عايدة توما: “لا تتركوا النساء وحيدات في هذه المعركة”
تاريخ النشر: 27/10/16 | 8:04مرة أخرى نجد أنفسنا أمام تصاعد مسلسل قتل النساء العربيات وهذه المرة في مدينة يافا، ويصل عدد النساء اللواتي قتلن من بداية العام إلى ثماني نساء، ومهما كانت الخلفية ومهما كانت هوية القاتل تبقى هذه الجرائم جرائم بشعه تهزّ أركان المجتمع وتكرس واقعًا مشوهًا يشير بوضوح إلى مبنى مجتمعي ذكوري يتعامل مع المرأة بدونية. إننا وإذ ندين جميع جرائم القتل والعنف المنتشرة في مجتمعنا والتي تحصد الأرواح وتسفك الدماء، إنما لا بد من التوضيح أن محاولات التعاطي مع العنف ضد النساء وجرائم قتلهن على أنها جزء من المشهد المجتمعي العنيف، هي محاولات لا تصيب الهدف ولا تساعد فعلاً على التصدي لهذه الجرائم بالرغم من أننا نعي تمامًا أن أجواء العنف وسهولة القتل التي تسود مجتمعنا تشكل هي أيضًا مستنقعًا آسنًا تنبت فيه الجرائم.
من المهم أن تبادر جميع القيادات العربية السياسية والمجتمعية باتخاذ موقف واضح وجريء في مواجهة ليس فقط جرائم قتل النساء وإنما جميع المظاهر المجتمعية التي تحاول تكريس دونية المرأة وتناهض كل مظاهر استقلاليتها؛ وعلينا نحن القيادات التصدي لجميع مظاهر التمييز ضد المرأة من خلال مشروع مجتمعي حضاري يربّي أجيالنا القادمة على احترام إنسانيتها والتعامل معها كعنصر فاعل في نهضة المجتمع ككل ويُقاطع كل من يحرّض على النساء متسترًا بخطاب أخلاقيّ. ورغم اعترافنا بأن القتلة يأتون من داخلنا وهم أبناء شعبنا إلا أن واجبنا تجاه جمهور النساء يحتم إدانة سياسة الشرطة التي تحاول دائمًا الزجّ بقضية قتل النساء في خانة “الخصوصية الثقافية” للمواطنين العرب والتنصل من مسؤوليتها المدنية على حمايتهن والكشف عن القتلة وعن جميع من يشكل خطرًا على النساء. إن الشرطة ما زالت لا تقوم بواجبها في التحقيق في هذه الجرائم والتوصّل للمجرمين ومعاقبتهم، أيعقل أن تكون في اللد وحدها 60 امرأة عربية مهددة بالقتل، بعلم مكتب الرفاه والشرطة ولا وجود لأي خطة لحمايتهن؟! علينا نحن قيادات المجتمع العربي الفلسطيني أن لا نترك النساء وحيدات في هذه المعركة وألّا نساهم في تحويل جرائم قتل النساء الى شأن نسائي، وواجبنا دعم التحركات الشعبية النسائية التي تناضل ضد الجرائم والتعامل مع هذه النضالات على انها شأن مجتمعي ووطني من الدرجة الأولى.
هذا ما سأشدد عليه في اجتماع لجنة المتابعة العليا المنعقد يوم السبت القريب وأطالب منذ الآن القيادات من جميع الأحزاب والتيارات أن تفحص بشكل جديّ ومسؤول ما هو دور كل منها في هذه المعركة وما هي الخطوات القادمة من أجل ضمان تحرك الشرطة والسلطات المعنية لوضع حد لعمليات القتل هذه، والتعامل مع قتل النساء كخطر وجودي على جماهيرنا، فأيضًا في مسار مطالبة الشرطة التحرّك من أجل ملاحقة ومعاقبة الجناة علينا تشكيل جبهة قوية تحمل موقفًا واضحًا وصلبًا لا تردد فيه – مجتمعنا يرفض القتل وقتل النساء تحديدًا بأي ذريعة كانت. كذلك، أشير هنا إلى رفضي التام لأي محاولة لاحتواء هذا التحرك والتقليل من شأنه إما من خلال ابتلاعه ضمن النضال ضد العنف بشكل عام أو من خلال انتداب النساء لتحمل العبء الأكبر منه. إن المعركة والنضال من أجل الحقوق هي قضية لا يمكننا تجزئتها – إن حقوق المرأة هي حقوق إنسان وحقوق مواطن وفي نضالنا من أجل الحقوق والمكانة لا يُمكن القفز عن حق النساء العربيات في الحياة وفي وجود من يدافع عنهن وعن حقهن أمام هذا الإرهاب. يجب علينا التعلّم من تجارب شعوب عديدة دعّمت النساء وشاركت فيها النساء على قدم المساواة في عمليات التغيير وسيرورات النضال مما جعلها تحقق أفضل النتائج من نضالها من أجل التحرّر والمساواة والحقوق.