أمسية مع “يوميات طبيب بتل الزعتر” بحيفا
تاريخ النشر: 24/10/16 | 17:17في أمسية لامست الضمير والقلب والوجدان، نظمها ودعا إليها نادي حيفا الثقافي، حضرها القاصي والداني من جمهور غفير توحده قيم الانسانية والحرية، فكان لهم لقاء يوم الخميس 2016/10/20 قضوا فيه سويعات من الزمن مع ابن حيفا المغترب قسرًا الدكتور يوسف عراقي في حديثه عن مخيم تل الزعتر والمجزرة فيه بعد مرور 40 عاما عليها. وإشهار الطبعة الثالثة من وثيقته “يوميات طبيب في تل الزعتر” الصادر في حيفا. بداية، اعتلى المنصة رئيس نادي حيفا الثقافي، المحامي فؤاد مفيد نقارة، فرحب بالحضور أجمل ترحيب ثم عبر في كلمة له قائلا: “اشكر من هذا المنبر جميعَ اعضاء نادي حيفا الثقافي الذين يعملون بكل الجهد والطاقة تطوعا لإنجاح نشاطات النادي، وخص بالذكر الفتى مروان سرية اصغر المتطوعين للنادي سنا”. شكر أيضا جريدة المدينة ومديرها رشاد عمري وصحيفة الاتحاد والمواقع الالكترونية الصديقة على تعاونهم ونشرهم المقالات الاسبوعية عن نشاطات نادي حيفا الثقافي، وشكر المجلس الملي الارثوذكسي الوطني في حيفا على دعمه الكامل وغير المشروط لبرنامج النادي وفتح ابواب القاعة لنشاطات النادي لتُمكّنه من القيام بنشاطاته وخدمة كتابنا ومثقفينا. كما وبعث تهنئة قلبية حارة، باسمه وباسم النادي، الى الأدباء يحيى يخلف، ابراهيم نصر الله والياس خوري على حصولهم على جائزة “كتارا” عن رواياتهم “راكب الريح” “كلمنجارو” “اولاد الجيتو”.
أشار بعدها لكُتَيّب الكاتب بسام الكعبي “تل الزعتر يقاوم التغييب”، تصميم دار النشر الحيفاوية “مجد” بإدارة الفنان ظافر شوربجي، وتوزيعه على الحضور لتبقى ذكرى مجزرة تل الزعتر خالدة. دعا بعدها د. جوني منصور ليدير الأمسية. وكمؤرخ، استهل د. جوني كلمته بتقديم واف لصاحب الأمسية وتاريخ المخيم وقضيته، فكانت مقدمة مثيرة شائقة لما سيأتي بعدها. وفي باب المداخلات، شارك المحامي فكتور مطر بمداخلة قيّمة له عن وثيقة د. عراقي ومخيم تل الزعتر، مداخلة ذات أبعاد تاريخية وقيم معلوماتية ووجدانية أثرت بالحضور وأثرتهم. ذكر فيها أن كتاب د. عراقي يشكل اللبنات الأساسية لسرد الوثائق. كتاب يصيب القارئ في بؤبؤ دماغه وقلبه. يصور فيه واقعا مرعبا عاشه لحظة بلحظة. مشيرا إلى دور الدكتور يوسف الانسان الانسان. داعيا إلى ضرورة صون الذاكرة الجمعية وتوثيقها كعربون وفاء لتتعلمها الأجيال منوها إلى أن انعدام الأمل لا يعني اليأس.
يجدر بالذكر أن المحامي حسن عبادي قد أجرى وتلقى مؤخرا اتصالات عديدة من البلاد وخارجها مع بعض من أهل المخيم الناجين يعبرون له فيها عن رغبتهم بالمشاركة في الأمسية عبر الهاتف، فنسق معهم، وتخللت الأمسية مكالمات لكل من المناضل أبو عرب، المناضلة نوال ابراهيم -أم أحمد- والمناضل الحاج يوسف العلي، اتصلوا جميعا ليعبروا لد. يوسف عن امتنانهم وتقديرهم وشكرهم العميق له على ما قدمه لهم ولأهل المخيم، من خدمة طبية وانسانية أنقذت حياتهم في ظروف قاهرة لا يتصورها عقل بشر. فكانت تلك فقرة تفاعل بها الجمهور وتأثر وجاشت به مشاعر الأسى والألم لما سمعه من المناضلين المتصلين الناجين الشاكرين. كانت بعدها مشاركة لدكتور سمير خطيب، رئيس رابطة خريجي جامعات روسيا في البلاد، وهو ناشط سياسي واجتماعي وصاحب قلم. والأهم من هذا كله على حد قوله، أنه زوج لابنة مخيم تل الزعتر، الدكتورة نوخة خطيب. فافتتح كلمته معبرا عن فخره أن زوجته من تل الزعتر، ومن شدّة تأثره مزّق ورقته وتحدّث ارتجالا عن الكتاب والكاتب وتحدّيات العلاج الطبي تحت الحصار رغم شُح المصادر والامكانيات والوسائل والأدوات والأدوية، وهو المثال الأكبر للعلاج الميداني في ساعة الطوارئ، وخاصة لطبيب في بداية مسيرته المهنيّة، وجعلت من الدكتور يوسف ليس فقط طبيبًا بل ممرّضا، تقنيّا، جرّاحا، طبيبًا نفسيًا، عاملًا اجتماعيًا وصار “مناضلًا” على جميع الأصعدة.
دُعي بعد ذلك إلى المنصة كل من المحاميين فؤاد نقارة وحسن عبادي والسيد رشاد عمري ليقدموا لدكتور يوسف لوحة فنية بعنوان “تل الزعتر يقاوم التغييب” رسمها بريشته. انضم إليهم بعدها السيد جريس خوري لتقديم درع تكريمي باسم المجلس الملي الأرثوذكسي ونادي حيفا الثقافي للمحتفى به ، واعتذر حسن بدوره من كل أهالي تل الزعتر الذين لم تُسنح لهم الفرصة للتحدّث لضيق الوقت، باعثًا لهم تحياته والحضور وخصّ بالذكر الكاتب والشاعر البيروتي جلال الدين نجار والكاتب بسام الكعبي من رام الله. تلتها الفقرة الرئيسة مع المحتفى به, الطبيب الزعتريّ د. يوسف عراقي فتحدث متأثرًا عن تجربته وتل الزعتر ، وكانت كلمته مرفقة بشرائح توضيحيّة ووثائقية مُحَوسبة، وتناول خلالها الجانب السياسي والتاريخي، الإنساني والطبي، الشخصي والعام، ظروف المخيّم آنذاك ، الوضع الصحي وشحّ الموارد والمصادر، النقص بالمواد الغذائية ومياه الشرب، النقص بالأدوية والأجهزة الطبيّة والدم، وقال بأن الحاجة أم الاختراع فأستعمل الأدوات الصناعية كالمقداح لإجراء عملية جراحيّة ميدانيّة !! وعمل على مدار الساعة دون كلل أو ملل لإنقاذ المصابين.
كما وتحدّث عن تجربته الشخصيّة هناك، عن كتابته وعن ضرورة توثيق ما حدث ليكون عبرة للأجيال القادمة ، وأخيرًا عبّر عن شكره للقيّمين على النادي ونشاطاته، وعبّر عن سعادته لإتاحة الفرصة له لإشهار الطبعة الثالثة لكتابه في مسقط رأسه حيفا. من الجدير بالذكر أنه خلال المداخلة تم التواصل بين المحامي حسن عبادي والمناضلة الأممية السويدية إيفا شاتال، التي بلسمت جراح تل الزعتر وقدمت لفقرائه كل ما تملك ، ففقدت ذراعها وزوجها يوسف حمد وجنينها، وتحدّثت مع د. يوسف وللحضور بكلمات مؤثرة جدًا ، دمعت لها عينا المحتفى به والحضور. نهاية، تجمهر الحضور مفعمين بالحماس واللهفة حول المنصة لالتقاط الصور للتذكار وطلب توقيع د. يوسف لهم على الكتاب.
بقي أن نذكر أن أمسيتنا القادمة، يوم الخميس 2016/10/27.