الوضع العربي الراهن والبديل الديمقراطي المنتظر
تاريخ النشر: 28/11/13 | 4:00المواكب للمتغيرات والمستجدات السياسية النوعية المتدفقة في شرقنا العربي يلحظ أن الاقطار العربية تعيش حالة من التشرذم والتمزق والتشتت والصراع الفئوي والاقتتال الدموي والفساد المستشري، وتنهشها النزاعات والفتن الداخلية، الدينية والعرقية والطائفية والمذهبية.
فالعراق الذي كان مستقراً وهادئا، يتعرض لموجات عنف تطال المدنيين العزل من أبناء الشعب العراقي، حتى بات يتضح لكل مراقب للوضع الداخلي أن سطوة الارهاب والجماعات المسلحة تتوسع وتنتشر وتعمق جذورها في المجتمع العراقي، وهذه الجماعات والعصابات تحاول فرض اجندتها ومنهجها واسلوبها الدموي التدميري بنسق جديد متصاعد يومي، ليشمل دور المساجد والكنائس والأسواق الشعبية والتجمعات السكنية وقاعات الأفراح واماكن االلهو ومجالس العزاء، وكل مكان تستطيع الوصول اليه. في حين ان مصر لا تبتعد عن هذا المشهد كثيراً، ولا تشذ عن القاعدة، فبعد اسقاط حكم الاخوان المتأسلمين وعزل محمد مرسي وحظر جماعتهم فإن الجيش المصري يقف بالمرصاد لانصار قوى الظلام والارهاب والتكفير والاقصاء، التي تسعى الى نشر الفوضى الخلاقة في القطر المصري واستخدام العنف بهدف استعادة السلطة.
اما سورية، فإننا نعي وندرك تماماً حجم المؤامرة الكونية عليها، والتعدي على استقلالها، التي تتم بأيدٍ عربية واسلامية تقدم المساعدات والسلاح والدعم المالي والمعنوي والسياسي لعصابات الارهاب والقتل والجماعات الوهابية التكفيرية، وترسل النساء الى ساحات الوغى والمعارك على الأرض السورية بهدف انكاحهن من قبل المسلحين في الجيش الحر واشباع رغباتهم الجنسية ليتمكنوا من مواصلة "الجهاد" ضد الحيش السوري.. !. ولكن هذه المؤامرة لم تنجح بفضل صمود الجيش السوري وتحقيقه الانتصارات الكبرى. فلم تسقط سورية، بل انتصرت على اعدائها، وتكتب مجدها وتاريحها من جديد بصفحات من نور ونار، وبقي الأسد في عرينه شامخاً كالجبال، وتؤكد جميع الاستطلاعات انه يتمتع بشعبية كبيرة، ويحظى بثقة ومحبة الشعب والجماهير السورية.
لقد بات واضحاً للجميع الدور التآمري المشين الذي تلعبه الأنطمة العربية الرجعية والإسلامية العميلة، خاصة السعودية وقطر وتركياً ودول الخليج والنفط العربي، ولم تعد تخفى على أحد مواقفها المتخاذلة المتآمرة على مصالح شعوبنا وثرواتها وخيراتها، وطاعتها العمياء للسياسة الغربية الامريكية المعادية لطموحات شعوبنا في الحرية والاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والسلام. ولا ريب ان هذه الأنظمة العميلة ساهمت في تدمير وتخريب العراق وليبيا، وتقسيم السودان واليمن، وبرز دورها الفاضح والمكشوف في لبنان وتجزيته وفق التشكيلة الطائفية، ومشاركتها في المؤامرة الارهابية الكونية ضد سورية بهدف تدميرها وتقسيمها، واشاعة الفوضى فيها، وتصفية نظامها الممانع، الذي يشكل الحصن المنيع لكل قضايا الوطن العربي المصيرية والمستقبلية، فضلاً عن تفكيك كل مقومات النهوض القومي الذاتي، سعياً الى استكمال مسلسل تدمير الشرق الأوسط، واعادة رسم ملامح خريطته الجغرافية من جديد.
لقد كان من الطبيعي ان يتحرك الشارع العربي وينتفض ثائراً للقضاء على الأنظمة العميلة وعزلها والتخلص منها، وتصفية جذور الفساد وحالات الاستبداد، ولكن الثورات العربية التي سميت بـ "الربيع العربي"، واطاحت بعدد من القادة والحكام العرب في تونس وليبيا ومصر، لم تحقق غاياتها وأهدافها ولم تلبي مطالب واحلام الجماهير الشعبية المسحوقة، لان التغيير المنشود والمرتجى يتطلب وقتاً طويلاً، وجهداً كبيراً، وحراكاً واسعاً، ونضالاً شعبياً متواصلاً. فالتغيير المطلوب الذي تصبو وتنشده هذه الجماهير ليس تغيير الحكام فحسب، وانما تغيير المجتمعات العربية نفسها، بنيتها وهيكليتها وقيمها وسلوكها وأفكارها ومعتقداتها، وارساء تقاليد الحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي. وهو امر يحتاج الى آفاق فكرية واضحة المعالم، والى أطر سياسية وتنظيمية وعقائدية سليمة البناء، وقيادات وطنية مخلصة الأهداف، قادرة على التصدي للسرطان الارهابي السلفي الوهابي، والوقوف بصلابة، ودون خوف، بوجه قوى التعصب السلفية، التي تسعى لفرض عقائد وطقوس متشددة وغريبة بعيدة عن روح الاسلام الوسطي وتعاليمه السماوية، وتذويت فكر خرافي استبدادي يرمي الى تسطيح العقل العربي.
وعليه فإن الحركات السياسية والقوى الوطنية والمدنية والأهلية والليبرالية والديمقراطية وأوساط اليسار الثوري في اوطاننا العربية، مطالبة ببناء نفسها من جديد وتشكيل أوسع تحالف ديمقراطي وسياسي شعبي لأجل التغيير وارساء البديل الديمقراطي المنتظر، وتحقيق الوحدة العربية، وتأصيل الفكر النقدي وثقافة التنوير والعقلانية، والعمل على تجديد وبعث واستكمال المشروع النهضوي القومي العربي بهدف الخروج من المأزق الراهن، والغاء نظام التجزئة الذي فرضته القوى الامبريالية والاستعمارية على شرقنا العربي. ولا خيار امام شعوبنا لصنع الغد والمستقبل المشرق السعيد وبناء الوطن الحر وانتصار قيم العدالة، سوى البديل الديمقراطي بقيادة قوى التغيير الطبقية في المجتمع، العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين.
طالما في افكار من هنوعيه وهي موجوده للاسف الوضع العربي على ما هو عليه الان وسيزداد سوأ.