سيكوي تستعرض معطيات “ثمن الإقصاء”
تاريخ النشر: 20/10/16 | 18:16عقدت سيكوي، الجمعية لدعم المساواة في البلاد، يوم الأربعاء من هذا الأسبوع، مؤتمرا صحافيا بمشاركة واسعة من الإعلاميين والمعنيين العرب، حول بحثها الأخير، تحت عنوان “ثمن الإقصاء” والذي يرصد ويحلل تعامل الاعلام الإسرائيلي مع المواطنين العرب في البلاد في أكتوبر 2015، وهي الفترة التي عرفت بتسمية “انتفاضة السكاكين” وشهدت توترا سياسيا وأمنيا كبيرا روفق بتصعيد في العلاقات ما بين المواطنين اليهود والعرب في البلاد.
افتتحت المؤتمر الصحفي، المديرة العامة المشاركة لجمعية سيكوي، رونق ناطور، حيث رحبت بالمشاركين وقدمت نبذة عن نشاط سيكوي في مختلف المجالات، دعما للمساواة في البلاد ما بين المواطنين اليهود والعرب وتوقفت بشكل خاص عند مشروع “مؤشر التمثيل” الهادف إلى رفع تمثيل المواطنين العرب في الاعلام العبري مؤكدة أن اقصاء المجتمع العربي من الاعلام العبري والمركزي منه تحديدا هو ليس أمرا شكليا فحسب إنما اقصاء ممنهج للغة والثقافة وكذلك للرواية الفلسطينية. دوره، تحدث مدير مشروع “مؤشر التمثيل” ومعد بحث “ثمن الإقصاء” عيدان رينغ، فوضع بحث “ثمن الإقصاء” في سياق النشاط المستمر لجمعية سيكوي من أجل النهوض بتمثيل المواطنين العرب في الإعلام العبري، مستعرضا مجالات العمل المختلفة بما فيها نشر معطيات “المؤشر” بشكل أسبوعي وشهري والكشف عن البرامج والقنوات الأكثر تجاهلا للعرب لتشغيل الضغط عليها وإحراجها وبالمقابل العمل على مد وسائل الاعلام بالمزيد من المختصين العرب وذلك من خلال مجمع المختصين الذي تقوم عليه جمعية “آنو” بالتعاون مع سيكوي. رينغ أشار إلى الارتفاع الملحوظ بنسب المختصين العرب في الاعلام العبري خلال الأشهر الأخيرة إذ قال بأن النسبة كانت عند انطلاق المشروع قبل نصف عام أقل من 3% بينما ارتفعت مؤخرا إلى ما يزيد عن الـ 5%. رينغ أكد أن بحث “ثمن الإقصاء” سيقدم بشكل مكثف إلى وسائل الإعلام العبري المركزي وإلى متخذي القرارات.
مدير الإعلام العربي في جمعية سيكوي، أمجد شبيطة، استعرض أهم معطيات البحث مشيرا إلى ما يمتاز به البحث بشموليته إذ تناول كافة المواد الإعلامية في تلك الفترة، وبلغ عدد الفقرات الإعلامية التي تم نشرها وبثها خلال فترة أكتوبر 2015 والتي تناولت احتجاجات المواطنين العرب في تلك الفترة نحو 1,100 فقرة ومادة إعلامية قنوات التلفزة الإسرائيلية الثلاث، وفي إذاعتي “ريشت ب” و “جالي تساهل” وفي صحف يديعوت أحرونوت، معاريف، هآرتس، ويسرائيل هيوم وفي موقعي واينت وولا، وتم رصد هذه المقاطع وتحليلها من خلال الطواقم المهنية في شركة “يفعات” المختصة بالدراسات الإعلامية. ومن أبرز ما يبينه البحث أن هنالك علاقة واضحة ما بين إقصاء المواطنين العرب عن الإعلام العبري المركزي وما بين المضامين العنصرية والسلبية، إذ يبين البحث أنه تم إقصاء المواطنين العرب عن حوالي 69% من الفقرات الإعلامية التي تناولت قضاياهم في تلك الفترة، إذ لم يكن في هذه الفقرات أي متحدث أو محاوَر عربي، كما أن 64% من الفقرات التي لم تضم مواطنين عربا اتسمت بالسلبية المطلقة مقابل 30% فقط من الفقرات التي ضمت مواطنين عربا، وبشكل عام فقد كانت 49% من تغطية المواطنين العرب سلبية بشكل مطلق بينما 24% فقط من التغطية كانت إيجابية وما تبقى فقد اتسم بالحيادية.
حضور محاوَرين عرب، أدى بشكل عام إلى تغطية أكثر توازنا وإيجابية، إذ أن 35% من التغطية التي شارك بها محاورون عرب، كانت إيجابية مقابل 15% فقط من التغطية التي لم يشارك بها عرب. وهذا ما يؤكد أن الإعلام المركزي العبري لم يقم بدوره بطرح وجهات نظر المواطنين العرب بشكل مباشر. كما امتاز البحث كيفا، من خلال تحليله لمضامين كافة هذه الفقرات والمواد الإعلامية وأجاب على تساؤلات عدة، منها: كيف تعامل الإعلام العبري المركزي مع النواب العرب مقارنة برؤساء السلطات المحلية العربية؟ إذ يبين البحث بأن النواب العرب حظوا بالتغطية الأوسع بما يعادل 40% من التغطية التي شارك بها مجمل المحاورين العرب، لكن 65% من هذه التغطية كانت سلبية، وبالمقابل مثلا فقد حظي رؤساء السلطات المحلية العربية بتغطية إيجابية جدا لكن حصتهم كانت متواضعة، إذ أنهم شاركوا بـ 10% من التغطية وكان نحو 62% منها إيجابيا.
كما تطرق البحث أيضا لتعامل الأعلام مع الاحتجاجات التي قام بها المواطنون العرب في تلك الفترة، على خلفية القلق من إحداث أي تغيير بالمكانة المسجد الأقصى الحالية وعلى الرغم من أن الاحتجاجات شهدت حالات متباينة، وكانت بغالبيتها مدنية وسلمية مشروعة بمبادرة من لجنة المتابعة العليا، إلا أن التغطية كانت بالمجمل سلبية، إذ بلغت نسبة الفقرات الإعلامية السلبية 54% بينما لم تبلغ نسبة الفقرات الإيجابية سوى 10%. كما أن 80% من تغطية الاحتجاجات والمظاهرات وتصويرها كنشاطات عنيفة، وفقط 20% من التغطية تطرقت إلى الإضراب العام، رغم نجاحه والتجاوب الجماهيري القطري الواسع معه. هذه التغطية أدت إلى بلورة صورة مغلوطة عن هذه الاحتجاجات وصورتها على أنها عنيفة ومعادية، وهو ما عزز الدعوات ما بين المواطنين اليهود لإبعاد المواطنين العرب عن أماكن العمل اليهودية ولمقاطعة أماكن العمل العربية. وفي أعقاب استعراض معطيات البحث، أقيمت ندوة حوارية، افتتحتها الإعلامية عفاف شيني، التي أشادت بالبحث وأهميته متهمة الاعلام العبري بالتنازل عن مهمته كسلطة رابعة من خلال تعامله النمطي والسلبي مع المواطنين العرب.
بدوره، أفاد الباحث والمحاضر في مجال الإعلام د. خليل ريناوي، بأن معطيات البحث غير مفاجئة وبأنها مشابهة لأبحاث كان قد قام بها هو بنفسه في فترتي الإنتفاضتين الأولى والثانية، حيث قام الاعلام العبري بالتعامل مع المواطنين العرب بطريقة تتيح شيطنتهم وزجهم في خانة قد تشرعن العنصرية ضدهم بل والانقضاض السلطوي عليهم في حالات معينة.
ريناوي أضاف، بأنه وإلى جانب الواقع السياسي في البلاد واستشراس العنصرية والتحريض ضد المواطنين العرب، إلا أن هنالك ديناميكية خاصة في مجال الاعلام إذ أنه يبحث بشكل دائم عن مواق التوتر والأزمات، وهو ما يعقد الأمور أكثر فأكثر. أما النائب د. أحمد الطيبي، فأكد أن الإعلام الإسرائيلي هو سلاح ذو حدين، إذ أنه ضروري جدا ولا تنازل عنه للجماهير العربية كأقلية قومية معنية بمخاطبة الأغلبية وبالتأثير على الرأي العام الإسرائيلي ككل إلا أنه قد يكون أداة لتسديد الأهداف الذاتية إن لم يتم استغلاله بالطريقة الأصح والأسلم، وهنا أشار الطيبي إلى أن الإعلام الإسرائيلي العبري يرفض بشكل دائم أنسنة المواطن العربي ويتعامل معه من باب التشكيك والريبة حينا والاستعلاء العنصري أحيانا أخرى، وتوقف الطيبي عند ما بينه البحث من تغييب للمختصين العرب قائلا أن الاعلام يختار محاوَرين عرب متأتئين وغير واثقين بأنفسهم ليسهل الانقضاض عليهم، ومن تجربته الشخصية توقف الطيبي عند إنجازات كبيرة كانت له على المستوى المدني والاجتماعي إلا أن وسائل الاعلام العبرية تجاهلتها تساوقا مع الترويج التحريضي على النواب العرب تحت عنوان “ما الذي يصنعه النواب العرب” لتصويرهم على أنهم لا يهتمون بهموم المواطنين وشؤونهم الحياتية والاجتماعية.
الإعلامي سامي عبد الحميد، مراسل القناة العاشرة، قال أن الصحفي العربي في وسائل الإعلام العبرية يكون أمام عقبات عدة، أولها قبوله للعمل إذ أن وصول الصحفي العربي إلى وسائل الاعلام العبري يعد مهمة صعبة جدا، وغالبية وسائل الإعلام تكتفي بمراسل عربي واحد فقط، كما تحدث عن التحديات باختيار المصطلحات واللغة وكذلك بترتيب سلم الأولويات والأجندة التي تخدم المجتمع العربي، وأشار هنا إلى أن الإعلامي العربي يجد نفسه في جدل دائم مع مكان عمله، ورغم صعوبة هذه الظروف أكد عبد الحميد على ضرورة الإصرار بخرق وسائل الاعلام العبرية وبلوغ مواقع اتخاذ القرار فيها منوها إلى انعكاس الإعلام العبري ليس فقط على المواطنين اليهود إنما على العرب أيضا.
ودعا عبد الحميد إلى اتخاذ خطوات تخرج المواطنين العرب من دائرة ردة الفعل إلى الفعل كإعداد وتهيئة كوادر لتطرق أبواب الاعلام العبري في كل قضية وقضية كما شدد على ضرورة عدم التسليم مع أي تعامل أو تصريح عنصري مؤكدا على قدرة الجماهير العربية بالتأثير وخوض الحملات الناجعة، إن كان من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أو غيرها. بدورها قالت رونق ناطور بأن لمؤسسات المجتمع المدني دور فعال وهام باختراق وسائل الإعلام العبرية نظرا لتأثيرها الكبير على صورة المواطنين العرب في البلاد وعلى طرح وعلاج قضاياهم الحارقة. ناطور، أشارت إلى الشراكة العربية اليهودية الندية في جمعية سيكوي موضحة بأن لهذه الشراكة تأثيرها الكبير في هذا المجال بالذات.
هذا وكان عدد من الإعلاميين الحاضرين قد قدموا ملاحظاتهم ومداخلاتهم: الإذاعي والإعلامي جاكي خوري، تحدث هو أيضا عن التحديات التي تواجهه كمراسل لصحيفة هآرتس العبرية مشيرا إلى أن صحيفته أكثر تفهما من وسائل أخرى لقضايا المجتمع العربي وهي حقيقة أظهرها البحث، إذ كانت هآرتس الأكثر اتزانا نسبيا بتغطية المواطنين العرب، كما قال خوري بأن هذا المؤتمر كان يجب أن يعقد في تل أبيب، لوضع هذه الحقائق أمام الإعلام العبري على وجه التحديد. الإعلامية والمقدمة ربى ورور أشادت بالتقرير ومهنيته وقدمت عددا من الأفكار والأسئلة على المشاركين في الحلقة الحوارية لتعزيز مكانة العرب في الإعلام العبري، وأما المقدم الرياضي، فادي مصطفى فقد توقف أولا عند المصاعب التي يواجهها الصحافيون العرب في الإعلام العربي، من سوء بظروف العمل واقترح أن يتم الاهتمام أكثر بمجال الاعلام الرياضي والذي يشهد الكثير من التوترات وخاصة على خلفية العنصرية في الملاعب. وفي اختتام المؤتمر الصحافي أكدت ناطور بأن سيكوي استفادت كثيرا من الملاحظات والمداخلات وهو ما سيساهم بالضرورة بإغناء عمل الجمعية في هذا المضمار متعهدة بألا تتراجع الجمعية عن مساعيها لصد إقصاء المواطنين العرب.