صرخه: حصار غزة والإنتهاك الصارخ لحقوق الانسان
تاريخ النشر: 12/12/13 | 4:19قبل عدة اعوام كتبت مقالة حول حصار قطاع غزة وتطرقت فيها الى فرن الطين والقش و"الطابون" الفلسطيني وحول" البابور" اللذي اعادة الحصار المفروض على غزة الى الخدمة بعدما اكل الدهر وشرب على زمانه الغابر واليوم ديسمبر 2013 اعود لاكتب عن الحصار الظالم المستمر مند تلك الاعوام الغابرة وحتى يومنا هذا اللذي يرزح فيه اكثر من مليوني فلسطيني في القطاع تحت اشد اصناف العذابات والشقاء والمعاناة والحرمان، حيث يعاني الغزيون من النقص الحاد في غاز الطهي وانقطاع الكهرباء ومن نقص ادوات ووسائل التدفئه لابل ان ان غزة تعاني من نقص في المواد الغذائية والتموينية اللتي ادت فيما ادت الى معاناة نسبة كبيرة وكارثية من اطفال القطاع من سوء التغذية وهشاشة العظام وغيرها من الامراض التي تفتك بالغزيين في ظل الحصار والفقر والعوز المدقع اللذي تعيشه الاكثرية الساحقة من مجموع المليوني المحاصرون داخل مساحة علبة سردين يحاصرها القريب والبعيد والعدو والصديق…
كلهم غربا وشرقا مجتمعون اجتمعوا واجمَّعوا على نهش الجسد الفلسطيني في قطاع غزة ان لم نقل انهُم وعالمهم المتكالب اجمعوا على ذبح الفلسطيني وتقطيع جسده وهو حي يرزق فعن اي اخوة في الانسانية يتحدثون وعن اي اخوة في العروبه والاسلام يزعم الزاعمون والجوع والبرد ينهش اجساد وعظام اطفال غزه النحيلة والهشة والمتعبة الى حد الانهاك من هذا الحصار الظالم والفاشي والمجرم الذي يفرضه الاحتلال وحلفاءه من عرب ومسلمين اشبعوا غزة شعارات ودعوات فارغة لم تشبع امعاء اطفال غزة واهل غزة المنسيون بحكم التطنيش والتواطؤ العربي وليست فقط بحكم العدوان الصهيوني الموضوعي والاسمي الذي يُشن على غزه منذ عقود…ما يجري في غزه هو اعلى درجات العدوان على الحياة البشرية ويرقى الى مستوى الابادة الجماعية وهي ابادة بطيئة ومؤلمة وتصيب اهل غزة في مقتل!!
في الوقت اللذي يتحدث فيه العالم عن ما يسمى بحقوق الانسان ويحتفي ب" اليوم العالمي لحقوق الانسان العاشر من ديسمبركانون الأول من كل عام " يعيش سكان القطاع في ظل ابشع الانتهاكات الصارخة لحقوقهم الانسانية والاساسية كبشر بسبب الحصار الظالم الذي دمر حياة الغزيين وشل حياتهم الى ابعد حد ماساوي عرفته البشرية وهو حافة المجاعة الجماعية التي كان وما زال سببها الرئيسي الحصار وتراكم النواقص وتدهور الحال الاقتصادي والاجتماعي والغياب الشبه كامل للخدمات الاساسية والصحية والبنية التحتية المدَّمرة والنقص الحاد ليس في المواد الغذائية فقط لابل ايضا النقص الحاد في مياه الشرب الصالحه للإستهلاك البشري والنقص الحاد في مجاري الصرف الصحي ومخاطر هذا على صحة الغزيين وخاصة الاطفال من بينهم الذين يعانون من الامراض والنقص في الخدمات الصحية والمواد الغذائيه..
غزة ليست على حافة الكارثة لابل هي في عين ووسط عاصفة الكارثة في ظل عدم قدرة اكثرية الغزيين على توفير ابسط مقومات الحياة البشرية والانسانية سواء على مستوى الغذاء او الدواء او الماوى والملبس…
في قطاع غزة يتفشى الجوع والبطالة والفقر المدقع والعالم المتشدق ب"حقوق الانسان"يراقب الوضع ويسجل الملاحظات ويطلق التصريحات دون ان يفعل شيئا جوهريا لوضع نهاية لسبع سنين عجاف من الحصار والجرائم بحق البشريه!!
ليس هذا فقط ففي الوقت ايضا الذي تبيع فيه سلطة رام الله الوطن الفلسطيني قطعة قطعة واخرها صفقة الغور وما يسمى بقناة "البحر الميت" يعيش قطاع غزة المنسي اشد واحلك ايامه وسنينه مند فرض الحصار عليه وتشديده مؤخرا عبرعملية هدم الانفاق التي تقوم بها السلطات المصرية اللتي تغلق رئة تنفس غزة دون ان تطرح لها بديلا ودون ان تفتح معبر رفح والمعابر الاخرى لإيصال المواد التموينية والوقود بشكل متواصل حتى تتمكن غزة من العيش بالحد الادنى ولا نقول العيش بشكل طبيعي ومستقر وبالتالي لا ندري لماذا يعاقب النظام المصري الجديد الغزيين بسبب معاداته لحركة "حماس" اللتي تحكم قطاع غزة التي كانت حتى العام 1967 تخضع للإدارة المصرية وما زالت مرتبطه جغرافيا بالقُطر المصري اللذي تحاصر حكومته وسلطته اليوم قطاع غزة جنبا الى جنب مع الاحتلال الاسرائيلي ولنقُل ونعترف بحقيقة النزاع السياسي بين النظام المصري وحركة حماس، لكن ما ذنب الشعب الفلسطيني ان يُعاقب بهذه الطريقة الهمجية واللا إنسانيه؟
ولماذا لايبحث الجانب المصري عن بدائل وحلول تخفف من اعباء الغزيين وتفك الحصار عنهم؟..جيد..لا يريدون التعامل مع حماس سياسيا بسبب هذا العذر او ذاك..ماشي، لكن عليهم ان لايعاقبوا الشعب الفلسطيني ويبحثوا عن بدائل لرفع الحصار وإيصال الغذاء والوقود وغاز الطهي للشعب الفلسطيني في قطاع غزه..
حصار غزة لن يزيد رصيد النظام المصري شعبيه ولا وطنيه والعكس هو الصحيح وهو ان اغلاق وتدمير الانفاق دون فتح المعابر يعني ان النظام المصري متواطئ مع هذا الحصار ويساهم في عملية الابادة الجماعية الجارية في قطاع غزة!!
الامور في غزة لم تعد تحتمل حيث يصف مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية هذا العام 2013 "بالأكثر سوءا على مستوى أوضاع حقوق الإنسان الفلسطينية، جراء استمرار انتهاك السلطات الإسرائيلية المحتلة لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، والتنكر لحقهم". وذكر المجلس المذكور اعلاه والذي يضم 12مؤسسة فلسطينية حقوقية- في بيان له بمناسبة باليوم العالمي لحقوق الإنسان10.12.013 أن "تدهورا كارثيا طرأ على حالة حقوق الإنسان في غزة بفعل تعرضها للحصار وعزلها عن الضفة الغربية ومواصلة جرائم الاحتلال الحربية وسقوط آلاف القتلى والجرحى، وتدمير الممتلكات والمباني السكنية والمرافق الحيوية والبنى التحتية". واعتبر البيان أن "الانتهاكات الخطيرة تندرج ضمن جرائم الحرب، وتتطلب تدخلا فوريا من المجتمع الدولي من أجل توطيد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان.ويؤكد المدير التنفيذي للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن "التدهور في حقوق الإنسان والحريات في غزة مردة إلى جرائم الحرب وانتهاكات القانون الإنساني الدولي من قبل الاحتلال من جهة، والتداعيات الناجمة عن حالة الانقسام والصراع السياسي من جهة أخرى.وأضاف أن الوضع الإنساني الخطير في قطاع غزة ناجم عن سياسيات الاحتلال التي تحارب سكان القطاع في أرزاقهم من خلال منع الصيادين من الولوج إلى البحر، ومنع المزارعين في البر من الوصول إلى 34% من مساحة قطاع غزة الزراعية"….الجاري في غزة هو حرب ابادة جماعية وانتهاك حقوق صارخ تشارك فيها اطراف كثيرة وليس الاحتلال الاسرائيلي فقط، بمعنى واضح: الحصار على قطاع غزة تشارك فيه قوى اقليمية وعالمية وايضا فلسطينية.. يعجب الانسان من حقيقة ان السلطتان البائستان في غزة ورام الله منهمكتين في صراع على السلطة والتفاوض مع الاحتلال وبيع البحر الميت والاغوار بينما يتضور اطفال قطاع غزة جوعا ومرضا…لا ياسيداتي سادتي ولا لمقولة " كل يقلع شوكه" لان قطاع غزة ارضا وشعبا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني ولا يجوز تركه على هذا الحال لضمان تامين سلطات الراتب رواتب موظفيها العاملين في سلطة تخدم مصالح الاحتلال وتهمل مصالح وحياة شعبها كماهو جاري وحاصل في قطاع غزه!!
الحصار اعاد الغزيين الى العصور الغابرة والبدائية والغزيين يكابدون الحياة الشاقة في ظل عدم وجود كاز "زيت" لاشعال كانون النار وفرن الطين..تصوروا ايها العرب ومعهم العالم المتحضر والمتمدن والمتشدق بحقوق الانسان ان الغزيين لايجدوا قطرة وقود لاشعال القش والخشب والاعواد اللتي يجمعونها حتى يعدون ويطهون القليل من الطعام لاطفالهم او يوفرون لهم قليل من التدفئه.. بواخر النفط والغاز العربي تملا البحر الابيض المتوسط التي تقع على شواطئه غزة.. تذهب وتصل الى كل العالم فيما عدى غزة الغارقة في الظلام والعطشى لقطرة وقود…الكثير من الغزيين عاجزين ليس فقط عن توفير بعض ميليمترات او غرامات كاز لبابورهم العتيق لابل عاجزين عن شراء شمعة تضئ عتمات بيوتهم وعيون اطفالهم في ظل غياب الكهرباء او إنقطاعها المستمر… العالم المتحضر غارق في تحليل الخريف العربي وفوضى تدمير الوطن العربي واسرائيل وحلفاءها شرقا وغربا يُطبقون ويشددون الحصار اكثر فاكثر على قطاع غزة وعلى الضفة الاخرى فريق التفاوض الفلسطيني الذي نسي غزة وانشغل بصفقة بيع "البحر الميت" دون ان يفوضه احدا من الشعب الفلسطيني سوى ثلل الراتب..!!
سمع الجميع عن المعابر التي تتحكم بحياة الغزيين وهذه المعابر باكثريتها تخضع لسلطة الاحتلال الاسرائيلي ومن بينها معبر كرم ابوسالم التي تزود من خلاله اسرائيل قطاع غزة بالوقود ب" القطارة" وهو وقود مرتفع التكلفة والسعر وليست باستطاعة اكثرية الناس شرائه حتى ولو توفر بكميات ما محدوده وما تسمح به اسرائيل من بضائع ووقود بالمرور الى غزة عبر "كرم ابوسالم" لا يكفي لا لسد الحد الادنى من حاجة السكان ولا لتسيير الامور الحياتية بالحد الادنى من حقوق الانسان وعلى الطرف الاخر وعلى معبر رفح العربي الذي يخضع للسلطة المصرية والفلسطينيه "كل من اتجاهه الحدودي" تسير الامور على الحظ والمزاج سواء ما يتعلق بالبضائع او بحركة وسفر الافراد، بمعنى بسيط ومبسط معبر رفح كان من المفروض ان يحل مكان " الانفاق المدمره" ويسمح بتدفق البضائع والوقود الى غزة وهذا الامر لم يحدث وسياسة القطارة الاسرائيلية هي نفسها التي تتحكم بمجرى الامور في معبر رفح..القطارة الاسرائيلية والقطارة المصرية تفرض العذاب والجوع والعوز قسرا على الشعب الفلسطيني في غزة في ظل صمت عربي وعالمي وفلسطيني رسمي..هيئة الامم ومنظمات حقوق الانسان لم تنصر غزه بعد…معونة موضعية هنا واخرى هناك لاتساهم سوى في استمرار سياسة القطارة واستراتيجية الدمار والموت البطئ الذي يعاني من وطأته الغزيين، حيث يعيش قطاع غزة واقعا اقتصاديا وإنسانيا صعبا، تسبب في تعطل كافة تفاصيل ومناحي الحياة، وأعاد مليوني مواطن فلسطيني للعصور القديـمة والحجريه…ان الاوان ان تدوي صرخة ضرورة إغاثة غزة في كل العالم وخاصة في العالمين العربي والاسلامي..كفى تطنيش وكفى نكران…نعم غزة تموت جوعا وعطشا وغارقه في الظلام…صرخه: استمرار حصار غزة ليس إنتهاكا صارخا لحقوق الانسان فحسب لابل انه يرقى الى مستوى جريمة الابادة الجماعية..أغيثوا غزة واعلوا صوتكم من اجل رفع الحصار عن غزة وفتح معبر رفح…!!