طرطشات
تاريخ النشر: 20/10/16 | 18:08المولود الغزي رقم 2 مليون
تداولت الصحافة المقروءة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي خبر ولادة المولود رقم 2 مليون في غزة باهتمام شديد وسعادة غامرة ووجهات نظر متضاربة حول وجوب الاحتفاء به، ولا بد والنقاش يحتدم حول الموضوع ان نوضح بعض الأمور: فالمولود رقم 2 مليون لا يعني ان سكان القطاع اصبح عددهم مليونا نسمة، وانما يعني انه المولود الذي سجل في سجل الولادات تحت رقم 2 مليون لا بد ان يخصم منهم الرقم الأخير المسجل في سجل الوفيات وأرقام أخرى، كما ان من سجل الحالة تحت رقم 2 مليون لم يقل لنا متى فتح هذا السجل ، هل هو عثماني ام أيام الانتداب البريطاني ام أيام الإدارة المصرية ام أيام الاحتلال الإسرائيلي ام منذ قيام السلطة الوطنية؟ وما دام البعض يحتفل بهذا الحدث هل لنا ان نسأل ماذا هيئنا من اجل توفير حياة ذات جودة عالية لمليوني انسان، ما هو وضع الخدمات التعليمية والخدمات الصحية المتاحة وما هو مستوى نمو الاقتصاد القادر على توفير فرص عمل لمليوني انسان أكثر من نصفهم أطفال؟
نصف الكوب
تدهشنا في كثير من الأحيان نظرة الناس للأمور وتقييمهم لها، وأكثر ما يبعث على الاندهاش هو موقف الناس من الإنجاز أو الإبداع، فالناس أمام أي إنجاز وطني ينقسمون الى أربع فئات، فئة لا يعنيها الأمر مهما كان مهماً” أو له علاقة بمصالح الناس والوطن، فئة ثانية تعترف بالإنجاز ولكنها تحاول أن تقلل من أهميته وتعتبره كما يقولون تحصيل حاصل او واجباً تمت تأديته بشكل حسن، وفئة ثالثة لا تكتفي بإنكارها للإنجاز بل تعمل جاهدة على تشويهه وتشويه من قام به او ساهم فيه، أما الفئة الرابعة وقد لا ينطبق عليها صفة الفئة إذا ما قورنت بحجم الفئات الثلاث الأخرى لصغرها، فهي فئة من يقدرون الإنجاز ويبدون رأيهم فيه بل ويعملون على تقييمه كعمل تراكمي لما تم إنجازه سابقاً في نفس المجال على طريق تنمية الوطن والإنسان. وإذا كنا نجد أحياناً عزاءنا في الفئة القليلة التي تقدر الإنجاز وتعزز الإبداع فإننا لا نملك إلا ان نقول للفئات الثلاث الأخرى ما قاله إيليا ابو ماضي “أيها الشاكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلا”، وان ندعوهم للتفاؤل بالحياة ولمزيد من المحبة لأنفسهم اولاً ولمن حولهم من الناس ثانياً، بدءاً بالأقربين وصولاً لكل بني البشر، عندها فقط سيرون مكامن الجمال في انفسهم ويفخرون ويعتزون بما يقومون به من عمل ويقدرون كل ما هو موجود حولهم من جمال ومن إبداع، سواء أكان من صنع الخالق أو من إنجاز البشر، وعندها فقط سيتمكنون من رؤية النصف الممتلئ من الكوب، وربما سيشعرون بواجبهم في المساهمة في ملء النصف الفارغ بدلا من الاستمرار في لعن كل ما هو سيئ وفاسد وشرير وإنكار كل ما هو رائع وجميل.
الدكتور فتحي ابومغلي