شَيْخُ العِزِّ في النَّقَبِ

إِلى الشَّيْخِ الأَعَزِّ، صَيَّاحٍ أَبي عَزيزٍ الطُّوري، أَيُّها البَطَلُ الـمُعْتَقَلُ في سِجْنِ الـمُحْتَلِّ، أُهْديكَ كَلماتي هٰذِهِ وَأَبْياتي القَليلة، وَكُلِّي خَجَلٌ مِنْكَ وَمِنْ كُلِّ أَهْلِنا الصَّامِدينَ في النَّقَبِ الغالي، وَأَعْتَذِرُ مِنْكَ أَشَدَّ الاِعْتِذارِ أَنِّي لَسْتُ جَنْبَكَ لِأَذودَ عَنْكَ بِالرُّوحِ، وَهِيَ رَخيصَةٌ أَمامَ بَذْلِكَ وَصُمودِكَ.

كَمْ تَمَنَّيْتُ اللِّقاءَ بِكَ أَيَّها الشَّيْخُ صَيَّاحُ، لِأُقَبِّلَ رَأْسَكَ، فَبِمِثْلِكَ يَفْخَرُ الفَخْرُ، وَقَدْ ضَرَبْتَ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ في الصُّمودِ في عَراقيبِ الصُّمودِ، وَأَبَيْتَ إِلَّا الثَّباتَ وَالصَّبْرَ، وَأَنْ تُسَطِّرَ كُلَّ يَوْمٍ آيَةً مِنْ آياتِ الفَخارِ وَالكَرامَةِ، فَجَزاكَ رَبُّنا عَنَّا خَيْرَ الجَزاءِ.

قَبَّلْتُ رَأْسَكَ شَيْخَ العِزِّ في النَّقَبِ هٰذا صُمودُكَ دَرْسٌ عَزَّ في الحِقَبِ

لَمْ تَحْنِ هامَكَ لِلْمُحْتَلِّ وَانْتَصَبَتْ راياتُ عِزِّكَ في سَهْلٍ وَفي كُثُبِ

فَاشْمَخْ بِرَأْسِكَ فَوْقَ النَّجْمِ يا أَسَدًا وافى الرِّمالَ فَحالَتْ جَنَّةَ العَرَبِ

وَذا زَئيرُكَ في الغازينَ قاصِمَةٌ وَفي الخِيامِ زُنودُ البَأْسِ لا القَصَبِ

وَفي صُمودِكَ دَرْسٌ لَيْسَ يَعْقِلُهُ مُعانِق اللَّهْوِ أَوْ مَنْ غاصَ في الطَّرَبِ

وِرِدَ البُطولَةِ قَدْ عَلَّمْتَنا فَمَشَتْ صيدُ البِلادِ لِتُخْزي وَجْهَ مُغْتَصِبِ

فَالأَرْضُ أَرْضُكَ مَهْما أَمْعَنوا وَبَغوا لا يَسْتَوي الصِّدْقُ إِفْصاحًا مَعَ الكَذِبِ

إِنْ يَسْجِنوكَ فَما لِلْقَيْدِ مِنْ أَثَرٍ مَعَ الصُّمودِ يُرَدُّ القَيْدُ كَالحَطَبِ

أَهْلَ العَراقيبِ أَنْتُمْ خَيْرُ عُدَّتِنا بِكُمْ تَباهَتْ زُحوفُ الحَقِّ لا الخُطَبِ

إِنْ يَهْدِموا نَبْنِ، لا يَأْسٌ وَلا كَلَلٌ أوْ يَقْلَعوا شَجَرًا فَالغَرْسُ في العَقِبِ

يا ساكِنَ الأَرْضِ بَلَّغْ رَكْبَ عِزَّتِنا أَنَّ البُطولَةَ تَغْفو في حِمى النَّقَبِ