مراجعة صريحة للحالة الجبهوية بعد الإنتخابات البلدية
تاريخ النشر: 29/11/13 | 1:27لن أحمل الموضوعي والذاتي مسؤولية الحالة الجبهوية الآنية كما تفعل الاغلبية الساحقة من المعالجين لموضوع اداء الجبهة السياسي والتظيمي والجماهيري….بل سأحاول الدخول مباشرة لحوار ذاتي "جبهوي" محاولا الاشارة الى تشخيصات المشكلة او الازمة في العمل الجبهوي منطلقا من تعريفات القاموس الجبهوي لقوانين العمل وطرق التفكير والممارسة العملية..ساكتب دون ذكر اسماء او تعريفات دقيقة من باب الاحترام الشخصي لكل فرد وتنظيم اعرفه، كان شريكا او محاورا او معارضا او منافسا، كوني احترم الاجتهاد الشخصي لكل ناشط رغم اختلافي معه.
كيف افهم الجبهة والعمل الجبهوي؟؟
الجبهة مؤسسة حزبية متكاملة وليست مجموعة عشوائية او مجموعهة هواة ولا قبيلة…تعمل حسب نظم منطقية وتقنيات وأسس تنظيمية تجعلها قادرة على تركيز قراراتها واليات عملها.
ان تكون جبهويا، يعني ان تبحث عن المشترك مع القوى السياسية الاخرى لتحدث ما تعجز عن احداثه كل حزب لوحده لتكون الفائدة شموليية للمجتمع المتغير باتجاه اهداف الفكر الجبهوي…
ان تكون جبهويا عليك ان تجد التناقضات الاساسية في المجتمع وليس ان تهتم بالتناقضات الثانوية.
المصلحة العامة من المنظور الجبهوي اهم من المصلحة الحزبية او الشخصية.
العلاقة الجدلية بين الخاص والعام هي المحرك للنشاط الجبهوي بتفضيل العام على الخاص وليس تفضيل الخاص على العام.
الرموز مثل حرف الواو او العلم الاحمر او اللون الاحمر هي رموز تؤدي وظيفة تعبوية والهامية وليست الهدف ذاته. هذه الرموز يصنعها الرجال والعمل وليست هي صانعة الرجال والانتصارات.
قوة الجبهة في شجاعتها في الاعتراف بالأخطاء ومعالجتها نقديا، وقوة القيادة في اعترافها بالأخطاء حتى لو كانوا قيادات قطرية.
قوة الجبهوين في قدرتهم على التخلص من رواسب الماضي ومن الانطباعات والمواقف القديمة والامتناع من الدخول في قوالب متحجرة، الجبهويون لا يتعاملون من الشركاء او المنافسين بعقلية الانتقام او ردود الفعل..وإنما في صناعة استراتيجيات جديدة تخضع للحاضر وتفاعلاته واتجاهات الحركة السياسة فيه لإحراز تقدم في التوعية والممارسة.
عبقرية العمل الجبهوي في وضع الاهداف وتسخير الأودات لتحقيق الاهداف وليس تغيير الاهداف عند أي عراقيل "رموزية" او عقبات تقنية.
ان تجاهل الجبهويين للقيم العليا للعمل الجبهوي السياسي الجماعي المبرمج والمحصن فكريا والموجهة ضد القوى الانتهازية او الرجعية في المجتمع، هو المطب الاخطر للجبهة وهو مصدر تقصيرها وشللها وعقمها الامر الذي سيؤدي على اختفاء قدراتها وتأثيرها والى دخولها في ازمة مدمرة تهدد وجودها واستمراريتها.
في الجبهة موروث سياسي واجتماعي وتجربة غزيرة، يجب الاعتماد عليها جزئيا وليس كليا منعا لتحولها لحركة ماضوية، قديمة، تريد بانجازات الماضي تحقيق احلام المستقبل، لهذا عليها ان لا تعتمد العقائدية الجامدة في التقييم للساحة السياسية وللصراعات الموجودة.
الجبهة شراكة واسعة على قواسم مشتركة مع تيارات وأحزاب وحركات اخرى وعليها السعي لتنظيمها وعدم التقوقع والغرور بانجازات اخرى.
الجبهة ليست اداة لتحقيق مارب حزبية حتى لو ان عمودها الفقري حزب قوي، انما هي اداة لتحريك وتنظيم المجتمع سياسيا لخلق حالة من الفرز ألسياسي عندها تستفيد كل مركبات الجبهة وبالأساس الحزب القائد ، والاستفادة طردية بقدر الفرز السياسي وإمكانية عزل القوى الانتهازية.
لماذا لم ننجز ما حلمنا به؟
الجواب بسيط جدا..
مجتمعنا يتغير تغيرا سلبيا..شخصنة سياسية حارتية عائلية "تغليب المصلحة الشخصية على العامة". في مجتمع كهذا الحاجة لنفس جماعي وجبهوي تصبح اكثر حادة. وتحديد اتجاه وقوة حركة التغيير يحتاج لنفس اطول وقدرة اكثر ان تكون جزء من مجموع اوسع.
في بناء التحالف الواسع لقوى التغيير اصطدمنا مع اتجاهات انتهازية كثيرة..قسم عبرناها وقسم اثقل علينا بأسلوبه وطرق عمله ومحاولاته سرقة قيادة التغيير بإتباع اسلوب عمل فردوي.
الصراع في معسكرنا الجبهوي او الوطني او اليساري اصبح بين مركبات التحالف وليس بين التحاف مقابل قوى انتهازية اخرى..وهذا انعكاس لواقع المجتمع الفحماوي الممزق والمتداخل والمتصارع بتناقضاته التي نشأت حين خيل للبعض اختفاء لاعب كبير هو الحركة الاسلامية الشمالية.
النتيجة؟
احتداد التناقضات في داخل التحالف "الوطني" ادت لقطيعة بين المركبات، لدرجة اختفاء التنسيق وفقدان الثقة…في مناخ كهذا لا يمكن ان تدرس التجربة ولا ان تلخصها ولا ان تتعلم منها…فالنتيجة تكون مزيد من التناقضات ومزيد من الصراع.
هل من ازمة ما؟ وما الحل؟
الحل الصحيح موجود في اعتراف من لم يرَ الصورة الشمولية والمصلحة الشمولية بذهنية جبهوية..وفضل الشد باتجاه الشخصنة او البدائل التوفيقية التجميلية ولم يلتزم بتعهدات والتزامات المسار الوحدوي الذي سارت به الجبهة من اول الطريق..فانسلخ عن المسار في اخر الطريق..فنشأت طريقان..طريق الالتزام بالعمل الجماعي السياسي ومساره رغم العقبات الغير اساسية. مقابل مسار التقوقع والإحباط الذي عمل بمسار سلبي يعاكس القيم والأهداف التي قررت جماعيا. مساران متناقضان اولدا حالة من التشرذم والانقسام لاتجاهين في التفكير والعمل والاستنتاج. تعمق التناقضات وفقدان الثقة شكل جسرا للانعزالية بالعمل…العضو المنتخب انعزل..ومجموعة المسار السلبي تقوقعت لتتعامل مع نتيجة تسميها فشل وهي مشغولة الان بالبحث عن "سكاكين" لذبح من التزم وعمل بتهمة تحميله الفشل الذي عملت هي عليه بشكل "غير مقصود او "مقصود" متجاهلة الظرف الموضوعي للمجتمع الفحماوي وامكانيات الجبهة مجتمعه (أي بشريا وماديا واعلاميا وشبابيا ولوجوسيا…).
مساران: مسار لا يلتزم بالقرار السياسي الوطني الجماعي متقوقع ذاتي ضيق لا يلتزم بطريق اقرها المجموع ويعتمد سطحيا على الرموز الشكلية والشخصنة .لا يعرف التناقضات الرئيسية ويغلب الثانوي على الاساسي يهمه التنظير بدل التاثير.
ومسار آخر: ملتزم بالقرار الجماعي السياسي الوطني بنظرة شمولية موضوعية منفتح يتعامل مع التناقضات الرئيسية ويغلبها على الثانوية بعيد عن الشخصنة والتقوقع والرموز الشكلية يهدف للتأثير المباشر بدل التنظير.
الصراع بين المسارين والذي هو صراع بين اسلوبين للتفكير والعمل والممارسة يحتد يوميا …..اي مسار سينتصر؟ أي مسار هو الصادق والأفضل؟ اسئلة سيحسمها واقع الحياة الاجتماعية والسياسية والتحولات الكمية والكيفية القادمة…والمقرر الحاسم ستكون الجماهير ..الجماهير وحدها قادرة على محاسبة احزابها وناشطيها ومصممي سياستها.
الجبهة بموروثها وبفكرها وتطلعاتها تبقى المعبر الاصدق عن اماني جماهيرنا ومصالحه الحقيقية..وجماهيرنا وحدها هي القادرة ان تضع الجبهة في مكانها الصحيح..ولكن بشرط..ان لا تنحرف الجبهة عن وفائها التام لجماهيرها..فلا وفاء ولا ولاء إلا للجماهير ومصالحها.