تكبيرات بالأضحى في يافة الناصرة
تاريخ النشر: 14/09/16 | 10:16أُقيمت صباح الأثنين شعائر صلاة عيد الأضحى المُبارك في جامع عُمَر المُختار يافة الناصرة وسط أجواء آمنة مُطمئنَّة مُفعمة بِالخُشوع لله سُبحانه وتعالى، وذلك بِحُضور المِئات مِن أهالي البلدة والمنطِقة حيث ردَّد المُصلَّون تكبيرات العيد بِأجواء مِن الفرح والبهجة والسرور، وقد أمَّ صلاة العيد الشيخ موفق شاهين إمام وخطيب الجامع. كما وألقى فضيلته بعد إمامة الصلاة خُطبة صلاة العيد واستهلها بِالتكبير والتهليل والتسبيح والحمد والثناء لله سُبحانه وتعالى على ما يسَّر لِعباده مِن حجَّ بيته العتيق في أمنٍ وأمان واطمئنان، مُشيرًا إلى فضل يوم النحر الذي يتقرَّب فيه المُسلِمون بِأضاحيهم إلى الله بِتحقيق التوحيد الخالِص له سُبحانه وتعالى وإتَّباعًا لِسُنَّة الخليلين إبراهيم ومُحمَّد عليهما الصلاة والسلام، وَذَكَرَ فيها المعاني العظيمة لِقيمة الحياة الإنسانية والنفس البشرية وحُرمة سفك الدِماء والقتل، التي مِن شأنها أن تُقيَّم قِيمًا إنسانية تنعم بِالأمن والسكينة والطُمأنينة.
وقال الشيخ موفق شاهين: “هو الله الذي بيده ملكوت كُلِ شيء هو الله الذي ما خلق الخلق عبثًا ولا سُدىً ((أفحسبتم أننا خلقناكُم عبثًا وأنكم إلينا لا تُرجعون))، الله الذي قدَّر المقادير واستعبد الناس لِأنه هو الواحِد الذي يستحق العِبادة أصلًا، فهو المُحيي وهو المُميت هو الرازِق وهو المُعطي وهو المانع وهو الذي بيده مقادير السمواتِ والأرض، ثُمَّ خلق هذا الإنسان فخيَّره ((مَن شاء فليُؤمن ومَن شاء فليكفُر))، خلق هذا المخلوق وأراد منه أن يعبده حُبَّا ورغبة ورهفةً وتقرَّبًا، خلق هذا الإنسان وسلَّمه هذه الأرض لِيُعمَّرها لِيبنيها لِيُطوَّرها لِيُنمَّيها لِيستغلها في الخير فأبى هذا الانسان إلى أن يتمطى ظُلمًا وجورًا أبى هذا الإنسان إلى أن يسفك الدماء ويُهلك الحرث والنسل ويفسد بدل أن يُصلح أبى هذا الإنسان إلَّا أن يكون عُنصر فساد في هذا المُجتمع فأفسد البيئة وأفسد الأرض وأفسد الجو والبحر حتى ولوَّث كُل شيء مِن حوله، هذا الإنسان الذي حُمَّل الأمانة فحملها بعد أن أشفقت مِنها السموات والأرض والجِبال ((إنَّا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجِبال فأبينا أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلومًا جهولا))، إلَّا أنَّ الله عزَّ وجلَّ بعث لِهذا الإنسان نورًا مِن استجاب له نجا ونجَّى غيره وإن أعرض هلك وأهلك غيره، هذا تلخيص قول النبي عليه الصلاة والسلام قال (كُل الناس يدخلون الجنة إلَّا مَن أبى) قيل (ومَن يأبى يا رسول الله) قال (مَن أطاعني دخل الجنة ومَن عصاني فقد أبى)، مَن استجاب لِذلك النور الإلهي مَن أطاع ما في شريعة الله نجا وكان سببًا في نجاة غيره ومَن تنكب الجنة وأعرب واختار سُبُل أخرى كثيرة هلك وأهلك مَن حوله” .
وأضاف الشيخ موفق شاهين: “يأتي هذا العيد لِيَهزَّ أعماقنا مِن جديد لِيربطنا بِالمَنهج الجديد لِيفتح لنا باب التوبة مِن جديد لا قنوط ولا يأس الذي أرجع يوسُف بعد 30 عامًا قادِر على أن يتوب على الإنسان وقادِر على أن يقبل التوبة وقادِر على أن يغفر الذنب وقادِر أن يرجع بالإنسان إلى الجادَّة وإلى الطريق وإلى الصِراط المُستقيم ولكن القاعِدة الذهبيَّة التي سطَّرها القُرآن الكريم قوله تعالى ((إنَّ الله لا يُغير ما بِقومٍ حتى يُغيَّروا ما بِأنفُسِهم)) ومَن لم يقتدر زادهم هُدى، التغيير يبدأ مِنك ويبدأ مِنَّي ويبدأ مِنها ويبدأ مِنه التغيير يبدأ مِن هذا الإنسان نفسه هذا الإنسان الذي يستطيع أن يكون ملكًا بل أرقى مِن الملائكة في ميزان الله نفس الانسان يتحوَّل إلى أن يُصبح شيطانًا بل أخس أو بهيمة بل أقل كما قال الله عزَّ وجلَّ عن فئة مِن الكُفَّار الضَّالين ((إنَّهم كالأنعام بل هُم أضل سبيلا))، هذا الإنسان يستطيع أن يرتقي بِمنهاجه بِفكره بِسلوكه بِأخلافه بِرحمته بِأبناء جنسه يستطيع أن يُباهي الله عزَّ وجلَّ الملائكة كما باهى الله عزَّ وجلَّ بِالأمس حُجاج بيته الحرام يوم أن وقفوا على عرفات الله وقال ((يا ملائكتي انظروا إلى عبادي هؤلاء أتوني شُعثًا غُبرًا تركوا المال والأهل والولد مِن اجلي اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرتُ لهُم)) هذه فئة مِن الناس اختارت التوبة اختارت الإيمان اختارت الإسراع اختارت الرحمة.
يأتي هذا العيد يوم النحر لِيُذكَّرنا كما قُلنا في الخُطبة السابِقة بِأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام أبو التضحية الذي أوشك في الدقيقة الأخيرة على أن يُضحَّي بِأبنه مِن أجل مرضاة الله، أعظم اختبار يتعرض له إنسان أن يذبح ابنه بيده مِن أجل الله فكان جاهزًا وكان مُلبَّيًا لِأمر الله سُبحانه وتعالى، حديث الاشتقاق مِن المصدر في الَّلُغة العربيَّة (الراحِمون يرحمُهم الرحمن ارحموا مَن في الأرض يرحمُكُم مَن في السماء)، حتى نحنُ المُسلِمين مِن عظمة مِنهاجنا وديننا وقُرآننا حتى في لحظات يُنظر على أنها عُنف عندما تُمارس الذبح على بهيمة حتى في تلك اللحظة أمر الإسلام أن يكون الإنسان رفيقًا رحيمًا هينًا لينًا حتى مع الذبيحة وهي حيوان فقال عليه الصلاة والسلام (إذا ذبح أحدكم فليُحسن ذبحته ولِيُرح ذبيحته ولِيُشحن شفرته ولِيكُن ذبحه لها جرة أو جرتين وإلَّا فعذبها)، يا رحمة الناس يا رحمة العالمين يا رحمة الأُمم يا رحمة البشر يا رسول الله، كيف الآن الناس لا يرحمون بعضهم بعضًا المُسلِمون يرحمون بعضهم بعضا البشر قُساة شُفاه غُلظاء قست قلوبهم وهذا ليس غريبًا عندما تتولى عن دين الله، عندما تولي التِبر عن دين الله سُبحانه وتعالى يملئ القلب قسوة وجفوة وغِلظة وتشوَّقًا لِسفك الدم، الله عزَّ وجلَّ أمرنا أن نُضحَّي وسنَّ لنا تلك السُنن لِيُعلَّمنا كيف نُعطي كيف نبذل كيف نُعطي مِن غير مُقابِل لِأنك كيف تُعطي تُعطى أنفق يُنفق عليك أعطِ تُعطى سامح تُسامح صِل توصل الجزاء مِن جنس العمل، مِن هُنا يأتي هذا العيد المُبارك وإخواننا هُناك في الرُكن الخامِس مِن أركان الإسلام يُؤدون الشعائر ويُؤدون المناسك حُفاة عُراة إلَّا مِن قطعة قماش أشبه بِالكفن يجتهدون إلى الله بِالدعاء والتسبيح والاستغفار والتلبية عسى الله عزَّ وجلَّ أن يُجيب دعوتهم وأن يُفرَّج كرب الأُمَّة وأن يُوحَّد صفَّ الأُمَّة في ظل هذا العيد المُبارك””.
واختتم الشيخ موفق شاهين: “في مِثل هذا اليوم صِلة الأرحام صِلة الأقارب المُعايدات أن تقول لِأخيك تقبَّل الله مِنَّا ومِنكُم أن تقول لِجارِك كُل عامٍ وأنت بخير بِغض النظر مِن أي دين مِن أي طائفة لا علاقة لنا بِذلك علاقتنا نحنُ كبشر علاقة الإنسان بِالإنسان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (لا فضل لِعربي ولا أعجمي) هذه الكلمات غرَّد بِها عبر الزمان في حجَّة الوداع يوم أن وقف هُناك على جبل الرحمة وخطب فيهم ما خطب (لا فضل لِعربي ولا أعجمي ولا لِأبيض على أسود إلَّا بِالتقوى إنَّ أكرمكم عِند الله أتقاكُم)، ليس عليك علاقة بِشكل الإنسان بِدينه أو طائفته أو أي فِكر يحمل يكفيك أنه إنسان ما لم يؤذك ما لم يعتدي عليك ما لم يسلب حقك كما قال الله عزّ وجلَّ ((لا ينهاكُم الله عن الذين لم يُقاتِلوكم ولم يخرجونكم مِن دياركم ان تبرَّوهُم وتقسطوا إليهم والله يُحبَّ المُقسطين)) أن تكون مُقسطًا حكمًا عدلًا رؤوفًا رحيمًا برَّا بِأبناء جنسك ((يا أيَّها الانسان ما غرك بِربَّك الكريم الذي خلقك فسوَّاك فعدلك في أي صورة ما شاء ركَّبك)) هذه معاني الإسلام هذه معاني أنوار هذا الدين العظيم الذي أُختُطِف نعم أُختُطِف الإسلام أُختُطِف مِن قِبل فئات ضالَّة مُضلَّة بشِعة شوَّهت صورة الإسلام في ذاتِها وبين أبنائهم وبين أبناء البشر الآخرين حتى صدَّق الآخرون على أن هؤلاء هُم الاسلام وهو الدين ومُعظم الأُمَّة صامتة جالِسة عن التحرَّك أصلًا لم تبذل جُهدًا في أن ترفع راية الإسلام الحقيقي وتوطيب ما معنى الإسلام هذا الإسلام العظيم الذي جاء رحمةً لِلِعالمين”. وبعد الصلاة تبادل المُصلَّون التهاني والتبريكات وتمَّ توزيع قُرص هدية مِن جامع عُمَر المُختار، وكُل عام والجميع بِألف خير.