رؤى وآراء معاصرة.. دراسة نقدية
تاريخ النشر: 08/12/13 | 9:33يجدد غازي التوبة إثراءه للمكتبة العربية والإسلامية بكتاب جديد يمثل إضافة فريدة تجمع بين العرض والنقد والتقويم وطرح البديل في عدة مجالات فكرية وثقافية وإعلامية.
يهدف كتاب "رؤى وأراء معاصرة.. دراسة نقدية" إلى تفعيل آليات التفكير في العقل الإسلامي، من خلال توسيع مساحة التقويم منطلقا من الحقائق الثابتة المتمثلة في إعلاء الإسلام من شأن العلم، وما يتعلّق بذلك من عمليّات عقلية مثل: الوعي والفقه والتفكير والتذكّر والتدبّر والفهم والتعقّل، وفي نفس الوقت استنكار القرآن الكريم حال الذين يبنون موقفهم على الظن وذمّ الذين لا يفقهون ما حولهم.
ويبين الكاتب أن الحياة الإسلامية قامت على جناحين هما النقل والعقل، وكلما كان هذان الجناحان سليمين فاعلين لا عطب ولا خلل فيهما، كانت مسيرة الحياة الإسلامية في أوج تحليقها وعطائها وحيويّتها، وإذا وجد خلل في أحد هذين الجناحين تعطلت الحياة الإسلامية، وتدنى مستوى الطيران والتحليق.
ويؤكد الكاتب غازي التوبة أن التقويم والغربلة والفرز والتمحيص للمحيط الثقافي والاجتماعي والسياسي، وسائل دالة على مدى فاعلية الوعي والإدراك، وهي وسائل أساسية في تجديد مسيرة الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
ولذلك وجدنا القرآن الكريم راصدا لكل حركات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، مقوّما لها، مثنيا عليها حينا، معاتبا لها حينا آخر، موجّها لها حينا ثالثا.
ويشير الكاتب إلى أن جناحي النقل والعقل لم يأخذا استواءهما الصحي في الوقت الحاضر، لذلك نجد التعثر ما زال قائما في مسيرة أمتنا.
ويبين أن هذا الكتاب جاء ليساهم في معالجة هذا التعثر المستمر في مسيرة الأمة باتجاه النمو والنهضة، وذلك من خلال مجموعة من المقالات المنوعة والموزعة على خمسة أبواب:- الباب الأول: دراسة وتقويم لبعض الكتب، تناول فيه الكاتب عددا من الكتب الفكرية التي صدرت خلال السنوات الماضية، وأعمل فيها المنهج العلمي دراسة وتقويما، ومن هذه الكتب:
• ثلاثة كتب لمحمد عابد الجابري وهي: الدين والدولة وتطبيق الشريعة، والعقل الأْخلاقي العربي، ومدخل إلى القرآن الكريم.
• ديوان شعري لأْدونيس تحت عنوان: "الكتاب.. أمس المكان الآن"
• كتاب محمد شحرور الذي يحمل عنوان "الكتاب والقرآن.. قراءة معاصرة".
الباب الثاني: دراسة وتقويم لبعض المقالات الفكرية المهمة لكتاب مؤثرين في بناء الفرد والجماعة ومنها: مقال لراشد الغنوشي، ومحاضرة لحسن الترابي، ومقال ثالث للكاتب الأميركي فوكويوما.
الباب الثالث: دراسة وتقويم لبعض ما يبثه الإعلام المرئي في الفضائيات ذات المتابعة الكثيفة مثل: برنامج "مع هيكل" لمحمد حسنين هيكل في (قناة الجزيرة) وهو حول نكسة يونيو/حزيران عام 1967، وثانيها برنامج "صنّاع الحياة" لعمرو خالد وقد بثته (قناة اقرأ)، وثالث عن حزب الوسط المصري بثته (قناة المستقلة).
الباب الرابع: دراسة وتقويم للمؤتمر القومي الإسلامي: دون فيه الكاتب عدة مقالات عن الفكر القومي العربي بشكل عام، وعن المؤتمر القومي الإسلامي بشكل خاص.
الباب الخامس: دراسة وتقويم لبعض المراجعات: تناول فيه الكاتب بالتحليل والنقد مراجعات الجماعات الإسلامية الجهادية في مصر، كما تناول في هذا الباب تقريرا للتنمية الإنسانية.
وتأتي دراسة الكاتب لكتب الجابري لتعطي مثالا واضحا على عمق النقد ودقته، حيث يشير الكاتب إلى أن الجابري قد التقى مع محمد عبده في أكبر وأخطر محاولتين قامتا لتطويع الإسلام لصالح الحضارة الغربية، وهما: محاولة محمد عبده في مطلع القرن العشرين، وذلك بتضييق مساحة عالم الغيب في الإسلام لصالح مادية الغرب، والأخرى محاولة الجابري في مطلع القرن الحادي والعشرين، وذلك بتضييق مساحة النقل لصالح العقل.
وفي مقال آخر يناقش الكاتب فكرة القابلية للاستعمار التي طرحها مالك بن نبي، ثم يورد رأي جورج صليب ومخالفته لنظرية مالك بن نبي، ثم يشير إلى حوادث تاريخية تفند نظرية مالك بن نبي. مثل استعمار فرنسا للجزائر وفشلها في استعمار مصر، ويخلص الكاتب في نهاية تحليله إلى أن مالك بن نبي جانب الصواب في طرحه لفكرة القابلية للاستعمار.
ولم يقف الكاتب عند حدود دراسة ونقد المفكرين، بل قام أيضا بدراسة أهم الحركات الإسلامية التي نشأت في القرن العشرين، من خلال دراسة لسيرة حسن البنا وفكره، حيث يبدأ مقاله بسرد سريع لحياة حسن البنا.
ثم يشير الكاتب إلى النقاط والأفكار التي أصاب فيها البنا الحق، ثم ينتقل للحديث عن المواقف التي أخطا فيها البنا وجانب فيها الصواب مثل موقفه من القومية.
وفي نهاية مقاله يشيد الكاتب بالبنا، رغم الأخطاء التي شابت بعض أفكاره ومواقفه، ويؤكد على أن كتاباته وجهت كتابا كثرا إلى الحق والصواب.