مؤتمر “الصحافة في عصر النهضة” بالناصرة
تاريخ النشر: 04/09/16 | 15:45بحضور جماهيريّ واسع، تمثّل بكافّة الأوساط الأكاديميّة، العلميّة، الأدبيّة والشّعبيّة، عقد مجمع اللّغة العربيّة- الناصرة أمس السّبت، في فندق “جولدن كراون” في الناصرة، مؤتمرًا بعنوان: “الصّحافة، اللّغة والهويّة في عصر النّهضة”، وقد جرت وقائع المؤتمر في جلستين، توزّعت على ثلاث محاضرات، ساهمت في تسليط الضوء على هذا الموضوع الهامّ.
افتتح المؤتمر رئيس المجمع، البروفيسور محمود غنايم، متحدّثًا عن دور الصّحافة في عصر النّهضة، باعتبارها جزئيّة هامّة من سمات ذلك العصر أثّرت على رسم صورة المجتمع العربيّ وسلوكه السّياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ وبلورت هويّته الثّقافيّة، مبيّنًا بأنّ الصّحافة والطّباعة وما تمخّض عنهما، شكّلت لغة جديدة سواء على مستوى المصطلحات أو على مستوى الألفاظ التي أصبحت تقترب من لغة النّاس، وتسعى لأن تكون لغة وظيفيّة تلتصق بالجّماهير. ثمّ قدّم شكره للجمهور الذي حضر من مختلف البلدات والقرى العربيّة للمشاركة في هذا المؤتمر، وإلى طاقم المجمع الذي عمل على إنجاحه.
بعد كلمة رئيس المجمع، عقدت الجلسة الأولى التي ترأسها وأدارها البروفيسور إسماعيل أبو أسعد، وقد تألّفت من محاضرتين، الأولى للبروفيسور قيس فِرّو. أمّا الثّانية فقد قدّمها البروفيسور مصطفى كبها.
تحت هذا العنوان عالج البروفيسور قيس فرّو في محاضرته: “دور اللّغة العربيّة الفصحى في إنتاج ثقافة عليا في فترة النّهضة العربيّة، وتأثير هذا الإنتاج على دعوة المثقّفين المصرييّن والسّوريّين إلى تبنّي هويّات جماعيّة، وطنيّة وقوميّة”. وقد نوّه إلى: “نوعين من إنتاج الثّقافة: ثقافة شعبيّة تقليديّة تعيد إنتاج نفسها من خلال عمليّة داخليّة تحافظ على الهويّات الجماعيّة الموروثة، وثقافة عليا تُنتجها النّخب من خلال عمليّة خارجيّة تحاول فرضها على الهويّات الجماعيّة الموروثة”، مشيرًا إلى أنّ إنتاج الثّقافة العليا بواسطة اللّغة الفصحى ظلّ مقتصرًا على النّخب التي أضفت على هذه الهويّات الجّماعيّة المستحدثة طابعًا نخبويّا ظلّ يلازمها خلال فترة النّهضة وما بعدها.
أمّا المحاضرة الثانية، فقد توقّف فيها مقدّمها، البروفيسور مصطفى كبها عند الإطار الزمنيّ الذي يتمحور في النّصف الثاني من القرن التّاسع عشر، وبدايات القرن العشرين. متحدّثًا عن: “الدور الذي لعبته الصّحافة المكتوبة باللّغة العربيّة في بدايات عصر النّهضة في البلاد العربيّة (مع تركيز على مصر وبلاد الشّام) من حيث تطوير ثقافة الكلمة المكتوبة كأداة فعّالة في مجال صياغة تعابير ومفاهيم ومدلولات الحيّز العام”، موضّحًا بأنّ الصّحافة المكتوبة كانت: “بمثابة المنصّة الرّئيسيّة التي جرت عليها عمليّات بلورة الرأي العامّ و وصياغته، بما في ذلك التّعابير والمصطلحات اللّغويّة التي تمّ التّعويل عليها كأداة يتمّ من خلالها إيصال معاني النّهضة ومدلولات مصطلحاتها كما شاعت وانتشرت في بلاد الغرب. وعلى هذه المنصّة حاول كتّاب الصّحف والجّرائد والمجلات إيصال المعاني النّهضويّة”.
في الجّلسة الثانية التي ترأسها وأدارها الدكتور نبيه القاسم، وذكر أنّ المحاضر د. بسّام عويضة تعذّر عليه الحضور لظروف خاصّة، ثمّ رحّب بالمحاضر البروفيسور (يتسحاق فايسمن) الذي تمحورت محاضرته حول دور الكواكبي في عصر النّهضة، فقد تحدّث البروفيسور (فايسمن) عن جوانب مختلفة من سيرة الكواكبي الذاتيّة وآثاره الفكريّة، حيث قال: “ولد الكواكبي بحلب في 9 تموز 1855م/ 1272هـ. أتقن اللّغتين التركيّة والفارسيّة. وتولّى العديد من الوظائف، أوّلها وظيفة محرّر عربيّ ومترجم تركيّ لجريدة فرات الرسميّة. ومنها رئاسة البلديّة ورئاسة غرفة التّجارة والزّراعة والصنائع”. وحول آثاره الفكريّة، فقد تحدّث بإسهاب عن كتابين: “أمُّ القرى” و “طبائع الاستبداد” والكثير من المقالات والرَّسائل التي تعتبر من أهمّ ما كُتِب في عصر النّهضة العربيّة.
في نهاية اللّقاء دار نقاش بين الجمهور والمحاضرين، أثرى هذا اليوم الدّراسيّ وأضاف له الكثير من الأفكار والملاحظات القيّمة.