بركة: بيرس أراد استمرار المرحلة الانتقالية لأمد غير محدود
تاريخ النشر: 05/10/16 | 16:43أكد رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل محمد بركة، في ندوة عقدت في مركز “مسارات” الفلسطيني في رام الله، إن الرئيس الاسرائيلي السابق شمعون بيرس سعى الى مشروع “التقاسم الوظيفي” على الأرض، لأمد غير محدود، وهذا بالضبط ما هو قائم على الأرض في الضفة والقطاع المحتلين. إذ رفض بيرس استغلال الفرصة التي أتيحت له كرئيس وزراء، للتقدم في المفاوضات نحو الحل، في الأجواء التي نشأت فور اغتيال سلفه يتسحاق رابين، في خريف العام 1995. وكان مركز “مسارات” قد استضاف رئيس المتابعة محمد بركة، في ندوة في رام الله، وفي غزة في ذات الوقت، عبر اتصال بالفيديو. وافتتح اللقاء، مدير مركز “مسارات” الباحث والكاتب هاني المصري، مرحبا ببركة، ومستعرضا موضوع الندوة الذي يرتكز على مكانة ودور فلسطينيي الداخل.
وتوقف بركة في مداخلته عند شمعون بيرس، وقال، إن الأخير كان لديه مشروع “التقاسم الوظيفي”، مع المناطق الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، وهذا ما هو قائم على الأرض. وقال، أنا لا أوافق على تقسيم حياة بيرس السياسية لمرحلتين، المرحلة “الصقرية” والمرحلة “الحمائمية”، بل كان لديه مشروع واحد: مشروع “التقاسم الوظيفي”. وقد سعى بيرس لخدمة وتثبيت هذا المشروع من خلال مسار “أوسلو”. فمسار أوسلو أعلن عمليا في تلك الأيام، عن انتهاء مشروع “أرض اسرائيل الكاملة”، أو مشروع اليمين الأشد تطرفا: “لنهر الأردن ضفتان: هذه لنا وتلك أيضا”.
وتابع بركة قائلا، إن بنيامين نتنياهو يسعى إلى استعادة هذا المشروع كشعار، في حين أن ما فعله بيرس على مدى السنين، هو الاستمرار في “التقاسم الوظيفي”. وقال، إن الأجواء الناشئة في اعقاب اغتيال يتسحاق رابين، في خريف العام 1995، كانت تسمح لشمعون بيرس بتوليه رئاسة الحكومة، أن يتقدم بالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني. ولكن بيرس لم يفعل. وأنا لا أوافق على مصطلح أن بيرس “تلكأ”، أو “تردد”، بل ما أراده بيرس هو الاستمرار في مشروعه، وأن تكون الفترة الانتقالية التي حددت لها خمس سنوات، أن تستمر الى ما لا نهاية، وهذا ما هو قائم عمليا.
واضاف بركة قائلا، لقد قال يتسحاق شمير في اجواء مؤتمر مدريد في العام 1991، إنه لا مانع لديه من استمرار المفاوضات 10 سنوات، وكانت تلك تظهر كفترة طويلة، وما رأيناه على مدى السنوات الماضية، أن هذا ما فعله بيرس بالضبط، ومعه الحكومات المتتالية. وقال، هناك من ينسب الى يتسحاق رابين أنه كانت لديه نوايا أخرى، وهذا ممكن. فإذا ما تبين مستقبلا أن حادث اغتيال رابين لم يكن مجرد حادثا عرضيا من متطرف، بل كان من يقف من ورائه، حينها سنقول، إن رابين كان يخطط لخطوات أكبر.
واستذكر بركة مرحلة انطلاق أوسلو، وقال، يومها كانت حكومة رابين ترتكز على 56 نائبا بعد انتخابات العام 1992، ومن حسم اقامتها منعا لاستمرار حكم الليكود في تلك المرحلة، كان خمسة نواب من كتلتين، تمثلان فلسطينيي الداخل، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ولها ثلاثة نواب، وكتلة الحزب الديمقراطي العربي ولها نائبين، وعلى اساس ما سُمي في حينه الكتلة المانعة، بمعنى المانعة لحكم الليكود، أقام رابين حكومته. وتابع بركة قائلا، في تلك المرحلة اشتد بطش الاحتلال بشعبنا في الضفة والقطاع المحتلين، وأذكر حينها النقاش الواسع والحاد الذي نشأ في قيادة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، فهناك من طالب سحب “شبكة الأمان”، من حكومة رابين. ويومها كان رد القائد الوطني توفيق زياد، الذي كان رئيس كتلة الجبهة في الكنيست قائلا: طالما أن قيادة شعبي الفلسطيني تجلس على طاولة المفاوضات مع القيادة الإسرائيلية، فلن أكون أنا من يقلب هذه الطاولة.
وقال بركة، إن هذا القول يعكس دقة موقفنا نحن الجزء من الشعب الفلسطيني، وعلينا التمسك به، فهو يعكس التوازن بين الانتماء، وبين امكانيات التأثير من خلال المواطنة والمشاركة في العملية السياسية. وقال إنه توازن ليس بسيطا اطلاقا، وهو محفوف بالمخاطر، لأن أي خلل قد يؤدي الى انزلاق لهذه الجهة أو تلك. وارتباطا بهذا، حذر بركة من سعي المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة، الى حرف مسار أسس نضالنا، الذي يرتكز على النضال من أجل حقوقنا القومية والمدنية. وقلنا طيلة الوقت أن العمل في الحقوق المدنية، المرتبطة بحياة المواطن اليومية، تعطي حيزا أكبر للنضال من أجل الحقوق القومية، مع الربط بينها. وقال، إن إسرائيل الرسمية، تستغل ما أنتجته سياستها العنصرية من تنامي البؤس الاقتصادي الاجتماعي في مجتمعنا العربي، ويضاف الى هذا تردي الوضع العربي، وأيضا ما يجري في الساحة الفلسطينية، واضافة الى استغلاها لنزعات التطرف الديني، ولهذا تسعى كما في الماضي، إلى سلخنا عن نضالنا القومي، وتحميلنا مسؤولية أوضاعنا التي هي بفعل سياستها.
وقال، إن الحكومات الإسرائيلية استأنفت في السنوات الأخيرة، ما فشلت به سابقا، إذ طرحت مشاريع التدجين وادخال جماهيرنا في اقفاص الصهيونية، من خلال ما يسمى “الخدمة المدنية” وتبعها “الحدمة العسكرية”، وأرادوا أن ننشغل فقط بالقضايا المدنية، وكأنها ليست مرتبطة بقضيتنا القومية.