موضوع هام جدا ولا بد النقاش والتداول به
اليوم فعلا نرى فلان وفلان انه انهى تعليمه ومعه لقب معين وايام المدرسة لم يكن يتواجد في الحصص يا له من زمن تتحدث به الاموال والالقاب فبالمال نشتري اللقب
كم من معلمة لا تجيد التعليم ويخرّج طلاب تنقصهم بعض المواد
كم من طبيب اهمل مرضاه وكم من مريض مات بسبب قلة الخبرة
وكم وكم .. يجب الحل لهذه الظاهرة ويجب ان يكون الانسان المناسب في مكانه المناسب.
فالشهادات لا تكفي لدخول مجال العمل يجب التشديد على المفابلات الشخصية
تحياتي استاذ فاروق. هلى حقا ان عمر هذه الظاهرة 20 سنة؟ بأعتقادي أنها امتداد لظاهرة الرياء في مجتمعنا. والمشكلة لا تكمن فقط في ادعاء البعض بل في تأثيرهم على أجيال كاملة من الطلاب والخريجين.
والمحرج اكثر انك فرضا، لو بعثت بمعلومة للصحافة المحلية عن زيف ادعاء عمرو أو زيد من الناس فالصحافة لن تنشر خوفا من ردة الفعل وقد تكون نفسها منتفعة لأن هذا الاستاذ او ذاك يقوم بالاعلان عن برامجه الجامعية. فالمسألة اذا ليست شخصية بالمرة. بوركت.
هذه هي الحياة
فلولا الغش لا يوجد محاميين ولولا المحاميين لا يوجد قضاة ولولا القضاة لا يوجد شرطة ولولا الشرطة لا يوجد قوانين وهكذا
شكرًا للمعلقين الكرام! ملاحظات حقيقة بالتأمل والدراسة الجدية المسؤولة، وأحييك د. حسام لأن لديك الكثير مما تقول!