حكم صلاة الضحى
تاريخ النشر: 07/12/13 | 4:20صلاة الضحى مستحبة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أوصى بها أصحابه، روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثٍ صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ".
وتستحب المداومة عليها؛ لأن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَبُّ الْعَمَل إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَل"(رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم:"من حافظ على شفعة الضحى، غفرت له ذنوبه، وإن كان مثل زبد البحر". (رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد. وهو ضعيف). أي من حافظ على أداء صلاة الضحى غفرت ذنوبه الصغائر ولو كانت كثيرة مثل زبد البحر.
جاء في مشكاة المصابيح(4/705):"والمراد بشفعة الضحى ركعتا الضحى. قال الجزري في النهاية: من الشفع الزوج، ويروى بالفتح والضم، كالغَرفة والغُرفة".
وقت صلاة الضحى:
وقت الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح بنظر الرائي أي ما يقارب المتر(أي بعد شروق الشمس بـ 15 دقيقة تقريبا) إلى ما قبل الزوال (أي قبل الظهر بـ 15دقيقة تقريباً)، وَالِاخْتِيَارُ في أداء صلاة الضحى عِنْدَ مُضِيِّ رُبُعِ النَّهَارِ، لِئَلَّا يَخْلُوَ كُلُّ رُبْعٍ مِنْ النَّهَارِ عَنْ عِبَادَةٍ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة الأوابين حين ترمض الفصال". (رواه مسلم). فالمراد بصلاة الأوابين في الحديث صلاة الضحى. أي أن أفضل وقت لصلاة الضحى هو حين اشتداد الحر.
وتَرْمَضُ بفتح التاء والميم:تحترق. أي: حين تحترق أخفاف الفصال، وهي الصغار من أولاد الإبل، وذلك من شدة حرّ الرّمل. والحديث كناية عن شدة الحر أي أن أكمل وأفضل الضحى عند اشتداد الحر.
عدد ركعات صلاة الضحى:
بعض المذاهب حددت الضحى بعدد معين كثمان واثنتي عشرة ركعة، والصحيح أن أقل الضحى ركعتان ولا حد لأكثرها، وتصلى مثنى مثنى ولا تسن فيها الجماعة. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْصَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَكْعَتَيْ الضُّحَى. (رواه البخاري). وروت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله. (رواه مسلم).
وروى ابن جرير عن مجاهد قال:"صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى يوما ركعتين ثم يوما أربعا ثم يوما ستا ثم يوما ثمانية، ثم ترك يوما". وهو مرسل لكن له شواهد. وروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى ست ركعات فما تركهن بعد ذلك" (رواه الطبراني في الأوسط. وهو حسن). وعَنْ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلَّى فِى بَيْتِهَا عَامَ الْفَتْحِ ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ (واعتبرها الشافعية من الضحى) فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ". (رواه البخاري)
جاء في شرح صحيح بخاري لابن بطال(7/163):"قال الطبرى: وليس منها حديث يدفع صاحبه، وذلك أنه من صلى الضحى أربعًا جائز أن يكون رآه فى حال فعله ذلك، ورآه غيره فى حال أخرى صلى ركعتين، ورآه آخر فى حال أخرى صلاها ثمانيًا، وسمعه آخر يحث على أن تصلى ستا، وآخر يحث على ركعتين، وآخر على عشر، وآخر على اثنتى عشرة، فأخبر كل واحد منهم عما رأى أو سمع…. وقال مجاهد: صلى رسول الله يومًا الضحى ركعتين، ثم يوما أربعا، ثم يومًا ستا، ثم يومًا ثمانيًا، ثم ترك فأبان بهذا الخبر عن صحة ما قلناه من احتمال خبر كل مخبر ممن تقدم قوله، أن يكون إخباره بما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم فى صلاة الضحى كان على قدر ما شاهده وعاينه. فالصواب إذا كان الأمر كذلك أن يصليها من أراد على ما شاء من العدد، وقد روى هذا عن قوم من السلف، حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: سأل رجل الأسود، قال: كم أصلى الضحى؟ قال: كما شئت".
أحاديث نبوية في فضل صلاة الضحى:
فضل صلاة الضحى عظيم، وقد ورد في ذلك عدد من الأحاديث منها:
1ـ صلاة الضحى تجزئ عن 360 صدقة.
ما جاء عن أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى".(رواه مسلم).
(السلامى: مفاصل البدن، وعددها ثلاثمائة وستون مفصلا؛ لما رواه مسلم:"خلق الإنسان على ستين وثلاثمائة مفصل، ففي كل مفصل صدقة"،أي ينبغي على المسلم أن يتصدق في كل يوم 360 صدقة على عدد مفاصله، وأنواع الصدقات كثيرة كما جاء في الحديث، ويجزئ عن ذلك كله ركعتا الضحى).
2ـ حافظ على اثنتي عشرة ركعة من الضحى ولك قصر في الجنة.
عن أنس مرفوعا:"من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعه بنى الله له قصرا في الجنة" (أخرجه الترمذي. وهو حسن).. وقال بن جريج قلت لعطاء بلغني: أنك تركع قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة ما بلغك في ذلك؟ قال"أُخبرت أن أم حبيبة حدثت عنبسة بن أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ركع اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة سوى المكتوبة بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة".(رواه النسائي. قال الشيخ الألباني:"صحيح لغيره"). وفي رواية عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَتْ:"مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ، فَصَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّة"ِ{رواه النسائي}. وعن أم حبيبة قالت:"من صلى في يوم اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة". قال الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي(4/454):"صحيح"
3ـ من صلى أربع ركعات من أول النهار (الضحى) كفاه الله آخره.
عن أبي الدرداء أو أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال:"ابن آدم اركع لي من أول النهار أربع ركعات أكفك آخره" رواه الترمذي. قال:"حديث حسن".
4ـ ادخل الجنة من باب الضحى.
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن في الجنة بابا يقال له الضحى فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه برحمة الله"{رواه الطبراني وهو ضعيف.
5ـ المحافظ على صلاة الضحى أواب.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب. قال وهي صلاة الأوابين"{ رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه. قال الألباني:"حسن".
6ـ الضحى طريق القانتين.
عن زيد بن أسلم، قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول لأبى ذر: أوصنى يا عم، فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما سألتنى، قال:(من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعًا كتب من العابدين، ومن صلى ستًا، لم يلحقه ذلك اليوم ذنب، ومن صلى ثمانيًا كتب من القانتين، ومن صلى ثنتى عشرة ركعة بنى الله له بيتًا فى الجنة){رواه الطبري وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي إِسْنَادِهِ ضَعِيفٌ أَيْضًا قَالَ لَكِنْ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ أَيْ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ قَوِيَ وَتَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
7ـ الضحى غنيمة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من صلى الغداة (الصبح) في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تامة تامة". رواه الترمذي وقال:"حديث حسن".
بعض شراح الحديث قالوا المراد بالركعتين هنا صلاة الضحى. والصحيح أن المراد ركعتا الشروق وليس الضحى. فصلاة الشروق لها أجر خاص وشرط خاص وهو صلاة الفجر في جماعة والجلوس في المصلى إلى حين ارتفاع الشمس ثم صلاة ركعتين فمن فعل ذلك حاز على أجر الحجة والعمرة، أما الضحى فلا يشترط لها الجلوس والذكر إلى ارتفاع الشمس لأن الأحاديث الواردة فيها مطلقا كما وأن الأجر الوارد عليها يختلف عن أجر صلاة الشروق.
وبعض العلماء لم يفرق بين الشروق والضحى فاعتبر صلاة الشروق هي ذاتها الضحى، والصحيح التفريق بينها لاختلاف شرطيهما وأجريهما.
اللهم اعننا على صلاة الضحى يوميا