همس البناطيل

الأحمر، ستنفتحُ سُدّة جهنم المُغلقة تلك ويدخلُ مقصّ الخيّاطة العملاق.
همسَ البنطال الأصفر لزميلِه
كُل قطعةَ الشّوكولاتة هذه الآن ولا ترتعب، إنّما سحّاباتنا قوية وجيوبنا عميقة وبطانتنا دافئة
أنسجتنا قدْ أكلها العثّ ..
أجابَه البنطال البنفسجي
لقدْ غسلوني مُنذ زمنٍ بعيد وما زلتُ ارتعشُ، ذكرتُ الشّمسَ كثيراً والحالة نفسها تلبسُني مُنذُ أعلنتُ دولابي، مرآتي، وعائي، محرمتي، علّاقتي، لوني كلها للبيع
قالَ الأصفر .. أنا مثلكَ لمْ ابق شيئاً لدي سوى مقصّ أظافر ونصّ وصورة عشيقة، أتدري إن صاحبي قد خرجَ منّي منذ أزمنةٍ عديدة، لم يرض أن يبقي لي حتى يديه لأدافع بهما عن نفسي؟
قالَ البنفسجي .. يداه وهو حرُّ بهما، أتذكرُ عندما كنّا خيطاً ندخلُ بخرمِ الإبرة إلى الجهة الأخرى من الدُّنيا بيسرٍ، كانتْ لي رغبات كثيرة أنْ أشاركَ في لعبةِ قفزِ الحبلِ أو أصلَ السّماء على متنِ طائرةٍ ورقية أو أُحملَ بمنقار قبّرة إلى عشِها، ولكنّ كلّ هذا حلْم لمْ يحدث، لقدْ أخذتني مقصلة الخيّاطة جعلتني بنطالا عاديا لأواجه الحرّ القائظ، احمل لسعةَ الشّمس على ركبتيّ، وضعوا في جيبي بطاقةَ هوية.
الأصفر .. لقد شاهدتُ سهراتِ القصور أوّل الأمر، وعرفَ جيبي الدّاخلي الكثير من الأسرارِ أرقام الشّيكات والموبايلات، صور، و…
اذكرُ أنَّ جيوبي كانتْ تلفّ الأصابع بالخواتمِ الماسيّة، كنتُ معطراً بروائحٍ غريبةٍ أو ثمينةٍ، اجلسُ بين موائدِ الشّهية اسمعُ النّغماتِ، أتباهى، أجلسُ على كراسٍ دوارة، كانَ شيئاً مُرتّباً وأنيقاً حتى أتوا بي إلى هنا بتهمةِ اكتشافِ فتحةٍ صغيرةٍ في احدِ جُيوبي من خلالها تمّت عملية تهريبِ المالِ،
وأنتَ لماذا آتيتَ إلى هنا ؟
لقدْ لا حظوا هذه الفتحاتِ فوق رُكبي فادّعوا فعل اطلاقات نارية، هلكتُ في إقناعهم، لقدْ كانتْ حرقة سيجارة لثملٍ ليس إلا.
البنفسجي .. أما زلتَ مرتعباً .. ؟ دعنا نتخلّصُ من مساميري تعليقنا، ولنحاولُ فتحَ السُّدّة أولا ونخرجُ ..
اسمع صوتَ المطر وأخافُ أن نتبللَ الأصفر
البنفسجي .. إذن دعنا نترقّبُ، فلربما يفقدُ المقصّ ذاكرته أو نستطيعُ الغفو .. لنحلمَ
الأصفر .. وأنْ هلكنا ؟
البنفسجي .. من القُطنِ بدأنا والى القُطنِ نعود
يبتسمان…

عطا الله شاهين