سوريا: الطريق الدموي الطويل حتى موعد انعقاد مؤتمر"جنيف"2!!

تاريخ النشر: 20/12/13 | 0:14

الجاري في سوريا اليوم ليست ثورة حتى لو حاولنا مقاربة الامر مرار وتكرارا وتبرير الاحداث على هذا الاساس الغير متين تاريخيا وعلميا وسياسيا وواقعيا لكن دون اي شك وتشكيك، الجاري هو جريمة او مجموعة جرائم كبيرة وبشعة تعصف بالوجود السوري انسانيا وجغرافيا وديموغرافيا، لا بل تعصف بجميع مناحي ومكونات حياة الشعب السوري الذي يتعرض اليوم الى ابادة جماعية وتهجير جماعي ودمار شامل طال وجود كل شيء في سوريا المتخنة بالجراح والدمار والتشرد وايا كانت المواقف والاسباب لهذا الجاري فلا بد لنا ان نحسم الامر ونفرز بين الضحية والمجرم وفي هذه الحالة لا تنفع ولا تشفع اي تبريرات لتمرير الحاصل بإختلاف وجهات النظر بين الجهات المتحاربة في سوريا، لان هذه الجهات او اكثرها باتت اياديها ملطخة بالدم السوري ولا يمكن بحال من الاحوال غسل هذه الايادي المجرمة التي مارست وتمارس القتل الجماعي والتطهير العرقي والتهجير المبرمج لملايين السوريين الذين يعانون الويلات في مخيمات اللجوء.

نحن نقف امام تجربة فريدة من نوعها وهي ان سقوط الطاغية لا يعني انتهاء حكم الطغاة وحقبة الطغيان لابل ما نعايشه هو ان المعارضات تتقمص مسلكية الطغاة وتمارس القتل والقمع بنفس الاسلوب وبنفس السادية والهمجية ولهذا من المهم التاكيد على موقف الوقوف لجانب الضحية ضد المجرم والجاري في سوريا لا يترك اي شك حول جواب من هو المجرم ومن هي الضحية وإدعاء الحياد في هذه الحالة يعني المشاركة الموضوعية في الجريمة…!!

لا ادري ما هي الجدوى من الحديث عن انعقاد مؤتمر "جنيف 2" المزمع عقده في سويسرا الشهر القادم في ظل استمرار حرب الابادة الدائرة في سوريا وهي حرب اهلية وطائفية تستعمل فيها جميع اشكال وانواع الاسلحة الفتاكة بما فيها البراميل المتفجرة التي تلقى على التجمعات السكنية ولا تفرق بين مدني وعسكري وتلحق خسائر فادحة بالارواح وتحدث دمار كبيرا كما جرى مؤخرا في مدينة حلب المنكوبه التي تعرضت الى دمار هائل بعد ان كانت سابقا عاصمة سوريا الاقتصادية المزدهرة نسبيا، مقارنة بمناطق اخرى في سوريا.

في حلب تتحصن قوات المعارضة والنظام يقصف حلب بلا هوادة في محاولة منه لاستعادة هذه المدينة الاستراتيجية والمهمة قبل موعد عقد جنيف 2 في ال22 من يناير 2014 وما زالت المدة التي تفصلنا عن هذا الموعد مدة طويلة وهي المدة الممنوحة اسميا وموضوعيا لنظام الاسد حتى يستعيد حلب ومناطق اخرى تسيطر عليها المعارضة، بمعنى واضح: النظام السوري سيصعد من هجماته التدميرية والدموية في محاولة منه لكسب وتحقيق اكبر مكتسبات ممكنة قبل موعد "جنيف2" حتى لو تطلب الامر التدمير الكامل لمدينة كبيرة مثل حلب اللتي تستهدفها براميل النظام واسلحته الثقيلة ولا ننسى طبعا القلمون التي سيطر عليها النظام بمساندة من حزب الله اللبناني وبالتالي ماهو واضح ان موعد انعقاد "جنيف 2" اباح القتل والدمار في سوريا دون رادع، بمعنى ان الاطراف الداعية لمؤتمر جنيف وبما فيها هيئة الامم المتحدة، منحت النظام مهلة زمنية للقتل والدمار والابادة حتى موعد انعقاد جنيف. ولا يوجد حتى الان لا وقف اطلاق نار ولا هدنة توقف القتل المتبادل والدمار حتى موعد انعقاد جنيف2.

النظام يقتل والمعارضة المتشددة تقطع رؤوس الناس ولا تنوي المشاركة في جنيف 2..قوات النظام وحلفاؤها تقابلها قوات "داعش" والنصرة والكل من جهته يذبح ويسلخ ويشرد سكان المناطق الذي يسيطر عليها..فوضى قتل عارمة تدور في هذه الاثناء في سوريا راح ضحيتها مئات الالوف من البشر بين قتيل وجريح ومفقود ناهيك عن تشريد ملايين السوريين الذين اصبحوا لاجئون معذبون ومشردون..الحرب في سوريا هجرت اكثر من ثلث سكان سوريا من بينهم مئات الالوف من الاطفال والنساء!!

الموعد المشار اليه اعلاه لانعقاد "جنيف2" جعل الحرب في سوريا تحتدم على جبهات كثيرة بين الاطراف المتصارعة في سوريا وهي اطراف كثيرة من بينها النظام وحلفاءه من ميليشيات طائفية من جهة وفي الجهة المقابلة المعارضات الكثيرة المسلحة والمنقسمة فيما بينها وبالتالي الحاصل هو سباق دموي مع الزمن حتى موعد جنيف لتحقيق المكاسب على الارض من خلال محاولة النظام استعادة مناطق تسيطر عليها المعارضة او من خلال تمسك المعارضة واستماتتها في الدفاع عن ما تسميه ب " المناطق" المحررة وبالتالي الجاري الان في هذا الوقت على جبهات القتال هو مذابح ومجازر ودمار هائل ونزوح عدد كبير من السكان عن مناطق سكناهم وتحولهم الى لاجئين و حتى نهاية هذا العام 2013 وبلوغ موعد جنيف 2 في 22.1.2014 ستبلغ الكارثة السورية مراحل اخرى من تكريث الكارثة والسؤال المطروح: اذا كان النظام السوري يريد بالفعل السلام وذاهبا الى جنيف 2.فلماذا يقوم بتدمير منهجي لمدينة حلب وغيرها من مدن ومناطق سورية تتعرض الى القصف المتواصل بالبراميل المتفجرة وغيرها من انواع الاسلحه؟؟..الجواب بسيط وهو: ان النظام يريد ان يذهب الى جنيف على ركام حلب ودمار سوريا ليقول على ماذا سنتفاوض؟..على بعض الجيوب المتبقية تحت سيطرة المعارضة والقاعدة؟ لكن ايضا في المقابل: اذا كانت الجماعات الجهادية المتشدقة بالجهاد والمتشددة تريد السلام؟ فلماذا تقتل الناس على الهوية الطائفية وتقطع رؤوسهم؟

ثم سؤال اخر ملح وهو هل ستتمكن المعارضة السورية المشرذمة من توحيد صفوفها ومطالبها حتى موعد انعقاد جنيف 2؟ الجواب ببساطه: لا، واستحالة هذا الامر بسبب وجود معارضات سورية واجنبية كثيرة ومن بينها من لا يريد اصلا المشاركة في جنيف 2..!!

شيئان مهمان لابد من ذكرهما في هذا المجال وهو ان النظام لايريد التنازل عن حكم سوريا حتى بعد تدميرها بالكامل وذهابه الى جنيف 2 وفي المقابل شوهَّت الكثير من فصائل المعارضة صورة الثورة السورية وحولتها الى مطية عقائدية وميدان قتل طائفي وديني وعرقي مما صعب مهمة تجنيد التضامن الاقليمي والعالمي اللازم لوقف مجازر النظام، لكن في المقابل لربما العالم معني ايضا بتدمير سوريا وتقسيمها ولسان حاله يقول: بعدما تخلصوا مهمة التدمير اخبرونا حتى نعمر سوريا ونستفيد؟..هنا لي(الكاتب) ملحوظة غاضبة حول مصادرة و تدمير السلاح الكيماوي السوري الذي استعمله النظام كورقة مساومة على منحه مزيد من الوقت مقابل تسليمه سلاحه الكيماوي لكن في المقابل بدا واضحا وجليا ان الغرب المجرم وهيئة الامم الامبريالية ساوم النظام على هدر الدم السوري مقابل تسليم الكيماوي للحفاظ على امن وسلامة الدولة الاسرائيلية..الى هذا الحد الدم السوري والعربي رخيص؟ النظام يقتل و"المجاهدين" يقاتلون ويتعالجون في المستشفيات الاسرائيلية!!

اعتقد جازما ان مصير اهداف الثورة السورية يشبه الى حد بعيد مصير اهداف مؤتمر "جنيف" 2 وهي اهداف اصبحت موؤودة وباتت بعيدة المنال، فلا ديموقراطية تحققت ولا سلام سيتحقق في المنظور القريب وستستمر الحرب ويستمر الدمار في سوريا ودون سقوط النظام وبداية مرحلة جديدة لن يكون تغيير وحتى المرحلة الجديدة بعد سقوط النظام ستكون دموية وتقسيمية..تعودنا على سماع اخبار حاملات الطائرات واساطيل الغرب وهي تحاصر الانظمة العربية برا وبحرا ومن ثم تسقط النظام ويسقط معه الحصار ويحل مكانه الدمار والاعمار والان ان الاوان ان تشكل الشعوب العربية اساطيل حرية ضخمة لفك الحصار المفروض عليها من قبل الانظمة الفاشية العربية..ان الاوان لاساطيل الحرية الشعبية المليونية لتتحرك من اجل اسقاط النظام ودحر الرعاع اللذين تسلقوا على اكتاف الثورة السورية وشوهوا صورتها.. الشعوب لا تريد انظمة على شاكلة النظام السعودي الرجعي في الوقت نفسه لايمكن تصور استمرار نظام الاسد في الحكم بعد كل هذا الذي جرى في سوريا!!

واخيرا وليس اخرا نعود ونكرر ان ثورة يغيب عنها الفكر والاستراتيجية وغياب القيادة المتماهية مع مطالب الشعب، ثورة فاشلة لامحالة لابل ثورة عبثية.. الثورة الثقافية والاجتماعية هي التي تساند وتعاضد التغيير الثوري نحو الافضل وهذا للاسف لم يحدث في مسار الثورات العربية اللتي ما زالت تحبو في مربع مكانك عُد وخلفا دُر.. سوريا: الطريق الدموي الطويل حتى موعد انعقاد مؤتمر" جنيف" 2…الطريق الى جنيف دموي والطريق الى السلام مسدود في ظل وجود وبقاء النظام السوري و"المجاهدين" وقطَّاعين الرؤوس..رحيل هؤلاء مجتمعين هو بداية طريق السلام في سوريا…..جنيف هو مجرد عبثية اخرى ومنطلق اخر لمزيد من الدماء والدمار في سوريا….سلم الله سوريا ترابا وشعبا من شر الذاهبون الى جنيف2.. الذاهبون والرافضون ايضا…!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة