هل يجوز إعطاء درس قبل صلاة الجمعة

تاريخ النشر: 03/01/14 | 8:00

يجوز إعطاء درس قبل صلاة الجمعة وهو من باب التذكير والبيان، كما أنه شيء تنظمي لا يدخل في مفهوم البدعة؛ لأن البدعة ما أحدث وهو مخالف للدين، والدرس قبل الجمعة ليس مخالفا للدين. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول الناس بالموعظة، وكان علماء الصحابة ينتقون بعض الأوقات لتدريس الصحابة والتي لم يُعهد عن النبي صلى الله عليه وسلم تخصيصها. فعن شقيق كان عبد الله يذكر الناس في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم. قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا (متفق عليه).

والوقت قبل أذان الجمعة وقت حر للناس يفعلون به ما أرادوا من المباحات، فإذا أقاموا فيه درساً في المسجد لتعليم الناس ووعظهم فقد فعلوا أمراً مستحباً أو مسنوناً أو واجباً على الكفاية.

يقول الشيخ القرضاوي: "الدرس قبل الجمعة قد تدعو إليه الحاجة، أو توجبـه المصلحــة المتوخــاة من ورائه" (موقع القرضاوي).

ودليل جواز إعطاء الدرس قبل الجمعة ما رواه الحاكم في "المستدرك" وصحح سنده ووافقه الذهبي عن عاصم بن محمد عن أبيه قال: "رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يخرج يوم الجمعة فيقبض على رمانتي المنبر قائما ويقول: حدثنا أبو القاسم رسول الله الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم… فلا يزال يحدث حتى إذا سمع فتح باب المقصورة لخروج الإمام للصلاة جلس".

وحديث النهي عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة (رواه الترمذي وحسنه) فمحمول على أنهم كانوا يتحلقون ويتحدثون مما يؤدي إلى ارتفاع الأصوات وحصول الفوضى في وقت ينبغي أن ينشغلوا بالذكر والصلاة وقراءة القرآن، وليس في الحديث كراهية الاستماع إلى العلم. ثم إن مدارسة العلم نوع من الذكر، بل أفضل الذكر كما نص على ذلك بعض الفقهاء.

جاء في شرح زاد المستقنع للشنقيطي: "قالوا: كانوا في القديم يجلسون أبناء العم أو القبيلة أو الجماعة في ناحية وكانت هذه العادات موجودة في الجاهلية، كانوا إذا جلسوا يجلس كل جماعة إلى من يألفون وإلى من يجالسوه، فيكثر اللغط والحديث" (الموسوعة الشاملة).

ويحتمل أن المراد من الحديث التوجه إلى الإمام وهو على المنبر بالوجوه صفوفا لا بالتحلق حول المنبر، لأن المصلين مأمورون أن يصفوا أثناء الخطبة كصفوف الملائكة، لا أن تتحلق كل جماعة على حدة.

جاء في بستان الأحبار لمجد الدين بن تيمية (1/347): "أمَّا التَّحَلُّقُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَحَمَلَ النَّهْيَ عَنْهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَطَعَ الصُّفُوفَ مَعَ كَوْنِهِمْ مَأْمُورِينَ بِالتَّبْكِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالتَّرَاصِّ فِي الصُّفُوفِ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ".

وذكر صاحب تحفة الأحوذي (1/351): "وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَطَعَ الصُّفُوفَ مَعَ كَوْنِهِمْ مَأْمُورِينَ بِالتَّبْكِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالتَّرَاصِّ فِي الصُّفُوفِ ، الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَلِأَنَّهُ يُخَالِفُ هَيْئَةَ اِجْتِمَاعِ الْمُصَلِّينَ".

وذكر الإمام ابن العربي في عارضة الأحوذي في شرح الترمذي: "أنه إنما نهى عن التحلق يوم الجمعة؛ لأنهم ينبغي لهم أن يكونوا صفوفا يستقبلون الإمام في الخطبة، ويعتدلون خلفه في الصلاة"، أي والتحلق ينافي هذا لأنهم يكونون دوائر متعددة، غير متجهة إلى القبلة، ولا متراصة تراص صفوف الصلاة، وهذا غير وضع المصلين، وهم مصطفون مستقبلو القبلة، متهيئون للصلاة عندما يحين وقتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة