وحْشية العزلة
تاريخ النشر: 06/09/16 | 0:00ما أصعب أن ينام المرء لوحده مثلي أنا المسكين، الذي بتُّ أنام بمفردي ومنعزلا في جبلٍ أجرد، بعدما هجرتني تلك المرأة، التي أحببتها ذات زمن جميل،ٍ فكل ليلة أنام على فراشي المتسخ وأظل أتعذب، لأنني أشعر ببردٍ، وأتوق لذاك الدفء الجميل الذي أتمنى أن أرشعر به حقيقة وليس حلما، أعانق لحافي الرّث، لكنني أظلّ أتقلبُ على فراشي، وفي النهاية أتقوقع تحت لحافي، الذي ما زال يعبق برائحة تلك المرأة التي أحببتُ فيها كل شيء حتى شغبها الغريب.. فأنا ما زلت أعاني من وحْشية عزلة مجنونة.
أنام كل ليلة لوحدي في مهجعي بلا تدفئة، أظل أرتعش من برْدٍ الشتاء، وأقول في ذاتي لولا لم تهجرني تلك المرأة ذات مساءٍ فبكُلِّ تأكيد كنتُ الآن أشعرُ بدفء جميلٍ، لكنني ها أنا ما زلت أنام لوحدي في عزلتي في ضجر قاتل، وأظل أتحسرُ على تلك الأيام والليالي الجميلة، لكنني أحيانا أسأل نفسي لماذا هجرتني تلك المرأة؟ لكنني أعجز عن الإجابة، فلربما لأنني خدعتها ذات ليلة مع راقصة الباليه التي جننتني برقصها في تلك القاعة، حينما كنا لوحدنا، ولكن من أين علمتْ بأنني كنت مع راقصة الباليه؟ فربما رآني عامل النظافة الذي يحبّ أن يأتي إلى عمله مبكرا، وكأنه يحبّ عمله، فأكيد هو فقطْ من رآني بعد منتصف الليل.. فما أصعب أن ينام المرء لوحده مثلي أنا المسكين الذي أتعذّب في عزلتي، فما أصعب أن ينام المرءُ بلا حضنٍ دافئ، هنا فقط فهمت ما معنى وحشية العزلة، حينما يبقى الإنسان بمفرده بين جدران صامتة، وملل مجنون ويتوق لدفء أحبّه منذ التصاقه على ثديي أمّه عندما كان طفلا ويتوق له الآن من تلك المرأة التي أحببتها ذات مساء ضاحكٍ، لكنني أخطأتُ بحقّها، وها هي تتوه في عالم آخر، لا أدري إلى أيّ عالم ذهبتْ، لربما هي تعيش في عزلة مثلي وتعاني وحْشيتها مثلي.
عطا الله شاهين