إخلاء مستوطنة عمونا إثر قيامها على أراضي خاصة

تاريخ النشر: 24/10/16 | 14:33

في آب 1996 باشرت عناصر مجهولة في تأهيل الأرض ووضعت حاويات للمياه على هضبة شرقي “عوفرا”. في تشرين أول (أكتوبر) 1996 نُصبت في الموقع ثلاثة كرفانات اقتحمت حاجز حزمة. في تلك الفترة قرّرت الإدارة المدنية أن الأراضي هي أراض خاصة، واعتزمت إخلاء الكرفانات في نفس الشهر، غير أن الإخلاء تأجّل إلى “عدة أيام”. في بادئ الأمر ادّعى زعماء المستوطنين بأنهم اشتروا الأرض من فلسطينيين سكان قرية سلواد، غير أن رفضوا الكشف عن هوية الباعة أو تقديم الإثباتات على ادعائهم. طوال عدة سنوات مُنح مستوطنو “عمونا” عدة فرص لإثبات ملكيتهم للأرض دون نجاح يذكر.

كما ادّعى المستوطنون بأن الكرفانات وُضعت في أرض تمّ وضع اليد عليها بأمر عسكري منذ عام 1980. ولكن الإدارة المدنية نفت صحة الادعاء، وادعت من طرفها بأنّ الأمر لم يُنفَّذ على أية حال لذا فهو يعتبر لاغيًا، وأصدرت أوامرها بهدم الكرفانات. مع هذا، أوضح رئيس مجلس المستوطنات “يشع”، بنحاس فلرشتاين، بأنه لا يعتزم إخلاء الكرفانات لأنها قائمة على هضبة مشرفة. وقد احتجّ أصحاب الأراضي الفلسطينيون في العامين 1997-1998 على وضع اليد على أراضيهم، وكان الردّ بأن الموضوع قيد العلاج وأن “كل عمل غير قانوني سيعالَج من قبل الجهات المختصة”. وبينما أوضحت الإدارة المدنية مرارًا وتكرارًا بأن الأراضي هي ملك خاص لفلسطينيين، واصلت وزارة الإسكان رصد الميزانيات لإرساء البنى التحتية في البؤرة الاستيطانية رغم عدم شرعيتها. في عام 2000 بدأ بناء تسعة مبان ثابتة في البؤرة الاستيطانية (سائر المباني في المكان هي عبارة عن كرفانات). في عام 2005 التمست حركة “السلام الآن” لمحكمة العدل العليا طلبًا لهدم المباني التسعة، وتم بالفعل هدمها في عام 2006. في عام 2008 التمس أصحاب الأراضي بمساعدة ييش دين لمحكمة العدل العليا، طلبًا بأن تصدر المحكمة أمرًا للدولة بتنفيذ أوامر الهدم الصادرة بحق كل المباني في البؤرة.

وقد اعترفت الدولة في محكمة العدل العليا بأن البناء غير قانوني، والتزمت بإخلاء عمونا ب”طرق سلمية” حتى نهاية عام 2012، ولكنها لم تفِ بالتزامها. في كانون أول (ديسمبر) 2012 أمرت محكمة العدل العليا بإخلاء “عمونا” حتى نيسان (أبريل) 2013، ولاحقًا تأجّل الإخلاء حتى تموز (يوليو) 2013. ومع اقتراب موعد تنفيذ الإخلاء ادّعى مستوطنو “عمونا” بأن شركة “الوطن” اشترت الأراضي التي أُنشئت عليها البؤرة الاستيطانية. في أعقاب ادعاء الاستملاك قُدّمت في الشرطة شكوى ضد التزييف في مستندات البيع والشراء. ونقل قسم التشخيص الجنائي في الشرطة وجهة نظر تشير إلى وجود شبهة حول تزييف المستندات المتعلقة بشراء القسائم المذكورة. وأمرت محكمة العدل العليا بالمباشرة بإخلاء المباني التي أُنشئت على القسائم التي لم يتمّ ادعاء استملاكها، ثم أمرت المحكمة في عام 2014 بإخلاء كافة المباني خلال عامين. في آب 2016 نشرت الإدارة المدنية خريطة تشتمل على 35 قسيمة ادّعت أنها أملاك متروكة وعليه بالإمكان نقل مستوطني عمونا إليها. ردًّا على ذلك، قدّمت ييش دين اعتراضات على المخطط باسم سكان القرى المجاورة لهذه القسائم – سلواد، الطيبة وعين يبرود – تتعلق ب20 قسيمة من القسائم المذكورة. وكما يبدو لن يتم إخراج هذا المخطط إلى حيز التنفيذ.

صادقت الإدارة المدنية مؤخرا على مخطط لإنشاء مستوطنة جديدة في عيمق شيلو لمستوطني عمونا. وستتم في المرحلة الأولى المصادقة على بناء 98 وحدة سكنية جديدة، و200 وحدة سكنية أخرى في مرحلة مستقبلية. لم يتم إيداع هذا المخطط للاعتراضات بعد، ومن المتوقع أن تحتاج المصادقة عليه نهائيا بضعة أشهر. إذا تمّ بالفعل إخراج هذا المخطط لحيّز التنفيذ، فستكون هذه أول مستوطنة جديدة يتمّ بناؤها منذ 20 عامًا. إنشاء المستوطنة في منطقة عيمق شيلو هو جزء من المحاولة لخلق تواصل استيطاني إسرائيلي يقطع أوصال الضفة الغربية بين شرق وغرب، ويمسّ بإمكانية الفلسطينيين الوصول إلى أراضيهم وممارسة حياتهم الطبيعية المعتمدة على التواصل بين قرى المنطقة، ويعيق إمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

نقاط هامة:
عمونا هي بؤرة استيطانية (الأكبر في الضفة الغربية)، لذا فهي تعتبر غير شرعية وفق القانون الإسرائيلي أيضًا ومعرّفة كغير قانونية في تقرير ساسون. ليس لأي من مباني البؤرة الاستيطانية رخصة بناء، ولا يمكن أصلا إصدار رخصة بناء لها.
الأرض التي أُنشئت عليها البؤرة الاستيطانية هي أرض فلسطينية خاصة تمّت تسويتها وهي مسجّلة في السجل العقاري (الطابو) في الإدارة المدنية.
تمّت فلاحة الأراضي التي أُنشئت عليها البؤرة الاستيطانية والأراضي المحيطة بها حتى عام 1997. يظهر هذا بوضوح في الصور الجوية (أي أنها لم تكن أراضي بور متروكة). تمّ التوقف عن فلاحة الأرض بعد بناء البؤرة الاستيطانية بعد أن منعت قوات الجيش أصحاب الأراضي من الوصول إلى أراضيهم.
التمس عشرة من أصحاب الأراضي لمحكمة العدل العليا (ليس كل أصحاب الأراضي)، وانضمّ للالتماس رئيس المجلس المحلي لقرية سلواد.
الأراضي التي تسعى الإدارة المدنية لإعلانها أملاكًا متروكة هي الأخرى أراض خاصة. فأسماء أصحاب الأراضي معروفة للإدارة المدنية، وحتى الآن قدّم وَرَثتُهم اعتراضات على الإعلان عن 30 من أصل 35 قسيمة أملاكًا متروكة.
لم تنظر محكمة العدل العليا في المكانة القانونية للأراضي لأن الدولة اعترفت بأنها أراض خاصة مسجّلة في الطابو، ولا خلاف حول هذا الأمر إطلاقًا.
الوضع في “عمونا” شبيه بحالات أخرى في الضفة الغربية، غير أن محكمة العدل العليا لا تحدّد بأن قرار حكم في حالة واحدة يُلزم بتنفيذ إخلاء في مكان آخر. كما أن محكمة العدل العليا لا تستعجل لإصدار أوامر بالإخلاء. في هذه الحالة على سبيل المثال، استغرق الأمر ست سنوات حتى صدور قرار الحكم، رغم عدم وجود خلاف حول حقيقة أن البناء غير قانوني وأنه تمّ على أراض فلسطينية خاصة.
اقتراحات إجبار الفلسطينيين على الحصول على تعويض (“كما في إسرائيل”) تتجاهل حقيقة أن القانون الإسرائيلي لا يسري على المناطق المحتلة وأن المسألة لا تتعلّق بالبناء للمصلحة العامة. لو كان الأمر متعلّقًا بالمنفعة العامة كان المفروض أن يكون الشعب الفلسطيني هو الطرف المنتفع.
قانون تسوية الأراضي عمليًّا يلغي حق التملك المكفول للفلسطينيين، ويسعى لإلغاء قرارات المحكمة العليا وانتهاك صلاحياتها، لذا فاحتمال مصادقة محكمة العدل العليا على القانون ضئيل جدًّا. عدا ذلك، فمن غير الواضح إطلاقًا إذا كانت للكنيست الصلاحية لتشريع قوانين تتعلّق بأراضي الضفة الغربية، علمًا أنها ليست صاحبة السيادة في المنطقة (بل جيش الدفاع الإسرائيلي)، وكل قانون من هذا النوع سيعتبر ضمًّا فعليًّا لهذه الأراضي.

palest

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة