أسرار العشق
تاريخ النشر: 07/09/16 | 10:27في المدى عَبَقٌ مَهيب
لا بدءَ حيثَ تَناهى البَدأُ..
ولا نهايةَ حيثُ يَستَحكِمُ الانطِلاق..
أيّ شيءٍ قد يُمهِلُ الملهوفَ حينَ تَسفِزُّهُ المَخاطر؟
لن يأتيكَ نورُ الحياةِ ما لم يَغزُ أبوابَها نورُك..
تَذوي الرّوحُ حين يخبو نورُ عَطائِها
تَقدَّم عاشقَ الرّوحِ..
لن تمنَحَك الحقيقةُ سرَّها إلا ومَهرُها العِشقُ..
امحُ الفراغَ بما هو باقٍ من روحِ عَطائِك.
إن كنتَ عاشِقًا..
كلُّ المَتاعِ يَتَساقَطُ حَولَك،
هكذا روحُكَ تَرقى.
آنَ للزّمانِ أن يُدرِكَ أنّنا صَوتُه.
كَذا آنَ لنا أن نُدرِكَ أنّنا صورَةُ الإرادَة.
إذا خَلعتَ عنكَ زَمانَك..
فلا صوتًا تكونُ ولا صورة!
تلك هي الحقيقةُ الماكِرَة.
مَصعوقون كالمَوتى يَمضي بهِمُ الزّمان..
أولئكَ الذينَ انقَسموا ما بينَ ماكِرٍ وحَذِقٍ مُتربِّصَيْن..
أجملُ ما في العتمَةِ –لو أردْتَ- وُضوحُها
فهل أغبى منك؛ تَعجَبُ مِن كَوني أدرِكُكَ..
حتى وأنت تَتَقَمَّصُ روحَ العَتمَة؟!
لن أخبِّئَ عِشقي حيثُ يَتَطاوَلُ سُرّاقُ العِشق..
فاسِدَةٌ مُفسِدَةٌ ألحانُ الرّيح؛
حينَ تُداعِبُ عابِثَ الرّوح…
فكلُّ فرحِ الدّنيا لن يجعَلَ نَفسًا قاحِلَةً تُنجِب.
إنّهُ الحَقُّ..
تَرقى إليه قلوبُ العُشّاقِ على جناحِ الأشواق..
فكيفَ لقلوبٍ مَسكنُها قَوالِبُ الحاجَة..
أن لا يُرعِبَها هُبوبُ نَسائِم الشّوق..
ساعِيَةً إلى لَذائِذِ الفِداء..
حيثُ يَرتوي من داني نَداها كلُّ عِطاشِ الأرواح؟
.. حَدَّ التّلاشي.. تَتَقزّمُ الأسرار؛
حينَ تَنطَلِقُ الحرّيّةُ مِن أنوارِ الغَيث.
لستَ حرًا إذا تركتَ التّوافِهَ تَشغَلُكَ عَن طَلَبِ المَعالي..
التّلذُّذُ بالمُيَسّر؛
صدٌّ لبابِ المَعالي.
كلُّ جمالِ المادَّةِ صُوَرٌ؛
تُرهِقُ عَينَ البَصَرِ،
لتَتَوارى عينُ البَصيرَة.
أيُّ جَلالٍ يَبقى للكَلمَة..
حينَ يَتَدلّى جَسَدُ الأفكارِ رَخوًا…
تحتَ قِبابِ الأسرارِ؟
يتيمةٌ قلوبُنا وحَسيرَة..
ما لَم تَحمِلْها أجنِحَةُ العِشقِ؛
إلى أفقِ العَطاء،
مُردّدةً نَشيدَ الوَلَهِ..
يُخرِجُ الحِكمَةَ المَبثوثَةَ في كُلِّ ذاتٍ عن صَمتِها..
شاهِرَةً سِلاحَ الهَيبَة،
تَتَزيّى بحُلَّةِ الاقتِدار.
العشقُ والوِصال..
سِرُّ القُدرَةِ على المَنال.
لا يَستطيبُ الأُنسُ ظِلًا…
لم تفرِشْهُ اشجارُ العُقولِ في بَساتينِ القُلوب.
دقيقَةٌ هي المَسالِكُ بين ما كانَ وما سوفَ يَكون.
إنّها عينُ ما أردنا، وما أصبحنا نُريد أن يَكون..
حين تكون الإرادةُ وَحدَها ..
قادرةً على جَذبِ أرواحِنا بِسحرِ خِطابِها..
وحيثُ يَتَساقَطُ مَن تَسَلَّل إلى قلوبِهم..
ظلامُ الرّغبةِ.. في سَواد الرّكون.
لا تَخضَعُ أعناقُ العاشِقين..
إلا لِسحرِ جَلالِ الحَقّ..
وحدَها روحٌ عَرفَت أنّها يَجِبُ أن تَخلَعَ هيئَةَ الكائِن؛
لِيَتَسنّى لَها أن تَتَوَحَّدَ في هالَةِ المَنشود..
تَملِكُ أن تَتَزَيّى بِرِداءِ الهَيبَةِ، مُتَوَّجَةً بِبَريقِ العِشقِ..
في مَراقي روحِ البَذل؛
وحيثُ يَتلاقَحُ العَطاء.
لا يَعرِفُ سِرَّ العِشقِ مَن أمتَعَهُ النّظَرُ إلى المَوجود؛
وأرضى نفسَهُ الأخذُ مما دَنا.
ومَلَكَ جوهَرَ أسرارِ المَحَبّة..
مَن رَدَع بَصرَهُ بنورِ بَصيرَتِه،
وراحَ يُحلِّقُ في أنوارِ جَمالِ اللامَحدود،
وعظيمِ السّعيِ إلى المَقصود..
بقلم: صالح أحمد (كناعنه)