حكم التشويش على المصلي
تاريخ النشر: 27/09/16 | 19:39الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
يقول السائل: في كثير من المساجد يكثر الحديث بين المصلين قبل صلاة الفريضة وبعدها بحيث يؤثرون على المصلين والذاكرين، فما هو حكم هؤلاء المشوشين؟
ينبغي للمسلم أن يحفظ حرمة المصلي والذاكر وقارئ القرآن فلا يشوش عليه بحديث ورفع صوت؛ لأن ذلك يمنع من الخشوع والتدبر والتفكر فعن البياضي فروة بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال:”إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن”. {رواه أبو داود}.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال:”اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة”.{رواه أبو داود}.
وقد جاء في الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يشوّش قارئكم على مصليكم ).
يظهر من منطوق الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة عن رفع الصوت بالذكر وقراءة القرآن حتى لا يشوش بعضهم على بعض، فكيف بأناس يرفعون أصواتهم في المسجد يتحدثون بأمور الدنيا وسعر الدولار وطبيخ اليوم غير آبهين بحرمة المسجد ولا بمن فيه من المصلين القانتين.
أخرج الحاكم في المستدرك بسنده إلى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم وليس همتهم إلا الدنيا، ليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم”{قال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. قال: الذهبي في التلخيص: صحيح}.
وعن ابن عمر مرفوعاً:”لا تتخذوا المساجد طرقاً إلا لذكر الله أوصلاة”{صحيح الجامع}.وقال صلى الله عليه وسلم:”ليلني منكم أولو الأحلاموالنهى ثم الذين يلونهم وإياكم وهيشات الأسواق (ثلاثاً)”{مسلم}.قال الإمام النووي في شرح الحديث: ” هيشات الأسواق: أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها “.
وفي فتاوى الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية (22/205)، سئل رحمه الله عن مسجد يقرأفيه القرآن والتلقين بكرة وعشية ثم على باب المسجد شهود يكثرون الكلام ويقع التشويشعلى القراء فهل يجوز ذلك أم لا؟
فأجاب:الحمد لله، ليس لأحد أن يؤذي أهلالمسجد، أهل الصلاة، أو القراءة، أو الذكر، أو الدعاء، ونحو ذلك مما بنيت المساجدله، فليس لأحد أن يفعل في المسجد ولا على بابه أو قريباً منه ما يشوش على هؤلاء. بلقد خرج النبى صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال:”أيها الناس كلكم يناجى ربه فلا يجهر بعضكم على بعض فى القراءة”. فإذا كان قد نهىالمصلي أن يجهر على المصلي؟ فكيف بغيره؟! ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد أو فعلما يفضي إلى ذلك منع من ذلك والله أعلم”.
اعلم أخي أن ما بين الأذانين وقت فضيل يستجاب به الدعاء، فلا تضيعه بالقيل والقال وكثرة السؤال، واغتنم نفحة هذا الوقت وعمره بالصلاة والذكر وقراءة القرآن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”بين كل أذانين صلاة لمن شاء”{صحيح. انظر: صحيح وضعيف الجامع الصغير}.
ومن أشرف الأوقات ما يكون بعد العبادة، ومن ذلك الوقت الذي يكون بعد الصلاة، فهو من أجل وأرفع الأزمنة التي ينبغي على المسلم أن يحافظ على استثمارها ويشغلها بالذكر والاستغفار، لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع الدعاء والاستغفار والذكر في هذه الأوقات.
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للإفتاء