ما زلت أتذكّرُ صخبَ وابتسامات مُعلمتي

تاريخ النشر: 18/09/16 | 10:41

ذات يومٍ خريفي، بينما كنتُ جالساً في قاعة المحاضرات، دخلتْ إلى تلك القاعةِ معلمةٌ ساحرة الجمَال، وحينما رأيتها صعقتُ من جمَالِها وانجذبتُ صوبها طوال المُحاضرة.. ففتنتها في تلك الأوقات شدّتني إليها لدرجةِ الجُنون، وعند انتهاءِ المُحاضرة، اقتربتُ مِنها وقُلْتُ لها: أنتِ أجملَ امرأة أراها في حياتي، فابتسمتْ تلك المُعلمة، وقالتْ: لا أنتَ تبالغ، فرددتُ عليها، بلى، أنتِ أجمل امرأة، فابتسمتْ، وشكرتني، وقلتُ لها: حينما دخلتِ إلى القاعة انجذبتُ صوبكِ، لأنّكِ فعلا أنتِ امرأة حسناء، فكل شيء فيك غير عادي، فقالتْ: لا تبالغ، فهناك الجميلات مثلي وأكثر هنا، وربما أجمل مني سترى، فالأيام آتية وسوف ترى الجميلات، وراحتْ تتعرّف عليّ، وعلمتْ بأنني قبل أيام وصلتُ إلى تلك المدينة، وسألتني من أيّة بلد أتيتَ؟ فرددتُ عليها من فلسطين، فسرّتْ، لأنني من فلسطين، ولكن في ذات الوقت حزنتْ، لأن وطني ما زال يئنّ تحت الاحتلال، وبعد حديث قصير معها دعوتها لاحتساءِ القهوة في كافتيريا الجامعة، وكنتُ لحظتها لمْ أتقن لغة بلدها جيّدا، ولكنّها كانتْ تفهمُ أغلب ما كنتُ أقولُه..
ومع مرورِ الأيّام توطّدتْ العلاقة بيني وبينها حتى صِرنا أصدقاء، وعند انتهاء العام الدّراسي حزنتْ كثيراً، لأنّها علمتْ بأنّني سأنتقلُ إلى جامعةٍ أُخرى في مدينةٍ تقع على بعدِ آلاف الكيلومترات من مدينتها، ولكنّني وعدتها بأنّني سأبقى على اتصالٍ بها، ولم يكنْ حينها أيّة وسائل اتصالات سوى الهاتف والبرقيات، والرَّسائل، ومع مُرورِ الزّمن لمْ أعدْ أكلّمها أو أُراسلها، بسببِ انشغالي في الدِّراسة، وهي كذلك، أذكرُ بأنها تحدّثتْ معي عدّة مرات، وزرتها مرة واحدة، لكنّني حينما أنهيتُ دراستي وعدتُ إلى الوطن تذكّرتها، وما زلتُ أتذكّر حُبّي لها، فهي كانتْ امرأة رائعة بضحكاتِها وبمرحِها وبصخبها وبابتساماتها، فبالتأكيد هي الآن هرمتْ بعد مرور أكثر من عقدين على معرفتي بها، لكنّني أعلمُ بأنَّها ما زالتْ حسناء، أحيانا أراها في مناماتي، وأُعجبُ بصخبها وبابتساماتها..

عطا الله شاهين

3talla7shaheen

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة