متى يعتبر اليمين من اللغو الذي لا كفارة فيه
تاريخ النشر: 24/09/16 | 0:42الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
أولاً: لا يجوز الحلف بغير الله تعالى أو صفاته، وأجاز جمهور أهل العلم الحلف بالقرآن.
ثانياً: لا تجب الكفارة إلا بالحنث.
ثالثاً: اليمين اللغو هو أحد أقسام الأيمان الثلاثة وهي:
1- اليمين الغموس: وهي الكاذبة، وسميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في النار.
2- اليمين العقد (المنعقدة): وهي التي وضعت بشروطها وأركانها.
3- اليمين اللغو: وهذه لا كفارة فيها بالإتفاق.
قال ابن جزي في “القوانين الفقهية” ص107: “فاللغو لا كفارة فيه بالإتفاق”.
وقال الكاساني في “بدائع الصنائع ” 3/17 : “اليمين اللغو فلا كفارة فيها.. بلا خلاف بيننا وبين الشافعي”.
ونقل غير واحد الإجماع على أن اليمين اللغو غير منعقدة ومن بينهم الدكتور محمد أبو فارس ص 55، لكن رأيت من أهل العلم من احتاط فذكر أن لا كفارة فيها عند أغلب أهل العلم. قال ابن قدامة المقدسي: “وجملته أن اليمين اللغو لا كفارة فيها في قول أغلب أهل العلم” (المغني 11/179) … وهو الصواب.
ما هي طبيعة اليمين اللغو؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله: “هو أن يحلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه”، (الفتاوى 33/212)، ويسميها ابن تيمية: اليمين المغفورة، (35/325).
ويمكن تصوير اليمين اللغو بحالات ثلاث:
1- أن يحلف الرجل على شيء يظنه كما حلف فلم يكن، قال ابن قدامة (11/181): “أكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها”، ومثال ذلك أن يقول الرجل: والله ما دخل أحمد البيت اليوم، وفي ظنه أنه لم يدخله وقد دخله.
2- أن يجري اسم الله على لسانه دون أن يقصد الحلف، كأن يقول: بالله تفضل عندنا (القرضاوي – فتاوى معاصرة ص414) وأصل ذلك كله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ..}، روى البخاري ومسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “نزلت هذه الآية في قول الرجل: لا والله، بلى والله، وكلا والله”. [البخاري 8/168 , والآية من سورة المائدة رقم: 89].
وفي رواية أبي داود: “هو كلام الرجل لا والله، وبلى والله”.
وهذا شائع في زماننا وبخاصة في الدلالة على الكرم، كقول الرجل: والله لتأكلن عندنا اليوم، أو تبيت ليلتك… فهذا كله ما لم يعقد الرجل فيه النية فلا كفارة فيه. أنظر الشرح الكبير (1/183).
3- الهزل والمزاح والغضب: وهو مما أدخله جمعٌ من أهل العلم في باب اليمين باللغو، قال ابن قدامة في “المغني”(11/180): “وروى الزهري أن عروة حدثه عن عائشة قالت: اليمين اللغو ما كان في المراء والهزل والمزاحة”، وهو ما استدل به النووي في “المجموع شرح المهذب” ( 6/468 ) لسقوط الكفارة عن الحالف مازحاً أو هازلاً.
ومن أجمع ما قرأت في الباب قول النووي في “الروضة” ( 11/3 ): ” … من سبق لسانه إلى لفظ اليمين بلا قصد كقوله في حالة غضب أو لجاج أو عجلة أو صلة كلام: لا والله وبلى والله، لا تنعقد يمينه ولا يتعلق بها كفارة، ولو كان يحلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره فكذلك وهذا كله يسمى لغو يمين”.
وقال ابن حجر في “الفتح” ( 11/548 ): “ونقل إسماعيل القافي عن طاووس لغو اليمين أن يحلف وهو غضبان”، وانظر: ابن جزي – “القوانين الفقهية” (ص107).
والله تعالى أعلم