قراءة في "همسات" خالد العرباسي

أهداني المؤلف، الصديق خالد عرباسي، مشكورا كتابه "همسات" وهو مجموعة في 128 صفحة متوسطة الحجم. وقد قدم له الدكتور محمود ابو فنة. والمجموعة تشكل سوية كولاجا يجمع ما بين الشعر والنثر، غالبيته باللغة الفصحى، وتزينه مقطوعات قليلة باللغة العامية الدارجة، تضفي عليه مسحة اضافية من الجمال وتكسبه ايضا مزيدا من المصداقية. فالمجموعة بمجملها كاسمها همسات تفيض بها نفس الكاتب بكثير من البساطة الصادقة يعبر من خلالها عن مواقف ورؤى شخصية أساسها حب المجتمع والناس، صغيرهم وكبيرهم. فللأطفال حصة كبيرة، كما للختيارية حصتهم، للبلد ولطبيعة المجتمع الفلاحي حصة، وشعرت وأنا أقرأ بأنني جالس امام استاذ ملم يعطي دروسا وعبر بنمط متحرر ينم عن ثقته بما يكتب او يدرس.

ص 20 يقول:

"الشموع تقف في صف طويل

تنتظر دورها في الاحتراق

لكي تساهم في إنارة الطريق

ودموعها تتساقط عند قدميها

لتتراكم …. وتتراكم ….

لتكون نفسها من جديد

لتعود وتحرق نفسها

لتنير دربكم العتيد .."

يا لها من صورة شعرية جميلة، شموع مصطفة، ديناميكية اشتعال الشمعة وتساقط قطراتها المتواصل بصمت، من أجل بعث جديد. رائع! ويا له من موقف متفان يعبر من خلاله الكاتب عن رؤيته لوظيفة المعلم والتي يمكن تلخيصها بإنارة درب التلاميذ.

ص 38 يقول:

"تشغل بالي شكوك وافكار

وهبتها قلبي ولم احفل بها

يا ويح قلبي كم تعالى موجه

كم جاوز الشاطيء .. وكم تسبيه انوار

يعلو ويعلو .. لا يعنيه الجفا

مهما تراوت فيه اسفار واقطار"

وهذا المقطع يعبر فيه عن طبيعة علاقته بأصدقائه ودور الوفاء وضرورته في الصداقة. كل ذلك بموسيقية ونغم جميلين.

اضافة يتطرق الكاتب للتوتر القائم ما بين العقل والقلب، ليجد الحل في الايمان كل ذلك باسلوب تربوي لا يخلو من تصاوير رمزية. كما يتطرق للتضحية وينادي بها في المجتمع.

ومن المثير للاهتمام ان الكاتب مؤمن وبدون ادنى شك بأن الاجيال الشابة لا بد وان تفرز من بينها قائدا-مرشدا، يعرف الطريق ويوجه المسيرة، كما في همسة "واعملاقاه!!" ص 69 وهمسة "لا للدوائر" ص 72على ما فيها من صور رمزية.

كما تشتمل المجموعة على حكم ومواعظ جميلة منها:

"الرجل الشجاع يعرف كيف يجعل كأس الامة

حلوة المذاق، ويعرف ان يحل الامل محل اليأس"

تمتعت جدا بقراءة المجموعة وأنا احيي الاستاذ خالد العرباسي على مبادرته لاصدار هذه المجموعة وآمل ان تنال اعجابكم.