ندوة في جامعة بير زيت حول تهويد النقب وحملة "برافر لن يمر"
تاريخ النشر: 13/12/13 | 4:42عقد معهد الحقوق في جامعة بير زيت، الاثنين الماضي، 09.12.2013، ندوةً تحت عنوان "مخطط برافر: إضاءات على الواقع الإعلامي والحقوقي"، بحضور العشرات من طلبة الجامعة وأساتذتها والمهتمين. وقد تحدث في الندوة ناشطون من حملة "برافر لن يمر"، بالإضافة إلى مختصين قانونين من مركز "عدالة".
افتتحت اللقاء الباحثة في معهد الحقوق، ريم البطمة، مؤكدة على أهمية الموضوع نظرًا لخطورة مخطط "برافر" وتداعياته على الوجود والهوية الفلسطينيّين، وارتباطه بنزع ملكية الفلسطينيين لأراضيهم، مؤكدة على أهمية موضوع الندوة للطلاب الحقوقيين والإعلاميين وطلاب العلوم السياسية، إذ يعزز قدراتهم على التعامل مع مثل هذه القضايا.
علي مواسي: بدو النقب ثاروا على كل من حاول العبث في ملكية أرضهم
استهل اللقاء الأستاذ علي مواسي، الباحث والناشط في حملة "برافر لن يمر"، مقدمًّا مداخلة عنونت بـ "بدو النقب: من سيادة الصحراء إلى حرب الوجود"، تناول فيها تاريخ الوجود البدوي في النقب، والذي يعود إلى القرن الخامس الميلادي على أقل تقدير وفق الروايات الشفوية المتوفرة، وكذلك جغرافية المنطقة ومساحتها التي تشكل مساحة نصف التاريخية، وأهميتها الاستراتيجية وغناها الطبيعي، مبينا أن 95 عشيرة موزعة على 7 قبائل كانت تسكن النقب عشية النكبة عام 1948، تربطها علاقات تاريخية قوية مع قبائل الأردن وسيناء، وتمتاز بالثورية على كل سلطة مركزية حاولت التدخل في شؤونهم وملكيتهم لأراضيهم، فلم يتمكن العثمانيون من إخضاعهم، وقاوموا محملة محمد علي باشا، والاستعمار البريطاني، والحركة الصهيونية، وقد تعاهدوا في مؤتمر "الشريعة"، وخلال لقائهم الحاج أمين الحسيني عام 1935 على حفظ أرض النقب كونها وقفًا إسلاميًّا، وهم ما زالوا على هذا العهد.
وقد بلغ تعداد أفرادها قرابة الـ 90 ألفًا، لم يبق منهم سوى 11 – 13 ألفًا بعد تهجير العصابات الصهيونية لهم، وقد حُصِرَتْ غالبيتهم في منطقة "السياج"، والتي تشكل 10% من مساحة الأرض التي كانوا يملكون قبل قيام دولة الاستعمار الإسرائيلي.
وتطرق مواسي إلى النقب في الحقبة العثمانية وبناء مدينة بئر السبع الحديثة وتطويرها، وكذلك إلى سياسة الاستعمار البريطاني في هذه المنقطة، والذي وجد نفسه مرغمًا على الاعتراف بملكية القبائل البدوية لأراضيهم كما هو متعارف بينهم دون شروط، ودون تسجيل حتى، وذلك تجنبًا لاستفزازهم ودفهم إلى الانتفاض. وتناول مواسي أيضًا مسألة القرى منزوعة الاعتراف، والتي يشكنها 50% من بدو النقب البالغ تعدادهم اليوم قرابة الـ 200 ألف، معرفًا بظروفها. وتحدث كذلك عن التوطين أو التمدين القسري لـ 50% من بدو النقب في سبع تجمعات سكنية تفتقد لأدنى مقومات الحياة الكريمة، مشيرا إلى أن القرى منزوعة الاعتراف لا تظهر على الخرائط، ولا تعترف دولة الاستعمار بملكية أهاليها للأراضي، ولا تقدم لهم أي خدمات من أي نوع كان، ويحاربون من مؤسسات رسمية عدة بغية تهجيرهم، مثل "سلطة توطين البدو" و"الدورية الخضراء."
فادي العبرة: أيام الغضب تتويج لنضال جماعي وتراكمي
بدوره، تناول الأستاذ فادي العبرة، الناشط في الحراك الشبابي وعضو حملة "برافر لن يمر"، الواقع المعيشي في النقب، بصفته أحد سكانه، متطرقًا إلى الواقع الاجتماعي والاقتصادي والصحي، وموضحًا سياسات التهويد التي تمارسها إسرائيل بحق من بقي منهم منذ الستينات. وقد أشار إلى أن المؤسسة الإسرائيلية اعترفت بإحدى عشر قرية تحت رئاسة مجلس إقليمي غير رسمي ولا يقدم الخدمات المحلية. وتحدث العبرة أيضًا عن الوضع الصحي المتردي في هذه التجمعات، حيث تقدر أعلى نسبة وفيات بين الأطفال فيها، وأعلى نسبة مصابين بمرض السرطان.
وتطرق العبرة أيضًا إلى دور الشباب الهام والكبير في النضال ضد تهويد النقب ومخطط "برافر"، وتمكن هذا الجيل من فرض هذه القضية أولويةً على الساحة السياسية، وذلك بالتعاون مع اللجان والأطر والحركات المختلفة، وبالعمل التراكمي والمثابر، وهي جهود تُوّجَتْ أخيرًا في عدد من الاحتجاجات وأيام الغضب، كان آخرها يوم الغضب الثالث في 30/11/2013، والذي شهد مظاهرات احتجاجية قوية في عدة مناطق في الداخل الفلسطيني، والضفة الغربية، وقطاع غزة، وعدد من الدول العربية والعالمية، تضامنا مع حملة "برافر لن يمر"، مطالبة بإسقاط مخطط "برافر"، والذي ترفضه غالبية السكان البدو باعتراف بيغين مؤخرًا.
وأكد العبرة على أن هناك فعاليات واحتجاجات قادمة، وأن الفلسطينيين لن يقبلوا أبدًا بتطبيق هذا المخطط.
سوار عاصلة: نجحنا في إيصال صوتنا لأماكن عديدة في العالم
أما الناشطة الشبابية في الحراك والعضوة في الفريق الدولي ضمن حملة "برافر لن يمر"، الأستاذة سوار عاصلة، فتحدثت عن دور الإعلام المحلي والدولي في إيصال صوت أهالي النقب خصوصًا، والفلسطينيين عمومًا، والضغط على مؤسسات الاحتلال، مستعرضة الاستراتيجيات والأدوات التي استخدمها الفريق الدولي في إطار الحملة، والتي لاقت نجاحًا لافتًا مؤخرًا، تجسد بتنظيم وقفات احتجاجية وتظاهرات في قرابة الـ 30 موقعًا في الوطن العربي والعالم، وتَناوُلِ عدد من وسائل الإعلام العالمية لمجريات يوم الغضب الثالث ولمخطط "برافر"، وتوقيع 50 شخصية بريطانية معروفة بيانًا ضد المخطط، ودون ذلك من مظاهر تأييد دولي.
وأشارت عاصلة إلى أن الفريق الدولي يعمل على منحيين: الأول هو بناء قاعدة شعبية تُعنى بتحفيز الشعب نحو التضامن مع حملة "برافر لن يمر" وتداول قضية النقب، والمنحى الثاني هو المنحى السياسي والدبلوماسي، الذي يهدف إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية عن طريق الضغط على حكومات الدول الخارجية من خلال تضامن شعوبها ومؤسساتها وشخصياتها الاعتبارية وإعلامها.
ونوهت عاصلة إلى أن الحملة الدولية على أهميتها تبقى عاملا مساعدا، وليست هدفًا، عامل يعزز ويدعم الحراك الشبابي الشعبي الفلسطيني على الأرض، وذلك لإيصال صوتنا إلى الدول العربية والأوروبية بهدف إسقاط "برافر".
د. ثابت أبو راس: أعنف وأشرس مخطط يواجهه فلسطينيو الداخل
أما الدكتور ثابت أبو راس، مدير فرع مركز "عدالة" الحقوقي في النقب، فقد تطرق إلى حيثيات إقرار مخطط "برافر" وتداعيات تطبيقه في حال تم ذلك، وأشار إلى أن إسرائيل تتعامل مع قضية عرب النقب على أنها قضية ديمغرافية وأمنية ليس أكثر، فهي تركز على تعزيز دولة واحدة عنصرية، تكرس فيها يهوديتها، وذلك على حساب الوجود العربي، مشيرا إلى أن أهالي النقب يعيشيون اليوم فعليًّا على 2% من مساحة النقب ويطالبون بأن تبقى في أيديهم 5% فقط من هذه المساحة، بعد احتلال ومصادرة 95% منها، منوهًا إلى أن الدولة تركت الـ 95% من الأراضي الفارغة التي تسيطر عليها، لا تصنع فيها شيئًا، وصبت كل اهتمامها على ما تبقى في أيدي البدو لتأخذه منهم قسرًا.
وأكد د. أبو راس على أن ما يحدث في النقب هو الأعنف والأشرس منذ النكبة بالنسبة لفلسطينيي الداخل، محذرًا من التشرذم الذي يعززه الاستعمار الإسرائيلي بين أبناء الشعب الفلسطيني بتقسيمهم إلى عرب داخل، وبدو، وطوائف، ومناطق.
وختم د. أبو راسي مداخلته بالتأكيد على أن مخطط "برافر" لن يم"، وأن النضال الشعبي، وإن لزم القانون العشائري، سيكون له بالمرصاد.
عرض فيلم وصور
وعرض بعد ذلك فيلم قصير من إنتاج مركز "عدالة" حول مخطط "برافر" الاقتلاعي، والذي يهدف إلى مصادرة 800 ألف دونم من بدو النقب، وتدمير عشرات القرى وتهجير عشرات الآلاف من ساكنيها، وكذلك عرضت صور من احتجاجات أيام الغضب الثلاثة المختلفة.
واختتم اللقاء بجولة مناقشات ومداخلات، تمحورت حول دور السلطات والجهات المسؤولة في دعم حملة "برافر لن يمر"، وآليات مساهمة الجهود الشبابية الفلسطينية في هذه الحملة.
وقد دعا المتحدثون الحركة الطلابية الفلسطينية في الضفة الغربية خصوصًا، وعموم أبناء الشعب الفلسطيني، إلى اعتبار قضية "برافر" قضية وطنية من الدرجة الأولى، تهم الجميع وتؤثر على مستقبل الوجود الفلسطيني، وبالتالي دعم حملة "برافر لن يمر"، والتصدي للمخطط بكافة الوسائل الممكنة.