وجوه وملامح 16
تاريخ النشر: 23/10/16 | 1:06لقد تركت المرآة المسلمة عبر صفحات التاريخ صفحات مشرقة حافلة بالمواقف الرائعة التي تظهر فيها معاني هامة تحتاج المسلمة المعاصرة التعرف عليها من خلال نساء دخلن التاريخ من أبواب شتى، وسأستعرض من خلال هذه السلسلة بعض المواقف سريعة التأثير في القلوب مواقف نستعرض من خلالها ملامح كل شخصية عبر التاريخ.
سارة أم إسحاق.. ” امرأة تهز طاغية “..!
السيدة سارة زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام كانت لها مواقف مشرقة عبر التاريخ. ومن أهم ما استوقفني أمامها قصتها مع الطاغية الذي أراد بها الفاحشة فحفظها الله منه. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات: اثنتان في ذات الله “. قوله: ( فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) [ الصافات: 89 ] وقوله: ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ) [ الأنبياء: 63 ].
وبينما هو يسير في أرض جبار من الجبابرة إذ نزل منزلاً فأتى الجبار فقيل له: إنه قد نزل هاهنا رجل معه امرأة من أحسن الناس، فأرسل إليه فسأله عنها فقال: إنها أختي، فلما رجع إليها قال: إن هذا سألني عنك فقلت: إنك أختي، وإنه ليس اليوم مسلم غيري وغيرك وإنك أختي في الإسلام فلا تكذبيني عنده.
فانطلق بها فلما ذهب يتناولها أخذ فقال: ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت له فأرسل. فذهب يتناولها فأخذ مثلها أو أشد منها، فقال: ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت فأرسل ثلاث مرات فدعا أدنى حشمه فقال: إنك لم تأتني بإنسان ولكن أتيتني بشيطان، أخرجها وأعطها هاجر، فجاءت وإبراهيم قائم يصلي فلما أحس بها انصرف فقال: مهيم ؟ فقالت: ” كفى الله كيد الظالم وأخدمني هاجر “. [ البخاري ]
وفي هذا الحديث فضل كبير للسيدة سارة فهي امرأة ضعيفة في مواجهة هذا الطاغية، ولكن قوة الإيمان والإسلام جعلتها تركن إلى الله وتدعوه، فقد جاء في رواية أخرى للحديث ” فلما دخلت عليه قام إليها، فأقبلت تتوضأ وتصلي وتقول: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر قال فقط حتى ركض برجله “. [ البخاري ]
وهكذا تستعين المرأة الضعيفة بقوة الملك العزيز فتهزم بعون الله ذلك الطاغية وينصرف عنها وتكفى شره. ولكن بأي سلاح واجهته إنه سلاح الإيمان والتوسل بالأعمال الصالحة فقد توسلت إلى الله بإيمانها بالله وبرسوله سيدنا إبراهيم عليه السلام، وتوسلت إليه بعفافها وعفتها وأنها أحصنت فرجها إلا على زوجها. فكان جزاؤها من جنس عملها فكما عفت أعفها الله وحفظها من شرور ذلك الطاغية وسجل موقفها في صفحات التاريخ، لتظل قدوة لكل امرأة مسلمة تسعى للتخلص من كيد أي ظالم أو كيد أي طاغية فعليها باللجوء إلى جبار السموات والأرض، ونسأل الله أن ينجينا وينجي بناتنا من شرور المجتمع ومن شرور المفسدين فيه وأن يمن على أمة حبيبه المصطفى بالعفة والعفاف وهداية شباب وبنات المسلمين آمين.
بقلم: محمود عبد السلام ياسين